إيـلاف : أخطـر وثيقـة عـن علاقـة الصـادق المـهدي بإنقـلاب مـايو

Quote: وأضاف د• حيدر بأن النقطة الثالثة هي ان الصادق المهدي ورغم انه يمكن ان تكون له توجهات ليبرالية مثلما هو الحال لدى كل السودانيين، ربما كانت لديه على وجه الخصوص قناعة نابعة من الدروس التي اعطتها له التجربة الديمقراطية في السودان، من حيث انها ظلت تفتقر إلى الاجماع الذي يمثل الخطوة الاولى نحو تكوين امة سودانية• وبالطبع فإن هناك من يشيرون إلى الاستقلال الوطني في هذا الاطار، ولكن السؤال هو هل لدى السودانيين قدرة على الاجماع على قرارات يبنى عليها توجه قومي شامل وقابل للاستمرار؟ وذلك لان الاجتماع القومي الذي ادى إلى الاستقلال لم يدم اكثر من ثلاثة اسابيع فقط، فقبل الاستقلال كان هناك انقسام، وبعد الاستقلال مباشرة ظهرت الخلافات والانقسامات، وجاءت الدعوة إلى حكومة قومية، وبالتالي فإن قدرة السودانيين على اتخاذ قرارات قومية عن طريق الاجماع عليها، تظل مسألة خاضعة للنظر• واعتقد ان الصادق المهدي لديه قناعة في هذا الجانب، رغم ان له مصلحة في نظام انتخابات يقوم على صوت واحد لشخص واحد، لان قاعدة الانصار تجعله من اكثر المستفيدين من مثل ذلك النظام، حيث يبدو أن الصادق كان قد وصل إلى قناعة بأن النظام القائم على التعدد الحزبي، انما قد يكون من شأنه ان يعمق الانقسام السائد لدى الشعب السوداني• ومن هناك فربما يكون هذا هو الذي جعل الصادق المهدي يرى ان السودان بحاجة إلى حزب قومي يجمع كل الامة• وقد كانت هذه هي احد مبرراته عندما قبل المصالحة في وقت لاحق مع نظام جعفر نميري، ودخل الاتحاد الاشتراكي في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، حيث وجد نفسه في منطقة الحزب الواحد• ولهذا ايضا فقد كان الصادق المهدي يرى انه يمكن التعامل مع النظام الانقلابي الحالي كأمر واقع، إلى ان يتم التخلص منه او تطويره، طالما ثبت انه لم تكن هناك قوة خارجية او جهة اجنبية تقف وراءه، فالصادق المهدي رجل ديمقراطي، ولكن لديه دائماً مشكلة تتمثل في سعيه إلى الحصول على اجماع قومي• ولهذا فقد ظل يسعى إلى الحصول على تفويض خلال فترات الحكم الديمقراطي• والمذكرة أو الوثيقة السرية التي نشرتها >إيلاف< الاسبوع الماضي كما كتبها الصادق المهدي في عام 1969م، يمكن قراءتها في هذا الاطار، اكثر من وصفها بأنها دلالة على ان الصادق المهدي ديكتاتوري او متآمر، حيث يبدو أن ذلك كان هو تقدير الصادق المهدي قبل حوالي اربعين سنة، عندما قرر او سعى إلى ان يتعامل مع جعفر نميري بعد انقلاب مايو 1969م، فقد كان على ما يبدو يرى حجم المشكلة هكذا، وبالتالي يمكن فهمه• وانا لا ابحث عن اعذار للصادق المهدي، لكني أرى انه ظل يحاول دائما ان يبادر، وان يكون مجددا ويغامر، ويحاول التفكير بطريقة جديدة، غير ان مشكلته هي انه يقوم بذلك في اطار فردي، عوضا عن أن يفكر سويا وبصورة جماعية مع غيره من الناس وسط حزبه وخارجه• وقد كانت هذه هي أكبر الاخطاء التي وقع فيها