بسم الله الرحمن الرحيم . ( و لنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون )
تلقيت قبل قليل خبر وفاة أستاذي عبد الوهاب خوجلي فى معبر أرقين . تغمده الله بواسع رحمتة وأسكنه فسيح جناته مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا . كان المرحوم أستاذي فى مدرسة الجيلي الثانوية لمادة اللغة العربية بعد تخرجه من دار العلوم فى مصر و على يديه تخرج عدد من العلماء و الأساتذة فى مختلف مجالات العلم و المعرفة و قد تبوأ بعضهم مناصبآ مهمة فى الدولة و فى المجتمع . و كان رحمه الله يجمع بين العلم الغزير و الأدب الرفيع و يزينه بالسلوك الحميد على وسادة تواضع جم و خلق رفيع ، مما جعله قدوة لكل طلابه فى ذاك الزمان الجميل . عندما حدث إنقلاب مايو أبت روحه الوثابة إلى الديمقراطية أن تتعايش مع نظام يتعارض مع مبادئه و قيمه و موروثه الذى تربى عليه ، فخرج مهاجرا إلى أرض الله الواسعة ، ملتحقا بقائده و زعيمه الراحل المقيم الشريف حسين الهندي ، متنقلا معه فى المواطن المختلفة بين الغابة والصحراء . و أراد الله أن نلتقى مرة أخرى فى مدرسة أخرى من مدارس الحياة و على طريق النضال الشاق و العسير بكل تضحياته و تقلباته و إنتهى به المطاف فى تلك المرحلة فى ليبيا حيث تولى مسؤولية إدارة إذاعة المعارضة بالإضافة إلى دوره المميز و القائد للجالية السودانية فى طرابلس. كان أحد المشاركين في مؤتمر أثينا التاريخي عام ١٩٨٢ و كانت بصماته واضحة فى نجاح المؤتمر . بعد سقوط مايو عاد إلى السودان و أنتخب نائبا فى الجمعية التأسيسية عن دائرة الجريف شرق . عندما حدث إنقلاب الجبهة الإسلاموية وقف موقفه المشهود فى معارضتها بشراسة طوال فترة حكمها المشؤم و تعرض خلال تلك الفترة لكل ضروب المعاناة دون أن تلين له قناة و ظل على نفس الموقف وهو يواجه نظام البرهان - حميدتي و هو كهل تجاوز الثمانين. كان مهمومآ بحال الحزب الإتحادي الديمقراطي و بذل جهدا مضنيا فى سبيل توحيده بعد أن إنفرط عقده و لقى فى ذلك ظلم و عنت ذي القربى ، حاله كحال أصحاب الرسالات النبيلة . ذهب إلى ربه راضيا مرضيا و ستظل ذكراه و دروسه فى دروب النضال و السياسة و العلم نبراسا يهدى كل من ينشد الحرية و يطلب الإنعتاق و لكل ساعي للعدالة و للحياة الكريمة . التعازي الحارة لأسرته الكريمة و للأشقاء و للشقيقات و لتلاميذه و لأصدقائه و لمعارفه . د . علي إبراهيم ( اليونان ) ٣يونيو ٢٠٢٣ .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة