الي جنات الخلد عمنا عباس محمد خير عيساوي

Quote: بسم الله الرحمن الرحيم خطاب مسوكر إلى حضرة الصول عباس محمد خير عيساوي لماذا تلبثين هكذا أيتها الأيام؟! وماذا تضمرين أيها الدنيا؟! ولماذا تتجملين بإسفاف لهوامش الأشياء؟! تضحكين حينما يغيب العيد، تبتسمين عندما يطرد الظلام النور، ويُوقع الردى على تهميش الفضائل. تقدسين هوامش الرجال، وتتفننين في استغواء وخطف أعز الرجال، وليتني أخبرك من هم أعز الرجال، فهو منهم، وهم الذين عاهدوا الله أن يكونوا أبرارا في دنياهم، أخيارا في تعاملاتهم، أحرارا في آرائهم، يقتاتون العزة والترفع يجسدون الكبرياء. فهو من أعطى الوطن حقه، وشرّف المؤسسة العسكرية لثلاث عقود، حارب من أجل قضية، من أجل وطنه، فكان له إحساس الغائب، تقدير موقف. اختار أن يرحل بهدوء، قبل أن يرى حلم قضيته، يتحول إلى هباء منثور. اختار أن يغادر الآن، وفي مغادرته رسالة صامتة، خطاب مقفول، عنوانه، ستبقى دائما فينا حضرة الصول عباس محمد خير عيساوي. ستبقى كلماتك الأخيرة وأمنياتك، بأن يُعاد بناء زاوية الصلاة، للأجيال، لكنك لم تخبرنا بأنك لن تصلي فيها، سيبقى السبيل الذي أقمته، قِبلة للعطشى، ستبقى رابطة امتداد الدرجة الثالثة بالخرطوم، منكسة أعلامها، وينطفئ نور الحضور. برحليك المفاجئ توقف التاريخ لحظة، مندهشا، من مئات الناس الذي تنادوا وتناهوا، وتكالبوا مندفعين، ومتدافعين تجاهك، عندما شق الناعي أمسية ذلك اليوم، لأنك كنت الأب في مكان الأبوة، والصديق في مكان الصداقة، والأخ في مكان الأخوة. لهذا أحبوك الأطفال، لأنك كنت تنزل إليهم، وتلاعبهم كالطفل في مكان الطفولة، وكلنا ندرك مهما طالت أعمارنا، أيضا مساحة ذلك الطفل موجودة فينا، والعيب فينا، لأننا نتحرج من إخراج هذه الروح الجميلة. فارقد بسلام الآمنين، لأنك خلّفت رجالا ورائك من أبنائك، وخلّفت أجيالا ورائك، وسيكون اسمك هو الرقم السري لحيواتهم. وأنا أكتب لك هذا الخطاب، كنتَ أحاول أن أنعيك فيه، ولكن خانني القلم، لأنه ببساطة، يُكتب النعي للذين فارقوا الحياة دون رجعة، ولكن هنا الفرق، والفرق أنك ما زلت معنا، كأنشودة أبدية. لهذا اسمح لي يا حضرة الصول، بأن أقول لك، نم قرير العين، في جنات الخلد، مع الصديقين والشهداء. ابنك/ موسى محمد موسى الخرطوم امتداد الدرجة الثالثة- مربع 14 مكان الإقامة: برمنغهام- بريطانيا