|
|
 لماذا استلهم الاشتراكيون ابوذر الغفاري دون عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ؟
|
ما نود مناقشته هنا يرتبط ارتباطا وثيقا بتأمل الطريقة التي (جئنا) نفكر بها في الطرق المثلى للحياة ضمن مجموع في عصرنا الحاضر . ويرتبط ارتباطا وثيقا أيضا بالطريقة التي (ظللنا) ننظر بها الى التاريخ الإسلامي. لقد نظر دعاة البعث الإسلامي أو تأصيل الحياة المعاصرة إسلاميا أو من سميناهم بقوى الإسلام السياسي لنموذج عمر بن الخطاب رضي الله عنه باعتباره نموذج الخليفة أو الحاكم العادل ولأنهم مسلوبون ومستلبون تجاه نموذج آخر مشوه لهذا الحاكم العادل سموه (المستبد العادل) وذلك لأن تفكيرهم كان محروما من النظر للقيم الديمقراطية والاشتراكية باعتبارهما لا تتعارضان مع بعضهما البعض من ناحية ولا تتعارضان مع قيمة العدل (الإسلامية) من ناحية أخرى . لذلك كان سيدنا (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه في نظر هؤلاء الإسلامويين السياسيين عادلاً بمعنى غير موصوف بدقة وتفصيل كاف لاستلهامه عندما تحين (فرصتهم للحكم) أو عندما يستجهضونها قسرا .
من ناحية أخرى غير بعيدة نجد أن الاشتراكيين يستلهمون شخصية الصحابي الجليل ابو ذر الغفاري كنموذج للاشتراكية في الاسلام دون عمر بن الخطاب رضي الله عن هذا وذاك ولو حاولنا تقصي مجموع المواقف والملامح لوجدنا أن الأولى كان العكس
وبهذا يكون الخليفة الراشد العادل مظلوما من الجهتين ، جهة الإسلامويين وجهة الاشتراكيين مع أنه ، رضي الله عنه ، كان نموذجا عمليا قابلا للتطبيق وباهرا لكل الجهتين لو كانوا من الصادقين
ونحاول في هذه السانحة مقاربة السؤال المهم في تقديرنا : لماذا استلهم الاشتراكيون ابوذر الغفاري دون عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ؟
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لماذا استلهم الاشتراكيون ابوذر الغفاري دون عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ؟ (Re: فتحي البحيري)
|
مثلما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قبل توليه الحكم ، نموذج المؤمن الحريص على تحقيق مراد الله المتمثل في أوامره سبحانه وتعالى وأوامر رسوله في نفسه أولا وفي سائر المؤمنين ثانيا صار بعدما ولي أمر هؤلاء المؤمنين وتلقب (بأميرهم) أشد حرصا على ذلك وأكثر ..سلامتهم وأمنهم وخصوصياتهم وحرياتهم الشخصية وأن لا يجوعوا ولا يعروا أكثر من ذلك ، كان حريصا على كفاية الناس من حاجاتهم الفطرية غير المادية وان تصلهم السلع غير مغشوشة وان لا يتم اهدار المال العام ولا إنفاقه إلا عليهم بالتساوي ، ، وكل ذلك دون تمييز لفئة دون أخرى في هذا الإنفاق وكل ذلك بمنتهى الصدق والتلقائية وعدم التكلف والتطرف الزائف .. فبالله عليكم أي نموذج لحاكم اشتراكي نريد أكثر من هذا
وكان يمارس حكمه الاشتراكي هذا بمنتهى الديمقراطية فيقبل النقد والتوجيه والتوبيخ من أي فرد من العامة وعلى الملأ والقصص والمرويات والشواهد في ذلك أشد وضوحا من أن نحتاج إلى إيرادها هاهنا .. فأي ديمقراطية اشتراكية تحققت في التاريخ الانساني كله بأكثر من ذلك
ربما كانت هناك حادثة وحيدة قدحت ، حسب وجهة النظر السطحية ، في رسوخ قدم الخليفة الزاهد العابد العادل الراشد رضي الله عنه في تبني الاشتراكية المحضة ، وربما ساعد التعتيم أحيانا وجهة النظر هذه .. تلك الحادثة التي نعنيها هنا هي ما كان من أمر المغيرة بن شعبة و(فتاه) أبو لؤلؤة الفاسي واحتكامهما إلى عمربن الخطاب رضي الله عنه ... والتي انتهت بقتل ابي لؤلؤة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أثناء الصلاة
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لماذا استلهم الاشتراكيون ابوذر الغفاري دون عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ؟ (Re: فتحي البحيري)
|
قال ابن سعد في الطبقات الكبرى : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال: كان عمر لا يأذن لسبي قد احتلم في دخول المدينة حتى كتب المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يذكر له غلاما عنده صنعا ويستأذنه أن يدخله المدينة ويقول إن عنده أعمالا كثيرة فيها منافع للناس إنه حداد نقاش نجار فكتب إليه عمر فأذن له أن يرسل به إلى المدينة وضرب عليه المغيرة مئة درهم كل شهر فجاء إلى عمر يشتكي إليه شدة الخراج فقال له عمر ماذا تحسن من العمل فذكر له الأعمال التي يحسن فقال له عمر ما خراجك بكثير في كنه عملك فانصرف ساخطا يتذمر فلبث عمر ليالي ثم إن العبد مر به فدعاه فقال له ألم أحدث أنك تقول لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح فالتفت العبد ساخطا عابسا إلى عمر ومع عمر رهط فقال لأصنعن لك رحى يتحدث بها الناس فلما ولى العبد أقبل عمر على الرهط الذين معه فقال لهم أوعدني العبد آنفا!!
فلبث لي ليالي ثم اشتمل أبو لؤلؤة على خنجر ذي رأسين نصابه في وسطه فكمن في زاوية من زوايا المسجد في غلس السحر فلم يزل هناك حتى خرج عمر يوقظ الناس للصلاة صلاة الفجر وكان عمر يفعل ذلك فلما دنا منه عمر وثب عليه فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السرة قد خرقت الصفاق وهي التي قتلته ثم انحاز أيضا على أهل المسجد فطعن من يليه حتى طعن سوى عمر أحد عشر رجلا ثم انتحر بخنجره فقال عمر حين أدركه النزف وانقصف الناس عليه قولوا لعبد الرحمن بن عوف فليصل بالناس ثم غلب عمر النزف حتى غشي عليه قال بن عباس فاحتملت عمر في رهط حتى أدخلته بيته ثم صلى بالناس عبد الرحمن فأنكر الناس صوت عبد الرحمن فقال بن عباس فلم أزل عند عمر ولم يزل في غشية واحدة حتى أسفر الصبح فلما أسفر أفاق فنظر في وجوهنا فقال أصلى الناس قال فقلت نعم فقال لا إسلام لمن ترك الصلاة ثم دعا بوضوء فتوضأ ثم صلى ثم قال اخرج يا عبد الله بن عباس فسل من قتلني قال بن عباس فخرجت حتى فتحت باب الدار فإذا الناس مجتمعون جاهلون بخبر عمر قال فقلت من طعن أمير المؤمنين فقالوا طعنه عدو الله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة قال فدخلت فإذا عمر يبد في النظر يستأني خبر ما بعثني إليه فقلت أرسلني أمير المؤمنين لأسأل من قتله فكلمت الناس فزعموا أنه طعنه عدو الله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ثم طعن معه رهطا ثم قتل نفسه فقال الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط ما كانت العرب لتقتلني.
روى ابن عساكرأيضا في تاريخ دمشق من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: لما طعن عمر وكانتا طعنتين فخشي أن يكون له ذنب إلى الناس لا يعلمه فدعا عبد الله بن عباس وكان يحبه ويأتمنه فقال أحب أن تعلم عن ملأ من الناس كان هذا فخرج ابن عباس ثم رجع إليه فقال يا أمير المؤمنين ما أتيت على ملأ من المسلمين إلا يبكون كأنما فقدوا اليوم أبناءهم قال فمن قتلني قال أبو لؤلؤة المجوسي عبد المغيرة بن شعبة. قال فرأينا البشر في وجهه وقال الحمد لله الذي لم يقتلني رجل يحاجني بلا إله إلا الله يوم القيامة أما إني قد كنت نهيتكم أن تحملوا إلينا من العلوج فعصيتموني.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لماذا استلهم الاشتراكيون ابوذر الغفاري دون عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ؟ (Re: فتحي البحيري)
|
لا يجد الاسلاميون السياسيون غضاضة في ورود هذه القصة وبهذه الصياغة في كتب التاريخ لأنهم كما أسلفنا غير معنيين بما في جوهر الإسلام من عدل اقتصادي وسياسي مفصل يشبه ما ينادي به البعض اليوم من ديمقراطية واشتراكية من جهة . ولان نموذج المغيرة بن شعبة غير مخطّأ عندهم تمام التخطئة . بينما تشكل هذه الحادثة وبصياغتها هذه تشويشا كبيرا على مجمل ما عرف به الخليفة والحاكم (العادل) عمر بن الخطاب من اشتراكية فعلية و انحياز للعامة والضعفاء في كافة ما يجب أن يتمتعوا به من حقوق
وفي تقديري المتواضع أن الدفاع عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يجب أن يتم بالإضراب عن هذه الحادثة ووبالقاء اللائمة على التآمر الفارسي - اليهودي المشترك (وحده) .
لقد حدث صراع بالفعل بين طبقة يمكن أن نسميها (ملاك العبيد) وطبقة أخرى يمكن أن نسميها (العبيد) . كلا الطبقتين تكون وازدهر واكتسب انماطا جديدة من السلوك الاقتصادي والكسب بفضل الدولة الجديدة المستقرة والنامية التي أرسى دعائمها الفاروق رضي الله عنه . وأدى تضارب المصالح الى الالتفاف على الأنظمة والترتيبات التي وضعها رئيس الدولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذا الصدد ، وذلك بمحاولة المغيرة بن شعبة استثناء عبده ابو لؤلؤة من أمر حظر الإقامة داخل المدينة ودافع المغيرة في ذلك تحقيق مكاسب مادية أكبر من الإنتاج الحرفي لابي لؤلؤة واختلف الاثنان بعد ذلك في تنظيم توزيع الدخل بينهما واحتكما للخليفة رضي الله عنه
في روايات أخرى أن عمر بن الخطاب كان ينفرد بكل منهما على حدة ويطلب منه أن يخفف على الآخر .. بمعنى كان يطلب من المغيرة أن يزيد من خراج أو أجر ابي لؤلؤة ... ويطلب من أبي لؤلؤة أن يقبل ما يعرضه عليه المغيرة ... وفي هذه الحادثة المعزولة .. لم يكن أي من الطرفين راضيا عن عمر بن الخطاب ، لا لشيء إلا لأن كلا منهما ينظر إلى أنه صاحب الفضل الأكبر في ما ينتج عن عمل أبي لؤلؤة من مال .. فالمغيرة يرى أنه تسبب في وضع ابو لؤلؤة داخل السوق المدني وهو مالك العبد نفسه فبالتالي المال كله له ، وابولؤلؤة برى أنه أولى بالمال وهكذا
