|
Re: من الحجاب الي النقاب \ نصر حامد ابوزيد (Re: Sabri Elshareef)
|
ما حدث مع وزير الثقافة بسبب الحجاب نفس الأمر يتكرّر الآن مع المستشار "تهاني الجبالي" – مستشار في المحكمة الدستورية العليا – التي نعت على المصريين التمسّك بالشكليات – ذكرت مسألة تغطية جسد المرأة نموذجا – على حساب الجوهر في الإسلام. رفع عليها أحد المحامين المتشددين دعوى قضائية يطالب بفصلها من موقعها. أغلب الظنّ – وبعض الظنّ إثم لا ضرر منه – أنّ الرجل كان مستاء من مجرد تعيين امرأة في المحكمة الدستورية العليا، وكان يتحيّن الفرصة للنيل منها.
النظر في كلّ المبرّرات الدينية، وغير الدينية، لتغطية المرأة وحجبها عن الوجود في الفضاء الاجتماعي العامّ، يفضي إلى نتيجة يجب أن تزعجنا جميعا: أنّ الهدف الأسمى هو "حماية الرجل" من فتنة المرأة، حمايته من غواية النظر إليها. لا أحد يتحدّث عن حماية المرأة من فتنة الرجل ويطالب الرجال بستر فتنتهم. تبدو غواية الرجل للمرأة – في الوعي العام – أمر مقبولا، إنّه الطبيعي. فتنة المرأة هي غواية الشيطان. هكذا يعود الوعي العامّ إلى أسطورة الخلق التوراتية، حيث أغوت حوّاء أدم؛ فارتكب معصية الأكل من الشجرة المحرّمة، فطُرِد وهي من الجنّة. القصة التوراتية تقول: إنّ المرأة هي مدخل الشيطان إلى الرجل، وهكذا يصبح الرجل هو "الإنسان" والمرأة بعضه الأعوج، الذي يحتاج طول الوقت إلى تقويم. كلّ هذه العناصر التوراتية لا وجود لها في القرآن نصا، وإنما دخلت نطاق الفكر الديني عبر كتب التفسير التي استعانت بهذه التفاصيل لشرح ما لم يذكره القرآن.
وحده محمد عبده في، أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن الماضي، تنبّه لهذه المشكلات في الفكر الدينيّ. والفكر الديني الآن بتراجعه إلى ما قبل لحظة محمد عبده يسحب المجتمع إلى الوراء. لكن علينا ألا ننسى أنّ المجتمع، في الأصل، هو الذي سحب الفكر الديني إلى الخلف، ثم استسلم له ليقوده. من هنا فإنّ السبيل الوحيد لمقاومة أيّ نهج، أو نمط جديد من التفكير، هو الصياح ورفع يافطة "الثوابت" و"الفكر الغربي"، و"المناهج المستوردة"، كأن ما أنتجه الأسلاف لا يقبل الفحص والنقد والردّ.
وقضايا المرأة في الفكر الإسلامي بصفة عامة تثار في مصر أوّلا، ثم ينتقل الجدل الصاخب منها إلى المجتمعات العربية؟ في حدود علمي إنّ منظومة القضايا المتعلّقة بوضع المرأة ومكانتها في المجتمع – وقضية الحجاب أو النقاب واحدة من هذه المنظومة – هي "كعب أخيل" في العالم الإسلامي طولا وعرضا. لكن لأنّ المجتمع المصري كان قد تجاوز هذه المشكلات وتخطّاها، منذ بدايات القرن العشرين، فإنّ حالة الارتداد التي يمرّ بها، منذ عقود تلفت الأنظار إليه. ماذا حدث للمصريين؟ تساؤل طرحه المفكّر "جلال احمد أمين" منذ فترة، وما زال يُحْتاج النظرُ فيه. للإجابة على هذا التساؤل ينبغي عدم استبعاد التأثير الخليجي - السعودي الوهّابي بصفة خاصة- على وعي المصريين، الذين تزايد عدد مهاجريهم بحثا عن فرص عمل أفضل، منذ بداية السبعينات من القرن الماضي.
|
|
|
|
|
|
|
|
|