الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) (Re: mustafa mudathir)
|
Quote: قليلون من يغادرون الحياة الفانية بأجسادهم ويبقون خالدين في ذاكرة الناس. حمودة بالنسبة لي إنسان إستثنائي فأثره في حياة باق لن يزول لأنة ببساطة لم يترك أثراً في النفس فقط وإنما نقش أثراً أبدياً في ذاكرة الجسد. في أوائل الثمانينيات وكنت وقتها أستعد لإمتحانات الشهادة السودانية، أصابني مغص حاد حتى صرت أتلوى على الأرض من فرط الألم ولم يتبق وقتها للإمتحان سوى 48 ساعة. إتصلت والدتي (فاطمة تابر) بوالدي رحمه الله وذهبنا إلى الحلفايا لمقابلة د. حمودة وكان وقتها قد خرج لتوه من المعتقل كما تم فصله عن العمل. أجرى حمودة الفحوصات اللازمة وأشار إلى وجود إلتهاب زائدة حاد وأن على إجراء العملية في ظرف ساعات معدودة. وقع علينا الخبر كالصاعقة فهذا يعني إحتمال عدم الجلوس للإمتحانات. تحدث بحزم أن العملية هي الأولوية الآن وأن علينا الذهاب للمستشفى كما اقترح الذهاب لمستشفى الحياة بحي الميرغنية وكان وقتها ملء السمع والبصر. طلب مني أن أرافقه في سيارته الفلوكسواجن بينما ركب الباقون مع والدي. لم أكن أعلم أنه الأمر تم عن قصد إلا عندما تحركت السيارة وبدأ في التحدث معي عن أن الحياة مليئة بالصعاب وأن على الإنسان أن يضع دائما أسوأ الإحتمالات ويهيئ نفسه لمجابهتها وأهم شيئ على فعله الآن أن أتوقف عن التفكير في الإمتحان وأركز على إجراء العملية الجراحية والشفاء السريع وبعد العملية ننظر في كيفية أداء الإمتحان. ثم بدأ في التنقل من موضوع لآخر: الهلال، السينما، الغناء حنى إستطاع أن يخرجني من دوامة الهم وعدم التركيز. عندما وصلنا لمستشفى الحياة لم نجد أخصائي التخدير فقرر فوراً الذهاب لمستشفى بحري فالأمر لا يحتمل التأخير والبحث. عندما وصلنا لمستشفى بحري وكان آخر مستشفى عمل به وقتها لم نجد جراحاً واحداً فاستشعر خطورة الأمر. عندها طلب من الممرضين الموجودين، وكانوا جميعاً زملاء سابقين له، تحضير العملية التي سيجريها هو وليكن ما يكون. إجراء عملية بواسطة طبيب لا يعمل من خارج المستشفى بل مفصول عن العمل مخالفة ستعرضه للمساءلة ولكن إنقاذ حياة إنسان عند حمودة أهم وأعظم مما سواها. تم إجراء العملية بسلام ليشرع مباشرة في الخطوة التالية. في صباح اليوم التالي ذهب لمدرستي (بحري الحكومية) ليجد أستاذي العظيم السر الإمام فأخبره بالأمر فأقترح أستاذ السر الذهاب سوياً للوزارة ومقابلة سكرتير إمتحانات السودان (أستاذ الرفيع مصطفى) الذي رفض إجراء الإمتحان في المستشفي وأشترط تجهيز غرفة بالمدرسة بالمواصفات التي يراها الطبيب وإحضار ما يفيد بذلك في نفس اليوم حتى يتم التصديق والجلوس للإمتحان في اليوم التالي. عاد حمودة لإخباري بأن أمر الإمتحان أصبح مضموناً وأن على الآن فقط التفكير في الإمتحان. ثم ذهب لمنزلنا لإحضار سرير ومرتبة وتم تجهيز الغرفة ثم كتب تقريراً بذلك وحمله مرة أخرى للوزارة وطلب إذنا إضافيا بمرافقتي في اليوم الأول حتى يتجنب حدوث أي مضاعفات. في صباح يوم الإمتحان أطل حمودة بإبتسامته العذبة وأعطاني حقنة مضادة للإستفراغ كما أخبرني بأنني لن أكون في كامل لياقتي الذهنية في اليوم الأول سيما وأن آثار البنج الكامل لا زالت في جسدي وأن على أن أضع هذا في الإعتبار عند إجابتي للأسئلة. مكث معي في غرفة الإمتحانات طوال اليوم الأول أصبح خلالها صديقاً للمراقبين ولجنة الإمتحانات بضحكاته ومعنوياته المرتفعة دائما. أنوه إلا أن السيد سكرتير الإمتحانات قد حضر في ذات اليوم للإطمئنان على الطالب المريض كما حضر المرحوم النذير دفع الله وزير التربية والتعليم وقتها لذات الغرض وشخصي بالنسبة لهما مجهول بالطبع ولكنها المهنية العالية والإنسانية الصادقة التي باتت عراها تتفكك يوماً بعد يوم حتى وقفت بلدنا عارية منهما. بحمد الله دخلت كلية الهندسة بجامعة الخرطوم ومرت السنوات ولا زلت أدين بالفضل للأخ الأكبر الحبيب طيب النفس نظيف السريرة بحياتي ومستقبلي المهني الذي شارك في تحقيقه كما لم ولن أنس الدروس التي تلقيتها منه وأنا في قمة الخوف والألم عن أهمية الثبات عند المصائب والتفكير في الأهم ثم المهم فالأقل أهمية. كيف لي أن أنساه وأنا أري في جسدي أثر العملية في كل يوم وهي تنطق بمن نذر حياته لإسعاد الناس. ألم أقل بأنه لم يترك أثرا في حياتي فقط بل نقش أثراُ أبدياً في ذاكرة جسدي؟. رحمك الله يا عزيزنا الغالي وألهم أختى مأوى والأسرة الكريمة وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان وحسن العزاء وأسكنك فسيح جناته وزاد في إحسانك وتجاوز عن سيئاتك وبارك في ذريتك إنه مجيب الدعاء |
قصة مؤثرة وفعلا تستحق النشر والتداول وياريتنى لو سمعتها قبل وفاتة لكنت ارسلت لة باقة ورد وياسمين تلمسها بيدة واناملة التى صنعت بجسدك ذكراة العطرة ومواقف الابطال ولكن مثلنا السودانى البقول يوم شكرك ما يجى حجبتها الى ما بعد الرحيل سلاما لك ايها البطل سيد الصولات الانسانية وهكذا يعجل بالاخيار
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | mustafa mudathir | 10-07-10, 04:15 AM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | أحمد طراوه | 10-07-10, 05:24 AM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | Emad Abdulla | 10-07-10, 06:18 AM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | Ishraga Mustafa | 10-07-10, 07:27 AM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | Mustafa Mahmoud | 10-07-10, 11:11 AM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | حسن الجزولي | 10-07-10, 06:33 PM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | باسط المكي | 10-07-10, 07:29 PM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | Elmosley | 10-07-10, 09:10 PM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | طارق أحمد خالد | 10-09-10, 05:14 AM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | عبد الحكيم نصر | 10-09-10, 05:51 AM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | dardiri satti | 10-09-10, 01:29 PM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | الفاتح ميرغني | 10-09-10, 03:54 PM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | mustafa mudathir | 10-10-10, 05:52 AM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | khatab | 10-10-10, 06:16 AM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | mustafa mudathir | 10-10-10, 06:22 AM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | ايمان بدر الدين | 10-10-10, 08:09 AM |
Re: أنت ما أنت (مرثية لصديقي حمودة فتح الرحمن) | mustafa mudathir | 10-10-10, 07:06 PM |
|
|
|