|
ماذا بعد اعلان اسماء المتهمين بارتكاب جرائم الحر فى دارفور بقلم محمد فضل الله على
|
ماذا بعد اعلان اسماء المتهمين بارتكاب جرائم الحرب في دارفور
تدرج في الاتهامات وصولا الي قمة الهرم الحكومي
ام تسوية في منتصف الطريق تنتهي بقبول القوات الدولية وتنازلات سياسية وقيام حكومة قومية
محمد فضل علي/كندا
حكومة الانقاذ ستحتل مكانا بارزا في التاريخ السياسي الحديث للدولة السودانية باعتبارها نظاما متفردا لاهو بالحزبي ولا بالنظام العسكري كنظام خرج علي قواعد اللعبة السياسية المعتادة في السودان واعاد صياغة الدولة القومية بحدها الادني بعد ان قام بحلها ليحل الحزب محلها..اعتمد النظام ومنذ ايامه الاولي خطة (تنظيف الارض من الخصوم والمعارضين) مع الافراط في استخدام القوة..وضح ذلك من خلال التعامل مع اضراب الاطباء وقمع التحركات الجماهيرية التي تمت اول ايام الانقاذ. انفق النظام بسخاء علي الامن وتامين النظام بمعدل واحد وثابت في ايام الشدة والرخاء.
منذ بدايات حكم الانقاذ وحتي يومنا هذا فقد سقط هذا النظام عشرات المرات ومر اكثر من مرة بحالة اشبه بالموت السريري وعجزت المعارضة السابقة عن (ستره ودفنه) وتجاوز النظام الازمة تلو الازمة منذ ان استدارات عليه الحكومة المصرية التي دعمته وروجت له وقامت بتسويقه في البداية ثم قامت بعد ذلك بفترة قصيرة بتاليب الدول العربية خاصة الخليجية ضدة بعد ان اتضحت تبعية النظام للجبهة الاسلامية ثم فتحت مصر الباب للمعارضة السودانية دون اي قيود كنوع من الرد علي مواقف حكومة البشير انذاك..عاش النظام عزلة شبه تامة نتيجة لموقفه من الغزو العراقي للكويت وتم تضيق الخناق عليه بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري في اديس ابابا.. المحاولة التي اعقبها تصعيد في عمل المعارضة السياسية والعسكرية ومؤتمر القضايا المصيرية في اسمرة والذي كان بمثابة اطار نظري لمشروع (اسقاط النظام) المشروع الذي احبط نتيجة لحجم الاختراق الامني الواسع للمعارضة.. الاختراق الممول بامكانات ضخمة وكانت واحدة من نتائجه المباشرة التصفية الكاملة المعارضة السابقة.
تشاء الظروف ان يخرج علي النظام بعد ذلك من بين صفوفه و من داخل مدرسته السياسية والعقائدية من يطلق عليه الرصاصة الاولي في دارفور التي تداعي بعدها الموقف كله واصبحت حركة التمرد الواحدة عدة حركات..ولجاء النظام من جديد الي تجريب الافراط في استعمال القوة وهو يري (اخوان الامس) يشعلون حريقا بهذا الحجم من اقليم دارفور الذي غرق تدريجيا في الفوضي ووجدت الازمة ببعدها الماسوي طريقها الي الخارج.. واصبح العامل الخارجي هو المسيطر علي قضية دارفور وتحول المجتمع الدولي بكل علله وامراضه الي الخصم الرئيسي لحكومة الانقاذ فيما يخص هذه القضية.
المحكمة الجنائية الدولية اعلنت قبل يومين وسط تدابير اعلامية غير معتادة عن عزم المدعي العام للمحكمة اعلان اسماء المتهمين المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب في اقليم دارفور وذلك يوم الثلاثاء 27 فبراير الجاري وقالت المحكمة انها ستعلن عن اسماء (الدفعة الاولي) من المتهمين.. الحديث عن دفعة اولي يعني ان هناك دفعة ثانية وربما ثالثة علي الطريقة اليوغسلافية مما فتح الباب للتكهن بان قائمة المتهمين القادمة ربما ستضم شخصيات قليلة الاهمية السياسية.. تضم عددا من قيادات الامن والجيش وحكام اقاليم وزعماء قبائل وعشائر وبعض قيادات المتمردين.. ثم ترك الباب مفتوحا امام النظام لتقديم اكثر من تنازل في اكثر من قضية.. مثل قضية قبول القوات الدولية وتقديم تنازلات سياسية تنتهي بقيام حكومة قومية حقيقية تمثل اطياف واسعة من المجتمع كصفقة تتم في منتصف الطريق.. الاحتمال الاخر هو ان تتضمن قائمة المتهمين شخصيات نافذة ورفيعة داخل نظام الانقاذ ..اذا حدث ذلك فسيكون ذلك بمثابة اسقاط واضح لشرعية الانقاذ..النظام في كل الاحوال سيراهن علي كسب الزمن والمماطلة استنادا علي ان مثل هذا النوع من القضايا قد ياخذ فترات زمنية طويلة .. اذا سلمنا بهذه الفرضية فالاحداث في اقليم دارفور لن تتوقف في ظل استحالة الحل السياسي علي الطريقة الانقاذية الذي طرقت من اجله الحكومة كل الابواب واخرها المحادثات التي تمت في ليبيا وانتهت بالفشل الذريع... ستذداد في الفترة المقبلة وتتعدد اشكال التدخلات الاجنبية وستبداء المحكمة الجنائية في التدرج بالعقوبات الي اعلي هرم السلطة علي الطريقة اليوغسلافية.. القائمة القادمة من المتهمين بواسطة المحكمة الجنائية الدولية كبرت او صغرت وظائف الاشخاص المتهمين فالنتائج السياسية لهذا الامر واحدة.. وستكون بمثابة ضربة معنوية كبيرة للنظام وانصاره..في ظل انعدام هامش المناورة والالتفاف علي مثل هذا النوع من القضايا.. ستبقي امام الانقاذ فرصة واحدة هذه المرة لتجريب الطريقة المعروفة في الحشد والتعبئية السياسية التي لن يتجاوز اثرها حدود محافظة الخرطوم.. ولن يستمع لها احد.. ما بعد يوم الثلاثاء القادم يوم جديد لن يشبه ابداء اي من الايام التي مرت علي الشعب السوداني منذ انقلاب الانقاذ وحتي اليوم.. سننتظر وسنري كيف ستكون الامور والي اين ستسير وهل تقبل الانقاذ بما اتت به المحكمة الجنائية وتضحي بالبعض من المتهمين اذا قل وزنهم السياسي والوظيفي من اجل حماية الكل من قيادات النظام..
عن سودانايل
السنجك
|
|
|
|
|
|