|
Re: انهيار الدولة السودانية (Re: الشامي الحبر عبدالوهاب)
|
غير ان افضل من يتحدث عن اتفاقية اديس ابابا هو منصور خالد فهو ابرز مهندسيها حيث كان وزيرا للخارجية ومشاركا رئسيا في المفاوضات التي توجت فيما بعد بما يعرف باتفاقية اديس ابابا
فالي ما قاله منصور خالد في نفس المقال الذي اشرنا اليه سابقا:
اتفاق أديس أبابا عند تسلمها السلطة في 1969، وضعت حكومة مايو إنهاء الحرب في الجنوب في مستهل برنامجها السياسي، وكان أول إعلان عن ذلك هو بيان التاسع من يونيو 1969م الذي كان للحزب الشيوعي دور كبير في صياغته، كما لعب عضو الحزب، الجنوبي البارز جوزيف قرنق (لا يمت بصلة لجون قرنق)، دوراً هاماً في التفاوض مع ممثلي المعارضة الجنوبية خارج السودان من أجل الوصول إلى حل سلمي. بيد أن الترجمة الفعلية لذلك البرنامج بدأت مع مفاوضات أديس أبابا في عام 1972م والتي صحبتها خارطة طريق متكاملة للتفاوض. خارطة الطريق تلك استهدت بقرارات لجنة الاثني عشر، وجاء ذلك بمبادرة من الراحل جعفر محمد علي بخيت. كان في ظن جعفر، أولاً أن تلك القرارات تضمنت مشروع دستور متكامل لترتيب الأوضاع في جنوب السودان رغم عجز الحاكمين آنذاك عن تنزيله إلى حيز الواقع. وثانياً، بما أن ذلك المشروع كان محل إجماع من أغلب القوى السياسية فلا محالة من أن تلقى الاتفاقية التي ستؤسس عليه قبولاً واستحساناً من معارضي نظام مايو. وهكذا أصبحت قرارات لجنة الاثني عشر أساساً لاتفاقية أديس أبابا (1972) التي وقعتها حكومة مايو، مع حركة تحرير جنوب السودان بقيادة جوزيف لاقو في ربيع عام 1972م، ومن ثم ضُمِنت في دستور 3791م. على إثر تلك الاتفاقية نَعِم الجنوب بعشرة أعوام من السلام، وبقدر من الحكم الذاتي تجاوز ما أوصى به مؤتمر المائدة المستديرة. ومن المؤسف أنه رغم ظنون جعفر بخيت بأن القوى السياسية السودانية التي تراضت في فترة الديمقراطية على تلك القرارات سنسعد باتخاذها أساساً لاتفاقية أديس أبابا رفضت تلك القوى الاتفاقية، لا لذاتها وإنما كُرها في صانعيها. ولو وقف الأمر عند هذا لهان، ولكن صحبته أفائك لا تصدر من رجل رشيد مثل قولهم ان الاتفاقية احتوت على بنود سرية. ولا يدري المرء كيف يمكن لاتفاقية تم التفاوض بشأنها والتوقيع عليها علانية أمام ثلاثة وسطاء ورقباء: الامبراطور هيلاسلاسي، مجلس الكنائس العالمي، ومراقب من منظمة الوحدة الأفريقية (نائب الأمين العام، محمد سحنون) ثم أودعت في منظمتي الأمم المتحدة والوحدة الأفريقية ليطلع عليها من شاء من الباحثين، أن تتضمن بنوداً سرية. وعلى أي، لم يفصح حتى اليوم العليمون بالأسرار عن هذه البنود. هي الغيرة فحسب، وهذا هو حال السودان الذي يختلط فيه الذاتي بالموضوعي حتى في أخطر الأمور.
