تمليحه للجميع ...

Quote: الفاشر أبوزكريا .. سـِفـِر الإندايَة حامد حجر الإنداية : مدَ إليه نديمه كأساً من ( البَغو ) نبيذ دارفور الأرجواني ، وطال الحال والوقت هكذا ، قبل أن يتناوله ( حرديمي ) مُطلقاً أسارير وجهه بالثناء لصديقه الذي ناوله إياها ، لقد أحتضنت أصابع يديه الكأسَ وأحاطت بها ، بينما لثم سبابته البـغوَ قبل شفتيه التي نطقت : ( كفّ نيفّ ) !! . وبعد رشفةٍ من كأس الــ ( دَواخة ) ، نظرَ بعينين حمراوين ممسوستين بالسـُكرِ ،َ إلي ( الفدادية ) وهي حسناءَ بلون الأبنوس ، يتلوي بين أعضاء المرأة ، لقد باغتته في لحظةِ غياب ، فأنتثر تشوش عقل حرديمي المفصول عن الجسد ، العقل المحض المتجلي عن دنس الشهوة ، الميرم الوفية التي لا تخون رغم برودة ليالي أبوزكريا ونداءات الجسد المهجور . الميرام أو الأميرة تصنع المريسة بأنواعها وتبتاعها ، لتعيش هي وأبناءها ، لكنها تعرف حدود الخطوط الحمراء لزبائنها الذين يأتون ولكل واحدٍ مقصد ، كغيرهم من البشر في كل مكان ، وحرديمي واحدٌ منهم ، زبون مشاكس ، يقفذ اللعين بين فخذيه كلما لمحَ إمرأةً ، وهذا هو حاله مع الميرم ، فيدور الحديث التالي : حرديمي : ( إنتِ يا ميرّام .. تِسّوي مريسة دي حلو كديه كيكيف )؟ وترد علي أسئلته شارحة مراحل صنع المريسة وهي فخورة .. الميرّام : ( مريسة دَاه ، ما نختو فوقو ، قدو قدو ، زورّاع ، ودقيق عيش دخن أحمر ، ونخمروا باليل ، ببقا كجانيه ، بكرة الفجوَر نسـّفو بالسفاية ونتلعو منو دَقَة ، داه عشان الزباين ، خلاس بادين نسوو باقي دَي بغو حقتَ الناس التانين الما زباين توالي ، والباقي داك مُشك ، عالوك للبهايم ) . وحرديمي لا يكف عن السؤال ، ويعدل من جلسته علي الـ ( بنبّـر ) ، ويشمر ساعده الأيمن من عَرّاقي الدبلان إلي ما فوق ( سكين الدُراع ) وهو السلاح التراثي قصير يلبس في العضد ويدل علي فحولته ، ويسحب أطراف سرواله المعروف بـ ( ديك وتعا كجانيه ) إلي ما فوق ساقيه ، ويتنحنح سائلاً: حرديمي : ( والكوشيب .. يا ميرّام .. مع الكونومورو ، ديي سَويتِي كيفنوّو)؟! والميرّام تبدو أكثر ثقةً بنفسها ، فالرجل يسأل عن أسرار المهنة ، وهي العالمة في هذا المجال ، وتبوءت لقب الميراَم بتجويدها للصَنعة ، وإلا ستكون إمرأة خاملة ( خمبـّا ) يفر منها الزبائن إلي فدادية أخري وما اكثرهن في الفاشر القديمة ، وكل مجتمع دارفور الذي يعاقر أغلبه الخمور البلدية ولا يعتبرها حراماً ، وإنما هي ( عيش ) . الميرّام : ( داكا .. نختو فوقو تمرَ وبلحَ ، وكمان نخمِرو زُرّاع فتريته أحمر ، عشان يبقي متل بنك الدم ، والله أبـّا توري ده بريدي كوشيب دي خلاس خلاس ) . ختمت عبارتها الأخيرة ساخرة من العجوز ( توري ) لحبه الشديد لإحتساء قارورة الكوشيب التي تسمي ( دولانق ) . ( بعد حين ) .. حرديمي : ( حاي .. يا ميرّام .. مالو ولا تجوزيني )؟!! بعد أن لعب الكوشيب برأسه يبدو انه لا يقاوم شهوته الذي يندفع كشلال جبل مرة .. أووه يا للعنة ! أبتدات الشياطين الداخلية تتململ من رقادها ،وبنبضات واجفة كيقظة أفاعي ( العَسَلة ) المرقطة راحت تتمطي تحت جلد الأرض .. هي ذي رائحة البغو في عمق الـزِير ( دُوانّي ) تنتشر حول الأنف ، بينما فريسة حرديمي المتخّيل تلوح علي مدي الأنياب ، عيناه المتوهجتان بالرغبة بدتا آسيّتين وهما علي حافةِ إستجداء . ردت الميرّام بحياء : ( حاي يا ممسُوخ آني ولا متل أتنايتك .. يآ )؟ ( صمــــت ) .. يقطعه قهقهات التشفي من آدومة .. ثم همهمة حرديمي مغمورة برشفةٍ عميقةٍ من كأس البغو ، يعبر عن تبرمه من عدم إستجابة الأنثي ، كسير من حرارة وطراوة الأفعي ، وثن من الغابة شراستها ، أحس بأنه أهين ، فكتم الصرخة من المروءة ، في حضرة النساء ، كان الآن مكوماً علي نفسه علي ( بنبر ) الذي يتحمل ثقله بتؤدة .. أمسك بكأس ( تبساي ) مفرغاً ما في جوف الـتكولاي و( الدولانق ) ، ليخصَ بالعزيز نديمه آدومة ، الذي عاجله بإمساك الكأس في منتصف الطريق إليه ، مستحضراً مقطع دوبيت من أشعار الهمباتة أمثال ليث البراري ، هري تركاوي ، الذي دوّخ النصراني المستر ( مور ) ، طلب رأسه مقابل كسوة الشرف لكل الإدارات الأهلية والسلاطين ، إلا أنه لم يفلح .. هرليل مصائب الليل! .. الليلة هممم .. نشرب كآس وندفك كآس .. ونركب تيس الخلا النكاآآس .. الليلة هممم .. كفّ .. أنا هري تركاوي .. أخو البنات! ..