|
[B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين
|
نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة
أنشغل الناس فى بحثهم عن سبل استقرار النظام السياسى الديمقراطى فى السودان بقضايا كثيرة بالغة الاهمية, ويكاد المرء يجزم أنه لم يترك حجرا لم يقلب, ولكن حين يعيد الواحد منا التفكير فى اساليب ووسائل الانظمة الديكتاتورية (العسكرية المباشرة والاخرى المتنكرة أحيانا فى لباس ديمقراطى) فى بسط سيطرتها,ا تقفز الى الذهن القائمة المعلومة المكونة من القوانين الاستثنائية ,اجهزة القمع , احتلال جهاز الخدمة المدنية, تاجيج الحروب الاهلية ...الى آخر القائمة. ولكن نادرا ما ننتبه بشكل جاد الى خطورة استغلال هذه الانظمة لجهاز الدعاية التابع للدولة, والمسمى زورا بجهاز الاعلام! والذى يلعب دورا مماثلا, ان لم يكن اخطر , لدور اداة الانقلاب والقمع نفسها.
ان الخطر الذى تمثله اجهزة الاعلام الرسمية لا يتوقف عند تحول السلطة الى سلطة ديمقراطية, سواء كانت منتخبة أو متولدة عن انتفاضة او اجماع ووطنى, بل هو خطر مقيم لا تنفع معه التدابير الادارية ولا التطمينات التى يبذلها من بيده الامر. ولا يقلل من هذا الخطر قول البعض بأنها فى الاصل اجهزة بائخة ولا تروق للمشاهدين والمستمعين لبؤس مادتها وقلة مصداقيتها, ففى بلد مثل السودان لا تتوفر فيه بدائل اعلامية وثقافية مستقلة يكون التلفاز والاذاعة الحكوميان هما الملاذ للسواد الاعظم من الناس.
فى سياق الدفاع عن ضرورة وجود, او قل بقاء واستمرار, اجهزة الاعلام الرسمي سيدفع البعض بحجة ان الدولة هى الجهة الوحيدة القادرة على تمويل اجهزة يغطى بثها كل انحاء البلاد (وزيادة فى الخير تبث الآن لاركان الارض الاربعة ليتمتع اخواننا فى الانسانية بالطلة البهية لحسين خوجلى والجزلى وبقية العقد الفريد لتلفزيون جمهورية الخرتيت), وانا معهم اقول بضرورة ان تستمر الدولة فى تمويل اجهزة الاعلام ( القومية) ولكن دون أن يعنى ذلك , وبنص الدستور الجديد المنتظر, أن تكون هذة الاجهزة بوقا للسلطة, اى سلطة, بل يجب ان تكون مستقلة استقلالا كاملا مثلها مثل الجهاز ا لقضائى, على سبيل المثال, وتدار بكوادرمتخصصة مؤهلة ومستقلة حتى تتساوى فيها الفرص لأهل السودان جميعا وعلى اساس المواطنة التى هى اساس كل الحقوق فى السودان الذى نتطلع اليه جميعا (أو أغلبنا, اذا ما تحرينا الدقة). ولا بد ان اضيف هنا انه وفق هذه الرؤية لابد وان تذهب تجربة الصحف الحكومية الى مذبلة التاريخ (لو تجد لها متسعا هناك!) ليبقى المعيار فى رواج الصحف واستمرارها هو معيار المهنية والابداع والجدية والشجاعة فى تناول قضايا الوطن والشعب. وهذا الطريق الذى ندعو للسير فيه قد سبقتنا اليه امم اخرى وحققت فيه انجازات لا يختلف حولها اثنان (الا اذا كان احدهما يرى ان الديمقراطية هى عين الكفر), واقرب مثال يمكن ضربه هو مثال البى بى سى, التى دخلت منذ ايام فى معركة كبيرة مع حكومة حزب العمال حول قضية تعتبر بمعايير حكوماتنا البائسة من قضايا امن الدولة العليا التى لا يجوز التحدث فيها فى اجهزة الاعلام, ودافعت البى بى سى عن حقها فى نشر المعلومات التى تحصل عليها, متى ما تحققت من صحتها بمعايير الاعلام المستقل والمسؤول, ولان ابى بى سى جهاز مستقل فلا سلطان لأحد عليها ولا حتى دولة رئيس الوزراء تونى بلير, والذى ان لم يعجبه ما قالت البى بى سى فى حق سياساته وتبريراته لخوض الحرب فى العراق يمكنه ببساطة ان يشرب من البحر, أوان كانت لديه حجة يدحض بها اقوال ذلك الصحفى, المحصن ضد كل انواع البطش التى يخشاها صحفيو عالمنا الثالث, يمكنه أن يلجأ للقضاء, المحصن بدوره ضد كل ادواء التداخل بين السلطات مما" تتمتع" به حكوماتنا! وهكذا يكون على الحاكم أن " يرعى بقيده" ويحسب حساب السمطات الأخرى التى تقاسمه حكم البلاد وضمان امنها واستقرارها وتقدمها.
الآن قل لى كيف يتحقق هذا المطلب البسيط فى ظاهره؟ .واقول لك لا ادرى
هذا امر يتطلب من المهتمين به التفاكر حوله بعمق وجدية, وان يحشدوا له كل قواهم, وان ينجحوا فى بيع الفكرة لمن فى مقدوره ان يدفع بها للأمام حتى تتحقق وتصبح جزءا من دستور مكتوب, أ وغير مكتوب, يهتدى به كل اهل السودان, ويجعل الاعلام, وليس الصحافة وحدها, سلطة رابعة لها معنى وهيبة. ولعل تحولا مثل هذا, اذا قدر له ان يتحقق, سيقتضى فى جانب آخر منه فتح الباب على مصراعيه لدخول مؤسسات خاصة للاستثمار فى مجال النشر الاذاعى والتلفزيونى, وقبل كل ذلك بالطبع لا بد أن يضمن الدستور الجديد حرية كاملة وغير مشروطة لكل وسائل الاعلام.
مثلما ظل الاعلام ولسنوات طويلة سلاحا فى يد الانظمة الديكتاتورية الأحادية تقمع به الشعب مثلما تقمعه بنبوت وحدات مكافحة الشغب (وهذه التسمية العجيبة باب فى اذراء حق الناس فى الجهر برأيهم!), علينا أن نسعى لتحويل الاعلام الى وسيلة للمعرفة, أداة فاعلة للتنوير, ومساحة تتعايش فيها الثقافات والأعراق والأديان والرؤى المختلفة, فى سوداننا المأمول.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
[B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Fathi Osman | 06-29-03, 04:17 PM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | abdelrahim abayazid | 06-30-03, 00:12 AM |
Re: نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Fathi Osman | 06-30-03, 12:05 PM |
Re: نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Dr.Elnour Hamad | 07-01-03, 09:02 AM |
Re: نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Fathi Osman | 07-01-03, 08:04 PM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Bushra Elfadil | 07-02-03, 09:12 AM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Fathi Osman | 07-04-03, 02:22 PM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | lana mahdi | 07-04-03, 02:51 PM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | nadus2000 | 07-04-03, 05:00 PM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | محمد الواثق | 07-04-03, 07:37 PM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Dr.Elnour Hamad | 07-05-03, 04:49 PM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Fathi Osman | 07-06-03, 11:46 AM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Fathi Osman | 07-08-03, 12:53 PM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Faisal Salih | 07-08-03, 02:09 PM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Dr.Elnour Hamad | 07-08-03, 02:52 PM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Bushra Elfadil | 07-08-03, 03:57 PM |
Re: [B]نحو أجهزة اعلامية قومية مستقلة.. الى فيصل صالح, بشرى الفاضل.. وآخرين | Fathi Osman | 07-09-03, 04:37 PM |
|
|
|