بعد أن فشلت كل المناشدات والمكاتبات المتواصلة التي ظل يطلقها الأطباء عبر لجانهم المركزية والفرعية ونقاباتهم الموازية في الداخل والخارج للفت نظر السلطات وحثها على تحمل مسئولياتها تجاه الوضع الصحي المتردي حد الإنهيار، في كل مستشفيات البلاد العامة، ذهبت جهودهم الصادقة والوطنية أدراج الرياح، فلم تجد إلا التجاهل والإزدراء، بل المضايقات التي تصل حد الفصل من الخدمة، فلجأ الأطباء في العاصمة ومختلف الاقاليم إلى أصعب خيار يمكن أن يتخذه طبيب، وهو سلاح الإضراب الذي يُعتبر ثقافة مدنية متحضرة، وحق قانوني أصيل، كفله لهم الدستور في مواجهة عسف السلطة وتعنتها وغطرستها في التعاطي مع مطالبهم العادلة، والتي هي بالأساس مطالب تتعلق بتحسين بيئة العمل لخدمة المواطن وحقه في الحصول على العلاج الملائم. إن 90% من سواد الشعب السوداني لا يتمتعون بخدمات صحية لائقة تتماشى مع ما يتطلبه الواقع الصحي المتدهور الذي يعاني منه معظم المواطنين من أمراض خطيرة، كالسرطانات والفشل الكلوي، وفايروس الكبد الوبائي، وجائحة الإسهالات المعوية الحادة، والحميات القاتلة، وغيرها من الأمراض الفتاكة، التي يتطلب علاجها مواكبة التطورات العلمية الحديثة، من تدريب وتأهيل وتوفير المعينات الطبية المتطورة وتهيئة البيئة الصحية الملائمة كي يؤدي الطبيب رسالته الإنسانية المقدسة، لأن مهنة الطب تستهدف في جوهرها الإعلاء من شأن الإنسان والسهر على صحته وعافيته، والحفاظ على كرامته التي كفلتها له كل الشرائع لحفظ حقه في الرعاية الطبية المتكاملة. إن التدهور المريع التي تعاني منه مستشفيات القطاع العام لا ينفصل عن التدهور الشامل في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وانهيار مرافق الدولة الواحدة تلو الأخرى، نسبة لغول الفساد الذي أصبح العنوان البارز في فصول كتاب ما يسمى بالمشروع الحضاري الخادع، الذي خصص للقطاع الصحي وبرغم حيويته وأهميته، 1,2% من الدخل القومي، بينما بلغت مخصصات الأمن أكثر من 70%. تليها مخصصات القصر والدستوريين وغيرهم من فاقدي الحس الإنساني. بالرغم من الظروف الصعبة والوضع المزري للمستشفيات الحكومية وفقدانها لأبسط مقومات ومعايير المشافي أسوة برصيفاتها في كل مستشفيات الدنيا، إلا أن الطبيب السوداني ظل يعمل بكل تفان ونكران ذات برا بقسمه بأن يحافظ على صحة الإنسان، ويقدم له كل مساعدة ورعاية طبية ممكنة، فكان جزاءه وفي سياسة ممنهجة تحت سمع وبصر ومباركة السلطة الضرب والتنكيل والتعنيف لكسر شوكته كي لا يطالب بحق من أقسم لحماية حياتهم ورعاية صحتهم. إن التضامن الواسع الذي حظي به الأطباء من مختلف قطاعات الشعب السوداني، يعبر عن التقدير والدور الهام الذي ظل يلعبه الأطباء عبر تاريخهم المهني الطويل دفاعا عن الديمقراطية وزودا عن الحقوق الأساسية للمواطنين. واننا نتطلع أن تتحد حركة التضامن الواسعة، وتتخذ شكلا أكثر تنظيما وفعالية في طريق التحضير للإنتفاضة والعصيان المدني الشامل، حتى إسقاط هذا النظام، المسئول الاول عن كل هذا الدمار، والإنهيار التام للدولة السودانية. التحية والتجلة للطبيب السوداني الذي تصدى لهذه السلطة الغاشمة مطالبا بحق المواطن في الرعاية الصحية المستحقة. والمجد له وهو يسقط كل حقوقه ومطالبه الخاصة، بالرغم من أن وضعه المعيشي قد بلغ مؤشره حد الكفاف في أقصى منحنياته هبوطا. فكلنا اليوم وبمختلف كياناتنا وتجمعاتنا وتنظيماتنا في خندق أطباء السودان الشرفاء، ومعا يدا واحدة حتى تتحقق كل المطالب التي رفعها الأطباء من أجل المواطن السوداني الذي عانى طويلا من عسف هذا النظام الباغي. عاش كفاح الشعب السوداني المجد للأطباء ووقفتهم الشجاعة في وجه الظلم والجبروت الجبهة السودانية للتغيير 06/ أكتوبر/2016
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة