25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-24-2024, 07:07 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-28-2006, 10:12 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم (Re: بكري الصايغ)

    06-01-2006, 06:49 م

    محمد طه محمد احمد



    عيد الميلاد السبعين للصادق المهدي 1

    بسم الله الرحمن الرحيم
    عيد الميلاد السبعين للصادق المهدي القطار يستريح في محطة التسامح (1)
    الامام الصديق لا يريد أن يلقى الله ويده ملطخة بدماء المسلمين
    تفكيك المليشيا في إرتريا أعظم انجاز لزعيم الأنصار
    بدأ وانتهى الاحتفال الذي نظمته اللجنة القومية بمناسبة عيد ميلاد السيد الصادق المهدي بصورة محببة .. أن الاحتفال أكد لمن يحتاج إلى توكيد تمسك أهل السودان بقيم الخير والحق والعدل وفي مقدمة هذه القيم ( حفظ الجميل ) .
    نعم ها هم أهل السودان يؤكدون حفظ الجميل لقادتهم ولا خير في وطن ينكر الجميل أن بعض الناس يختلفون مع السيد الصادق المهدي وينتقدونه حينما كان رئيساً للحكومة وحينما قاد المعارضة ضد الرئيس نميري ثم ضد الرئيس البشير ولكن رغم هذا النقد فإن كل الناس يتفقون على أن السيد الصادق المهدي زعيم متسامح ويكره العنف ويرفض سفك الدماء وازهاق الأرواح وهذا يكفي .
    أن السودانيين يحتاجون اليوم أكثر من أي وقت مضى لترسيخ قيم التسامح وقد فعل بهم الصراع الأفاعيل وهم يتقاتلون منذ عام 1955م رغم عبارة الزعيم اسماعيل الأزهري رافع علم الحرية .
    أن الأزهري قال ( أتينا لكم بالاستقلال مثل الصحن الصيني لا فيهو شق ولا طق ) ولكن الصحن امتلأ بالدم .
    أن الصراع انفجر عنيفاً في أغسطس 1955م في توريت واستمر حتى توقيع اتفاق نيفاشا ثم انتقل إلى ( السودان الشمالي ) في غرب البلاد .
    إذاً فإن البلاد تحتاج إلى قيادات سياسية تعلي رايات التسامح وترسيخ الحب إن السيد الصادق المهدي في كلمته صباح الاحتفال بعيد ميلاده السبعين انتقد بعض محطات مسيرته السياسية وركز على المصالحة مع نميري في 7 / 7 / 1977م وقال أن الرئيس السابق لم يلتزم بما تم التعاهد عليه وحول المكتب السياسي إلى مؤسسة تتلقى الأوامر بدلاً من أن تصنع السياسات وضرب السيد الصادق المهدي المثل بمسارعة المشير نميري إلى تأييد اتفاقية كامب ديفد التي أخرجت مصر من المعركة وفتحت المجال أمام عربدة إسرائيل في المنطقة .
    أي أن الشورى لم تجد حظاً في بعد المصالحة ولهذا فقد نفض السيد الصادق يده وعاد إلى المعارضة ولكن رغم هذا فإن المصالحة 1977 حقنت الدماء وكان الصراع قبلها قد اشتعل عنيفاً في مارس 1970 وفيه حشدت السلطة قواتها وحشدت أحزاب الجبهة الوطنية مليشياتها وفي الصراع تم اطلاق الرصاص على الإمام الهادي المهدي زعيم الأنصار وتم إطلاق الرصاص على الدكتور محمد صالح عمر زعيم الحركة الإسلامية ثم استمر الصراع حتى 2 يوليو 1976 حيث استطاعت مليشيات الجبهة الوطنية المكونة من حزب الأمة والحركة الإسلامية والاتحادي الديمقراطي استطاعت غزو الخرطوم وسقط منها قتلى واسقطت قتلى من النظام الحاكم .
    إذا وبعدكل هذا الصراع فإن المصالحة حقنت الدماء ولخص الصادق المهدي في كلمته في مطار الخرطوم بعد عودته لخص الأمر ببيت من الشعر يقول :
    إذا احتربت يوماً فسالت دماؤها *** تذكرت القربى وفاضت دموعها
    المهم التسامح يميز السيد الصادق المهدي وهذا ما فعله في عهد الإنقاذ حينما قبل الاجتماع مع الرئيس البشير في جيبوتي ووقعا اتفاق نداء الوطن الذي رعاه الرئيس اسماعيل عمر قيلي .
    أن اتفاق نداء الوطن سبق اتفاقية نيفاشا وسبق اتفاق جدة والقاهرة وكان من الممكن أن يستمر حزب الأمة بمليشياته خارج البلاد يتلقى الدعم الخارجي ويقدم التنازلات للقوى الأجنبية ولكنه لم يفعل .
    صحيح إن خلافات نشبت بين احزاب التجمع وحزب الأمة ولكن هذه الخلافات كانت أقل من الخلافات بين حزب الأمة والسلطة أن الصادق المهدي قال وهو يخاطب الجماهير التي احتشدت لتحتفل بعيد ميلاده السبعين ( النظم الاستبدادية الحقت بنا ظلماً فادحاً وهذا ما جعلنا نتعامل مع دول أجنبية ضدهم وفي مذكرتي لعام 1998 وبعد أن علمت حجم تعاوننا مع جهات غير سودانية أسفت كثيراً ودونت الأسف وقلت لو كنت أعلم أن الأمر سيبلغ هذا الحد لما أقدمت عليه ) .
    أن السيد الصادق المهدي كان داخل البلاد وكان العمل السياسي والعسكري في الخارج بين مساعده عمر نور الدائم وإبنه عبد الرحمن الصادق ومن الواضح أن طبيعة الصراع قد جعلت المعارضة تسرف في الاقتراب من القوى الخارجية ولكن ما يميز السيد الصادق المهدي أنه أوقف الاندفاع وعاد إلى الوطن لينهي الصراع الدامي ويبدأ الحل السلمي الديمقراطي أنها محطة مهمة من محطات التسامح وحقن الدماء وإلا فكان من الممكن أن تظل مليشيات حزب الأمة حتى الآن موجودة في إرتريا ويظل الصادق نفسه خارج البلاد ويقول أنا رئيس الوزراء السابق ومن حقي أن أعود إلى السلطة باية وسيلة كانت .
    ولو فعل لاستمر الصراع حتى اليوم أن ميراث آل المهدي في التسامح يبقى كبيراً ومن قبل رفض الامام الصديق المهدي أن يصادم نظام الفريق إبراهيم عبود بمليشيات الأنصار وقال لمن حرضوه ( لا يمكن أن ألقى الله ويدي ملطخة بدماء المسلمين ) .



