|
ومع ذلك!!!!!!!!عبد الله علي إبراهيم
|
ومع ذلك مصر والسودان لنا وإنجلترا لو أمكنا انشبت ثلاث مقولات على عقل الصفوة البرجوازية الصغيرة متى هرجت بالهوية. أول هذه التمائم هو أنه كان بوسعنا أن نكون أفضل العرب فصرنا أسجم العرب بانجرارنا ورائهم. المقولة الثانية إن الذي يفرقنا هو المصموت عنه. أما الثالثة فهو أن السودان هامش مركب للعرب وأفريقيا نقلاً عن كلمة قالها المزروعي عام 1968م تجترها الصفوة سكرى بها. قول الصفوة إننا في السودان تغاضينا عن أفريقيا وأتبعنا العرب «مبالغة» كشفنا عن فسادها بالرجوع إلى إرشيف سياستنا الخارجية الرسمية والشعبية منذ الخمسينات. وأجرؤ على القول إن استخدام «العرب» لوصف صلات السودان بدول العالم العربي قاطبة لهو بحبحة (وهي التوسع في الأمر). فواقع الحال كما قال محمد أبو القاسم حاج حمد إن عروبتنا في الشمال لا تتجاوز مصر إلى غيرها فنحن «وادي نيليون لا عرباً»: من محبي شوقي أو حافظ، ونحن عقاديون أو رافعيون، وهوانا مع حسن البنا أو هنري كوريل وقس على ذلك. وكان بالخرطوم نادٍ لـ»الشوام» العرب ولن تجد له ذكراً في سيرة الحركة الوطنية والثقافية السودانية. ودرس إسماعيل الأزهري وجماعة من جيله في بيروت في العشرينات فلا تجد لها صدى في سياستهم أو فكرهم. وإذا قال محمد أبو القاسم إن جيل الحركة الوطنية لم يكن عربياً فصدقوه. فهو من أوائل من بنى لنا قنطرة لعرب المشرق. وجاء بالمناظرة حول «قومية» الأدب السوداني في الثلاثينات بين الأستاذ المحجوب والأستاذ المصري بكلية غردون حسن صبحي. وكان محور سؤالها هل تنشأ ثقافة سودانية بذاتها منفصلة عن الثقافة المصرية أم تتبع مصر. وكان من رأي المحجوب إن مصر عالة في ثقافتها على الغرب الذي لا تحتكر سككه ولا بواباته. وهذا مؤشر ربما اكتفينا به في الدلالة على السقف العروبي للسودان. وقال محمد المصطفى السوداني في «الأحداث» مؤخراً إن السودانيين «حراس الوجدان المصري» من فرط تأثرهم بمصر وتعلقهم بها. وعلى خلافهم حول منزلة مصر من سياستهم إلا أن ثقافتها فوق العين والراس والعقل. ولذا ذاع بيت التيجاني يوسف بشير يدعو مصر: وثقي من علائق الأدب الباقي ولا تحفلي بأشياء أخرى ومات الشاعر المدنف بحب الكنانة التي حال والده دونها وفي نفسه منها شيء كثير. ولعل الفترة التي اشتكى منها القوميون الجنوبيون وشيعتهم من عروبة الشمال هي فترة نميري منذ 1979م التي ارتبطت بالترويج لـ»سلة غذاء العالم» التي أرضها السودان ومالها عربي وتصديرها عالمي. وهي فكرة وجدت حتى قبول الدكتور جون قرنق في رسالته الجامعية عن مشروع جونقلي. وبلغ من ضيق الحركة وشيعتها بهذه الفترة أن طالبت، بعد القضاء على نميري، بإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك بين السودان ومصر كتمكين عربي للشمال. وكانت الفترة في واقع الأمر فترة مصرية خالصة. ورتبها نميري للبقاء في الحكم بعد أن رأى ليبيا مصممة على إزاحته عن الحكم. وتحالف القذافي لهذه الغاية مع أثيوبيا الأفريقية واليمن العربي السعيد وزود الحركة الشعبية بسلاح كثير. واضطرّ ذلك نميري ليتحالف مع مصر حتى أنه بارك، دون العرب أجمعين، اتفاقية كامب ديفيد (1979م) فاعتزله العرب. ولم تكن أمريكا بعيدة عن هذا الحلف المصري السوداني بجامع العداء المشترك للعقيد معمر القذافي. ولهذا الحلف ذيول مؤسفة في تشاد ودارفور وضحايا كتب عنها روبرت كولنز وآخر في «حرب الثلاثين عاماً». وكما ذكرنا بالأمس لم تكن «العروبوإسلامية» كتلة صماء تتداعى تداعى الجسد. فقد تربص بنظام الإنقاذ عرب ذوو بأس لوقفته مع صدام حسسين في غزوه الكويت. وانتفعت الحركة الشعبية عتاداً وقبولاً من هذا الخلاف العروبي. أفضل الأفارقة أسجم العرب وهمة كبيرة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|