|
Re: نصر حامد أبو زيد إنساناً.. ومفكراً (Re: محمد ادم الحسن)
|
تقرير ميشيل هوبينك- إذاعة هولندا العالمية/ الباحث والمصلح المصري نصر حامد أبو زيد، الذي توفي الأسبوع الماضي في مستشفى في القاهرة، لم يكن يشعر وكأنه في بيته في منفاه هولندا التي أقام فيها منذ فراره من القاهرة عام 1995.
يقول الأستاذ فريد ليمهاوس الذي أنجز أحدث ترجمة للقرآن للغة الهولندية، وهو صديق قديم لنصر أبو زيد: "في هولندا كان الجميع يوافقونه الرأي وهذا ما جعله يشعر بالسأم. فقد افتقد للنقاشات الحامية مع طلابه في القاهرة". جاء الأستاذ السابق في جامعة القاهرة إلى هولندا عام 1995، بعد أن اتهمته محكمة إسلامية بالردة. وكان سبب الاتهام كتابه "مفهوم النص" الذي أثار نقاشات عديدة، الذي فيه يدعو إلى تفسير تاريخي للقرآن. عقوبة الردة عن الإسلام (حد الردة) هو القتل. ولحسن حظ أبو زيد أنه لم يكن بالإمكان تنفيذ العقوبة، لأن قانون العقوبات الإسلامي غير نافذ في مصر. ولكن لم يعد الجو آمناً على حياة أبو زيد وزوجته، فقررا الرحيل.
تأويلات غريبة
في كتابه، يقف أبو زيد ضد الاعتقاد الواسع النطاق بأن القرآن، كلمة الله غير المخلوقة، يجب تطبيقه بالمعنى الحرفي. وهذا أدى، حسب رأيه، إلى تأويلات غريبة وراديكالية والتمييز ضد المرأة وغير المسلمين. كان ينبغي على المسلمين الاعتراف بأن كتابهم المقدس هو نتاج التاريخ. كان ينبغي فهم السياق التاريخي للقرآن، وإعادة تفسيره من جديد وفق تغير الأحوال.
اتهمه خصومه بتقويض الإيمان وفق رؤيته هذه، ولكنه أنكر ذلك بقوة. وفق أبو زيد، لا تعني المقاربة التاريخية للقرآن إنكار الطابع الإلهي للنص على الإطلاق.
كان مؤمناً
فريد ليمهاوس مقتنع تماماً بأن أبو زيد كان مؤمناً إلى حد بعيد بطريقته الخاصة، فيقول: "كان غالباً ما يقول أنه عندما لوحق وتعرض لخطر القتل من قبل متشددين: لست قلقا ولا خائفا، فحياتي هي في يد الله". وحتى من خلال نظرته للقرآن هناك جانب إيماني عميق لم يلحظه سوى قلة من الناس، حسب تعبير ليمهاوس: "كان أبو زيد لا يؤمن فقط بأن كل زمان عرف تفسيرات خاصة للقرآن، وإنما أيضاً بأن تلك التفسيرات تطورت تدريجياً عبر الزمن. ففي القرن السابع كان القرآن جواباً بدائياً لمجتمع بدائي، ولكن في القرن العشرين ظهرت حقوق الإنسان والمساواة بين الرجل والمرأة. وهذا التطور مبرمج في النص، حسب رأيه".
من خلال هذه الرؤية التطورية يشابه أبو زيد المفكر السوداني محمود طه (اعدم عام 1985)، والذي مثله كان مصدر إلهامه الصوفي الإسلامي ابن عربي. كان نصر أبو زيد مطلعاً على أعمال طه بالفعل. فقد حاضر لفترة من الزمن في الخرطوم، وكان له اتصالات كثيرة مع تلميذ طه المعروف، الدكتور عبد الله النعيم.
الغربة في هولندا في هولندا لم يشعر أبو زيد بأنه في مكانه. بالرغم من تكريمه بجوائز عديدة، وكان ضيفاً دائم الحضور في كل مؤتمر حول الإسلام. ولكن غالباً ما كانت مشاركاته مملة وغير ملهمة. ولكن عندما يحيط به الطلاب المسلمون، يظهر على حقيقته. فعندها يدافع وبحرارة عن أفكاره. يقول فريد ليمهاوس إنه كان يفتقد بيئته الطبيعية، النقاش والاتصال بطلابه في القاهرة: "في جامعة القاهرة، كان يتناقش على الدوام مع الذين لا يوافقونه الرأي، غير المؤمنين والإسلاميين على حد سواء. كان يحترم الجميع طالما كان هناك منطق نظيف. ومن خلال النقاش كان يستلهم الكثير من الافكار. فكنت ترى كيف كان يصبح مفعماً بالحيوية ويصيغ كلماته بكل حدة. وهنا في هولندا، كان الجميع يوافقه الرأي، وفي ذلك القليل من التحدي".
اندونيسيا... بديلاً عن مصر
في أيامه الأخيرة كان أبو زيد يسافر كثيراً إلى إندونيسيا. يقول ليمهاوس إنه استعاد هناك قليلاً من بيئته الطبيعية: "أصبح بمقدوره مجدداً النقاش مع المسلمين المؤمنين، مع أناس يفهمون ما يقول". ولكنه اصيب هناك بفيروس أدى إلى وفاته، بعد بضعة أسابيع.
طالما تعرض المصلحون الراديكاليون من أمثال أبو زيد للسخرية، والتقليل من دورهم: إنهم مشهورون لأنهم الغرب يحتفي بهم كأبطال، ولكن في العالم الإسلامي لم يسمع بهم أحد على الإطلاق. لا يتفق ليمهاوس مع هذا الرأي، خاصة في ما يتعلق بنصر حامد أبو زيد: "تأثيره في العالم العربي يُبخس تقديره. والكثير من أعماله أعيدت طباعتها أربع أو خمس مرات، بما في ذلك الكتب التي ألفها هنا في هولندا".
|
|
|
|
|
|
|
|
|