    بسم الله الرحمن الرحيم
    عيد الميلاد السبعين للصادق المهدي القطار يستريح في محطة التسامح

    ( 2 )

    يا هند هل لك في شيخ أبداً وقد يكون شباب غير فتيان
    هل صحيح أن زعيم حزب الأمة فقد الحكم لأنه يجامل الجميع ؟
    ما من زعيم سياسي يستدل بالأدب والشعر والأمثال مثلما يفعل السيد الصادق المهدي ولهذا فإن أحاديثه السياسية كانت دائماً تجد من ينتبه إليها أن المورد العذب كثير الزحام .
    حينما كانت حكومة مايو التي يقودها الرئيس المشير نميري تماطل في تنفيذ الإصلاحات التي اتفق الصادق المهدي والنميري عليها بعد مصالحة 7 / 7 / 1977 م فإن الصادق كان يلخص الهروب من تنفيذ الإصلاحات ببيت من الشعر قال شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة
    كلما قلت متى موعدنا *** ضحكت هند وقالت بعد غد
    ونفس هذا البيت الشعري كان يردده الصادق حينما ماطل التجمع في تنفيذ اصلاحات فإضطر حزب الأمة للخروج منه .
    وفي كلمة في الاحتفال بعيد ميلاده السبعين استدل الصادق بشعر محمد سعيد العباسي وشعر اليشكري وشعر ابن الأطنابة وقال :
    الإنسان لديه ثلاثة أعمار . عمره الاحصائي المعدود منذ يوم ولادته وعمره الفسيولوجي الذي يتوقف على صحته وأسلوب حياته ، وعمره النفساني الذي يعتمد على حالته النفسية . نعم كل عمر إلى نهاية ( ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً ) أسلوب الحياة الصحيح يؤخر ولا يلغي الشيخوخة وكذلك الحالة النفسية . الناس عادة يقولون : العقل السليم في الجسم السليم . لكنني قلبت هذه المقولة ، الصحيح أن نقول : الجسم السليم في العقل السليم لأن العقل السليم هو الذي يصوغ ويصور ويحقق الجسم السليم باختياره اسلوب الحياة الصحيح .
    أمام تقدم العمر نجد اختلافاً كبيراًفشاعرنا الفحل الشيخ محمد سعيد العباسي نعى نفسه إلى سبعينه .
    سبعون قصرت الخطى وتركنني *** أمشي الهويني ضائعاً متعثرا
    وقد كنت مثل الليث أطأ الثرى *** تيهاً واستهوي الحسان تبخترا
    ولكن غيره وصف حالاً مختلفاً قال شعرهم :
    يا هند هل لك في شيخ فتى أبداً *** وقد يكون شباب غير فتيان !
    وقال العراقي :
    عمري إلى السبعين يركض مسرعاً *** والروح باقية على العشرين !
    وحول اليشكري تقدمه في العمر لصفات ايجابية :
    كيف يرجون ساقطي بعدما *** جلل الرأس بياض وصلع ؟
    فكرت ملياً كيف اعنون وقفتني على عتبة السبعين وتزاحمت على الخواطر ، وتأملت حياتي حتى الآن فوجدت أنني في الحقيقة كنت مرشحاً بمولدي لحياة ناعمة هنيئة يرفدها الحسب والارث . وربما كان هذا ممكناً لولا التقلبات الانقلابية ولولا التصدي للسلطات الذي أقامه الانقلابيون لا سيما وقد عرض علينا جميعاً التعاون معهم ومشاركتهم والاستمتاع بالخطوة معهم . ولكن التمسك بمواقف مضادة لهم انحيازاً لمبادئ معينة جعلهم يسلقوننا بالسنة حداد ويبطشون بنا ويغرون أهلنا ضدنا بكل وسائل الترغيب والترهيب . فكرت ملياً في هذه الحالة وتذكرت كيف أن النفس كانت أحياناً تميل للمساومة ولكنه ميل لم يدم .
    بعض زملائي وبعد كذا شهر من الحبس كان يقول لي انك يابس أكثر مما يلزم ولا بد للسياسة من قدر من المرونة . والمدهش أن نفس هؤلاء يقولون في مجال آخر : الصادق متردد ولا يتخذ القرار إنه يريد ارضاء الجميع وهذا مستحيل ! رميت بالعناد واللين في آن واحد ! .
    الحقيقة هي أنني بسرعة وبعد دراسة اتخذ القرار في كل أمر يطرأ علي ، بل تجدني أن أردت جاهزاً بقرار محدد في آية مشكلة داخلية أو خارجية ، ولكنني مهما كنت حاسماً في قراري وموفقاً من صحته أترك حتماً مساحة للرأي الآخر حتى في أخص خصوصياتي . وأرى يقيناً أن هذا اللين أو التدبر في اتخاذ القرار بما يوسع المشاركة هو سياسة النبوة ( ما خاب من استشار ) ( فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) ( خذ العفو وامر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين ) أما أمام ظلم الظلمة وفي وجه السلطان الجائر فالعناد هو الفضيلة . أعاند لأحمي مبدأ المشاركة في اتخاذ القرار وفي سبيل ذلك العناد أدفع الثمن اعتثالات ومصادرات واهانات ومؤامرات تحاك ضدي مع الأباعد والأقارب . وبينما جالت في خاطري هذه الحياة التي انقلبت بارادتي من النعومة إلى الخشونة خطرت ببالي أبيات ابن الأطنابة :
    أبت لي همتي وأبى بلائي *** وأخذي الحمد بالثمن الربيح
    واقحامي على المكروه نفسي *** وضربي هامة البطل المشيح
    وقولي كلما جشأت وجاشت *** مكانت تحمدي أو تستريحي
    لا دفع عن مآثر صالحات *** وأحمي بعد عن عرض صحيح
    فاخترت عبارة ( مكانك تحمدي أو تستريحي ) عنواناً .
    نعم للحرص على اتخاذ القرار ولكن ينبغي أن تسبقه دراسة وتصحبه مساحة للرأي الآخر . لقد شقيت بلادنا كثيراً بالتطلع للقرارات الفوقية الحاسمة لاسيما عندما صحبتها فكرة تعميد جيل جديد من القيادات . لقد شقيت بلادنا كثيراً في عهدي مايو والانقاذ بسبب شعارين هما تجديد دماء القيادة وسرعة اتخاذ القرار تجديد الدماء عن طريق تواصل الأجيال ضرورة أما طريقة النظام المايوي ونظام الإنقاذ في تجديد الدماء والحسم في اتخاذ القرار فقد سبب لبلادنا ما لا حد له من الدمار .
    أبنائي وبناتي في مكتبي رأوا أن أكتب بمساعدتهم مذكراتي منت في الماضي أرفض هذه الفكرة باعتبار أنني أوثق الأحداث الهامة في كتبي ولا أؤيد فكرة المذكرات لتمجيد الذات ، ولكن في النهاية اقتنعت بأن هناك بعض الدروس المستفادة من تجاربي المختلفة وبعض التفاصيل الهامة لا يغطيها نوع التابة الذي مارسته ، وتفلح المذكرات في نقل تلك التجارب والدروس المستخلصة منها للأجيال الناشئة القادمة ، فوافقت أخيراً على فكرتهم فحضروا ما عليهم ، وخططوا لإقامة حلقات سردية ممتدة في محاور ثمانية على أن تكتمل المذكرات وتنشر بمناسبة بلوغي السبعين ، ولكنني لم استطع تكملة الجزء الخاص بي ، واتفقنا أن نرجئها إلى عام آخر ، ولكنني في هذا المحور سوف أتناول عشر محطات في حياتي وسيأتي يوم إن شاء الله أكتب فيه مذكرات كاملة وموثقة فحياتي رغم مطاردة أجهزة الأمن لاخفاء أوراقي من بطشهم وضياع بعضها وبعض أنفس الكتب بسبب تلك المطاردة موثقة بصورة شبه كاملة ولا أخالني أذكر حقيقة هامة دون دعمها بوثيقة واضحة .
    الطفولة : مع أن جدي الامام عبد الرحمن كان منذ الثلاثينات من أثرى أثرياء السودان فإنه تعامل مع المال الذي جمعه كقوة اجتماعية ، شيد به كياناً دينياً قوياً وكياناً سياسياً جامعاً ، ودعم به الأنشطة الأهلية في كل المجالات : بناء المساجد والمعاهد والمدارس ودعم التعليم الأهلي وبناء المستشفيات ورعاية الأنشطة الدينية والأدبية والفنية وممارسة الدبلوماسية الشعبية في تكريم كل الوافدين إلى الوطن .
    ومد اليد السخية للكافة ، مع ذلك كنا نحن أسرته الخاصة حتى الخمسينات نعيش كأواسط الناس ، وكانت طفولتي منقسمة ما بين أمدرمان حيث كنا نسكن حي العباسية ، والجزيرة أبا حيث كان يعمل والدي .. أهم ما في هذه المرحلة ثلاثة أمور الأول عاديتها من الناحية المادية ، وحريتها إذ كان لنا مجتمعنا الخاص بالأطفال شبه المستقل عن مجتمع الكبار والثالث أنني منذ نعومة أظفاري بدات اسمع عبارات أكبر من سني عبارات مثل ما قاله الامام عبد الرحمن لوالدتي وأنا دون العاشرة ( يا رحمة ولدك هذا هو الذي سوف يسد فرقتي ) وبكت أمي قائلة ( يا سيدي فرقتك أن شاء الله ما نشوفها ولو بسفر طويل ) فقال لها هذا شئ لا بد منه ، ولدي اصابتي بالتهاب السحائي جاء الامام عبد الرحمن ومسك رأسي وكانت حياتي في خطر وردد دعوات ثم قال اللهم أن وعدك الحق أنت لا تخلف الميعاد ما قالته السيدة أم سلمة جدتي لأمي يا رحمة ولدك هذا سيكون له شأن عظيم فقد رأيته في المنام يخاطب جمعاً كبيراً ثم قال ( وأذن في الناس بالجح يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) .
    التعليم : كان تعلمي عادياً في البداية في الخلوة وفي كتاب الأحفاد في أمدرمان وفي كتاب الجزيرة أبا ولكن بعد ذلك حدثت طفرة بدخولي كلية كمبوني في الخرطوم ثم كلية فكتوريا في الاسكندرية كان هذا المعهدان أجنبيين وكان مناخ كمبوني تبشيرياً وان كانت الإدارة ملتزمة بعدم استغلال التعليم للتبشير المباشر . أما كلية فكتوريا فكانت تتعمد التبشير الثقافي الأنجلوفوني لدرجة لم أجدها محتملة فتمردت على التعليم فيها وقاطعت التعليم الحديث كله لفترة عامين متتلمذاً للشيخ الطيب السراج ، ثم عدت للتعليم الحديث في جامعة الخرطوم لمدة عام ونصف ردتني عن التعليم المضاد للحداثة وغير النظامي وألحقتني بالتيار التعليمي العادي وعرضتني بقوة لتيارات الفكر والسياسة التي سادت الأوساط الطالبية في أوائل الخمسينات ثم تحولت لجامعة أكسفورد ضمن ظروف قصصتها في مجال آخر وربما كان فيها تخطيط غير مرئي في وقته .. فقد كنت منذ عام 1948 قد التلقيت السيد جراهام توماس صديق جدي وأحد أعضاء الإدارة البريطانية في السودان بمناسبة عيادته في مرضه نيابة عن جدي الامام عبد الرحمن وتسليمه هدية عبارة عن ( أبجورة ) صناعة سودانية . وكان السيد جراهام شخصية واعية ومرحة فدخل معي في نقاش سياسي وديني طويل وبعد ذلك كما روى لي بعد حين كتب للسكرتير الإداري السير جيمس روبرتسون يقول له اني التقي طفلاً هو شخصي سوف يكون قيادة للسودان في المستقبل . وفي عام 1953 انقطع تعليمي في كلية الخرطوم الجامعية وهئ لي خيار بديل لم يكن في حسباني هو التوجه للتعليم في جامعة أكسفورد ببريطانيا كانت تلك مرحلة مهمة تناولتها بالتفصيل في مقام آخر . ولكن أهم ما فيها أن المؤثرات والنشاط اللاصفي الذي اشتركت فيه في تلك الفترة في اكسفورد نفسها وفي لندن لى عضويتي في اللجنة التنفيذية للطلاب السودانيين في المملكة المتحدة ورئاسته في لندن كانت أهم كثيراً من التعليم الصفي الذي نلته .
    بسم الله الرحمن الرحيم

