|
Re: تطور المرأة السودانية خلال خمسة آلاف عام (Re: waleed500)
|
تطور المرأة السودانية خلال خمسة آلاف عام «2»
من أقدم العصور حتى العصر الحديث
تأليف :د. فاطمة عبد المحمود
المرأة السودانية في مملكة كوش
نبذة تاريخية:
امتدت حدود المملكة القديمة اثيوبيا من الشلال الأول عند اسوان شمالا إلى أقاصي الحبشة جنوبا ومن بورتسودان ومصوع على البحر الاحمر شرقا الى صحراء ليبيا غربا وهي تشمل بلاد الحبشة (اثيوبيا، اريتريا وجيبوتي الآن) ومعظم بلاد السودان الآن.
وقد عرفت اثيوبيا في الآثار المصرية كما عرفت في التوراة باسم كوش، أما اثيوبيا فهو الاسم الذي أطلقه اليونان على جميع بلاد السود والشديدي السمرة ومعناه الوجه الأسود أو المحرق فهو في إطلاقه يشمل بلاد السودان والحبشة، وأول من سكن هذه البلاد السود وقد اختلف العلماء في أصلهم فمن قال انهم نشأوا في القارة وتشعبوا فيها قبائل ومن قال إنهم هاجروا إليها.
ظهرت أول أخبار لكوش في الآثار المصرية سنة 3703 ق. م - 2500 ق. م في الدولة المصرية السادسة. ولا يعلم شيء يذكر بين الدولة المصرية واثيوبيا الا أيام الدولة الثانية عشر 3064 - 2851 ق. م وفي جزيرة أرقو تماثيل من أيام الدولة المصرية الثانية عشر (2851 - 2398 ق.م).
ومنذ الدولة الرابعة عشر 2398 - 2124 ق.م وحتى الدولة السابعة عشر 2214 - 1600 ق.م فلا يوجد ذكر لاثيوبيا في الآثار المصرية لأن مصر كانت محتلة من قبل الهكسوس وفي الدولة الثامنة عشر 1600 نهاية الدولة العشرين 664 ق.م
وفي عام 1600 ق.م كانت للسود دولة منظمة وكانت لها علاقات مع دولة مصر وكان ملك أثيوبيا قد ساعد المصريين في طرد الهكسوس وإعادة الاستقلال إلى مصر وتظهر أخبار هذا الملك الذي انتظم مع اثيوبيا وكانت عاصمته منذ نشأته مدينة نبتة عند جبل البركل بمروي والذي يعرف في الهيروغليفية بالجبل المقدّس وكانت حدود مملكة نبتة عند الحدود الجنوبية للاقليم المصري عند أسوان وتمتد شمالاً وشرقا وغرباً.
وتوافقت نهاية المملكة المصرية الخامسة والعشرين بنهاية مملكة نبتة 664 حتى قامت في مكانها مملكة مروي فنالت شهرة لم تصلها مملكة نبتة وامتدت من الشلال الأول إلى أعالي النيل الازرق وكانت عاصمتها مدينة مروي على النيل الكبير في مكان يُعرف الآن بالبجراوية على بُعد (23) ميلا شمال شندي. وأول من ذكر مروي في التاريخ هيرودس المؤرخ اليوناني الشهير في القرن الخامس الميلادي.
تأثرت دولة مروي كسابقتها دولة نبتة بالأوضاع الاجتماعية والامنية في الاقليم المصري الواقع الى الشمال منها وأهم حدث فرار أعداد كبيرة من العساكر المصرية إلى مروي في الفترة من 664 - 525 ق. م وكان لهم الأثر الكبير في نقل الحضارة المصرية وشيء من حضارة اليونان لأن معظم هؤلاء العساكر كانوا يحاربون في اليونان.
وعندما احتل الفرس مصر عام 525 ق. م حاول قمبيز ملك الفرس احتلال المناطق الى الجنوب من مصر وجرد حملة كبيرة من العساكر الفرس لاحتلال مملكة مروي وقد أرسل لهم العديد من الجواسيس في شكل رسل وطلب منهم أن يتحققوا من مائدة الشمس التي ذاع خبرها في ذلك الزمان. وكان من عادة المرويين أن يولوا الحكم للأقوياء جسديا «العمالقة»، إلا أن ملك المرويين العملاق كان يمتلك من الفطانة ما يوازي عظمة جسده فعرف عرض الفرس وأخبرهم أن ينصحوا ملكهم بعدم التفكير في الاستيلاء على بلاده وأن يحمد الله الذي لم يجعل المرويين يطمعون في بلاد غيرهم وأخرج لهم قوساً ثم أوترها وقال لهم عندما يوتر الجندي الفارسي هذه القوس عند ذلك يفكر الملك في احتلال بلاده وعليه أن يأتي بجيش كبير يفوق عدد المرويين، وكان المرويون في ذلك الزمن لا يستعملون الذهب في الحلي بل كانوا يصنعون منه أغلالاً يُقيدون بها السجناء المجرمين لان النحاس عندهم أغلى من الذهب وكان أندر المعادن وأثمنها.
وكانت قبور المرويين مصنوعة من البلور على الطريقة الآتية:
يقومون بتجفيف جسم الميت أولاً على طريقة المصريين أو على طريقة أخرى ثم يضعونه في اسطوانة مجوفة من البلور وبذلك يرى الميت ولا تنبعث منه رائحة كريهة، فيحفظ أدنى أقارب الميت هذه الأسطوانة في بيوتهم لمدة سنة ويقدمون لها الذبائح وباكورة كل شيء وفي نهاية السنة يضعونها خارجا في مكان قريب.
ولما قص الجواسيس ما رأوه في بلاد المرويين على قمبيز غضب غضبا شديدا ولم يعمل بنصحهم وأمر جيشه بالتحرك وحاول غزو اثيوبيا، إلا أن جيشه تشتت بالعديد من العوامل منها التنظيمية والطبيعية والفنية والاجتماعية والثقافية فكانت حملة خاسرة من البداية ولكن حماقة قمبيز دفعته إلى نهاية محزنة كان من الممكن ان يتفاداها بقليل من الحكمة لأن جيشه تشتت وهلك على مراحل كل مرحلة كانت كافية للعدول عن المسير وكانت هذه الحملة تمثل البداية الحقيقية في تاريخ استقلال مصر عن الفرس.
لم يدم استقلال مصر طويلاً بعد أن تم للاسكندر وصول فتوحاته الى الهند التفت إلى مصر ومد حدوده حتى (80) ميلاً جنوب الشلال الأول. وكان للاثيوبيين المرويين في ذلك العهد ملك يسيطر عليه الكهنة، فقد كانت السلطة الدينية نافذة على الشعب والملك، وكان من عادة الكهنة في مروي اذا غضبوا على ملك يأمرونه بقتل نفسه بحجة أن ذلك يسر الآلهة وكان الأمر يسحره ويخضع له صاغراً واستمر الحال حتى قام ملك أرخمينس وكان ملكاً قويا ومتثقفا بثقافة اليونان وعلومهم وكان يكره الكهنة ولا يطيق غطرستهم فأرسلوا إليه أمرا بأن يقتل نفسه فهاجه الأمر وحمل عليهم في الهيكل الذهبي الذي كانوا يقيمون فيه وقتلهم عن آخرهم وسن قوانين جديدة لمملكته وحور كثيرا في ديانة الاثيوبيين ومن آثاره الباقية هيكل في دكا المعروفة قديما بسلفيس واستمرت مملكة مروي إلى قيام مملكة النوبة.
ومن ممالك اثيوبيا التي اشتهرت في ذلك العهد مملكة أكسوم في شمال الحبشة وعلى بضعة أميال من علوة مملكة بسوبا على النيل الازرق على بعد (15) ميلا من الخرطوم، وقد ذكر المؤرخون أن بطليموس سار إلى مملكة مروي وفتحها ثم زحف على مملكة أكسوم دون فتوحاته باللغة اليونانية على حجر الرخام بميناء زولا على بُعد عشرين ميلاً من الجنوب من مصوع وهي ميناء أكسوم. ويذكر أن بين مملكة أكسوم وبين الرومان علاقات تجارية ثم كانت النصرانية فاعتنقها اهل أكسوم، في القرن الرابع عرفت البلاد بعد ذلك باسم الحبشة.
أما مملكة سوبا لم يحفظ التاريخ لنا شيئاً من أخبارها إلا أن آثارها باقية الآن تدل على انها كانت على درجة سامية من الحضارة والعمران وبقيت سوبا على الوثنية حتى امتدت لها المسيحية من مصر فأصبحت مملكة نصرانية عُرفت عند مؤرخي الاسلام بمملكة علوة.
قامت مملكة النوبة وكان بينهم وبين البجة وقائع معدودة. وعقد النوبة معاهدات مع الرومان 284 - 323م. وقد كلف الرومان النوبة بحماية الحدود الجنوبية (وكان النوبة وثنيين) ولكن بعد موت الامبراطور الروماني هاجم النوبة مصر واستردوا حقوقهم. ومنذ عام 545 أخذت النصرانية تمتد جنوبا في النوبة عن طريق مصر.
لغة اثيوبيا: أما لغة الآثار فهي اللغة الهيروغليفية وبعض الآثار باللغة الرومانية من زمن البطالسة واللغة القبطية في عهد النصرانية. أما لغات البلاد الأصلية فقد كانت عديدة ولكن الباقي منها الآن اللغة النوبية.
أما الديانة فقد كانت ديانة المصريين. أما حكومات اثيوبيا وشرائعها فقد كانت من النوع المطلق وكانت البلاد مقسمة إلى (45) مملكة أقواها مروي ولكن لم يورد المؤرخون إذا كانت هذه الممالك مستقلة أم تحت حكم واحد ويفهم مما كتبه الصقلي أن ممالك اثيوبيا كانت اتحادية وملوكها ينتخبون من الكهنة ويؤلهون بعد ذلك لذلك كان حكمهم من النوع المطلق.
اما عادات الاثيوبيين القدماء فقد ذكر المؤرخون أنها متأصلة في أخلاق السودانيين الآن على بعد العهد وتغيّر الأحوال، فقد وصفوا بحب الحرب والشجاعة واشتهر بعضهم بالكرم والوداعة والصفح عن الزلات وكان أعظم العيوب الهروب من القصاص
|
|
|
|
|
|