كدي دعونا نحاول نفهم واحدة واحدة ما صدر من (مكتب !!!) السيد (مستشار !!!) رئيس الجمهورية من رد على كلٍ من علي محمود حسنين والصادق المهدي حول قضية المحكمة الجنائية الدولية ...
فما الذي قاله علي حسنين ؟ ... هو قال أن اتفاق أبوجا نص على قبول الحكومة بكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بإنتهاكات حقوق الإنسان في دارفور ...
وقال إن الفقرة الثانية من الإتفاق أشارت إلى القرار رقم (1593) المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية والحكومة وافقت عليه ولكنها الآن تراجعت لتقول إنها لم توافق ...
وما الذي قاله الصادق المهدي ؟ ... هو قال إن الحكومة وافقت على المحكمة الجنائية الدولية بموجب توقيعها على اتفاقية أبوجا ...
هذا ما قاله حسنين والمهدي .. واللذان هما – دوناً عن سياسييّ السودان أجمعين – معروفان بشغفهما العجيب بسلخ جلد الناموسة دعك من اتفاقية في حجم .. ووضوح .. وبساطة .. اتفاقية نيفاشا ...
الآن دعونا نحاول أن نفهم ما يتعارض مع القولين هذين حسبما جاء في رد السيد مستشار الرئيس – عبر (مكتبه الصحفي) – كما هو منشور على الصفحة الأولى بـ(أخبار اليوم) أمس ...
يقول المكتب الصحفي أنه يود أن يؤكد مرة ثانية – نيابة عن المستشار بالطبع – أن هذه التصريحات عارية تماماً من الصحة ...
ويقول مخاطباً الصحيفة: دونكم الاتفاقية من أول بند إلى آخرها ، لم يرد فيها مثل هذا القول إطلاقاً ...
ويقول أنه لم يرد ذكر للقرار (1593) أصلاً في أي بند من بنود الاتفاقية ، وإنما جاء التزام الحكومة بقرارات الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن ذات الصلة بالحال السياسي ...
ويقول أنه لم يأت ذكر لمحكمة الجزاء الدولية في كل الاتفاقية والذي ورد في إعلان المبادئ لحل النزاع السوداني في دارفور هو في الفقرة (3) والتي تنص (إذ نؤكد مجدداً التزامنا بالتنفيذ التام لقرارات مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي ذات الصلة بالحل السياسي) ...
هذا ما قاله – إذاً – المكتب الصحفي لمستشار الرئيس د. مجذوب الخليفة ... وذاك ما قاله كل من علي حسنين والصادق المهدي ...
ولكي نفهم الإشكال بين القولين هذين علينا أن نذكر قولاً ثالثاً لا علاقة له – ولا بصاحبه – بالسياسة ...
إنه قول للعالم الديني الراحل محمد متولي الشعراوي مفاده أن الإيمان بالـ(أصل) يقتضي الإيمان بكل ما هو (متفرع) منه وإلا عدّ رجوعاً إلى نقطة ما قبل البداية ...
يعني أن الإنسان إذا آمن بالله خالقاً لهذا الكون .. ومدبراً لشؤونه .. وفاطراً لسماواته وأرضينه فلا يأتي بعد ذلك (يلكنها !!) .. أي أن يقول : (ونعم بالله ... ولكن !!) ...
والصادق المهدي وعلي حسنين لم يقولا ما قالا إلا من منطلق الفهم هذا استناداً إلى (مصادقة !!) الحكومة الـ(موثقة) على اتفاقية أبوجا ...
أي أن الحكومة ما دامت قد أقرت بوجوب (الالتزام بالتنفيذ التام لقرارات مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي ذات الصلة بالحل السياسي) فهي أقرت تلقائياً بالذي أشار إليه المهدي وحسنين ...
فمجلس الأمن الذي قالت الحكومة – من خلال اتفاقية أبوجا – إنها تلتزم بقراراته هو الذي أصدر القرار (1593) المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية ...
وفي إطار الحل السياسي برضو ...
أما إذا أرادت الحكومة أن (تلكنها !!!) فما هذه بأول (لكنة !!!) لها .. ولن تكون الأخيرة ....
فكم من مواثيق وعهود واتفاقيات صادقت عليها ثم رجعت – حسب مقولة الشعراوي – إلى نقطة ما قبل البداية ... ودونكما حسنين والمهدي ذاتهما ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة