|
"ود اللمين".. دموع في الوحدة بكّاية!
|
لم تكن الدموع التي ذرفها الفنان محمد الامين في حفله الذي أقيم بنادي الضباط مطلع هذا الاسبوع،لم تكن الاولى ، فقد فاضت دموعه يوم أن قدم " الملحمة" في الاحتفالية التي اقامتها مؤسسة سودانيز ساوند قبل سنوات مضت وكانت المناسبة هي " فوز الملحة في مسابقة أغنية القرن في مجال الاغنية الوطنية" وأبكى الفنان محمد الامين معه- يوم ذاك- مجموعة كبيرة من الحاضرين الذين" فاض بيهم الحنين وأضناهم الشجن" وأظن أن هذا قد حدث ايضا في ليلة نادي الضباط. الغريب في الامر أن الاسابيع الماضية حملت الكثير من التعليقات حول الدموع التي يذرفها السياسيون بسبب التمزق الذي يسير إليه الوطن" بالمزيكا" ومن ذلك دموع غندور ودموع نافع .ويبدو ان الامر انتقل الان لدموع الفنانين التي احسبها أكثر صدقا من دموع الساسة. لا أريد القول بأن زمان الدموع قد ولى وأن الانفصال اصبح " قاب قوسين أو أدنى" ولا اريد أن اشير الى أن شهر يناير الذي ارتبط في أذهان كل السودانيين بالاستقلال سوف يرتبط بتمزيق الوطن وافتقاده لثلث مساحته،وما اود قوله هو أن الفن من الممكن ان يقوم بدور فعال في تعزيز حظوظ الوحدة لو أراد الصقور - من الطرفين- ذلك! لفد كتبنا حتى جف مدادنا عن الدور الخطير الذي يمكن ان تلعبه الفنون في توحيد وجدان كل السودانيين ،وطالبنا –كثيرا- من بيدهم القلم ،إعطاء المبدعين فرصا اكثر ومساحات ارحب، لانقاذ مايمكن إنقاذه ولكن لا حياة لمن تنادي!والمصيبة أن الاجيال المختلفة في بلادنا تفقد في كل يوم خيطا رفيعا من الخيوط التي تغذي في دواخلها الانتماء لهذا المليون ميل مربع. وتمارس اجهزة الاعلام ،خاصة الاذاعات والتلفزيونات دورا خطيرا في ضرب الهوية السودانية في اكثر معاقلها ثراء وحيوية .والذي يستمع للاذاعات والفضائيات السودانية يجد أن معظم هذه المنابر الاثيرية قد مارست تشويها مؤذيا للوجدان السوداني. اشهد بأن دموع الفنان الكبير محمد الامين صادقة وغالية جدا ،فالرجل يرى بأفقه الممتد وحدسه الفني مالا نرى نحن وكنت اتمنى لو أن هذه الاغنية قدمت لاول مرة في مناسبة واسعة لتنقلها اجهزة الاعلام على الهواء مباشرة وكان الاثر الايجابي -عندئذ - سوف يكون اكبر! وبصراحة شديدة اقول إن الوقت قد فات لابقاء الجنوب جزءا من الوطن العزيز وقد انتصر الذين اعدوا لهذا الواقع الجديد لانهم لم يكونوا ساذجين مثلنا فقد خاضوا المعركة بالاسلحة التي اختاروها ،كما انهم اختاروا الزمان و"الكمبارس". واذا كان الجنوب قد مضى لحال سبيله،فإن هنالك قوميات آخرى تسعى لاخذ نصيبها من " رجل افريقيا المريض" والمطلوب الان ،استثمار دموع الفنان محمد الامين وغيره من المبدعين للمحافظة على ما تبقّى من الوطن وبهذه المناسبة ، إن الطريقة التي عبّر بها احد الفنانين التشكيليين عن رفضه للانفصال " بحرق جميع لوحاته"مرفوضة تماما ،فنحن نحتاج للفنان الذي يغرس الثقة لا ذلك الذي يزرع الاحباط!
|
|
|
|
|
|
|
|
|