الخدعة الأخيرة... نميري ينقلب على اتفاقية اديس ابابا تحقيق الرئيس نميري لذلك الإنجاز كان محل تقدير من العالم، وإشادة جهيرة من أفريقيا التي وفد ثلاثة من زعمائها إلى السودان ليباركوا حلول السلام في ربوعه: الإمبراطور هيلاسلاسي، المعلم جوليوس نيريري، الرئيس ليوبولد سنغور. وفي اجتماع القمة الافريقية في الرباط تباري الرؤساء الأفارقة، وعلى رأسهم الملك الحسن الثاني، ليس فقط في الدعم السياسي للاتفاق، بل أيضاً بالدعم المادي حتى تتمكن حكومة السودان من الوفاء بالالتزامات التي فرضها الاتفاق. عن ذلك التباري لم تتخلف حتى الدول الفقيرة مثل اثيوبيا وتنزانيا. بيد أن أعظم هدية قدمت للسودان في تلك المباراة، هي هدية منظمات التحرير الأفريقية. باسم هؤلاء تحدث أميلكار كابرال (غينيا بيساو) ليطالب القمة الأفريقية بإعفاء السودان من التزاماته المالية نحو حركات التحرير الأفريقية حتى يسخر ككل إمكانياته لتثبيت وحدة السودان التي وصفها كابرال بأنها اكبر مساهمة منه لتحرير افريقيا. أما في جنوب السودان فقد أضحى نميري بطلاً نُظمت في مدحه الأهازيج. ولكن، لما تَمضِ عشرةُ أعوام على توقيع الاتفاقية حتى قام نميرى بإلغائها وسط دهشة ممن أشاد به وترنم باماديحه. تَراجُعُ زعيم شمالي عن اتفاقية نال بها كل ذلك الاستحسان، أمر يستعصي علي الإدراك. أما بالنسبة لأهل الجنوب، فإن كان الازورار في سني الاستقلال الأولى عن الاستجابة لمطلب محدود يتاح فيه للجنوب حكم فيدرالي يُرضي أهله ويُبقي على وحدة البلاد أمراً نيئاً لم يُحسنْ طبخُه، فإن تراجع نميرى عن اتفاقية أديس ابابا أصبح هو الدليل الذي ما بعده دليل على مخادعة حكام الشمال للجنوبيين، لا يعِدونهم بشيء إلا لصرفهم عن قصدهم. ولن يُعفي نميري عن المسؤولية أن كان إلى جانبه جوزيف لاقو عند إعلان إلغاء الاتفاقية قائلاً: »الاتفاقية ليست قرآناً أو إنجيلاً. لقد صنعت الاتفاقية مع جوزيف لاقو وها نحن نلغيها اليوم«. ويا حسرة على نفر من المعلقين الذين يجعلون من تعضيد لاقو لنميري في إلقاء الاتفاقية تزكية وتبريراً، خاصة بعد أن اضطر الرئيس الراحل إلى أن يودع خيرة قادة الجنوب الذين ناصروه في السجون: بونا ملوال، هيلاري لوقالي، بيتر جات كوث، قاما حسن، كلمنت أمبرو مُلحِقاً بهم صديقهم الوحدوي أمين عكاشة. إزاء ذلك الوضع لم يجد نميري سياسياً جنوبياً واحداً ذا مِرة ليجعل منه رئيساً للجنوب فجاء بأحد ضباطه ممن لم تعرفهم سوح السياسة: قسم الله عبدالله رصاص. إلغاء اتفاق أديس أبابا أصبح لكل هذا الخديعة النهائية التي لها ما بعدها. وفي الحالتين، جعل الأثر التراكمي لسوء التقدير في حالة عدم الاستجابة لمطلب الفيدرالية عند الاستقلال، والاستهانة بالعقود المبرمة في حالة إلغاء اتفاقية أديس أبابا، من السودان أنموذجاً لكيف ترمي القيادات بيدها في التهلكة وتورد نفسها وبلادها موارد الهلاك. هذا تاريخ اختاره بأنفسهم صانعوه ومن تبعهم بغير إحسان من أكاديميين وإعلاميين. مع ذلك يتمنى أولئك الأكاديميون والإعلاميون أن لا يذكر ذلك التاريخ ذاكر.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 03:19 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | عبد اللطيف السيدح | 07-25-10, 03:22 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 03:40 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 03:50 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 04:19 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 04:45 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 05:12 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | عوض الصديق | 07-25-10, 05:22 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 06:05 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 06:06 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 06:23 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 07:11 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 07:53 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 08:37 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 08:58 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 09:40 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-25-10, 11:52 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-26-10, 10:52 AM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-26-10, 02:56 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-26-10, 03:54 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-26-10, 04:05 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-26-10, 04:54 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-26-10, 05:49 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-26-10, 08:14 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-27-10, 03:38 AM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-27-10, 10:51 AM |
Re: انهيار الدولة السودانية | خالد المحرب | 07-27-10, 11:43 AM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-27-10, 01:05 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-27-10, 02:59 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-27-10, 03:26 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-27-10, 05:09 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | Arabi yakub | 07-27-10, 05:20 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-27-10, 06:23 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-28-10, 07:54 AM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-28-10, 12:48 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-28-10, 03:25 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-28-10, 04:17 PM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-29-10, 09:24 AM |
Re: انهيار الدولة السودانية | الشامي الحبر عبدالوهاب | 07-30-10, 02:08 PM |
|
|
|