* العجز على مستوى الفعل السياسي الإيجابي مقروناً بالعجز عن إنتاج خطاب فكري يواجه المأزق الماثل قاد إلى أننا نتفرج في هذه اللحظات على الأحداث وهي تمضي ، بسلاسة مهينة ، نحو تفكك الدولة السودانية (بالمفهوم الذي ظل سائدا خلال الـ 500 سنة الماضية) وانهيارها بالكامل . * هذا التفكك وهذا الانهيار بكل تأكيد ليس نهاية الأرض ولا نهاية الشعوب التي تقطن عليها ولكنه ، بكل تأكيد أيضا ، مدخل لإعادة صياغتها بشكل يستطيع الحياة والاستمرار بدلا من الشكل الذي فشل في ذلك * أقرب اللحظات شبها بما نحن مقدمون عليه ، شئنا أم أبينا ، هي اللحظة التي سماها المؤرخون (عمارة دنقس وعبدالله جماع يؤسسان ملكا)
ـــــ نواصل ،،،، إن كنا مستعدين فعلا للنظر في تداعيات الأحداث الراهنة من خلال هذا المنظور ....... أو لم نكن!!
09-22-2010, 08:29 PM
فتحي البحيري
فتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109
عندما صمدت الدولة (أو الدول) السودانية المسيحية في وجه الغزو الإسلامي وأنتج هذا الصمود اتفاقية البقط التصالحية بدل (فتح السودان وأسلمته بقوة السلاح) كانت هذه الدولة - قطعا - على درجة من التماسك ومن القابلية للحياة والاستمرار ولا يمكن أن نعزو هذا الصمود لوجود المقاتلين الأشداء المهرة وحدهم ، ظلت هذه الدولة تجاور وتراقب العالم الإسلامي وتحاوره طيلة عصوره الأموية والعباسية دون أن تستلب تجاهه بالكامل ، ولكنها لم تقمع تحولات الأفراد والجماعات عقائديا وجغرافيا ، الأمر الذي أدى إلى وجود نسبة من المواطنين العاديين و التجار والمتصوفة والعلماء الذين يدينون - داخل الدولة المسيحية - بدين الإسلام ، واستطاعت هذه النسبة من المواطنين أن تستثمر لحظات تاريخية محددة [ ضعف فيها بنيان الدولة السياسي واستنفذت فيه شروط الحياة والاستمرار التي كانت متوفرة لحظة توقيع اتفاقية البقط ] وأن تنقض مكونة دولة ذات واجهة ثقافية ودينية مغايرة ... من الداخل .... وليس بالطريقة المألوفة لأسلمة الدول والمناطق الأخرى ، فتحا وغزوا من الخارج
حدث بعدها أن تحول معظم السودانيين إلى دين الإسلام وهم يحملون في دواخلهم تشكلهم الوجداني السابق بهذه الدرجة أو تلك فنتج واقع إسلامي ، أو مسلم إن شئت ، يتفرّد ويتميز عن أي واقع إسلامي في أي مكان آخر ربما للطبيعة الإفريقية للسودان من جهة وللتميز الثقافي والوجداني المتراكم لشعوب المنطقة من جهة ثانية ولامتناع الاستقطاب السياسي الحاد (سنة - شيعة) الذي رافق دخول ووجود الإسلام في مناطق إسلامية أخرى من جهة ثالثة ولأن الذين تولوا مهمة أسلمة الأفراد والجماعات قبل قيام مملكة سنار وبعدها كانوا في الغالب من طبقة الزهاد والمتصوفة ثم ... وصلت هذه المرحلة (الإسلامية) للدولة السودانية إلى ما ترون الآن
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة