|
Re: كارثة جنوب طوكر ... الأ هل بلغت ... فلا تدفنوا رؤسكم "" (Re: سفيان بشير نابرى)
|
Quote: الان اشعر بعظم حوجتي لهذا المعالج بعد رحلتي الاخيرة لجنوب طوكر فما رايناه هناك يدمي ويحرك قلب الصخر كهول ونساء واطفال منسيين تماماً في وطن وبلاد تتشدق بالحكم الاسلامي شاهدنا بأم اعيننا ما نعجز تماً عن قوله وتصويره ... منذ حضوري من جنوب طوكر في يوم الاحد الماضي في كل يوم احاول ان اكتب سطور عن ما شاهدنا واعجز تماماً وفي كل خطوة اتحركها تلاحقني صور الاطفال والشيوخ الكبار والنساء بتلك النظرات العجيبة التي رايناها في عين المرحوم فاطمة ... كنت ادقق النظر في عيون الناس فاشعر بكم اليأس والقنوط والبؤس والقهر الذي يعيشون فيه . الناس هناك ماخوذون مابين الدمع والعرق يعيشون اغراب في ديارهم ومحرومين ومعدمين دون اسباب رغم ان الحكايات تحكى عن ولفهم ووفائهم وكرمهم وشجاعتهم وماضيهم لكن لم يشفع لهم شئ وكل شئ صار ضدهم حتى الطبيعة تحاربهم ، شاهدت بعيني شعب كامل في طريقة للاندثار والموت فهم يفتقدون لابسط اسباب الحياة مثل الماء التي قال الله عنها (وجعلنا من الماء كل شئ حي) ناهيك عن العلاج والتعليم والعدل والمساؤاة وكل تلك الأحاجي !!!! جنوب طوكر وفي محلية عقيق هناك عشرون قرية كاملة منذ 1997م لا يوجد بها مساعد طبي ناهيك عن طبيب ... جنوب طوكر وفي عشرون قرية لا يوجد في قابلة واحدة (داية) ... جنوب طوكر وفي عشرون قرية لايوجد بها شفخانة ناهيك عن مستوصف (أما مستشفى فذاك هو للبن الطير) ... جنوب طوكر وفي عشرون قرية عدد كل الاساتذه بها خمسة وخامسهم هذا متعاون وبالطبع الخمسة هولاء منهم ثلاثة في مدينة مرافيت والاثنين الاخرون في قرية جلهنتي وبقية القرى ليس بها أي تعليم ... السودان هذا الوطن المتسع اعلم علم اليقين أن في كل جيهاته ازمات لكن ما يحدث لانسان جنوب طوكر يفوق حد الوصف وجميعنا لم نسمع بما يحدث لهم إلا بعد كارثة الفيضانات الاخيرة هذه والذي يذهب ويرى هناك سيتسأل منذ كم من السنين هذا الاهمال وهذا التقتيل !!!!؟ افكر دائماً ماذا يعني الليل لرجال ونساء واطفال طوكر ؟؟؟ وماذا يعني لهم الصبح !!!!؟ فماذا تفكر عين أم أو أب يساهر الليل منهم !!!؟ وهل يغمض لهم جفن في اليل اصلاً؟؟!! بماذا تحدثهم قلوبهم!!!؟؟ و إي جراح تلك التي في ارواحهم !!!!؟ كيف سيوصفون حالهم اذا سألناهم !!!؟ محرومين هم من كل شئ ... كنت وانا اتوغل في جنوب طوكر وانظر للناس وللحياة هناك اتسأل ماذا قدم لهم السودان حتي يصبرون علي كل هذا البؤس؟؟؟! بل كيف هم في الأساس اقروا بأنهم سودانيين في وطن بعيد عنهم ولا ينبه لامرهم في شئ !!!!؟ في رحلتنا لطوكر كان الشباب يقولون للاستاذ حامد ادريس (نائب دايرة عقيق) يا حامد الدائرة دي انت ما فزته فيها انت ادوك ليها سااااي عشان يرموا عليك اللؤم !!! ربما سخريتهم كانت بسبب المفارقات العجيبة التي شاهدوها فالجميع في الرحلة زار مناطق عديدة في السودان (دار فور – الشمالية – الجنوب – جبال النوبة) لكن ما شاهدوه في جنوب طوكر لا يمكن أن يشاهدوا مثله ابداً ولا يوجد مخلوق في العالم سيتصوره مجرد تصور . شعب جنوب طوكر يعيش في عزلة تامة تماما مثل ماذكر صديقنا فائز الشيخ السليك عن جنوب طوكر (هي تذكرنا بمدينة ماكندوا في رواية مئة عام من العزلة ) جنوب طوكر حزن مخيم ومنشر كسحابة سوداء كبيرة لا تبرح مكانها ابداً ... جنوب طوكر لا أمل يدغدغ احلام الصغار لانهم في الاساس لا يعرفون مجرد كلمة حُلم ... جنوب طوكر امهات واباء قرفص الموت في قلوبهم وهم ينتظرونه بشجاعة فائقة المثيل ... جنوب طوكر وخذه في ضمير كل من وصلته انباء عن هذه الكارثة الانسانية ... جنوب طوكر ستطاردكم ايها الناس فلا تتجاهلوها ... جنوب طوكر طعم مر في حلوق كل من عرف عنها شي وصمت ... جنوب طوكر حضارات قديمة لانسان دافع طويلاً و ببسالة عنه وطنه وصد عنها الغزاة في مشاهد حفظها التاريخ عن ظهر قلب فلا تبصقوا علي تاريخكم يا سودانيين ومدوا اياديكم لاهالي جنوب طوكر فانتم السودانيين البسطاء صانعي ثقافة النفير والفزع والعون والادارات الاهلية وحتي لا يلعنكم التاريخ وتلفظكم الارض ... جنوب طوكر حل ازماتها بايادينا نحن سادتي فلا تنتظروا حل من مؤسسات . كل ما سبق اعاد لذاكرتي حوجتي لمعالج نفسي ... لكني في ذات الوقت افكر :- انت يا ود عايز معالج نفسي وفي ناس ما لاقية تعيش عشان تتعالج .
ختاماً اترحم علي السيدة فاطمة واترحم علي ذاك الرجل كبير السن الذي مات بسبب حبس البول ... واظننا سنفتقد اخرون واخرون في غضون الايام القادمة فالنسرع لفعل شئ ولنوجه منظمات دولية اخرى بان تفتح بعض المشاريع هناك وبصورة عاجلة واذا احتاجت هذه المنظمات لمتطوعين فالتعلمنا بذلك فما اكثر الذين يريدون التطوع .
الا هل بلغت ... الا هل بلغت ... الا هل بلغت اللهم فاشهد . |
سفيـــــــــــــــــــــــان يا صاحبي اقسم لك انو كلامك ابكاني تحياتى
|
|
|
|
|
|
|
|
|