|
هل تدخل البلاد مستنقع العمل العسكري واسع النطاق؟! { الميدان عدد ديسمبر2006 }
|
هل تدخل البلاد مستنقع العمل العسكري واسع النطاق ؟!
فتحت أحداث ملكال والفاشر وقبلهما الخرطوم الباب واسعاً، وتركته مشرعاً أمام انتقال ما يمكن أن يطلق عليه مجازاً (الانفلاتات الامنية) إلى دوائر جديدة في مآلات الصراع المسلح في السودان. وها هي البلاد تدخل مراحل جديدة يمكن أن نسميها بلا أدنى شكوك أو مواربة (العمل العسكري واسع النطاق). وبهذا تدخل المدن أجواء ومناخات استشراء مظاهر ونتائج ثقافة الحرب والعنف والعنف المضاد.
يجيء هذا وذاك كنتيجة حتمية للتقاعس المفضوح عن مواصلة المسير في عملية تحقيق اتفاقات السلام، وتنزيلها من الورق والأماني إلى أرض الواقع، بتعقيداته المعروفة. فثنائية الاتفاقات بدلاً عن امتلاكها للجميع مسألة في غاية الأهمية، ظللنا مع غيرنا من المعارضين لتحويل عملية السلام إلى صفقات بين متحاربين، بعيداً عن الشعب، نحذر منها، ولسنا هنا في معرض القائلين: "لقد أثبت الواقع والتاريخ صدق ما كنا نقوله"، فالمهم عندنا تغيير الواقع وليس وصفه فقط، والتحول الحقيقي من ثقافة الحرب والعنف إلى رحاب السلام المستدام. وهذا لن يتأتى مع استمرار سياسة بقاء السلاح في أيدي المليشيات في جنوب البلاد وغربها، بل وحتى في العاصمة. فهذا التسليح بترسانته الكبيرة سيعيق، لا محالة، عملية السلام، ولن يقود البلاد إلا إلى الاقتتال والحرب مجدداً.
لن نتردد في تحميل الحكومة مسؤولية هذه الانفلاتات، ومسؤولية انتشار السلاح خارج نطاق مواعينه المعروفة عالمياً ودولياً. وفي ذات الوقت لن نتردد – أيضاً – في تحميل شركاء الحكومة جزءاً من المسؤولية في ترك السلاح في أيدي عناصرها "تحسباً للمستقبل!". هذا وذاك أسلوب ومنهج لم يخرج من ثقافة الحرب إلى السلام الحقيقي، والعمل لتعزيزه وتمكينه.
إن مسار السلام وتنفيذ اتفاقياته، ما زال ينقصه الإرادة السياسية الجادة لتنفيذ الاتفاقات ووقف العدائيات والتحول الديمقراطي. ولن تجد الحكومة ولا الأطراف التي وقعت معها اتفاقيات السلام سوى طريق واحد يقود للأمام، وهو حل المليشيات ونزع أسلحتها، بمثلما أجمعت على ذلك الاتفاقات.
شعبنا بجماهيره الحية، وكل قواه السياسية المخلصة لمبادئ السلام والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، مطالبون – جميعاً – بممارسة الضغط والمطالبة بالتحقيق الفوري في كل ما وقع من انفلاتات أمنية، وتقديم المسؤولين عنها للعدالة، والتعويض العادل لضحايا تلك الأحداث، وهذا وحده يقفل الطريق أمام تكرار هذه المآسي. ولن يتحقق ذلك ما لم يتم الالتزام الحقيقي بكل ما ورد في اتفاقات السلام ووقف العدائيات، ليصبح ذلك مدخلاً لتخليص البلاد من مآلات استمرارية العمل العسكري واسع النطاق الذي سيفتح البلاد لعنف جديد، يصعب معالجته بالمسكن والمهدئات
|
|
|
|
|
|