عوض سلاطين ...شكر وعرفان

Quote: لا حول ولا قوة إلا بالله.. والله إن العين لتدمع والقلب تفطّر لهذا الفقد الأليم المُحزن الباكي... فقد عرفتُ هذا الرجل في منتصف الثمانينيات في مدينة ود مدني، وكان مديرا لشرطة الأقليم الأوسط وكنت حينذاك قاضيا صغيرا أجاوره السكن. كان بكل المقايس الإنسانية والمهنية، من أنزه وأنبل رجالات الشرطة الذين عرفتهم وزاملتهم إبان عملي بالسلطة القضائية. كان شهما لا يخاف في الحق لومة لائم وكان من أنبل من يمشون على الأرض هونا، يشارك جنوده الطعام ويمشي بينهم في أتراحهم وأفراحهم. كان مثالا للإنضباط، ما إن يلج محكمة صغيرة، إلا ويلقي عليها التحية العسكرية المعروفة. كان سيفا مسلطا على رقاب الفساد والمفسدين، لا يرضى الضيم على جندي من جنوده وكان كريما لأبعد الحدود، وكم من مرة كنا نبيت في ميس القضاة بلا طعام، فيكتشف جوعنا ويهرع بالطعام إلينا من افواه أبنائه البررة وفلذات أكباده.. كان حزينا (جدا) عندما تمّ فصله عن عمله بعد مجىء إنقلاب الإنقاذ الأسود المجرم الذي فصل خيرة العسكريين والمدنيين لإحلال منسوبيه، مخربين وممزقين بذلك لُحمة الخدمة المدنية والعسكرية الى أن صار الوطن كله ممزقا بأفعالهم الشيطانية الإبليسية التي ستطاردهم حتى مقابرهم... إلتقيتُ بالمرحوم في عام 2003 بالخرطوم وكان باديا عليه رهق الحياة وشظف العيش في السودان، فهو رجلٌ لم يسرق يوما ولم يأخذ الرشى كما يفعل الكثيرون الآن. عاش بطلا ومات بطلا، لم يُعرف بفساد ظاهر أو مستتر ولم يحني للطغاة جبهته المضيئة بالصلاح ولم يداهن أو يكذب أو ينافق أو يرضى عن مظالمهم وفسادهم... الا رحم الله الفريق شرطة عوض سلاطين دارفور بقدر ما قدمه لوطنه من عظيم الأعمال وبقدر ما سارت سيرته بين الناس بكل ما هو جميل ونقي وطاهر. ثمّ اللهم أطرح البركة من بعده في أبنائه، يسيرون على خطى الحبيب أبيهم الذي كنت أسميه (بالغفاري العنيد)... ليتني مِتُ على عشقي سعيدا مثلما مات الغفاري وحيدا في ثنيات الكمال أيها العاشق فينا جئت شرّفت الخيال... ثَمِلٌ أنا..؟ أبدو كأسمَالِ اليتيمْ…! لكنَّني أزهو بعشقِ اللهِ كالقطبِ العظيمْ ثَمِلٌ أنا.. أزهو بنورِ اللهِ كالمشكاةِ في المصباحِ في ليلٍ بهيمْ! رُحماكَ ربِّي عاشقٌ ولهٌ سقيمْ! رُحماكَ ربِّي حالمٌ وجِلٌ ظليمْ! كأسي بلا رَاحٍ… وكأسُكَ قاتلي رُحماكَ رَبِّي أيُّها المَلك الرَّحيمْ! إنِّي أخافُ من التسكعِ في بلاطِ العاشقينَ بلا صديقٍ او نديمْ! رُحماكَ رَبِّي أيُّها المَلك الرَّحيمْ! إنِّي بليلِ العاشقينَ رايتُ أحزاني.. وقدْ ثَمِلْت بأفياءِ النَّعيمْ !! اللهم أجمعني بهذا العاشق مع العاشقين في يوم حسابك، وإنا لله وإنا إليه راجعون...