|
Re: صدرت اليوم الاربعاء صفحة ظلال التبلدي من جريدة الخرطوم حافلة بالكثير من المواضيع والاخبار (Re: ghariba)
|
Quote: الأبيض التي عرفت ....
مدينة الأبيض من المدن التي ما حلً بها إنسان إلا وخلدت في دواخله ، وما استقر بها آخر إلا وأثرت فيه من كل النواحي السياسية والثقافية والاجتماعية. وهي المدينة التي لا تعرف الجهويات ولا القبيلة يكفي انك من الأبيض. وما مرً بها مهاجرا إلا واتخذها مستقرا ومقاما، وإنني دائما احمد الله على إنني من مدينة الأبيض أو بالأصح من ريفي الأبيض منطقة خور طقت. ذرتها هذا العام في إجازتي السنوية في رحلة جميلة بدأت من الخرطوم المزدحمة بسكانها وسياراتها وعمرانها غير المنظم حيث تجد العمارة الشاهقة جاور بيت مبني من الطين يكشف ما بداخل العمارة خبايا منزل جاره المسكين لأن ليس للمساكين حقوق في بلدي والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (مازال جبريل يوصني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه). عند وصولنا إلى مدينة الأبيض تذكرت قول الشاعر: وطني قد لقيتك بعد يأس كأني قد لقيت بك الشبابا لأنك ما أن تضع قدمك في أرض الأبيض حتى يقابلك الناس ببشاشة وفرح وطبيعتهم المعروفة غير المتكلفة ما أحلاهم وما أروعهم. مدينة الأبيض تأثرت كغيرها من المدن السودانية بحركة العمران وازدياد عدد السكان نتيجة للهجرة من الريف إلى المدينة والنزوح بسبب ما يحدث في دار فور الحبيبة. لكن هذه الهجرة لم تؤثر في سلوك المواطنين لأن الأبيض مدينة كل أهل السودان وهي المدينة الوحيدة التي لا يعرف فيها الجار من أي قبيلة جاره، وكلهم يتزاوجون ويمدوا يد العون لبعض بلا من ولا أذى وأكاد أجزم أن كل سكان الأبيض يتعارفون، إنها مدرسة تعلم ساكنها وزائرها أدب المعاملة وحسن الضيافة والكرم والتعاون والنظافة وقبول الآخر الذي ينادي به السياسيون الآن فليذهبوا إلى الأبيض ليتعلموا ذلك ومن يشك في قولي فليسأل بعثة الأمم المتحدة الموجودة بالأبيض. بعد ذلك توجهت لزيارة أهلي في قرية عقيلة في ريفي خور طقت وحالهم يغني عن السؤال ، رجال صابرون صامدون على الرغم من جور الزمان عليهم وتجاهل الحكومات المتعاقبة عليهم (يا شعبي كم عانيت من ظلم الطغاة طويلا) يستقبلونك ببشاشة ويكرمونك بما عندهم وبما ليس عندهم ويصدق فيهم قول الشاعر: أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله ويخصب عندي والمكان جديب. نعم المكان جديب بفعل العوامل الطبيعية لكن قلوبهم وصدورهم خصبة، لهم يقين لا يعرفون الشكوى الذليلة والبكاء وضراعة الأطفال والضعفاء، تحسبهم أغنياء من التعفف. من يصدق أن قرية تبعد من عاصمة الولاية اقل من عشرين كيلو مترا ليس بها مصدر مياه أو شفخانة علاج؟ أو مدرسة؟ ثم توجهت إلى خور طقت الثانوية التي أصبحت جامعة كردفان وعند بوابتها سألت نفسي هل عرفت الدهر بعد توهم؟ وتمنيت أن يتقدم السودان للخلف لأننا عشنا ماضي خور طقت الجميل ومؤشر حاضر الجامعات ينبئ بمستقبل غير مشرق للتعليم في السودان. وعدت إلى مدينة الأبيض لمشاهدة مباراة في كرة القدم بإستاد الأبيض الذي كان يمتلئ بالمشاهدين وظرفاء المدينة وأصبح الآن يدخله فقط أعضاء الاتحاد والجهاز الفني للفريقين المتباريين، لقد دخلت هذا الإستاد قبل عشرة أعوام ولم تحدث به أي إضافات أو تحديث لأن المباني الحكومية نادرا ما تصان أو تحدث وذلك لان القائمين على أمرها لا يعرفوا أن المباني تتعرض للاستهلاك وان لها عمر افتراضي، عكس مباني الشركات والمباني الخاصة بالأفراد فهي في صورة جميلة تسر الناظرين، لكن في إستاد الأبيض تحولت النجيلة للون الأصفر وهو مرحلة متقدمة عن اللون الأخضر واعتقد أن هذا هو التطور الذي حدث و الحديث عن الأبيض وأهلها وريفي الأبيض لا يمكن أن يكون في مقال أو حتى كتاب وليس هناك اصدق من قول ايليا أبو ماضي: خذ من الأبيض وأهليها لكن تعلم قليلا كيف تعطيها
محمود احمد إبراهيم – جدة
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|