|
سندس - سندس -استعمار استيطانى
|
اتاحت لى دعوة تلقيتها عرضا من صديقى وعمى عبد الله علقم -الذهاب مساء يوم الاربعاء 19 يناير 2000م لاحدى القاعات الفخمة فى فندق الدمام بمدينة الدمام حيث استمعنا مع عدد قليل من الاخوة المغتربين لحديث موجز عن مشروع سندس الزراعى التابع لشركة تنمية شرق جبل اولياء المحدودة -اعقبه عرض بالفيديو تضمن مجسمات ومخططات لما سيكون عليه المشروع وعمليات توصيل المياه حسبما يوضحها التصوير --كما عرض المتحدث وهو السيد العضو المنتدب والمدير العام للشركة مهندس صافى جعفر بيع اراضى المشروع للراغبين بسعر يتراوح بين 2900 و 1000 دولار للفدان تبعا لموقع ومساحة القطعة -المشروع نفسه يقع فى المنطقة الممتدة جنوب الخرطوم فى محاذاة النيل الابيض ويحد شمالا يقرية طيبة الحسناب وجنوبا بقرية ود الكربل وشرقا بمشروع الجزيرة وغربا بطريق الخرطوم -كوستى على مساحة مائة الف فدان --
والمعروف ان اراضى هذا المشروع كان يمتلكها اهل المنطقة وتوارثوها ابا عن جد ثم نزعت منهم بدون رضاهم وبلا تعويض او بتعويض رمزى غير عادل وهنا مربط الفرس --الفرق بين التنمية والاستعمار الاستيطانى فتنمية الريف يجب ان تكون لحساب المواطن وليست على حسابه وتعنى اقامة المشاريع ذات المردود الاقتصادى التى يكون المستفيد الاول منها الانسان المقيم فى نفس موقع المشاريع وان تحقق تلك المشاريع فوائد مادية واجتماعية وثقافية وصحية وحضارية لمواطن المنطقة والمجتمع ككل فى المدى القريب وفى المدى البعيد --
مشروع الجزيرة الذى اقامته الادارة الانجليزية فى السودان يعتبر مثالا طيبا للتنمية فى الريف حيث ارتقى المشروع على مر السنين بالتعليم والصحة والعيش والخدمات فى منطقة الجزيرة التى غدت بمرور الزمن اكثر مناطق الريف السودانى نموا قبل انهيار المشروع رغم ان الهدف الرئيسى من اقامة المشروع نفسه لم يكن تطوير الانسان السودانى واهم شىء ان الادارة الاجنبية لم تنزع اراضى الناس قسرا ولم تستورد ملاكا للمشروع ومزارعين من خارج الجزيرة وظلت تدفع ايجارات سنوية للاراضى المملوكة لاهل المنطقة التى دخلت المشروع وكانت ارقامها عادلة بتقدير تلك الايام --
فى المقابل لما يقام مشروع سندس ان قدر له ان يقوم -بعد حوالى نصف قرن من الاستقلال وتنزع الاراضى قسرا من ملاكها وتعرض للبيع لملاك جدد من غير سكان المنطقة بل وتعرض لملاك من خارج حدود السودان فان الامر يكون اقرب للاستعمار الاستيطانى الذى شهدته القارة الافريقية فى النصف الاول من القرن العشرين فى بلدان مثل زيمبابوى -روديسيا سابقا - والجزائر وجنوب افريقيا ويوغندا وكينيا وغيرها حيث نزعت الاراضى من القبائل التى كانت تمتلكها وجىء بملاك جدد هم المستوطنون البيض قاموا باستصلاح الاراضى وتعميرها وزراعتها واقاموا بدعم ومساعدة السلطة الاستعمارية البنى التحتية والمزارع الضخمة والحدائق الغناء التى استخدموا فيها اجراء من اهل نفس المنطقة الذين كانوا ملاكا لنفس الارض التى يعملون اجراء فيها -وتراكمت الثروات لدى الملاك الجدد فى حين ان اهالى المنطقة ظلوا يجوبون الوديان والسهول بقطعانهم مثل سابق عهدهم دون ان يصيبهم شىء يذكر من التنمية --
هذا الظلم الفادح هو الذى دفع قبائل الكيكويو فى كينيا لاشعال ثورة الماوماو بقيادة ديدان كيميائى فى منتصف القرن الماضى وكانت حربا طاحنة بين اهل الارض ومغتصبى الارض-
اذن مشروع سندس قد يكون شيئا اخر غير تنمية الريف بمعناها الحقيقى وستكون له اجندته المعلنة والمخفية وسيظل يمثل نظرة استعلائية نحو اهل المنطقة بصفة خاصة والانسان السودانى بصفة عامة وعلى سبيل المثال لنقرا معا هذه الفقرة من نشرة صادرة عن المشروع تقول تحت فقرة اهداف المشروع - اقامة حزام امنى من الناحية الجنوبية لولاية الخرطوم - حزام امنى لحماية ولاية الخرطوم من من وضد من --هل اصبحت الخرطوم معسكرا لقوات غازية مثل قوات كتشنر او اسماعيل باشا تطوق بالاحزمة الامنية هل تحولت الخرطوم او ستتحول الى سكن صفوة معينة محرمة على غيرها من ابناء نفس الوطن --
ونواصل
|
|
|
|
|
|