|
المشورة الشعبية .. رؤية حزب البعث العربي الاشتراكي .. !!!
|
الدراسة .. أصدرتها تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي بالنيل الأزرق وجنوب كردفان) :
يقدم حزب البعث العربي الاشتراكي .. هذه المساهمة والجهد الوطني حول موضوع المشورة الشعبية ، كقراءة علمية وواقعية وفق منظور وفكر وتحليل حزب البعث ويتمنى الحزب أن تنال حظها من النقاش والتحليل والحوار حولها بما يخدم القضايا الوطنية السودانية ويسهم في تجاوز الأزمة الوطنية الشاملة في البلاد .. !! **
المشورة الشعبية
(قراءة أولية)
المقدمة:
يواجه السودان بعد نهاية الفترة الإنتقالية المحددة في إتفاقية نيفاشا التي تم التوقيع عليها بعيداً عن أرض الوطن في التاسع من يناير 2005، خطر إنفصال الجنوب بنتيجة الإستفتاء المزمع إجراؤه بموجب الإتفاقية في نهاية تلك الفترة، وتداعياته التي يتمثل أبرزها في تنامي الميول الإنفصالية للعديد من أجزاء الوطن، لاسيما منطقتي النيل الأزرق وجبال النوبة اللتين تمنحهما الإتفاقية وضعية خاصة ضمن شمال السودان، وحقاً غامضاً أسمته (المشورة الشعبية). وعلى الرغم من أن نصوص الإتفاقية نفسها تشير بوضوح إلى أن هاتين الولايتين جزء من شمال السودان، وأن البروتكولات الخاصة والقوانين المعتمدة فيهما قد سمت العملية بالمشورة الشعبية وليس الإستفتاء على حق تقرير المصير، إلا أن ما يدور داخل الشريكين يشير إلى وجود إختلافات كبيرة بشأن هذه القضية، و إلى ما إكتنف المصطلح من غموض وتعدد فى التفسيرات وتضاربها. فمن قائل أنها آلية ديمقراطية الغرض منها تقويم وتصحيح وتحديد وجهة النظر حول مسار الإتفاقية وصلاحيتها لحسم النزاعات وفضها، ومن قائل أنها تعنى حق تقرير المصير كما ذهبت الى ذلك الحركة الشعبية قطاع الشمال. إن هذا الواقع ينذر بفتح الأبواب على مصراعيها لكافة الإحتمالات الخطيرة التى يمكن أن تنال من وحدة البلاد، خاصة مع عملية الإستفتاء المقررة فى الأول من يناير2011م والمصير المجهول للولايتين من حيث العلاقة مع الجنوب والشمال معاً. و كان حزب البعث العربي الإشتراكي قد أبان فى بيان له صدر فى الأول من يناير 2005م تحت عنوان (السودان فى مفترق الطرق)، "أن عدم إستيعاب القوى السياسية فى الشمال والجنوب فى عملية صنع سلام نيفاشا، الذى رعته الولايات المتحدة، من شأنه أن يصبح مصدراً جديداً للتوترات السياسية فى غياب وضوح أى أفق للتحول الديمقراطى, وفى ظل القسمة التى يكرسها الإتفاق لهيمنة الشريكين (المؤتمر الوطنى و الحركة الشعبية) وإحتكارهما للسلطة والثروة طوال الفترة الانتقالية". وفي بيان سابق له صدر في السابع من أغسطس 2002م بخصوص إتفاق مشاكوس، الذى إنبنت عليه إتفاقية نيفاشا، إعتبر حزب البعث أن هذا الإتفاق ماهو إلا تعبير عن مصالح الوسطاء وعلى رأسهم الولايات المتحدة، لأن ما عُرف بتفاهم مشاكوس لايوفر حلاً حقيقياً لمشكلة الجنوب أو لمشاكل السودان الجوهرية )ومن بينها مشكلة ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان(، بقدر مايؤجل حل تلك المشاكل بهدنة تمتد لستة سنوات. فلا التجربة التاريخية للولايات المتحدة، ولا راهن سياستها يؤهلانها لأن تكون عنصرأ إيجابيأ فى خدمة السلام فى أى مكان من العالم، ناهيك عن السودان الذى لم تكن فى ذات يوم طرفاً محايداً فى قضاياه. وهذا ما يتفق كلياً مع نهج الولايات المتحدة وتجاربها في التعامل مع المشكلات الدولية، حيث تجعلها أكثر تأزماً كما هو الحال بالنسبة للقضية الفلسطينية، أو لقضية العراق أو أفغانستان أو فيتنام أو نيكاراجوا أو كوريا أو بريتوريا أو الكنغو أو زامبيا أو غيرها. فمصالح أمريكا ترتبط بإدامة التوترات التي تضمن لها حضوراً و هيمنة مستدامةً في البلدان التى تستهدفها. وقد كشفت الأيام من خلال تطبيق الإتفاقية عن أزمة فى المصطلح وتفسيراته وتأويلاته، وذلك لتعدد برتكولاتها ومرجعياتها، وقد ظهر ذلك جلياً فى حالة (بروتكول أبيي)، الذى قاد الشريكين إلى حالة من النزاع إنتهى بهما المطاف إلى حسم سجالاتهما حوله فى المحكمة الدولية وترسيم الحدود بشكلها الملغم الحالى. وهكذا وعلى هذا السياق ظلت تتفجر أزمة تلو أخرى, على الدستور و القوانين و البترول و الحقائب الوزارية و التعداد السكانى و الإنتخابات و الإستفتاء و الحدود .. إلخ إلخ. ومع إنكفاء الحركة الشعبية الزائد جنوباً وشغفها بمسألة الإستفتاء وترسيم الحدود من باب التهيئة للإنفصال طفح على السطح موضوع (المشورة الشعبية) هذا، كمتلازمة لتحديد إتجاهات الحدث فى المناطق التى خصها مهندسو الإتفاقية ببرتكولات (مفخخة) فى النيل الازرق وجنوب كردفان. وما زاد الطين بلة أن هذه المشورة قد سُجنت منذ البداية فى إطار قناة برلمانية فاقدة للشرعية، وتم تجميدها لما بعد الفترة الإنتقالية، لتقوم بدور التقييم والفحص للإتفاقية، بينما كان الأحرى أن تتم مواصلة الإتصالات بالشرائح المعنية بالمشورة منذ البداية، لتكوين رأي عام يساهم في صناعة القرار من القاعدة العريضة، عن طريق جمع البيانات والمعلومات وتصحيحها بالحوار المباشر، وبتلاقح الأفكار، وبالتالي بناء أساسيات للمشورة تخرج من رحم الواقع وتلبي طموحاته وتراعي قيمه وعاداته. وللمساهمة فى معالجة هذا الموضوع قبل إستفحاله وللوصول لرؤية مشتركة تساهم في الخروج من نفق الأزمة فى الإقليمين, وتدعم تماسك البلاد وتمنع تفتتها نقدم معالجتنا الأولية هذه للموضوع من الزوايا المختلفة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|