( ليس كرماً من عندي حين وصفتك بالأديب ، فالأدب ليس أنواطا يتفضل بها زعيم أو مرتبة علمية تجود بها هيئة أكاديميين. عندي أنّ كل من أشبع اللغة وهز شجرتها حتى تساقطت رطبا جنيا فهو أديب. وقد قراتك في اليومين المنصرمين وأنت تكتب متداخلا هنا بلغة شديدة الأناقة والفصاحة.)
صدقني..بهرني نظم الدرر الذي قلته عني في هذا البوست..لكني أعترف لك بمنتهى الصدق بأني تملكني الخجل من نفسي حتى تلفت حولي عسى ألا يراني احد وأنا منتفخ بجميل ظنك في شخصي حتى كدت أصدق إنني لكذلك.
أما التماسي العذر للآخرين - ولأصدقائي من الرجال والنساء دائما- فهو أنني عشت بواكير عمري كما تعلم في بادية تسير ركبانها بحسن النوايا في حلها وترحالها. نختصم ونحن صغار في المرعى فيؤتي بنا إلى شجرة (الضرا) ليتم توبيخنا ممن رأوا الشمس قبلنا، فإذابجنوبنا تصفو وتطيب النفوس وإذا بنا - في حلبة الرقص وميدان السمر وكأن شيئا لم يحدث. تشرفت في رحلتي الأخيرة إلى مسقط الخضراء بدعوات كريمة من أسر صديقة ترك أفرادها بصمات حبهم في ذاكرة قلبي. وأذكر أن الصديق الطيب شيقوق -هذا البدوي المعجون بالحب- كان معي في مائدة غداء بمنزل الأخ الكريم الزبير وزوجه الفاضلة السيدة سمية طلحة سليلة نظارة البطاحين. سألني الطيب ما إذا كانت علاقتي بالبادية مجرد زيارات في طفولتي حين كنت بالمدينة. ضحكت .. لآن البادية كانت مدرستي الأولى لعالم الحرية والجمال. ذكرت هذا المثال تأكيدا لحسن ظنك في شخصي من أني أغالي في الحب إلى درجة التماس العذر لخصمي. هذا صحيح..وعودا على بدء فإن المشكلات التي كان يحلها مشايخ وسلاطين ونظار الحلالات والفرقان والقرى في حلسة عشاء جاء حملة الشهادات العلمية - ممن أجادوا لعبة الحكم تحت خوذة العسكر- جاءوا ليهدموا ركيرة التسامح واستعاروا من المستعمر أسوأ ما كان لديه : سياسة فرق..تسد !
لو أننا تعلمنا فضيلة ما جاء في الآية الكريمة: (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) ..لو فقط عقلنا هذه القاعدة لما كان نشبت في هذه الصحيفة الأليكترونية واسعة الإنتشار معارك دون كيشوتية نسمع جعجعتها ولا نرى لها طحنا !! لكن استيعاب مغزى هذه الآية هو في حد ذاته درجة صعب بلوغها..(وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)- صدق الله العظيم. (نتابع)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة