|
Re: من عجائِبِ السياسةِ والسياسيين!! (Re: عبد العزيز جامع)
|
أسمح لي يا أستاذ عبد العزيز جامع أن أتحدث عن معركة شيكان لمن لا يعرفون عنها شيئاً. لم يكن إستدعاء هكس باشا Hix عبطاً من حكومة صاحبة الجلالة للقضاء على ثورة الدراويش كما أسموها آنذاك. كان هكس باشا قائداً مشهوراً دوّخ الثوار في الصين والهند وقضى على كل الإنتفاضات هناك. لذا وجدوا أنّه القائد الذي يمكنه القضاء على المهدي وأعوانه. هنالك عُدّة ظروف ساعدت على النصر ولكن أهم عامل هو الغلطة التي إرتكبها القائد الهمام هكس. لمن زار المنطقة وعرفها اليوم بعد الجفاف والتصحر فشيكان ما زالت غابة بمعنى الكلمة. فما بالك بها في القرن التاسع عشر والغطاء النباتي جد كثيف أنذاك؟ كانت هنالك عُدّة خيارات أمام جيش هكس ليختار منها ما يروقه أو يناسبه. لكنه إختار الخيار الخطأ في المكان الخطأ والزمان الخطأ. الخيارات المتاحة لاقتحام الأبيض من جهة الجنوب (إتجاه مدينة الرهد أبو دكنة الآن) هي: 1- يمكن لجيش هكس بعد تخطي تُردة الرهد أبو دكنة وقبل دخول غابة شيكان الإتجاه شرقاً حتى الجفيل. ومنها غرباً إلى الأبيض في أرض منبسطة تتخلها أشجار الهشاب والسدر والتبلدي ولكنها ليست غابة كشيكان. 2- السير في إتجاه الشمال الغربي بالقرب من قرية علُّوبة الحالية والإلتفاف غرب غابة شيكان ودخول الأبيض من جهة غرب الجنوب الغربي. 3- المبيت جنوب غابة شيكان وهو طريق الدخول لمدينة الأبيض من جهة الجنوب وهو أقصر الطرق. 4- دخول غابة شيكان ليلاً دون سابق معرفة أو خبرة بطرق الغابة وكثافة أشجارها وهو طريق قصير ويختصر الزمن وهي ميزته على الخيار الثالث أعلاه. ولكنه الخيار الخطأ. وقيّض الله للقائد الملهم هكس باشا أن يختار الخيار الرابع ولقي على يد جنود حمدان أبو عنجة الويل والثبور. مما جعل الجنود المصريين يصيحون: (ألحإينا يا ست زينب .. دا حمدان أبو عنقة بس .. أمال المهدي كان حيعمل فينا إيه؟). كانت غنائم حملة هكس من السلاح والعتاد والمُؤن هي التي ساعدت في فتح بارا ومن بعدها الخرطوم. وقد قلنا أن إنتصار المهدية تدخلت فيه اليد الآلهية بمعجزة عمى بصيرة هكس باشا. فلو جاز لنا أن نسأل: ماذا كان سيحدث للثورة المهدية لو إختار القائد هكس أيّ من الخيارات الثلاثة الأولى؟ الله أعلم. تحياتي.
كبـَّـاشي الصــَّافي
|
|
|
|
|
|