    عيد الميلاد السبعين للصادق المهدي القطار يستريح في محطة التسامح ( 3 )

    القلادة الذهبية هدية أم المؤمنين الأولى لابنتها يوم الزفاف
    من كلمات رباح وغناء الأحفاد يهزم الفن أحزان الزمن
    كان الفن أكثر تعبيراً عن المشاعر من سائر اللقطات السياسية في احتفالات العيد السبعين للامام الصادق المهدي .
    أن الفن بطبيعته هو دليل الاخضرار والخصب بينما يكسو الجفاف وجه السياسة ان الفنان سيف الجامعة غنى في عيد الميلاد نشيد العلم بعد أن أدخل إليه اضافات محببة تتفوق على ابداعه في تقديم نشيد الشاعر سيد أحمد الحردلو :
    طبل العز ضرب
    يا السرة قومي خلاص
    والبنوت زغاريدن
    تجيب الطاش
    والخيل عركسن ما بين طبول ونحاس
    طبل العز ضرب والخيل تقابل الخيل
    من أرض الجنوب لي عطبرة وتوتيل
    شد جناحو تاني وقام جميل بلحيل
    وشاركت فرقة جنوبية في الاحتفال ودقت طبول السلام . وغنى الفنان الجقر قصيدة ( أنا أمدرمان ) بحماس اندفاع أبطال الأنصار في معركة عطبرة وكرري وأمدبيكرات . وغنت الفنانة فيحاء محمد علي نشيد ( صه يا كنار وضع يمينك في يدي ) وقدم الشاعر محمد طه القدال قصيدة وطنية وأبدع كورال الأحفاد وقدم نبيل حسن ساتي عملاً درامياً عن بطولات كرري وكيف تحدى سيف الجهاد مدافع الصليبيين .
    وكانت أعظم اللقطات في الاحتفال حينما صعد عشرون من أحفاد وحفيدات الصادق المهدي وهم في عمر الأزاهير ورددوا نشيد أبدعته الأستاذة رباح الصادق المهدي أن النشيد لو لم فيه إلا :
    عيدك عيد الكل يا أبونا
    وانت أبو التلتين مليون
    انت الرافع راية دينا
    وانت على الخيرات مأمون
    نعم تكفي هذه الأبيات
    نعم لو لم تكن في النشيد إلا هذه الأبيات فهي تكفي للتعبير عن المشاعر الخضراء أن الأبناء والأحفاد هم العزاء حينما تكفهر الدنيا وتكشر بأنيابها المخيفة . أن جفاف الصراع السياسي جعل السيد الصادق المهدي يغادر البلاد في غافلة عسكرية يقودها إبنه عبد الرحمن وكانت المغادرة يوم زفاف ابنته رباح . أنها صاحبة النشيد .
    أن افراح كل الآباء تبقى أعظم ما تكون يوم زفاف بناتهم ولكن الصادق لم يجد فرصة يضلل بها السلطة الحاكمة وهي تحكم عليه الحصار لم يجد فرصة مناسبة إلا مناسبة زفاف ابنته رباح صاحبة النشيد الذي اشترك أطفالها في ترديده باصوات العصافير .
    ( أبونا الصادق انت أب الـ 30 مليون )
    أن الموقف الذي حرك مشاعر الرسول عليه الصلاة السلام بعد انتصاره في معركة بدر الكبرى هو أنه استقبل رسولاً من مكة أرسلته ابنته زينب وكانت متزوجة من العاص بن الربيع وهو على دين قريش الكافرة .
    أن العاص وقع أسيراً في يد المسلمين في معركة بدر .
    أن زينب أرسلت قلادة ذهبية كانت قد أهدتها لها أمها وأم المؤمنين خديجة بنت خويلد يوم زفافها .
    أن القلادة هي ثمن ثمن فداء زينب لزوجها ليتم اطلاق سراحه . ونظر المصطفى الحبيب إلى القلادة الذعبية ودمعت عيناه الشريفتان أنها تمثل له ذكرى عزيزة ذكرى زواج زينب وذكرى خديجة أم المؤمنين وقال المصطفى الحبيب لأصحابه ( لو أردتم فكوا لها أسيرها وردوا عليها قلادتها ) .
    أن الرسول القائد لم يأمر أصحابه ولكن ترك لهم الخيار وحينما عاد العاص بن الربيع إلى مكة أعلن اسلامه ورجع إلى المدينة مهاجراً .
    وحينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسمع بكاء حفيده الحسن أو حفيده الحسين كان يقول لأمهما ابنته ( أما علمت بأن بكاء هذا الصغير يؤذيني ) .
    اذاً فإن الأبناء والبنات والأحفاد والحفيدات هم كما غنى مصطفى سيد أحمد :
    والله باكر ياحليوه لما أولادنا السمر
    بيبقوا أفراحنا البنمسح بيها أحزان الزمن
    نمشي في كل الدروب الواسعة ديك
    والرواكيب الصغيرة تبقى
    أكبر من مدن
    أن الأستاذة رباح من قلائل في جيلها تتقن فن المقال الصحفي وها هي تكتب القصائد في عيد الميلاد السبعين لوالدها وتقول له ( انت أبو الـ 30 مليون ) .
    أن السيد الصادق المهدي ربى بناته تربية ترتبط بالعمل العام ولا شك أن من مثقفات احداهن السيدة حفية مأمون حسين شريف ابنة أول طبيب سوداني وحفيده أول صحفي سوداني والثانية هي السيدة سارة الفاضل وهي أول إمرأة سودانية تدرس في الولايات المتحدة الأمريكية .
    أن البعض انتقدوا الصادق وقالوا أن اسرته الصغيرة تسيطر على الحزب وهذا غير صحيح أن الابن الأكبر عبد الرحمن ليس نائباً لوالده في رئاسة الحزب وليس أميناً عاماً وقد ظهر فقط في نشاط يعرض حياته للخطر حينما قاد كتيبة الحماية لوالده وهو يغادر الخرطوم إلى أسمرا في تلك الظروف القاسية .
    ثم قاد عبد الرحمن الصادق المليشيا التي عرفت باسم جيش الأمة للتحرير وهي مهمة مرتبطة بالخطر وحينما عاد عبد الرحمن لم يصبح نائباً لوالده في رئاسة الحزب ولم يصبح أميناً عاماً .
    ومثل هذا يقال عن صديق الصادق المهدي فرغم مواهبه السياسية فقد تولى ذات مرة منصب نائب أمين الشباب ثم ترك هذا المنصب .
    أن الصادق المهدي ينتبه إلى انتقادات الرأي العام سواء كانت بالحق أم بالباطل وفي كلمته بالاحتفال قال : ( أن البعض عابوا علي خاصة بعد أن أصبحت إماماً للأنصار أن أمارس الرياضة ) .
    ولا شك أن انتقادات البعض جعلته يؤخر تولي أبناؤه لمناصب سياسية .

    عيد الميلاد السبعين للصادق المهدي 4

    بسم الله الرحمن الرحيم

    عيد الميلاد السبعين للصادق المهدي ..القطار يستريح في محطة التسامح ( 4 )
    الصديق المهدي رفض انقلاب دبره الأمين العام لحزب الأمة
    المنافسة بين الصادق والهادي والمحجوب أسقطت الأول بعد 9 أشهر
    لصالح الأجيال الجديدة فإن السيد الصادق المهدي في كلمته بمناسبة الاحتفال بذكرى ميلاده السبعين توقف عند محطات تاريخية مهمة وهي استقلال السودان وانقلاب 17 نوفمبر 1958 الذي سلم فيه رئيس الوزراء والأمين العام لحزب الأمة عبد الله خليل السلطة لقادة الجيش وكشف الصادق أن جده الامام عبد الرحمن كان داعماً للانقلاب أما والده السيد صديق فقد رفضه وقاومه .
    ثم يتحدث الصادق المهدي عن المنافسة بينه وبين الزعيم محمد أحمد المحجوب نجم حزب الأمة ونجم الساحة السودانية في الأدب والقانون أن المحجوب حينما سقط بفعل المنافسة الأولى بينه وبين الصادق أنشد قائلاً :
    أن الآلي من كنت أرمي دونهم
    غلوا يديا وحطموا أقواسي
    واستبدلوا سيفي الجزار
    بسيف خشب وباعوا عسجدي بنحاس
    ثم تربص المحجوب بحكومة الصادق وأسقطها وهي لم تكمل 9 أشهر أن حزب الأمة انشق بين جناح الامام الهادي والمحجوب وجناح الصادق وكان الصادق يطلق على الجناح المنافس له الحرس القديم ز يقول الصادق المهدي في كلمته وهو يبدا بالحديث عن الاستقلال : كان لاتحادنا في لندن دور هام في الضغط على رئيس وزراء السودان آنذاك السيد اسماعيل الأزهري للانحياز للاستقلال والتخلي عن الاتحاد ولدى زيارته للندن دعوناه وفي اجتماع محضور ألقى السيد مرتضى أحمد إبراهيم نيابة عن الاتحاد كلمة يطالبه والوفد المرافق له بالانحياز للاستقلال تحقق استقلال السودان في عام 1956 وباجماع كافة القوى السياسية السودانية . ولكن كان واضحاً أن الحياة الديمقراطية الجديدة سوف تواجه ثلاثة عوامل تبدد استقرارها . العامل الأول التطلعات الجنوبية لوضع خاص للجنوب والثاني المخاوف المصرية على مصالحها في السودان والثالث انعكاس العاملين سلباً على استقرار ووحدة القوى السياسية السودانية السودانية بعد الاستقلال مباشرة وقع الانقسام الأول في الحزب الوطني الاتحادي وأجريت انتخابات في فبراير 1958 ألف بعدها حزب الأمة والشعب الديمقراطي ( الذي تؤيده الختمية ) حكومة ائتلافية كنت شخصياً قد اشتركت مع صغر سني في عمل سياسي كبير لصالح حزب الأمة في الانتخابات وكان واضحاً أن المناخ السياسي لا يناسبني لذلك اعتبرت مساهمتي في الانتخابات ( مأمورية ) انتهت بنهايتها زالتحقت بالخدمة المدنية السودانية موظفاً في وزارة المالية وبدات أحس بحركة انقسام غير مرئي في حزب الأمة ما بين تيار يقوده رئيس الوزراء والأمين العام السيد عبد الله خليل ويحرص على الابقاء على الائتلاف مع حزب الشعب الديمقراطي بقيادة السيد علي عبد الرحمن وتيار مناوئ يقوده رئيس الحزب السيد الصديق المهدي يرى عدم جدوى ذلك الائتلاف وضرورة استبداله بائتلاف مع الحزب الوطني الاتحادي بقيادة السيد اسماعيل الأزهري حدة صراع هذه الرؤى ضمن عوامل أخرى هي أسباب اقتناع رئيس الوزراء بعدم جدوى العملية السياسية التعددية واللجوء للقوات المسلحة السودانية منفذاً للموقف فأدى ذلك لاستلامها السلطة وقيام نظام 17 / 11 / 1958 هذا الحدث جرني رغم أنفي للسياسة السودانية مرة أخرى فقد اعتبر أبي الانقلاب مؤامرة ضده وضد حزبه وكان غائباً في أوربا فعاد مسرعاً ولم يكن في استقباله بالمطار أحد فكنت سائق العربة التي نقلته من المطار وكان ثائراً على الانقلاب معلناً رفضه وقد صادف هذا الموقف موقفي لأنني منذ يوم الانقلاب قررت الاستقالة من الخدمة المدنية باعتبارها لم تعد كذلك بل صارت أداة تنفيذية لادارة غير شرعية وهذا ما كتبته في خطاب استقالتي فناداني رئيس قسمي السيد عبد الهادي حمدتو وقال لي هذا النص لخطابك يجر لنا المتاعب فأرجو أن تكتب استقالتك دون ابداء أسباب سياسية ففعلت . . لقد كانت خطة التسليم والتسلم التي اشترك فيها السيد عبد الله خليل مبنية على اتفاق معين مع قيادة القوات المسلحة يستلموا فيها الحكم ويكونوا حكومة قومية ويكتبوا دستور البلاد الدائم ويعلنوا الانتخابات بعد ستة أشهر هذه الخطوة عارضها 13 من أعضاء المكتب السياسي للحزب الخمسة عشر وحتى السيد عبد الرحمن علي طه الذي أذاع بيان التأييد من الامام عبد الرحمن المهدي فعل ذلك فقط احتراماً لرغبة الامام وابتعد بعدها من العمل السياسي ثم سرعان مالحق السيد عبد الله خليل بمعارضة الانقلاب .. فبسرعة تحركت القيادات الشرقية والشمالية ( لتصحيح ) اتجاه الانقلاب في بداية عام 1959 وبسرعة أدرك الامام عبد الرحمن الذي قبل الانقلاب كاقصر وسيلة لكتابة دستور البلاد ثم استئناف الديمقراطية أدرك بطلان هذه التوقعات وأنا شخصياً أعتقد أن الامام عبد الرحمن وقد كان حساساً جداً للأحوال العامة قد فجع ومات أكثر الناس حزناً وقد سمعنا منه في أواخر أيامه ودون في أوراقه الخاصة ما يدل على حالة قصوى من خيبة الأمل وبعد وفاته في مارس 1959 خلفه والدي المعلن عدائه لنظام الحكم العسكري المتعرض حتماً لقهره هذا المشهد هو الذي أجبرني على التخلي عن خططي الخاصةبمواصلة تعليمي والمهنة الزراعية والوقوف إلى جانب أبي في مواجهة اليأس الديكتاتوري .
    ثورة أكتوبر 1964 : انقلاب 17 / 11 / 1958 اكتسب بعض الشرعية لوجود عنصر تسليم وتسلم فيه من رئيس الوزراء ولبيان التأييد الذي أصدره السيدان هذه الشرعية تلاشت بموجب الموقف السياسي المتحد الذي اتخذته القوى الوطنية الديمقراطية بقيادة الامام الصديق المهدي وعلى طول عمر النظام وهو ست سنوات تضافرت 4 عوامل عرته من آية شرعية وأطاحت به هي :
    القوى السياسية الشعبية .
    الاستنزاف الذي أحدثته المقاومة المسلحة الجنوبية .
    الاضراب السياسي الذي حققته النقابات .
    الانحياز لصالح الشعب الذي ظهر في موقف كثير من الضابط .
    أدى التفاعل بين هذه العوامل لثورة أكتوبر 1964 كان طلبة جامعة الخرطوم هم رأس الرمح وفي ساحتهم اندلعت الشرارة الأولى وكان دوري هو تنسيف موقف القوى السياسية والنقابية وتقديم الميثاق الوطني الذي حدد الأهداف السياسية للثورة وبعد توحيد موقف القوى السياسية والنقابية قدت التفاوض مع قادت قيادات القوات المسلحة لوضع برنامج التحول الديمقراطي عبر إجراء انتخابات حرة .
    ثورة أكتوبر حققت ثلاثة انجازات هي : نقل الثقل السياسي لجيل جديد ، تحقيق التحول الديمقراطي ، تكريس التوجه نحوالحل السلمي للحرب الأهلية في الجنوب .
    الديمقراطية الثانية : كنا أثناء مقاومة الحكم العسكري نعمل في مجلس أعلى سياسي باسم مجلس الامام وبعد سقوط النظام العسكري شرعنا في إعادة تكوين حزب الأمة كنت وعدد من زملائي نمثل القوة السياسية المتحركة داخل كياننا وكان رأينا أن يعاد تكوين حزب الأمة على أساس انتخابي وكان الحرس القديم يرى أن يعاد التكوين بالتعيين تحسباً لآية مفاجآت وتغلب رأينا وأعيد التكوين بصورة لم يرض عنها الحرس القديم ونتيجة لذلك انتخبت رئيساً لحزب الأمة بأغلبية ساحقة في وجه منافسي في المنصب ومع أن القوة الشبابية المتحركة ببرنامجها ( نحو آفاق جديدة ) وبحيويتها هي التي جعلت حزب الأمة في انتخابات 1965 الرقم الانتخابي الأول فإن الحرس القديم كان له ما شاء في تكوين الحكومة الائتلافية الجديدة برئاسة السيد محمد احمد المحجوب الهيئة البرلمانية الجديدة التي انتخبت ببرنامج حزب الأمة كانت مختلفة عن سابقاتها وفيها عدد كبير من النواب المتعلمين ، السيد محمد أحمد محجوب واصل معاملة الهيئة الجديدة بالأسلوب القديم وهو باعتبار نواب طاعة بينما كانت الحقائق تدل على أنهم في الغالب كانوا نواب مشاركة ومسائلة مما خلق توتراً مستمراً بين رئيس الوزراء والهيئة البرلمانية .
    وبعد ندوة في كلية التربية جامعة الخرطوم سارت مظاهرات قصدت رئيس مجلس السيادة السيد اسماعيل الأزهري يقودها عدد من الحركات الإسلامية التي رمت متحدثاً في الندوة بالاساءة للسيدة عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قيل أن المتحدث حينها كان منتمياً للشيوعيين وطالبت المظاهرات بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان أو الجمعية التأسيسية كان الرئيس اسماعيل الأزهري قد استشعر خطر الحزب الشيوعي على قواعده خصوصاً عندما فاز السيد عبد الخالق محجوب سكرتير الحزب الشيوعي على السيد أحمد زين العابدين في دائرة الأزهري بأمدرمان شمال بعد أن تركها لدى انتخابه رئيساً لمجلس السيادة استقبل الرئيس الأزهري المظاهرات وأيد مطالبها وقال وقال نمهل الحكومة والجمعية وقتاً حدده فإذا لم ينفذوا هذه المطالب فإنه شخصياً سوف ينضم للمظاهرات هذا الاتجاه أيده الامام الهادي المهدي بشدة وفي الظروف السائدة غلب هذا التيار على النواب ونفذت المطالب نعم كان بعضنا متحفظاً مثلي والسيد محمد أحمد المحجوب والأمير عبد الله نقد الله ولكن الجميع التزم بقرارات الجماعة ولضمان تنفيذ القرارات دون اضطرابات اصطحبت معي السيد عبد الرحمن نقد الله وذهبنا لمقابلة اللجنة التنفيذية للحزب الشيوعي في دارها وشرحنا لهم الظروف وطالبناهم التعامل مع القرارات بهدوء وقد كان .
    بعد مرور عام من تكوبن حكومة السيد محمد احمد محجوب الائتلافية بلغ سوء الحال بينه وبين الهيئة البرلمانية في حزب الأمة أنهم سحبوا منه الثقة وفكروا في استبداله ولكنه وهو اللبرالي المشهود له حول المواجه إلى جهة أخرى عندما قال للنواب أنا عينني الامام وأنا مسؤول له لا لكم ! هاهنا وقع اختلاف حاد لا في مبدأ أن يكون للامام دور سياسي ولكن في حدود ذلك الدور وهو اختلاف شبيه بما حدث في مرحلة ماضية ما بين حزب الأمة والامام عبد الرحمن في عام 1950 وحسم الامام عبد الرحمن الخلاف باصدار منشور أكد فيه إلا يكون للامام حق النقض لقرارات حزب الأمة وقع الانقسام في حزب الأمة في عام 1966 حول هل صلاحية اختيار رئيس الوزراء للامام أم للهيئة المنتخبة تداعي تداعى هذا الانقسام حتى فرق حزب الأمة إلى جناحين أعقب ذلك تكوين حكومة ائتلافية جديدة برئاستي يدعمها ثلثا نواب حزب الأمة ونواب الحزب الاتحادي حكومتي نجحت في الآتي :
    الاهتمام بقضايا التنمية والخدمات .
    الانفتاح غير المسبوق على الأقاليم .
    الاهتمام بالحل السلمي للحرب الأهلية بإعطاء أكبر أهمية لتوصيات لجنة الأثني عشر وبعقد مؤتمر جميع الأحزاب لدراسة تلك التوصيات وحسم ما بقي فيها من نقاط خلاف وتبنيها قومياً .
    أحس الحرس القديم بخطورة هذا النجاح على تطلعاتهم لرئاسة الجمهورية لا سيما وقد صار كثير من الصحافيين المستقلين يرددون احتمال اكتساحي للانتخابات الرئاسية القادمة لذلك تكون لوبيات ضدي طرحت الثقة في رئاستي للوزارة بعد أن أفلح الشريف حسين الهندي في استغلال مخاوف الرئيس اسماعيل الأزهري وتوحيد حزبه في ائتلاف جديد يساند إعادة السيد محمد أحمد محجوب لرئاسة الوزراء بعد هذه التحالفات طرحت الثقة في رئاستي للوزراة واستطعت أن أحافظ على نواب الأمة وكافة النواب المستقلين وعدد من النواب الاتحاديين والنواب الاسلاميين وفي التصويت النهائي كان الفرق بين كتلتينا 8 أصوات فقط أي أنه إذا انحاز لنا 5 منهم لهزمنا التحالف : حكومة السيد محمد أحمد محجوب الثانية صادفت الهجوم الاسرائيلي على مصر في 5 / 6 / 1967 م ولعبت دوراً ناجحاً في تضميد جراح الرئيس المصري جمال عبد الناصر واستقطاب دعم عربي لدول المواجهة عبر مؤتمر القمة العربي في الخرطوم ولكن تلك الحكومة كانت حكومة الحرس القديم ووقفت ضدها كل القوى التي خططت ونفذت ثورة أكتوبر في الأحزاب وفي النقابات ووقف ضدها اليسار الذي طرد نوابه من البرلمان ومع أن تلك الحكومة أسدت للرئيس جمال عبد الناصر خدمات جليلة إلا أن الناصريين بقيادة السيد بابكر عوض الله تآمروا عليها . حكومة الحرس القديم في السياسة السودانية سارت بكتابة الدستور الدائم لعرضه للجمعية التأسيسية وكانوا يعتبروني الخطر الديمقراطي الوحيد عليهم لذلك وضعوا سن المرشح للرئاسة 40 عاماً وكان سني في ذلك الوقت 33 عاماً .
    قال السيد محمد أحمد محجوب في كتابه عن الديمقراطية اني قلت له في وجهه امك لا تصلح لرئاسة الوزراء . نعم في أي إطار ؟ ! في أواخر 1968 م كنت في زيارة لبيروت وصادف أن زارها في الوقت نفسه السيد محمد أحمد محجوب فزارني في غرفتي بفندق كارلتون وقال لي أنت تعلم أن الدستور الدائم على وشك أن يجاز وستكون الجمهورية رئاسية واعلم أنك غير وارد لسنك دون الأربعين وينبغي أن تعلم أن الأزهري وعمل لا يصلحان لهذه الرئاسة ولذلك سأرشح نفسي لهذه الرئاسة وسوف يصوت لي الجنوبيون هذا وعد أعطاه له السيد بوث ديو وجماهير المدن وسوف أضمن الفوز إذا وقفت أنت إلى جانبي وأنا رغم كل ما دار بيننا جئت لأعرض عليك أن تسندني في الدورة الأولى وهذا يضمن نجاحي وسوف أسندك في الدورة الثانية للرئاسة فما رأيك ؟! قلت له أنت رجل ذكي وأديب وقانوني متمكن ولكنني طعن في صلاحيتك لرئاسة الوزارة فهل يعقل أن أقدمك لرئاسة الجمهورية الرئاسية ؟ ولدي اقتراب موعد إجازة الدستور الدائم احتد التنافس بين السيدين الرئيس اسماعيل الأزهري والامام الهادي واشتدت المخاوف عند جماهيرنا أن الانقسام سوف يهدر حقنا في الانتخابات فأدى ذلك في النهاية لاعادة توحيد حزب الأمة على أساس أن يكون الامام مرشحنا وأن تتكون مؤسسات ديمقراطية للمشاركة والمساءلة ، توحيد حزب الأمة زاد من ضعف الحكومة الائتلافية لأن حزب الأمة تطلع لمراجعة الائتلاف على أساس يمثل وزنه الجديد .
    لم يكن السيد محمد احمد محجوب راضياً على أسس التوحيد الجديد واعتبره على حسابه وفي احتفال التوحيد قال قولته المشهورة ( اتفقوا ولو علينا ) وفي مناخ التوتر السياسي الذي زاد بعد توحيد حزب الأمة وتوالي محادثات القصر البطيئة بين الحزبين قدم السيد محمد أحمد محجوب استقالته للضغط على الحزبين للاسراع بالاتفاق مما خلق فراغاً مهد سبيل لانقلاب 25 / 5 / 1969 م .

    محمد طه محمد احمد

                  

العنوان الكاتب Date
25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم بكري الصايغ12-23-06, 04:22 PM
  Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم السنجك12-23-06, 04:27 PM
  Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم بكري الصايغ12-23-06, 04:30 PM
  Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم يوسف الولى12-23-06, 04:49 PM
    Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم saif massad ali12-23-06, 05:15 PM
  Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم محمد عبدالله هارون12-23-06, 07:09 PM
    Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم hanadi yousif12-23-06, 07:22 PM
    Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم إسماعيل وراق12-23-06, 07:40 PM
      Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم محمد مختار جعفر12-23-06, 08:09 PM
  Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم Shazali12-24-06, 03:24 AM
    Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم sudani12-24-06, 04:30 AM
      Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم محمد عادل12-24-06, 08:54 PM
  Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم بكري الصايغ12-25-06, 01:43 PM
    Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم Abdelrahman Elegeil12-25-06, 04:13 PM
  Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم بكري الصايغ12-28-06, 10:12 AM
    Re: 25ديسمبر: السيد الصادق المهدي 71 عامآ، تعالوا نحتفل ونكرر التهاني لشـخصة الكريـم الصادق خليفة12-28-06, 11:47 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de