ومن غير المستبعد أن تكون هناك قوى ما لاحظت هذا الصراع الطبقي واستثمرته لصالح أجندتها كما يشير كثيرون للتآمر الفارسي اليهودي للقضاء على الدولة الإسلامية . إلا أن ذلك لا يبيح لنا عدم محاكمة هذا الصراع وإنكار دوره في قتل الخليفة العادل عمر بن الخطاب . والأهم من ذلك ، وهو موضوع هذا المقال ، لا يتعين أن نضرب عرض الحائط بسجل حافل من انحياز عمر بن الخطاب لعامة الناس .. بالفهم الاقتصادي الاشتراكي .. وبالفهم الديمقراطي السياسي .. لمجرد ورود مثل هذه الحادثة المعزولة
نواصل غدا إنشاء الله تعالى
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لماذا استلهم الاشتراكيون ابوذر الغفاري دون عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ؟ (Re: صديق عبد الجبار)
|
شكرا جزيلا الأخ صديق
لقد قرأت مداخلتك بالأمس وكنت أود الرد عليها في حينها لولا ضيق الوقت
لك مطلق الحرية - بكل تأكيد - في توجيه النقاش إلى تلك الجهة
ولك مطلق الحرية - بذات القدر - في الإضراب عن هذا التوجيه
وعلى كل
1- وصم الاشتراكيين بأنهم ضد الخليفة الراشد عثمان بن عفان لشخصه وأنهم لأجل ذلك يهللون لابي ذر الغفاري رضي الله عنه هو أمر فيه نظر كبير فضلا عن أنه لا يشكل إجابة على السؤال الذي نتناوله هنا ... الأهم من ذلك كله هو أننا نحتاج لطريقة أكثر جدية ومنهجية نتناول بها هذه الأحداث والاختلافات خارج ذهنية المع أو الضد ، فلعلك تلاحظ أن ثمة إلغاء متبادل بين الإسلاميين السياسيين وبين الاشتراكيين يلقي بظلاله على مواقفهم من هذه الأحداث التاريخية وربما كان تجاهل الاشتراكيين لاشتراكية عمر بن الخطاب وتضخيمهم للخلاف بين ابي ذر وعثمان كليهما نابع من الرفض المبطن والمبدئي (للإسلام وهو يحكم ) وبالمقابل ربما كان تجاهل الاسلاميين السياسيين لاشتراكية عمر بن الخطاب وتجاهلهم أيضا لما كان لابي ذر من الحق و(السلطة الرابعة) كليهما نابع من الرفض المبطن والمبدئي (للاشتراكية وهي تحكم وتحاكم من خلال الإسلام )
2- شعار (ومن لم يحكم بما أنزل الله .... إلخ الآية) هو حق في حد ذاته ما في ذلك شك .. إلا أنه ، كما لا أظنك إلا متأمل معي ، استخدم على طول وعرض التاريخ في ايصال دنيويين فاسقين وفاسدين إلى سدة الحكم ليس إلا ، ابتداءا من الخوارج ويزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان وليس انتهاء بعمر حسن احمد البشير وعلي عثمان محمد طه ومن لف لفهم . من المهم أن نجتهد اجتهادا عظيما في نصرة الحق (وليس سواه) بالحق (دون غيره) وفي هذا الإطار فإن الحكم بما أنزل الله مجال واسع النطاق جدا يستغرق معظمه (الجهاد الأكبر) جهاد النفس ومجاهدتها ومكابدتها وحملها على الحكم بينها وبين نفسها على نفسها بما أنزل الله ويستغرق معظم ما تبقى منه (أفضل الجهاد ) كلمة الحق في وجه السلطان الجائر أيا كان اللبوس الذي يلبس والمسوح الذي به يتمسح ، وتقويمه بالنصيحة والرأي والاحتجاج السلمي وغير ذلك أما الحكم بما أنزل الله بمعناه السياسي فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى إذا حكمنا بين الناس أن نحكم بالعدل . وبهذا المعنى ووفق ما أنزل الله نفسه فإن العدل هو الفريضة السياسية الأوجب فمن لم يستطع العدل أو لم يرغب فيه فلا حاجة لنا ولا لله أن يزعم أنه يريد حكمنا بما أنزل الله
سعيد بمداختلك
واتمنى لو أنك لم تقرر الانسحاب من الحوار
فلن تتضرر منه
وسيكون بك أكثر ثراء
كلي تقدير وامتنان
| |
|
|
|
|
|
|
| |
فتحي البحيري
صديق عبد الجبار
Amin Mahmoud Zorba
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست