الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
أنه الحُزن .. أنه الحُزن أين تلك الأناشيد والأهزوجات يا اهلي!!؟
|
في مثل هذا اليوم ومنذ سنين بعيده وعديده كنت آرى و اسمع اصوات اهلي أبناء جنوب السودان يعبرون في مسيرة هادرة ينشدون الاناشيد ويهزجون بفرح الاهازيج وهم يرتدون ملابس الفرح والبعض منهم يطلي وجهه باللون الابيض احتفاء وفرح باعياد الكريسماس ، جينها كنت طفل اذكر هذا تماماً حين كنا نتبعهم خلف المسيرة فرحين ونهلل معهم ونضرب لآلاتهم الشعبية التي يضربون عليها ضربات البهجة والمرح ونحن في طفولتنا تلك اذكر هذا اليوم جيداً لأن الحي الذي ترعرت فيه هو من الاحياء التي تسمى سكن عشوائي نعم فقد انعم الله علينا اخيراً (في العام 92) بالتخطيط ونعمة الكهرباء ، كنا في حينا ذاك نسكن في بيوت بسيطة نصنعها بانفسنا من الطين الذي في الغالب نحفر له الارض من منطقة خلفية في الحي نفسه اذكر أن بيوت حينا جميعنا تتكون من غرفتين فقط وكشاشه ( راكوبه كبيرة جداً) و تُكل للعواسه وعمل الطعام ، في هذا الحي كان غالبية السكان من جبال النوبة ومن جنوب السودان لذا كان لاحتفال الكريسماس طعم خاص لدينا نحن اهل الحي فقد كنا نتزاور ويدخل اهلنا لبعضهم مهنئين بالاعياد أما نحن الاطفال فكنا نسير في الموكب راجلين نجوب شوارع الحي والاحياء المجاورة . كنت أنا دون اقراني اسعد بهذا اليوم لان جيراننا مباشرةً وليس مباشرة فقط بل أن الحائط الذي بيننا وبينهم هدمنا جزء كبير منه وجعلناه باب دون باب ندخل لهم ويدخلونا علينا كانو من ابناء النوير لذا نهضنا أنا واخوتي نحسن الكثير والكثير جداً من لغة النوير كنا نحب اخيهم الاكبر جيمس - ظل وفي لهذه العلاقة رغم سفره الكثير ورحيله من الحي - كان والدنا حين يسافر يوصي جيمس علينا ويعطيه المصاريف في يده لاجلنا وجيمس يرفض اخذ النقود ويصر بأن معه مال ، في كل مساء ويومياً كنا نتحلق نحن الاطفال حول سانتينو وهو يغني لنا بربابة اغنيات غاية في اللطف وبصوت ملي شجن وحزن فخيم ورغم عدم معرفتنا بما يقول الا اننا كنا نسعد ونفرح اشد الفرح . كان لنا في حينا كنيسة تبداء فيها الاحتفالات قبل يوم الكريسماس بالمساء و ويتم زخرفة الكنيسة وتوشيحها بوشاحات زاهية وفي ساحتها يتم ضرب طبل كبير الليل كله ومنذ بذوع شمس يوم الكريسماس تبداء مسيرة الاحتفاء في الشوارع .
اليوم 24/12/2010 هو يوم الكريسماس و أنا لازلت في الحي الذي تحول من حي عشوائي لحي مخطط بشوارع واسعه وكهرباء في البيوت وثلاجات في المنازل حي اختفت فيه الكشاشه واصبحت صوالين وصار التُكل نسياً منسياً و أتى بدله مطبخ حديث حي صغير كان به مسجداً واحداً وكنيسة واحدة اصبح يملك اربع مساجد أما الكنسية فقد اختفت واختفي اهلها تماماً ، كنت مساء امس 23/12 استعيد الذاكره وارخي سمعي لعلي استمع لجرس كنيسة وايقاع طبل بعيدايذاناً بأن في الفجر عيد لكن هيهات وهل الفجر وبذغت شمس الصباح ولم آرى أو اسمع اصوات الجنوبيين يعبرون الشوارع ينشدون الاناشيد ويهزجون الاهازيج . وانكسر داخلي حلم الطفل وانكسرت داخلي الوطن . فيا للحُزن يا للحُزن .
كل عام و أنتم طيبون يا اهلي جني سن ومال فوندو مال مديد اخي الاكبر جيمس اينما كنت وسلاماً من الرب عليكم .
|
|
|
|
|
|
|
|
|