لا شك مطلقاً في أن الأمثال الشعبية تظل بعضاً من ذاكرة الشعوب لتبقى مع الزمن عنواناً لثقافتها وخبراتها فى شتى المجالات على مر العصور والأزمان.
إن الذى يقوم بالغوص داخل قاموس (أمثالنا الشعبية) لابد أنه يجد عدداً مقدراً من الأمثال (الضارة والهدامة) بل والتى لا تتماشى صراحة مع تعاليم ديننا الحنيف مما يثير تساؤلاً مشروعاً عمن قام (بدس) هذه الأمثال، (أنا شخصياً أعتقد أن وراء هذه الأمثال الهدامة الإمبريالية العالمية وعديل كده وبدون لف ودوران الأمريكان) فمن غيرهم يسعى لتحطيم (مشروعاتنا الحضارية) بكافة الطرق ومنها (دس) الأمثال (المهببة) وإلا كيف نفسر أن يكون لدينا – نحن- (مثل شعبي) يدعوك إلى (توسيع) دائرة (الإتلاف) لمجرد عجزك عن (الإصلاح) وهو ذلك المثل (المدمر) الذى يقول (كان غلبك سدها وسع قدها) ومعنى المثل فى غاية الوضوح وهو (إن غلبك سدها وسع قدها) – لاحظ أن الأولى (كان) والثانية (إن).
تخيلوا معي دام فضلكم أن بقية (الشعب الفضل) ومعظمه (حقيقة) قد (غلبوا سدها) قد سئم من مسألة (السد) دى.. كل يوم مما يصبح لمن يمسى شغال (سد فى القد) على طريقة (طاقية دا فى راس دا) فقرر إتباع ما جاء فى (المثل) وأصبح مما يصبح وحتى يمسى شغال (توسيع فى القد) فكلما قامت حكومتنا الرشيدة (بتوسيع) الجبايات قام هو (بالسداد) وبالتالى (توسيع القد) مما أدى إلى أصابة (الشعب الفضل) بحالة من (الإنهاك) إضطرت معها (الحكومة) رفقاً به إلى أصدار بيان يهيب بجميع (المواطنين) التوقف عن (الإنهماك) فى عمليات (التوسيع) اليومية المتواصلة إلى حين وصول (الدربكينات) التى تم إستيرادها من (هولندا)!!
وهاك مثالاً آخر لمثل شعبى يحض على إرتكاب (جريمة حدية) ولا يكتفى من (وضعه) بذلك بل يتفضل بتقديم (النصائح) لمرتكبها وهو المثل القائل (إن عشقت أعشق قمر وأكان سرقت أسرق جمل) ومع أن العلم قد أثبت بأن القمر ليس سوى سهل منبسط ملئ بالأحجار الرمادية إلا إنو نقول (ماشى) كل زول وعلى (كيفو) يعشق (قمر) يعشق (سحلية) هو حر فى أن يعشق ما يشاء إلا أن الشق الثانى من المثل وهو (مسألة الجمل) دى قد عجزت عن تفسيرها تماماً فلماذا (جمل) بالذات وليس (حمل) أو أى من (ذوات الثدى الأخرى)؟.
بداية إفترضت (حسن النية) فيمن قام بوضع هذه المقولة حتى صارت مثلاً حيث انه قام بإختيار (الجمل) تحديداً لكبر (حجمه) حتى (ينفضح) أمر (السارق) فيقبض عليه (من قولت تيت) وبذلك يتم (تنظيف) المجتمع من (الحرامية واللصوص) غير أن (إفتراضى) هذا سرعان ما طغى عليه (إفتراض) آخر (معاكس له فى الإتجاه ومساوٍ له فى المنطق) ويقوم هذا الافتراض على خلفية أن من قام بوضع هذا المثل لابد أن يكون (حرامى غسيل) أفنى عمره كله فى سرقة (الملايات) من (الحبل) متنقلاً بين (الحراسات) و(السجون) وقد قال هذه المقولة والتى صارت بعده مثلاً وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة نادماً على أنه أفنى حياته فى ذلك (التخصص المهبب) محرضاً (الآخرين) على سرقة الأشياء (الكبيرة والثمينه)!!
كنت وإلى عهد قريب أميل لهاتين الفرضيتين لولا أننى توصلت إلى (التفسير الحقيقى) للمثل والذى ينم عن ذكاء الشخص الذى قام بوضعه وسعة افقه ودهائه فبقليل من التفكير توصلت إلى أن سرقة (الجمل) أسهل بكثير من سرقة (دجاجة) مثلاً فعندما تسرق (جملاً) فإن كل من حولك يغضون الطرف عنك (ويعملوا نايمين) أملاً فى مشاركتهم لك (إن شاء الله بى كوم لحم منو) أما عندما تسرق (دجاجة) فهم يعلمون تماماً بأن هذه الدجاجه (يا دوبك ح تكفيك) لذا سوف يصيح الجميع (حرامي.. حرامي.. حرامي) فأحسن حاجه بعدما فاتهم (لحم الجمل) أن يعملوا فيها (حماة الفضيلة والأمانة والأخلاق)!!
كسرة:
النسخة المعاصرة من المثل the new version هي (كان شربت أشرب سجارة وكان سرقت أسرق عمارة). توضيح: العمارة مش تدخل جواها وتسرق (الحاجات) لا.. لا.. لا.. تسرقها هى ذااااتا!!! وبعدين كان سألوك تقول (ما من مرتبى) ثم تضيف (مبرراً): - يعنى شنو ما دخلت ليا (صندوق) وكده!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة