الانصارية بين الامس واليوم..... محاضرة للحبيب الامام الصادق المهدي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-28-2024, 04:20 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-09-2007, 09:26 AM

Abdelrahman Elegeil
<aAbdelrahman Elegeil
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 2031

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الانصارية بين الامس واليوم..... محاضرة للحبيب الامام الصادق المهدي

    بسم الله الرحمن الرحيم



    محاضرة ألقاها الحبيب الإمام بدارهيئة شئون الأنصارفي:ابريل2006م



    بعنوان: الأنصارية بين الأمس واليوم



    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه



    أخواني وأخواتي ، أبنائي وبناتي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،



    (حماسة) أخونا موسى معهودة، وأنا دائما أرى فيه شيخ كبير ولكن روح شباب تتجلى في مواضع مختلفة، يصفه من قال:



    عمري بروحي لا بعد سنين و لأسخرن غدا من التسعين



    من الأشياء التي حركت مشاعري في رحلتنا الأخيرة للمنا قل ، لقائي امرأة عجوز حتى استنبتت أسنان اللبن مرة أخرى بصحبتها ابنتها ، التي تحمل حفيدتها والتي أيضا مثل الجدة تمر بمرحلة ظهور أسنانها اللبنية, وقد قلت في نفسي أن الدعوة التي بثت ذات الحماسة المتقدة في ثلاثة أجيال لابد أن فيها من روح الله وعنايته وحفظه.



    وسأتكلم عن هذا الموضوع بمقدمة قصيرة وعشر نقاط. أجد نفسي دائما مفضلا لتعديد النقاط ليسهل حفظها وضبطها ومتابعتها حتى لا تختلط وتضيع.



    المقدمة:



    عندما كنت طالبا في جامعة الخرطوم ، في الخمسينات ، كان الطلاب ومهما كانت أصولهم أنصارية يبتعدوا منها ولا ينتمون إليها ويكون انتماؤهم إما إلى حركة الإخوان المسلمين أو الشيوعيين ومن هنا أعطوا انطباعا بأن الأنصارية منقرضة لأنها صارت غير متبوعة حتى لمن كانت أصولهم أنصارية.



    كنت أرى ذلك من زملائي ولا أجد أمامي أية مرجعية فكرية لدحض تلك الفكرة سوى منشورات الإمام المهدي عليه السلام وراتبه، وهي مرجعية موجودة ولكنها غير كافية وغير صالحة لمخاطبة هؤلاء لأن عمرها مائة عام، فكان السؤال الأكثر إلحاحا هو كيف نؤسس لمرجعية أنصارية تخاطب أهل الزمن ؟ خاصة وأن الدعاية المضادة سواء من الغزاة أو الطابور الخامس داخل السودان استطاعت أن تشوه المهدية وتصمها بكل قبيح . كان الإمام عبد الرحمن طيب الله ثراه- يحكي أنه عندما كان يريد عبور النهر من امدرمان للخرطوم في الموردة ، قد كان يلقى بعض الناس جلوسا في ذلك المكان وظل يلقي عليهم التحية كلما مر لمدة سنتين ولم يرد تحيته أحد كل هذه المدة ! وهكذا كان لا يستطيع أحد مبادلتهم المودة إلا سرا.مع كل هذا الإرث العدائي كان التحدي أمامي كيف السبيل لنؤسس لأساس نظري للدعوة المهدية؟- بعد حين ذهبت إلى أكسفورد لكي أواصل دراستي وقد قابلني هناك تحد من نوع آخر إذ أن الناس من حولنا كانوا عموما في موقف معادي للإسلام نفسه فكان السؤال :كيف نؤسس لخطاب إسلامي مؤصل ومعاصر ولقد شغلت بالفكرتين جدا- كيفية التأسيس لأطروحة أنصارية تخاطب الحاضر وترتكز على مرجعيات الماضي؟ وكيف نؤسس لدعوة إسلامية تستطيع الجمع بين التأصيل والمعاصرة؟ وقد أخذت بتجميع المراجع والتفكير والاجتهاد منذ ذلك الزمان لكي أقدم مرجعيات نظرية للدعوة الأنصارية في الحاضر ولدور الإسلام في العصر . كثير من الناس لا يشتغلون بالتنظير بحجة انصرافهم للمسائل العملية ولكني أعتقد أنه لا يوجد شيء في الدنيا له قيمة لا تسبقه فكرة ، لا بد أن تسبق الفعلة فكرة ، مثلا إذا أردنا بناء منزل لا بد أولا من رسم الخارطة ثم جلب المواد اللازمة للبناء , فكل عمل دون فكرة هو عمى وكل فكرة دون عمل هي شلل ولذلك لا بد من الجمع بينهما ليكون العمل مكتملا . عندما تحدث معي الإخوان في الهيئة عن بعض أبنائنا ممن يريدون تجديد علاقاتهم معنا قلت لهم بأني أفضل قبل الدخول في أية مفاوضات أو مناقشات أن نبدأ باستجلاء المسائل الفكرية فبها نستبين هل نحن منطلقون من ذات الفكر والى أي مدى نحن موحدون؟ فلابد لنا من أن نبدأ بالفكرة الصائبة.



    لا شك أن الدعوة المهدية دعوة ما زالت شابة وقد تجاوزت القرن وعند مقارنتها بكثير من الدعوات التي نشهدها يتضح لنا ذلك . مثلا دعوة كالتي قدمتها الإنقاذ بتقديمها للمشروع الحضاري سقطت في حوالي 15 أو 16 سنة والدولة التي تحميه ما زالت باقية. وهذا السقوط لم يكن فقط بسبب الخطأ في الأعمال وهو باد للعيان ولكن السبب الأهم للسقوط هو الخطأ في الأفكار وهكذا كل ما قام على فكر أو أساس خاطئ أعقبه عمل خاطئ ، ونستطيع الآن قول أن كل ما ادعوا تحقيقه حققوا عكسه وذلك في جميع المجالات وقد كان أكثرها بريقا ادعاؤهم تحرير وامتلاك القرار – ويشهد الله أننا كنا، مالكين لقرارنا- والآن صار الشأن السوداني مدولا بصورة غير مسبوقة ، جعلت أحد كبار قادتهم – الدكتور الطيب زين العابدين- يصرح في مقال في 21/أغسطس /2005 م في جريدة الصحافة بقوله" لا أحسب أنه منذ الاستقلال أصبح الشأن السوداني مشاعا بين الأمم والمنظمات مثلما هو الأمر في ظل حكومة الإنقاذ الإسلامية ولا حول ولا قوة إلا بالله" .



    ملخص ما جاء بالمقدمة : ضرورة أن يكون لنا مصباح أنصاري نستضيء به ونؤسس عليه أعمالنا وهو حتما لابد له من فكر واضح المعاني.



    لقد تحدث الكثيرون عن الدعوة المهدية وقد كان الموقف منها عدائي لدى الكثيرين وقد راجع كثير من هؤلاء مواقفه مدركا خطأه مستبينا للصواب .



    عندما بدأت التفكير في هذا الأمر كان أول ما جال بخاطري لأخاطبه : هو ماذا تكون دعوة الإمام المهدي بين الدعوات المهدية الأخرى( وقد قالت بالمهدية جميع الفرق الإسلامية) ؟.



    توجد ثلاث دعوات شيعية: السبعية ، والاثني عشرية, والزبدية- وأربعة دعوات سنية – ودعوتان صوفيتان- ودعوة مهدية فلسفية وتلك عشرة مدارس إسلامية للدعوة المهدية نجد أن دعوة الإمام المهدي بن عبد الله تختلف عنها جميعا وذلك للآتي:



    - تختلف عن مهدية الشيعة التي ربطت الدعوة بسلسلة نسب معينة- علي بن أبي طالب فالحسن فالحسين والإمام المهدي هو الإمام السابع عند السبعية وهو الإمام الاثني عشر (محمد الحسن العسكري) عند الاثني عشرية.



    - تختلف عن مهدية السنة، إذ أنهم يربطونها بزمان معين( آخر الزمان أو إمام القرن).



    دعوة الإمام المهدي غير مربوطة بزمان معين ومن الشواهد على ذلك أن الإمام المهدي عين خلفاء له ، هم خلفاء لخلفاء الرسول (ص) أي أنه مقدر أن الزمن ممتد بعده (خليفة الصديق ، خليفة الكرار...الخ). ثم وضع قاعدة فيها تطاول الزمن وتغير الأحوال حيث قال ( لكل وقت ومقام حال ولكل أوان وزمان رجال). فهي إذن دعوة لا يقيدها الزمان ولا أحكام النسب ولكنها مربوطة بوظيفة معينة وهي إحياء الكتاب والسنة المقبورين حتى يستقيما. السؤال الذي يخطر بالبال هل يمكن أن يعني هذا أن كل من استطاع تحقيق ذلك هو مهدي؟ ونجيب بالنفي وذلك لأن الإمام المهدي قد تمكن من فعل شيء غير مسبوق وغير متكرر وهو أنه تمكن من أن يكون في مركز يستطيع بموجبه إلغاء المفرقات من مذاهب وطرق وفرق وقد تفرد بذلك لبلوغه المركز الروحي الذي أهله لذلك الفعل ونحن محتاجون لدعوة تقوم بمثل هذا العمل غير المتكرر، وهو موقف توفر له ظرفان: آنس في نفسه البحث عن هذا وسمع صوتا غيبيا يؤيده فاندفع في هذه الدعوة والتي بقيت قوية وشابة حتى بعد أن انقشعت الدولة.هذه الدعوة تمثل مدرسة جديدة للمهدية ,اهتمت بالأسس النقلية وتناولت كل الأحاديث المذكورة عن المهدية ثم أنها لا شك لبت حاجة فورية للمسلمين . استطاعت الجمع بين الحقائق في كل الفرق والمدارس والمذاهب الإسلامية:



    - قالت بضرورة الالتزام بالكتاب والسنة وهو المبدأ الأساس لأهل السنة.



    - تحدثت عن الجذور الروحية للتكاليف الدينية وتقوم على أن لكل التكاليف والأحكام أغوار وأعماق روحية، وهذا قول الصوفية.



    - تحدثت عن أن للقيادة الدينية دور أساسي ومحوري وعند الشيعة أيضا الإمام ليس مجرد قائد بل له صفة روحية ولذلك يقولون الإمامة خلافة لنبوة متصلة.



    - كثير من المدارس العقلانية الإسلامية ترى ضرورة الاجتهاد وتجدد الأحكام لمخاطبة المستجدات وفي المهدية تجاوب أساسي مع هذا بحسب قاعدة ( أن لكل وقت ومقام حال...).



    - لقد تحدث الإسلام الحركي عن ضرورة الجهاد والمهدية قد أحيت هذه الفريضة.



    - المبدأ الذي ينادي به الصحو يون الإسلاميون من ضرورة الشورى والاجتهاد هو مبدأ قائم في المهدية .



    ملخص ذلك : أن هذه الدعوة جمعت كل نقاط القوة والحقيقة في كل المذاهب والفرق الإسلامية المختلفة وجردت الفكرة المهدية من الشروط الكهنوتية التي ترتبط بالزمان والمكان والنسب وأعطتها بعدا وظيفيا هو المبرر الداعم والمفسر لهذه المدرسة.



    ونستطيع أن نخلص لوصف الدعوة بالآتي:



    - اجتهاد دون مذهبية.



    - تصوف دون تطرق:من يطلع على راتب الإمام المهدي يجد به زبدة التصوف دون تطرق ولا يجد فيه أي معنى يدل على أن صاحب الراتب يدعي أنه ينفع أو يضر ، بل على العكس من ذلك تجده يحقر نفسه وهو عبد ذليل لا يسوى أي شيء إن لم يتولاه ربه بالعناية، بينما نجد أن كثيرا من أصحاب الرواتب يعززون مكانتهم بالادعاءات وذلك ليضمنوا ولاء أتباعهم لهم.



    توجد في الراتب سبعة معان لا يتعداها:



    1/ الانكسار أمام الله ( أنا عبد حقير ذليل)



    2/ آيات مختارة من القرآن الكريم.



    3/ دعوات مأثورة عن الأنبياء والمرسلين.



    4/ الاقتداء بمحمد ( ص).



    5/ تعظيم القرآن.



    6/ تعبئة روحية للجهاد.



    7/ دفع استحقاق هذه التعبئة الروحية على أساس الزهد في الدنيا والاستخفاف بها والخشوع في الصلوات والتشوق للقاء رب العالمين.



    وهي تصوف دون تطرق لأنه يعطيك مياه نقية مصفاة لتشرب منها ولكن أنت من يفعل ذلك.



    وأحقية القيادة في الدعوة المهدية تتقرر حسب ( من تقلد بقلائد الدين ومالت إليه قلوب المسلمين)، وهذا ما قد كان ، إذ لم ينل أحد وظيفة فيها إلا باجتهادات معينة( علي ود حلو ، محمد شريف ود حامد ...الخ) مثلا عندما كان الأنصار يناقشون مسألة من هو الأكثر أحقية بتولي إمارة الشرق؟ وذكر الطاهر المجذوب ، انبرى أحد الأنصار قائلاLللإمام المهدي(الدعوة دي يا سيدي فروة وسبحة وللا حزم وعزم؟) رد عليه الإمام قائلاLهي الأربعة مجتمعة ، فروة وسبحة وحزم وعزم) فرشح عثمان دقنة للمنصب.وما يؤكد ذلك المعنى هو أن أشد منشورات الإمام المهدي وضوحا هو المنشور الذي أصدره في حق الأشراف عندما ظن أن أهله يريدون اتخاذ هذه الصفة للتقدم فقال( من أبطأ به عمله لم يقم به نسبه),



    دعوة الإمام المهدي دعوة التزمت بالقطعيات دون التزام بتفاسير واستنباطات الأقدمين وقد حولت الزهد الذي يميز التصوف من الانكفاء إلى عمل فدائي لتغيير الدنيا وقد أعطت الدعوة مفاتيح لتطوير القيادة والأحكام ، فكان مفتاح تطوير القيادة هو: من تقلد بقلائد الدين ومالت إليه قلوب المسلمين. ومفتاح تطوير الأحكام هو: لكل وقت ومقام حال ولكل أوان وزمان رجال.



    والمعاني السابقة هي المعاني التي أتحفت بها الدعوة المهدية الفكر الإسلامي وتمكنت بها من تحقيق الدور التاريخي المشهود.



    يوجد خمس أو ست رجال تعاقبوا على قيادة الدعوة :



    خليفة الصديق:



    كثير من الناس يظلمه ويغمطه حقه، ولكنه حافظ على الدولة والدعوة في مواجهة تحدي وفاة المهدي وقد كان الجميع ينتظر أن يعيش المهدي حتى يصلوا الشام ، وحافظ على الدولة والدعوة مع المواجهات الخارجية. ونستطيع تقدير ذلك عندما نقارنه بما حدث للإنقاذ مثلا في وجه الحصار الخارجي وما حدث لها من استسلام ، بينما الخليفة واجه منفردا، دولا مستعمرة تريد الفتح فصمد في وجهها وأبقى على الدولة حرة مستقلة وعلى الدعوة مرفوعة الرايات ورفض كل محاولة للمساومة . يمجد السودانيون كرري بقولهم:



    كرري تحدث عن رجال كالأسود الضارية خاضوا اللهيب وشتتوا كتل الغزاة الباغية



    ليس هذا واقع ما حدث حينها ولم تكن نتيجة كرري تمزيق كتل الغزاة، والذي حدث أن الخليفة ومن معه من الأنصار عندما تيقنوا من الهزيمة صمدوا وفرشوا وماتوا دون استسلام وموقفهم ذاك هو الذي فتح لنا الطريق اليوم – في التاريخ الإسلامي مثال لإمامين الحسن والحسين . الحسن داهن معاوية فذهب ذكره والحسين واجه الظلم ومع أن حملته كانت فاشلة، وقد قتل ومثل بجثته إلا أنه أعطى الشيعة دورا إلى يومنا هذا، فالموقف القوي الصامد ، المستميت يحفظ الدعوة وان انكسرت وانهزمت:



    لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال



    هكذا، نرى أن الخليفة بصموده أعطى الدعوة عمرا، ليس ماديا بل عمرا معنويا وقد أسس موقفه هذا لموقفنا الصامد الذي هو راس مالنا وأي موقف منكسر ليس لنا، لسنا أبوه ولسنا أمه. من أسس هذه الدعوة دق في راياتها اثنتين: الجهاد والاجتهاد، من تخلى عنهما ليس منا.



    الإمام عبد الرحمن:



    عندما أتى لم يكن لديه شيء لقيادة الناس فكونه ود المهدي لم يكن يؤهله لذلك ، لا في المهدية ولا بعدها ، ما أهله هو عمله ، وقد قال أن دعوة الإمام المهدي صحيحة ولكن لا بد لها من تغييرفى أساليبها وقال لقد حافظت على سلامة العبادات وروح الجهاد ، والجهاد ما لازم يكون بالسيف الجهاد يكون بالمال وبالولد والعبرة في الجهاد بالنتائج وليس الوسائل



    إن للجهاد في الإسلام وجهين: جهاد النفس وهو الجهاد الأكبر، والجهاد الأصغر ويكون بالقتال والعمل المدني. الإمام عبد الرحمن مع كل ذلك لم يتخلى عن روح الجهاد والتي يمكن ادخارها واستدعاؤها للقتال في أي وقت.وقد حافظ على هذا المعنى وحوله لمعنى تربوي:



    أبوك غزا بالسيف فانقاد من طغى وسيفك للأعداء رأي مسدد



    سلاحان: ماض في الرقاب فقاطع وآخر للأهواء قول مبدد



    وهو كلام البنا في وصف الأسلوبين.



    لقد حكى لي السيد الشنقيطي قائلا أنه وجد السيد عبد الرحمن يحاسب محاسبا يعمل لديه لآخر قرش وتعريفة ومليم، فسأله يا سيدي، ده شنو؟ أنا ما شفت زول يحقر المال مثلك فرد عليه الإمام عبد الرحمن بقوله: يا محمد صالح ديل أسلوبين أنا بجمعهم الاثنين ، جمعي للمال واجب مقدس وصرفي له جهاد . المهم في هذا الموضوع هو قوله بأن الزهد الذي قام به الإمام المهدي في دعوته حولت أسلوبه ونقلت المال من جوه لبره (لا تجعل في قلوبنا ركونا لشيء من الدنيا) فهمتها على أساس أن تكون الدنيا في يدنا وليس في قلوبنا وقد كان التعليق الذي قاله لي السيد محمد صالح الشنقيطي على ذلك الفهم هوأنه: لم يرمحترما للقرش حين جمعه مثل الإمام عبدا لرحمن ولم يرى محتقرا له في صرفه مثله) . لقد كتبت في هذا المعنى كثيرا وتجدونه في (عبد الرحمن الصادق إمام الدين) وأتمنى أن يجد كل أبنائنا وبناتنا فرصة للاضطلاع عليه.



    الإمام الصديق:



    وقد فعل شيئا أساسيا : أولا أكد أن كل أهل السودان من معنا ومن هم ضدنا كلهم حين استشعار الخطر يستظلوا بهذا الكيان معتبرين إياه، شجرتهم ودرقتهم وخندقهم وحربتهم.



    ثانيا: أكد أننا مع كرامة وحرية أهل السودان، وهو المعنى الذي ربطه في أعناقنا: يجب ألا نشترك في أي عمل يذل أهل السودان أو يضرهم أو يحرمهم من حقوقهم. لقد صار كل ذلك الإرث جزءا من وصايا متراكمة على أعناقنا.



    الإمام الهادي:



    كرر موقف خليفة المهدي أي أنه بوقوفه في وجه هذه الظروف والتحديات ،أكد أنه أحسن لينا الموت من الاستسلام دق هذا المعنى في رايتنا مرة أخرى ، فوجدنا أننا مقيدون بمثل تلك المواقف فالاسم كما يقولون(مرفعين سيدو) ، فلا نستطيع القيام بأي عمل عام دون التقلد بها ولو تركناها لنزعنا عنا عمامتنا ودلينا رايتنا وتخلينا. فلا بد لنا من المحافظة عليها بربط العمة فوق الجرح ونشيل فوق الدبر ما نميل مهما كانت الظروف.



    كل المعاني السابقة تؤكد أننا لا نواجه الحاضر بلا ماضي (ما مقطوعين من شجرة) ، نواجهه وخلفنا كل تلك الحيثيات وهي حيثيات لها استحقاقات ، كتبها السلف بالدم في كل شبر من أرض السودان ومن يحاول دكها أو نكرانها (يندفن وراها).



    أمامنا اليوم تحديان: فكري وتنظيمي . من الناحية الفكرية أوضحنا منطلقات الدعوة وأمامها نحن نواجه تحديات الحديث عن دورنا المتجدد ، لقد كتبت عن المرتكزات الفكرية للمهدية ويمكن الرجوع لها في مواضعها ولكن لا بد لنا من تغيير الأسلوب القيادي الذي كان يتبع لأن الأسلوب القيادي كان أبويا : الإمام هو المسئول الذي يبايعه الناس ويستمر الأمر كذلك ولكن تغير الزمن حتم تغيير هذا الأسلوب ، ففي زماننا لا يستطيع الإنسان معاملة أبنائه بتلك الطريقة ، مما يعني أن على المنظمات الاجتماعية أيضا مواكبة لذلك والناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم. لذلك فقد فكرنا في مخاطبة تلك المتغيرات ، فبدأنا بتحويل الأنصارية إلى مؤسسة ذات شخصية اعتبارية ، تتوفر فيها:المشاركة، التمثيل، الإنابة والمساءلة فتكونت هيئة شئون الأنصار لتحول الأنصار من العلاقة المباشرة الوحيدة بين إمام وأتباع إلى مؤسسة هيئة شئون الأنصار والتي لها دليل تأسيسي ويكون عبرها انتخاب الإمام .



    لقد تأخرت في قرار الإمامة كثيرا ، ولم يكن ذلك لعدم أهميتها ولكن لأننا أردنا تحويل شكل القيادة من النظام الأبوي إلى نظام المشاركة وتكوين الهيئة ثم تكون الإمامة مكملة لهذا الترتيب وقد حصل ذلك ولله الحمد. لقد كنت أرى صعوبة الجمع بين منصبي رئاسة الحزب وإمامة الأنصار، وكنت لذلك أفكر بإسناد إمامة الأنصار إلى شخص آخر لاعتقادي بضرورة مراعاة هذه المعاني. ما حدث أنه اتضح لنا ضرورة عدم التأخر في ملأ هذا المقعد لأن تركه شاغرا سيغري آخرين لا تتوفر لهم الكفاءة المطلوبة في الإمامة لملأ هذا المقعد ويكمن الخطر هنا في أن تولي شخص غير مناسب قد يقدمنا ضحية لجهات معينة ولا بد لنا من حماية هذه البيضة فالقيادة المستعدة للاستسلام ستضيع كل تراثنا المجيد وستعمل المؤامرات على اختطاف الكيان وتهدد مستقبله وهذا هو الذي جعلني أعجل بحسم أمر الإمامة وقد ظل الكثيرون ينصحونني بذلك ولمدة عشرين عاما خلت، (منهم ،المرحوم د.عمر والعم أمين التوم رحمه الله والحاج نقد الله شفاه الله) أما بخصوص الجانب التنظيمي:



    فنحن الآن في ظرف نواجه فيه: كيف تكمل الأنصارية تحولها إلى مؤسسة ، وهذا به جوانب كثيرة منها : كيفية الاستعداد للدفاع متى ما لزم ، وهذا جانب مهم.



    ومنها جوانب تحويل النشاط الأنصاري ليتمدد في التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية .



    والهيئة تعد نفسها للقيام بتلك الأدوار كاملة غير منقوصة، ولا شك أننا استطعنا استعادة كثير من أبنائنا وبناتنا الذين كنا نخسرهم وذلك: لفهمهم الدور الذي يمكنهم القيام به ولأن تلك الاجتهادات الفكرية قد استطاعت مخاطبتهم. ونتيجة لذلك صرنا نحقق الفوز في الانتخابات التي تجرى في الجامعات.وكما قال الشاعر:



    تبعتك عن ود قديم عرفته وأعجبني المسعى فبايعت ثانيا



    قديمنا وجديدنا يلقي علينا تكاليف، لأن السودان في خطر، مصدره:



    1/ غول الأثنية المسيسة المسلحة والتي أدت لها سياسات الإنقاذ ولا ترياق لمواجهتها سوى كياننا ليس حربا ، إنما بتوفير الماعون الأكبر الذي تستطيع التفاعل الصحي داخله.



    2/ ارتهان إرادة السودان للخارج: بحيث لا توجد قضية سودانية واحدة لا يشد أطرافها الرحال ،هجرة لأركان العالم الأربعة لحلها وقد حفظنا قرى كينيا كلها عن ظهر قلب- ناكورو، نيفاشا ومتشاكوس ودول العالم وعواصمه، أديس ابابا، أبوجا وانجمينا – وهكذا صار الشأن السوداني خارجيا ومتداولا داخل أضابير ودوسيهات جماعات أجنبية . لا بد لمجهودنا من العمل على سودنة القضايا السودانية واسترداد كرامة السودان ودوره ولنعيد تمليك السودانيين مصيرهم.



    هناك قضية أخرى خطيرة وهي قضية الإسلام عامة ، ومصدر الخطر عليه من جماعات الغلاة الذين رفعوا الرايات يبغون اختطاف مصير الإسلام، وقد ناوش هؤلاء الدول الكبرى وأتوا بها إلى منطقتنا ، والآن يتنافس الغزاة مع الغلاة للسيطرة على منطقتنا لاختطاف مصيرنا ، ولا بد لنا من عمل لاسترداد الأمر للأمة الإسلامية فنكون رأس الرمح من الحماة في وجه الغزاة والغلاة ودون ذلك سنكون من المقصرين خاصة وأننا نملك مؤهلات هذا الدور من فهم للموقف ثم القيام بمطلوباته.هذا يعني أن مهامنا هي:



    - مهام داخلية سودانية.



    - مهام أممية.



    كل تلك المهام تقع على عاتق هيئة شئون الأنصار للقيام بها ، وهو تحد خطير وهام يتطلب منا شيئين أولا، الوعي به ثم، كيفية الاستجابة له. في هذا الخصوص سنقوم بعقد مؤتمر صحافي في يوم السبت القادم إنشاء الله في هذه الدار وذلك لتقديم كتابي ( نحو مرجعية إسلامية متجددة متحررة من التعامل ألانكفائي مع الماضي والتعامل ألاستلابي مع الوافد). نحن محتاجون لموقف مماثل واستقطاب غير المسلمين حماية من الغزاة والغلاة وهذا ممكن فالهمة العالية يمكنها تحقيق النتائج الباهرة.



    يوجد مشفقون لوجود خلافات في كياننا وردي على ذلك بأن الخلافات يمكن أن توجد وهي غير مستغربة لأن رب العالمين جعل ذلك سنة كونية وفي تاريخنا الإسلامي حصل. الخلاف،لم يكن بدعا, فقد حملت عائشة السيف في وجه علي وكان ذلك في بيت الرسول(ص)! ولكني أقول حتى الآن ومن نعم الله علينا أن الخلافات التي حدثت في هذا الكيان كانت مدعومة بأيدي خارجية ابتداء من حزب التحرر وقد كان برعاية مصرية والحزب الجمهوري الاشتراكي وقد كان برعاية انجليزية ولهذا ننبه إخوانا المختلفين بأنه لا مانع لدينا من الاختلاف طالما لم يكن مدفوع الثمن وتجنب أن يكون مخلب قط لجهة خارجية



    وبالنسبة لقضية إتاحة الفرصة للاختلاف طالما روعيت فيه الخطوط الحمراء التي ذكرت ، أنا دائما أضرب المثل بأبنائي ، كثير من الناس يعتبرهم متشابهين في المواقف وهذا غير صحيح فلكل واحد أو واحدة اجتهاده وعمله و موقفه الخاص به وفهمه المميز له وهو ما يثبت أني لا أملي عليهم شيئا- وهم أقرب الناس لي- فمن باب أولى ألا أملي شيئا على الآخرين ، ولم يحدث لي قط أن وجهتهم لفعل شيء (أنصاريا ولا حزبيا) وكل من له منصب فقد اعتلاه انتخابا، واعتقد أني إن فعلت غير ذلك فلن أحترمهم و سأسيء لهم بجعلهم تعاريف أو مجرد أرقام وطبول وسأحرمهم من أي اجتهاد أو إبداع ومواهب .



    كثير من الناس يعيبون علي بقولهم أني ديمقراطي أكثر من اللازم! ولا أرى هذا عيبا وهي سياسة الأنبياء( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) (خذ العفو وأمر بالمعروف واعرض عن الجاهلين) (وأمرهم شورى بينهم) إلى آخر هذه المعاني وما نتبع من سياسة تلتزم الرحمة واحترام الإنسان والديمقراطية هي التي نعتقد أنها الأنسب وبغيرها سنحول الناس إلى واحد من اثنين:



    - طاعة عمياء.



    - أو عصاة.



    ولا نريد أي من النتيجتين بل نريد من الناس أن يقوموا على خدمة هذا الكيان بمودة ومحبة . والإمام المهدي ركز على معنى المحبة والحبان أعلى درجة من الإخوان وقد ذكر عنقود المحبة ذاك في قوله( أنقذني ومن صحبنى ومن أحبني على حب نبيك (ص) لأجلك ) وقد أحيا معنى المحبة وهو معنى صوفي عظيم لا بد من المحافظة عليه .



    الأنصارية ليست طائفة وهي درجة أعلى من الالتزام نجد أن الأنصارية كلمة تشتمل على ثلاث معان:إسلام، أيمان ،نصرة لله، وهي ثلاث درجات:



    الدرجة الأولى: الإسلام(ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين)



    الدرجة الثانية: الأيمان( إننا سمعنا مناديا ينادي للأيمان أن آمنوا بربكم فآمنا)



    الدرجة الثالثة: الأنصارية( يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصارا لله) ، وهي الدرجة الأعلى ومبتغانا أن نصلها ، صحيح قد لا نكون في ذلك المستوى ولكننا نتطلع له وقد نصيب منه 60% أو 70% المهم هو هدفنا ومن سار على الدرب وصل.



    نعتقد أن تاريخنا وحاضرنا وإنشاء الله مستقبلنا يقدم لنا تذكرة و خريطة وأساسا للمحافظة على ناسنا وعلى كسب غيرنا.



    للمحافظة على كوادرنا من أن تنجرف لغيرنا نقول: أن عملنا هذا مؤسس على الانتخاب وعلى المساءلة ومهما حققنا في هذا المجال (نزاهة الانتخاب أو دقة المحاسبة) نستطيع دوما تحقيق الهدف بصورة أكثر كمالا (ال20% يمكن تجويدها لتصير 60% وهكذا) .إن ما يفعله الإنسان ليس صوابا كله قال (ص) ( كل بني آدم خطاءون) ، إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك ما ألم، فان كان القرآن يخاطب الأنبياء بأخطاء فمن باب أولى أن يخطئ البشر العاديون، ولكن المهم دائما ما هي الأهداف؟ وما هو الالتزام؟ . عندنا كبشر أسباب عديدة وأبواب للخطأ في أشياء كثيرة ولكننا كمسلمين نجد أمرنا كله عبارة عن ميزان فلا يوجد من لا يخطئ(فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية)( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) .



    مهما كانت أخطاؤنا فإننا عند المقارنة بالكيانات الأخرى نجد أن كياننا الديني وأيضا السياسي هو الأكثر ديمقراطية الأكثر شفافية الأكثر تصديا لقضايا الدين والوطن والأكثر ابتلاء في سبيل الله وتلك حقائق لا يمكن مغالطتها دون تجني. وكل طاغية مر على حكم السودان أراد أن يشتري منا ذلك وكان قرارنا دوماً عدم الدخول في أي صفقات من هذا النوع ولا نسلم ولا نتخلى عن هذه الواجبات والمسئوليات.



    نعترف بأننا نخطئ كبشر ولا نجد مشكلة في ذلك طالما أن المؤسسة موجودة ونستطيع قول كل شيء داخلها وأقول أنه لا يوجد شخص سواء في حزب الأمة أو داخل الهيئة يستطيع أن يدعي بأن أمرنا مسير عن طريق الإملاء أو القهر أو رفض الرأي الآخر أو الطرد أو عدم احترام الكرامة.وقد كنا وما زلنا وسنظل نعامل الناس بالاحترام والشورى وبالانتخاب وحده يستطيع أي إنسان الوصول لمختلف المناصب . أقول وأكرر أن هذه المؤسسات ليست لي هي ملككم ووجدت لتحمي هذه المعاني فالإنسان فان والمؤسسات هي التي تبقى لتعزيز وتطوير ما ذكرت ويصح ذلك في مؤسسة الحزب ومؤسسة الهيئة لنستطيع تطوير أوضاعنا ومماشاة زماننا و لكي لا نتخلى عن أمرنا ونحافظ على الأمانة( فلكل زمان وأوان رجال وطبعا نساء) جعلنا الله من الذين يس
                  

01-09-2007, 09:36 AM

Abdelrahman Elegeil
<aAbdelrahman Elegeil
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 2031

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانصارية بين الامس واليوم..... محاضرة للحبيب الامام الصادق المهدي (Re: Abdelrahman Elegeil)

    Quote: هكذا، نرى أن الخليفة بصموده أعطى الدعوة عمرا، ليس ماديا بل عمرا معنويا وقد أسس موقفه هذا لموقفنا الصامد الذي هو راس مالنا وأي موقف منكسر ليس لنا، لسنا أبوه ولسنا أمه. من أسس هذه الدعوة دق في راياتها اثنتين: الجهاد والاجتهاد، من تخلى عنهما ليس منا
                  

01-09-2007, 09:57 AM

Abdelrahman Elegeil
<aAbdelrahman Elegeil
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 2031

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانصارية بين الامس واليوم..... محاضرة للحبيب الامام الصادق المهدي (Re: Abdelrahman Elegeil)

    خطبة الجمعة 18 ذوالحجة 1427هـ الموافق:5يناير2007م - ألقاها: الأمير: عبدالمحمودأبو


    الحمد لله وكفى, والصلاة والسلام على النبى المصطفى, وعلى آله وأصحابه الحنفاء, أمابعد: قال تعالى:" كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿213﴾ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ" صدق الله العظيم


    --------------------------------------------------------------------------------


    أحبابى فى الله



    الانسان بنيان الله كلف بتعمير الارض والقيام بواجب الاستخلاف, وقد أعده الخالق اعدادا يمكنه من أداء الوظيفة التى خلق لأجلها, وسخر كل المخلوقات لتقوم بخدمته, وهداه إلى السنن والقوانين التى تمكنه من الاستفادة منها قال تعالى" اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ ﴿32﴾ وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴿33﴾ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ" وجاء التشريع الاسلامى محققا للمصالح الانسانية فى كل صورها , وحتى الاحكام المتعلقة بالعبادات نجدها تراعى المصلحة الانسانية, فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر, وثبت أن الانضباط السلوكى له دوركبير فى صحة البدن وطول العمر, والصوم يساعد على تنظيم الدورة الدموية وتنقية الدم من الأملاح والدهون , وتنظيم الغذاء بصورة تمكن الجسم من الاستفادة القصوى من الطعام والشراب, وهكذا كل العبادات نجدها بصورة أو أخرى تهدف لمصلحة الانسان فى الدنيا والآخرة , هذا يوضج لنا أن الاسلام جعل الانسان مقدما على غيره من المخلوقات وسيدا عليها فأولاه بالعناية والتكريم وأحاطه بالنعم وطوقه بالأفضال, فالإنسان هو المخلوق المكلف بأمر الإستخلاف في الأرض ولذلك كرمه الله وفضله على كثير من خلقه ، وجاءت تعاليم الإسلام محققة لمصالحه وملائمة لفطرته ومتفهمة لمشاعره ومراعية لمؤثراته وعوامل ضعفه ، فالخطأ يتجاوز ، والحسنات يذهبن السيئات ، والتوبة النصوح تجب ما قبلها ، والإستغفار يرفع العذاب ، ورحمة الله سبقت غضبه ، والحسنة بعشرة أمثالها وتزيد ، والسيئة بمثلها وتغفر ، فالإنسان هو المحور الذي تدور حوله الأحكام وفي النهاية فإن مقصدها الأسمى تكريمه في الدنيا وفلاحه في الآخرة . ولا يوجد مخلوق وجد تكريماً من الله سبحانه وتعالى كما وجده الإنسان ، فالملائكة أمروا بالسجود له ، وكلف بالإستخلاف في الأرض وسخر الكون لخدمته ، ونزل التشريع لمصلحته ، والكعبة المشرفة مع عظمتها وحرمتها ومكانتها الروحية وقف عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها : (( ما أطيبك وأطيب ريحك ، ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ، ماله ودمه وأن يظن به إلا خيراً ))[1] .



    فمن ثوابت الإسلام تكريم الإنسان وكفالة حقوقه وحرياته ، والتكريم في الإسلام ليس خاصاً بشعب أو عرق أو ملة بل هو تكريم عام لجنس الإنسان دون التفات إلى لونه أو جنسه أو معتقده ، قال تعالى : ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾[2] عن عمر رضي الله عنه قال : ( جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً مع بلال وعمار وصهيب وخباب بن الأرت في ناس من الضعفاء من المؤمنين ، فلما رأوهم حقروهم ، فأتوا فخلوا به ، فقالوا : إنا نحب أن تجعل لنا منك مجلساً تعرف لنا به العرب فضلنا ، فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا مع هذه الأعبد ، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا ، وإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت ، قال: (( نعم )) قالوا : فاكتب لنا كتاباً ، فدعا بالصحيقة ليكتب لهم ودعا علياً ليكتب ، فلما أراد ذلك ونحن قعود في ناحية إذ نزل عليه جبريل فقال : ﴿ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾[3] )[4] . هذا النهج الذي اختطه الإسلام جعل كثيراً من الشعوب المستضعفة والشرائح المظلومة اجتماعياً تندفع بقوة للدخول فيه لتحقق إنسانيتها كما أنه أعطى المسلمين القدرة على التواصل مع أهل الملل الأخرى والتعاون معهم في البر والخير ، وبالمقارنة نجد اليهودية تميز بني إسرائيل على غيرهم وتعطيهم حق الإستعلاء على الآخرين بل واستعبادهم وأكل أموالهم ظلماً وعدوانا . ( فاليهودية التلمودية قد تحولت إلى " ديانة عنصرية " يقول لها : " عهدها القديم " إن اليهود ـ بحكم الولادة والعرق والدم والجنس .. وليس بحكم التدين والصلاح والتقوى ـ هم شعب الله المختار ، وأبناؤه وأحباؤه ! يقول لهم : " عهدهم القديم " هذا إن علاقتهم بالآخرين ـ كل الآخرين ـ ليست فقط الكراهية واللعن والإنكار ، بل المطلـوب منهم " أن يأكلوا " الشعوب الأخرى أكلاً !.. فإبادة الآخرين ـ عندهم ـ تكليف إلهي: ((والآن اقتل كل ذكر بين الصغار ، وكل امرأة عرفت رجلاً ضاجعها ))[5] (( لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك . إياك اختار الرب إلهك لتكون له شعباً أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض .. مباركاً تكون فوق جميع الشعوب .. وتأكل كل الشعوب الذين الرب إلهك يدفع إليك . لا تشفق عيناك عليهم ))[6] )[7] . وقد أكد القرآن هذا النهج اليهودي قال تعالى : ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾[8] وهذا ما جعلهم منبوذين في معظم البلدان لأنهم لا يستطيعون التكيف مع غيرهم بسبب إعتقادهم الإستعلائي وأسلوبهم الإستعدائي وسخريتهم من الآخرين. والنصرانية تعتبر الناس أنجاساً بسبب الخطيئة المو التي ارتكبها آدم عليه السلام ولا يطهر منهم من رجس الخطيئة إلا من آمن بفداء السيد المسيح ، وكثير من النِحل الوضعية لديها مفاهيم تقيدها عن الإعتراف بقيمة للآخر بل تقوم على مفاهيم تطرد الإنسان طرداً من الإعتقاد الديني مثل : عقيدة شعب الله المختارعند اليهود ، وزعم اليهود والنصارى بأنهم أبناء الله وأحباؤه ، ومفهوم التثليث والقول بطبيعة إنسانية الهية للسيد المسيح والقول بالخطيئة المو في عقيدة المسيحيين ، وعقيدة الجهل أساس المعرفة كما تقول بعض النحل الشرقية القديمة إلى غيرها من المفاهيم التي لا يقبلها العقل السليم .



    إن تعاليم الإسلام ترفض هذه المفاهيم التي تنتقص من دور الإنسان وتحط من كرامته ، فالإنسان في الإسلام مكرم كإنسان خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وفضله على كثير ممن خلق تفضيلاً ، والتكريم مكفول له على طول مسيرته ، فالحمل يجب أن يكون حملاً شرعياً من زواج صحيح ، ولا يجوز إسقاط الجنين من بطن أمه دون سبب شرعي أو صحي يتعلق بحياة الأم ، وبعد الميلاد يسمى إسماً حسناً ويتمتع بحقوق الطفولة : الرضاعة والعناية والرعاية والصحة والتعليم والعيش في ظل أسرة تعطيه الحنان وتشمله بالمحبة والرعاية حتى يبلغ رشده ويتحمل مسئولياته ، وكرامته مصانة فلا يهتك عرضه ، ولا يقذف ولا يساء إليه ولا يؤذى بأي نوع من أنواع الأذى ، وحرم الإسلام الغيبة والنميمة والسخرية والتجسس وإلحاق الضرر بالغير بل حتى الظن السيئ يتجنب الكثير منه قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 11 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ﴾[9] وفي ظل الإسلام وجد الآخر حقوقاً متساوية مع المسلمين ، كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص ـ عامله على مصر ـ كتاباً جاء فيه (.. واعلم يا عمرو أن الله يراك ويرى عملك فإنه قال تبارك وتعالى في كتابه : ﴿ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾[10] يريد أن يقتدي بهم ، وأن معك أهل ذمة وعهد وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وأوصى بالقبط ، فقال : (( استوصوا بالقبط خيراً فإن لهم ذمة ورحماً )) ورحمهم أن أم إسماعيل منهم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من ظلم معاهداً أو كلفه فوق طاقته فأنا خصمه يوم القيامة ))[11] احذر يا عمرو أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم لك خصماً فإنه من خاصمه خصمه ، والله يا عمرو لقد ابتليت بولاية هذه الأمة وآنست من نفسي ضعفاً ، وانتشرت رعيتي ورق عظمي ، فاسأل الله أن يقبضني إليه غير مفرط ، والله إني لأخشى لو مات جمل بأقصى عملك ضياعاً أن أسأل عنه يوم القيامة )[12]







    ومن خصائص التعاليم الإسلامية المرونة والإعتدال ومراعاة البيئة التي تطبق فيها. هذه الخاصية جعلت الإسلام قادراً على التكيف مع القضايا المختلفة مهما تعددت بيئاتها وتنوعت ، ومهما اختلفت أماكنها وأزمانها وتباينت ، والتجربة تؤكد أن العرب والأتراك والفرس والهنود والروم والأفارقة حققوا أعظم عطائهم في ظل الإسلام ، ولم يتحرج المسلمون من الإقتباس من تجارب غيرهم لأن دينهم يرحب باستصحاب النافع من عطاء الإنسانية وإن اختلف معها في المعتقد ، فعندما أشار سلمان الفارسي بحفر الخندق حول المدينة لصد عدوان الأحزاب المتحالفة أمر رسول الله بحفره ولم يرفضه باعتباره تجربة فارسية ، والخليفة عمر بن الخطاب أمر بتدوين الدواوين اقتباساً من تجربة الروم ، فعندما كانت هذه المفاهيم هادية في المجتمع الإسلامي تفتقت عقول علماء الإسلام فرفدوا الإنسانية بكل فنون المعرفة : في الطب والكيمياء والصيدلة والفيزياء والفلسفة والفن المعماري والعقائد والأديان المقارنة والجغرافيا والفلك والصناعة وغيرها من العلوم التي بنت عليها الحضارات اللاحقة صرحها .



    لقد ظلم بعض الدعاة الإسلام حيث علبوه في الماضي وجعلوا اجتهاد السابقين ملزماً بحجة أن باب الإجتهاد قد أغلق . هذا النهج يحصر الإسلام في حقبة تاريخية معينة ويعطل دور الخلف وهذا يتناقض مع قوله تعالى : ﴿ تلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَِ ﴾[13] فالإسلام جاء لكل الناس وكما خاطب القرآن السلف فهو يخاطب الخلف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ومطلوب منا أن نجتهد كما اجتهدوا وأن نفهم أن العطاء الإسلامي متجدد والقرآن هو كتاب الله لكل الناس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فواجب كل مكلف أن يجتهد ليعرف حكم الله من كتابه وسنة نبيه الصحيحة لا من كلام البشر ، وطبعاً هنالك ثوابت ليست محل اختلاف وإنما الكلام عن القضايا الإجتهادية فبالمرونة والإعتدال والإجتهاد تتحقق عالمية الإسلام ويتجدد عطاؤه الذي لا ينضب : ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء 24 تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾[14] .



    الحديث: قال صلى الله عليه وسلم فى خطبته بمنى " ياأيها الناس ألا إن ربكم واحد , ألا إن أباكم واحد, ألا لافضل لعربى على عجمى , ألا لافضل لأسود على أحمر إلا بالتقوى, " أو كما قال أخرجه أبونعيم فى الحلية .






    الخطبة الثانية



    الحمد لله الوالى الكريم والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم



    وبعد



    قال تعالى" قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين" صدق الله العظيم



    أحبابى فى الله ونحن نعيش ذكرى الاستقلال علينا أن ندرك أن الدماء التى سالت والتضحيات التى قدمت كان سلفنا هدفه من كل ذلك تحرير الوطن وكرامة الانسان, ولكى نحافظ على الامانة فلنحافظ على وحدة الوطن واستقراره وعلى حرية الانسان وصيانة حقوقه فلا يجوز أن نرفض الاستبداد من المستعمر ونخضع له فى ظل الحكم الوطنى فالظلم أفدح من ذوى القربى , وعلى حكامنا أن يدركوا أن السيادة الوطنية تتحقق عندما يوفرون السيادة الانسانية , وأن الشرعية تقوم على الرضا لاعلى القهر, وأن أى تقدم أو ازدهار للوطن لن يتم والحقوق مهدرة والحريات مكبوتة , فمناخ الكبت والقهر والخوف والإرهاب، من شأنه أن يولد الإحباط والتطرف والهروب من الواقع والخوف من المجهول ، فالضغط النفسي الناشئ عن تلك الأسباب يمكن أن ينفجر في شكل ممارسات عنيفة موجهة ضد الأبرياء والضعفاء كما هو مشاهد في عالم اليوم ، قال عالم الإجتماع عبد الرحمن الكواكبي : ( ومن غريب الأحوال أن الأسراء [المقهورين] يبغضون المستبد، ولا يقوون على استعمالهم معه البأس الطبيعي الموجود في الإنسان إذا غضب ، فيصرفون بأسهم في وجهة أخرى ظلماً : فيعادون من بينهم فئة مستضعفة ، أو الغرباء ، أو يظلمون نساءهم ونحو ذلك . ومثلهم في ذلك مثل الكلاب الأهلية ، إذا أريد منها الحراسة والشراسة فأصحابها يربطونها نهاراً ويطلقونها ليلاً فتصير شرسة عقورة ، وبهذا التعليل تعلل جسارة الأسراء أحياناً في محارباتهم ، لا أنها جسارة عن شجاعة . وأحياناً تكون جسارة الأسراء عن التناهي في الجبانة أمام المستبد ، الذي يسوقهم إلى الموت فيطيعونه انذعاراً كما تطيع الغنمة الذئب فتهرول بين يديه إلى حيث يأكلها )[15] لقد لخص هذ العالم الحالة أبلغ تشخيص وهو ما يفسر قسوة المتطرفين تجاه مخالفيهم فنراهم يبتسمون وهم ينظرون إلى ضحاياهم يتأوهون من الألم بل ربما يجلسون على جثثهم وهم يتناولون الطعام ، ومن ناحية أخرى نجد أعوان المستبدين الذين يمثلون أياديهم الباطشة يستأسدون على الضعفاء ويتنمرون وعندما يواجهون مواقف تستدعي البسالة والصمود يهرولون هرباً قال عمران بن حطان معيراً الحجاج عندما فر هارباً في بعض حروبه من غزالة زوجة شبيب بن يزيد الشيباني الخارجي :







    أسد عليّ وفي الحروب نعامة فتخاء[16] تنفر من صفيرالصافر



    هلا كررت على غزالة في الوغى بل كان قلبك في جوانح طائر[17]







    لذلك حرص الإسلام على توفير مناخ الحرية والأمان والتفاؤل لأن المناخ السليم في ظله يولد الإبداع والتفاؤل والاعتدال في المواقف والوسطية في الأفكار ، فمناخ الاستبداد والخوف أسوأ عدو للإنسان لأنه يفسد الأمزجة ويشوه الطبائع ، ويشوش التفكير يقول الكوكبي : ( وقد يبلغ فعل الإستبداد بالأمة أن يحول ميلها الطبيعي من طلب الترقي إلى طلب التسفل ، بحيث لو دفعت إلى الرفعة لأبت وتألمت كما يتألم الأجهر من النور، وإذا ألزمت بالحرية تشقى وربما تفنى كالبهائم الأهلية إذا أطلق سراحها . وعندئذ يصيرالإستبداد كالعلق[18] يطيب له المقام على امتصاص دم الأمة فلا ينفك عنها حتى تموت ويموت هو بموتها )[19] ؛ وكأنه يقرأ حال أمتنا في عصرها الحاضر ! فقد قتل الإستبداد فيها روح الإبداع والمقاومة وأفسد مزاجها ، وانفرط عقدها فيا أيها الظالمون أفيقوا من نومكم وارفعوا ظلمكم, ويا أيها المظلومون لاتستسلموا واعلموا أن النصر مقرون بالتضحية والصبر قال تعالى "إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"



    أحبابى فى الله فقد كياننا فى هذا الأسبوع الأنصارى مردس محمد حسن الذى كان يمثل عمودا من أعمدة الكيان وأسدا من أسوده كان أنصاريا ساندا لكيانه بماله ومواقفه فقد بنى مسجدا للكيان فى الكلاكلة القبة شيده على أرضه الخاصة وبماله المكتسب من عرقه ولاينسى محبوه كلمات عمه التى كان يرددها دائما فقد لقيه بعض الحانقين على المهدية بعد سقوط الدولة وكان يرتدى جلابية القنجة فقال له " جيت لابس الجبة القلبى أباها , ياباها جميع السواها وليكم يوم ود طه فقال له عم حاج مردس سمح : يا فلان : كتير المتلك يعصى ويطيع بطعن الكبسى تموت عريان ماك مكسى . وليك يوم جردة هكسى , رحم الله الحاج مردس محمد حسن فقد كان أمة فى قومه, كما يترحم كياننا على روح المغفور له على أحمد المفتى والد الكابتن عادل المفتى عضو مجلس الحل والعقد واخوانه صلاح وكمال وياسرورحم الله كلا من محمد ابراهيم العركى ويوسف حسن المحامى بالأبيض ورابعة محمد أبو كلام والسلطان حسن برقو سلطان زغاوة كبكا وبشرى محمد الامام بود الحليو وزينب أحمد ايدام زوجة الهادى سليمان محكر بالجزيرة أبا ومحمود سعيد محمد سعد ابن عم طه أحمد سعد رئيس الحزب بولاية نهر النيل لاواخوانه بالعكد نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة ولآلهم الصبر وحسن العزاء ونسأل الله عاجل الشفاء للمرضى ابراهيم على ابراهيم مدير مكتب الامام ومحمد بلة عبد الرحيم من العكد وزوجة ماهر محمد عبد الله اللهم أشفهم شفاء لايغادرسقما يارب العالمين, اللهم ارحم ضعفنا وفرج كربنا واستر عيبنا واحسن خلاصنا وبلغنا مما يرضيك آمالنا وخلص بلادنا من هذا البلاء الذى خيم عليها يارب العالمين, عباد الله إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون , اذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبروالله يعلم ماتصنعون قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله


    --------------------------------------------------------------------------------





    [1] أخرجه ابن ماجة في السنن ( 3932 ) .. والسيوطي في الدر المنثور ( 7 / 565 )





    [2] سورة الإسراء الآية ( 70 )





    [3] سورة الأنعام الآية (52)





    [4] أخرجه السيوطي في جامع الأصول ( 616 ) .. والقرطبي في تفسيره ( 6 / 431 )





    [5] سفر الأعداد : 17:31





    [6] سفرالتثنية . إصحاح 6:7 ، 7 ، 14 ـ 16





    [7] محمد عمارة : الغرب والإسلام ، أين الخطأ وأين الصواب ص ( 28 )





    [8] سورة آل عمران الآية ( 75 )





    [9] سورة الحجرات الآيات ( 11 ـ 12 )





    [10] سورة الفرقان الآية (74)





    [11] أخرجه أبوداود في السنن (3052) وفي روايته زيادة [..أو انتقصه أوكلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغيرطيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة]





    [12] أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ( 3 / 299 )





    [13] سورة البقرة الآية ( 134 )





    [14] سورة ابراهيم الآيات ( 24 ـ 25 )





    [15] الأعمال الكاملة للكواكبى : ص (503) سلسلة التراث القومى : مركزدراسات الوحدة العربية





    [16] فتخاء : مسترخية مفاصلها





    [17] عيون الأخبار لابن قتيبة الجزء الأول ، ص ( 263) دار الكتب العلمية – بيروت . وحياة الحيوان الكبرى تأليف كمال الدين الدميرى الجزء الثانى ص (637) دارالفكر للطباعة والنشر بيروت طبعة 2005م

                  

01-09-2007, 10:11 AM

Abdelrahman Elegeil
<aAbdelrahman Elegeil
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 2031

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانصارية بين الامس واليوم..... محاضرة للحبيب الامام الصادق المهدي (Re: Abdelrahman Elegeil)

    الله أكبر الله أكبر الله أكبر اللهم إني أحمدك، واثني لك الحمد يا جليل الذات ويا عظيم الكرم، وأشكرك شكر عبد معترف بتقصيره في طاعتك يا ذا الإحسان والنعم، وأسألك اللهم بحمدك القديم، أن تصلي وتسلم على نبيك الكريم، وآله ذوي القلب السليم، وأن تعلي لنا في رضائك الهمم ،وأن تغفر لنا جميع ما اقترفناه من الذنب واللمم. آمين


    --------------------------------------------------------------------------------




    بسم الله الرحمن الرحيم



    خطبة عيد الأضحى المبارك التي ألقاه الإمام الصادق المهدي



    في العاشر من ذو الحجة 1427هـ الموافق 30 ديسمبر 2006م



    بمسجد الهجرة بالبقعة



    الله أكبر الله أكبر الله أكبر



    اللهم إني أحمدك، واثني لك الحمد يا جليل الذات ويا عظيم الكرم، وأشكرك شكر عبد معترف بتقصيره في طاعتك يا ذا الإحسان والنعم، وأسألك اللهم بحمدك القديم، أن تصلي وتسلم على نبيك الكريم، وآله ذوي القلب السليم، وأن تعلي لنا في رضائك الهمم ،وأن تغفر لنا جميع ما اقترفناه من الذنب واللمم. آمين



    أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز:



    أستهل حديثي لكم بمباركة ثلاثة أعياد: عيد الأضحى المبارك وعيد استقلال السودان وعيد ميلاد المسيح عليه السلام الذي أخص به إخوتنا في الإنسانية وفي الكتابية المسيحيين.



    في 12/9/2006م زكى رئيس دولة الفاتيكان وبابا الكنيسة الكاثوليكية دينه بالعقلانية والتسامح، وعقد مقارنة بينه وبين الإسلام نتيجتها إدانة الإسلام بالتعصب ومجافاة العقلانية. فصلت الرد عليه وافيا في مقالي" مباهلة رئيس الفاتيكان" وأرجو أن يكون قد أدرك خطأه وسوء توقيت مقالته. على أية حال سوف يستمر السجال بيننا جميعا وأرجو بل أتوقع أن تنتصر حجتنا لوضوح برهانها. إن عقيدة الإسلام واضحة في إقامة الدين على التوحيد، وفي أن هذه الحقيقة فطرية في نفس الإنسانوَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)[1]، وواضحة في أن رسالات الوحي لكافة الأنبياء واحدة: (شَرَع لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)[2]، وفيما يتعلق بالحالة الإنسانية كلها فإن مبادئ الإسلام عززتها أفضل تطورات العقل الإنساني في بيان ثوابت الأخلاق وفي بيان وسائل المعرفة الأربعة: الوحي، والإلهام، والعقل، والتجربة.



    والعقل من نعم الله على الإنسان واستخدامه إلى أقصى مدى من واجبات الدين. "روى ابن خرامة عن أبيه أن النبي (ص) سئل: أرأيت أدوية نتداوى بها ورقي نسترقيها ، وتقى نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: هي من قدر الله". عالم الشهادة هو كتاب الله المنشور ومعرفة قوانينه وتسخيرها واجب ديني. قال تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ)[3].



    أحبابي:



    إن مصادر العبادات في الإسلام وهي من حقائق الوحي: (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ)[4] ومع ذلك فإن لها أساسا معقولا لأن تكليف العاقل بما يناقض العقل يضع الإنسان في حرج نفاه القرآن: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[5]، وتباهى بذلك المسلمون:



    لم يمتحنا بما تعي العقول به



    حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم



    إن آيات القرآن تخاطب العقل وتعتبر الكفر نوعا من الجنون: (تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)[6] فالصلاة وسيلة تواصل روحي مستمر وهي: (تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء)[7] والزكاة تطهير للمال من دنس المعاملات الكسبية التي لا تخلو من حيل وتجاوزات وهي وسيلة للتكافل الاجتماعي.



    والحج سياحة روحية فيها شعائر تعظيم لعقيدة التوحيد، وشعائر توثيق للصلة بين التوحيد لله ووحدة الأمة، وفيها شعائر تحاكي أحداث قصص إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام .. إنه مظاهرة روحية يتدافع أصحابها في أزياء بسيطة متشابهة يعلنون بأقوى أسلوب الولاء للواحد الأحد والبراءة من الشرك والظلم.



    أما شعيرة العيد فمنذ الرسالة الإسلامية صار يوم عرفة قمة شعائر الحج وصار عيدا لكل المسلمين وسنت فيه الصلاة الجامعة وسنت فيه الأضحية قربانا.. (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ)[8]



    والأضحية ينبغي أن تكون سالمة من العيوب، وأن تذبح بعد صلاة العيد مباشرة، ويمكن أن تذبح في سائر أيام التشريق، ولا تجب إلا على من يملك ثمنها فإن عجز عن ذلك فقد ضحى عنه النبي "ص" فمن وجبت عليه الأضحية وذبحها يندب أن يأكل هو وأسرته ثلثها، وأن يهدي للجيران والأصدقاء ثلثها، وأن يتصدق بالثلث للمساكين.



    إن لقصة الفداء أهميتها الدينية وقدوتها التربوية، كما أن لقصة هاجر دلالة مادية على حقيقة قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)[9]. الحضارة المكية نمت وترعرعت نتيجة لبئر زمزم.



    أحبابي:



    منذ ستة أعوام نشرت كتابا بعنوان: مياه النيل: الوعد والوعيد، وأهم ما فيه أن المياه العذبة في العالم محدودة، وأن الطلب عليها غير محدود، وأن الطلب للمياه ينمو بسرعة بسبب تزايد السكان، والتنمية الاقتصادية، والحياة الحضرية. في الأعوام العشرة الماضية نما وعي أكبر بمشكلة المياه. والآن المطلوب في المقام الأول نشر الوعي بالمشكلة والعمل على زيادة المياه المتاحة وذلك عن طريق الوسائل الخمس الآتية:



    ‌أ. إبرام اتفاقيات مقبولة لكل الأطراف تنظم علاقات الدول المتشاطئة على أنهر مشتركة كالنيل، ودجلة، والفرات، للتعاون بينهم لإقامة مشروعات تزيد من دفق مياه الأنهر، فدفق مياه النيل يمكن أن يزيد 50% إذا تمت مشروعات معينة.



    ‌ب. حصار مياه الأمطار عن طريق السدود والحفائر وزيادة كفاءتها بمنع تسرب المياه.



    ‌ج. معالجة المياه العادمة من الزراعة، الصناعة، والاستعمال المنزلي.



    ‌د. تكثيف البحث العلمي لا سيما استغلال الطاقة الشمسية في تحلية مياه البحار.



    ‌ه. تحقيق إدارة متكاملة للموارد المائية داخل كل قطر، التنسيق والتعاون إقليميا ودوليا في مجال الموارد المائية.



    الاهتمام بزيادة المياه وحده لا يكفي بل يجب أن يصحبه عمل جازم لترشيد الطلب على المياه بالوسائل الآتية:



    ‌أ. تحديث أساليب الري الزراعي فالري بالغمر يهدر 40% منها ولكن بواسطة أنابيب للرش والتنقيط ترتفع كفاءة مياه الري الزراعي.



    ‌ب. بث الوعي بأن الماء ليس متاحا بلا تكلفة كالهواء، بإلزام المستهلكين بدفع قيمة التكلفة على الأقل.



    ‌ج. استخدام التكنولوجيا لضبط استهلاك المياه المنزلية بصورة حازمة. فهدر نقطة واحدة في منزل أسرة صغيرة يهدر 7 أمتار مياه.



    ‌د. إشراك مستهلكي المياه في إدارة الموارد المائية بوسائل ديمقراطية.



    ‌ه. استخدام كافة وسائل الإقناع لدعم ثقافة التعامل مع الماء كشيء نادر وعلى رأسها الإيمان والوجدان، فمحاربة الإسراف في كل شي من مقاصد الشريعة الإسلامية. والقدوة المحمدية رائدة في مجالات الحياة لا سيما في التعامل مع المياه. فقد أمر النبي (ص) سعدا بالإقلال من استخدام الماء في الوضوء حتى من نهر جارٍ. وكان النبي(ص) كما روى جابر يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع.



    قال تعالى: "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"[10] أستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.








    بسم الله الرحمن الرحيم



    الخطبة الثانيــة



    الله أكبر الله أكبر الله أكبر



    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.



    أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز، قال تعالى قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[11]



    كان النظام السياسي الديمقراطي في السودان يوفر لأهله كافة حقوق الإنسان ثم استولى على السلطة بالقوة نفر أعلنوا عزمهم على إنقاذ البلاد. كان أول أعمالهم إجهاض مشروع السلام الذي كان وشيكا وكان بلا حاجة لتقرير المصير وبلا رافع أجنبي.



    عبر 17عاما أدرك نظام الإنقاذ فشل مشروعه الحضاري والتمس من اتفاقيات السلام الثلاث وسيلة لاحتواء المقاومة المسلحة، ولإرضاء الأسرة الدولية، ولتمديد عمره بمباركتها.



    نعم اشتملت اتفاقيات السلام الثلاث على بعض الايجابيات مثل وقف إطلاق النار ولكن هياكلها وقيامها على الثنائية والمساومة عرضها للمخاطر الآتية:



    1. افتراض أن الطرفين الموقعين يمثلون الوطن كله أو الإقليم المعني غير صحيح ومثير لمعارضة الغائبين.



    2. إغفال مشاركة المجتمع السياسي والمدني السوداني غير المسلح يطعن في شرعيتها ويعطى حق النقض الانفرادي لأطرافها.



    3. قيام الاتفاقيات على المحاصصة الثنائية لا على الشرعية، وقيام الحصة نفسها على الوزن المسلح سوف يجعل أطراف الاتفاقيات حريصة على استمرار فصائلهم المسلحة لحراسة مكاسبهم.



    إليك فإني لست ممن إذا اتقى






    عضاض الأفاعي نام فوق العقارب!



    السبيل الوحيد للخروج من الأزمة المتعلقة باتفاقية نيفاشا هو اعتماد قومي لمكاسب الجنوب باعتبارها ثمنا مستحقا لوقف القتال، ولكن في الاتفاقية عيوب أوضحناها في مقام آخر ولا سبيل لعلاجها إلا عبر الملتقى القومي الدستوري المقترح لنقل الاتفاقية من الثنائية إلى القومية ومن المحاصصة الثنائية إلى الشرعية القومية.



    أما دارفور فإن الموقف فيها يندفع نحو التمدد داخل السودان وعبر الحدود ليشمل أواسط أفريقيا كلها وهناك إجراءات عاجلة لا بد من اتخاذها على المدى القصير والفوري وهي إجراء إصلاح إداري يضع في زمام المسئولية الإدارية في الولايات الثلاث ولاة مؤهلين وذوي صفات قومية ليجدوا ترحيبا عاما من السكان. وينبغي إبرام اتفاق جديد بين الأطراف المتنازعة لوقف إطلاق النار يأخذ في الحسبان المستجدات على الساحة وهي:



    ‌أ. توسع الاقتتال داخل السودان في مناطق خارج دارفور.



    ‌ب. الاقتتال عبر الحدود السودانية الذي يدور حاليا ووضع حد له.



    ‌ج. المليشيات الحكومية المستترة وضرورة أخذها في الاعتبار.



    ‌د. الحالة الأمنية تشهد تفلتا داخل الحركات المسلحة ومهددات للأمن نهاية ينبغي التعامل معها.



    ‌ه. ضبط مهمة نزع السلاح وتحديد ما ينبغي عمله بإشراف دولي.



    ‌و. احتواء الخطر على المدنيين في المعسكرات وفي المدن.



    ‌ز. النص على القوات الدولية وتطبيق القرار 1706 بالتعديلات المطلوبة لقبوله من كل الأطراف.



    ‌ح. الاستجابة لمطالب منظمات الإغاثة لضمان استمرار عملها.



    ‌ط. مشاركة التكوينات الجديدة في التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار الجديد والالتزام به.



    ‌ي. ومباشرة بعد التوقيع على اتفاقية جديدة لوقف إطلاق النار يتفق على إعلان مبادئ جديد ينص على الآتي:



    أولاً: فيما يتعلق بالإقليم ووحدته والحدود والمشاركة في الرئاسة يرد لدارفور ما كان لها عام 1989م.



    ثانياً: الالتزام بالقرارات 1591 و 1593 لعدم الإفلات من العقوبة.



    ثالثاً: تكوين هيئة قومية للحقيقة والمصالحة ورفع المظالم.



    رابعاً: الالتزام بتعويضات جماعية لضحايا الأحداث مثل إعادة تعمير القرى، وتعويضات فردية للأسر للتمكن من استئناف حياتها العادية.



    خامساً: الاتفاق على أساس قومي للإدارة الانتقالية مما يكفل قومية المؤسسات النظامية والمدنية.



    سادساً: أن تكون الحقوق للإقليم في السلطة والثروة بنسبة السكان.



    سابعاً: أن ينال الاتفاق شرعية إقليمية عبر ملتقى جامع دارفوري/ دارفوري.



    ثامناً: الالتزام بحسن الجوار وعدم التدخل في شئون الجيران.



    تاسعاً: أن يكون للاتفاق شرعية قومية عبر ملتقى جامع.



    هذا النمط القائم على الحقانية والشرعية يصلح للتطبيق على الشرق وعلى الأقاليم الأخرى التي توشك الأوضاع فيها على انفجارات مماثلة في كردفان وفي الإقليم الأوسط والشمالي.



    وهنالك قضايا هامة:



    · إلغاء قانون الصالح العام السيئ السمعة إجراء عادل ولكن يجب أن يصحبه إنصاف ضحاياه في الماضي وإلا صار ظالما.



    · القرار الخاص بمعاشات الأساتذة قرار جائر نرفضه وندعم موقف أساتذة جامعة الخرطوم ونعمل على تحرير النقابات كلها من قبضة المؤتمر الوطني وكذلك على إصدار قوانين تكفل استقلال الجامعات ونعتبر ذلك جزءا لا يتجزأ من تصفية التمكين الشمولي.



    · لا شك أن كثيرا من الحكام قد كونوا لأنفسهم ثروات طائلة ونحن نطالب بتكوين لجنة قومية للكشف عن كل هذا الملف، وطبعا لجنة قومية حقيقية لا اللجان الثنائية التي من شأنها التستر.



    · الميزانية:



    o ميزانية 2007 تعلن ضبط الولاية على المال العام مما يؤكد غياب الضبط 17 عاما وأنه استجد بوجود شركاء.



    o البرامج المذكورة لمحاربة الفقر ودعم الخدمات إنشاءً لم يخصص لها المال اللازم لأن أولويات الميزانية ما زالت عسكرية وأمنية رغم السلام.



    o المال العام مبدد في مفاسد كثيرة مثل الأولويات الأمنية والرشوة للمحاسيب.



    o الشعارات الجيدة كالنفرة الزراعية منطلقة من دوافع حزبية وتقرن بقنوات حزبية.



    o الشكوى من عدم التزام المانحين بوعودهم لا تستغرب إزاء غياب الأمن وعدم وفاء الحكومة بما وعدت به.



    إننا سوف نعمل على توحيد الرؤى الوطنية كافة حول هذه المطالب المشروعة:



    أولاً: القوى السياسية والمدنية غير المسلحة.



    ثانياً: القوى السياسية المسلحة إذا ارتضت ووقعت على اتفاق وقف إطلاق النار الجديد.



    هذا الإجماع الوطني يواجه به المؤتمر الوطني، والأسرة الدولية،فإن قبل فهذا هو المراد وهو الأسلم للسودان.



    المصلحة الوطنية توجب إقناع المؤتمر الوطني بهذا الموقف الوطني الموحد وإلا فإن المصلحة الوطنية توجب الضغط بالوسائل المدنية والحركية على المؤتمر الوطني حتى يستجيب لهذه المطالب المشروعة.



    أحبابي:



    إن الموقف في السودان إذا لم يحسم بسرعة سوف تعم فيه المنازعات ويوشك عبر التهاب دارفور أن يتمدد على وسط وغرب أفريقيا، ويوشك عبر الاقتتال الأثيوبي الإريتري في أراضي الصومال والطرف السوداني فيه، أن يشعل حرباً في القرن الأفريقي شبيه بحرب الكنغو، ويوشك عبر الحرب الأهلية في شمال يوغندا أن يتمدد عبر شرق أفريقيا.



    والموقف في فلسطين والعراق، ولبنان مشحون باحتمالات توسع مماثلة ولا سبيل لاحتواء هذا التوسع إلا عن طريق ثلاث خطوات:



    أولاً: ينبغي أن يدرك المقتتلون في فلسطين، والعراق، والصومال، والمتربصون في لبنان أنه لا سبيل لإلغاء الآخر ولا بديل للقاء جامع بين الأطراف الوطنية ولإبرام اتفاق وطني شامل. إننا نناشد الجميع وقف الاقتتال واتخاذ هذا الطريق.



    ثانياً: التزام كافة دول الجوار بعدم التدخل وتصفية حساباتها داخل البلاد المعنية والمشاركة بحسن النوايا والمراقبة وبمباركة اتفاقات الأطراف المدنية.



    ثالثاً: ابتعاد دول الهيمنة الدولية من هذه البلدان على أن تتولى الأمم المتحدة الإشراف العام على هذه التطورات.



    وفيما يتعلق بالصومال فإن المطلوب إبرام الصلح بين عناصره الوطنية، وإبعاد تحويل الساحة من أن تصبح ساحة لتصفية الحسابات الأثيوبية الإريترية. وفي هذا الصدد فإن ما قاله المتحدث باسم الاتحاد الأفريقي بمباركة الدور الأثيوبي في الصومال تصريح أخرق ويجرد الاتحاد الأفريقي من دوره المطلوب كوسيط محايد.



    كما أن قرار مجلس الأمن لتطبيق عقوبات على إيران بشأن الملف النووي لن يعالج الأمر فإن التوجه يميناً في إيران والاستعداد للتحديات الخارجية كان نتيجة لهذا النوع من التعامل. نحن ضد انتشار أسلحة الدمار الشامل وإيران تعلن عن حرصها على التكنولوجيا النووية لتستخدمها في الأغراض المدنية والمطلوب من الأسرة الدولية أن تتبع ما يجب عمله للتأكد من التزامها بما أعلنت، أما فرض العقوبات فسوف يزيد من العناد لا بد من التعامل مع مسألة انتشار أسلحة الدمار الشامل بما يحقق أمرين:



    الأول: إزالة المخاوف الأمنية التي تجعل بعض الدول تسعي لامتلاك أسلحة دمار شامل. والثاني: جعل المنطقة كلها خالية من أسلحة الدمار الشامل، فأي استثناء يهزم الأساس الأخلاقي لسياسة منع الانتشار.



    إن القوى السياسية والمدنية السودانية مطالبة بالتحرك الواعي والحازم لتحقيق الوصفة المذكورة أعلاه وتجيير هذه الوصفة السودانية كأنموذج صالح للتطبيق على نطاق واسع حيثما توجد أزمات مماثلة.



    ختاماً:



    الجبهة الإسلامية القومية انفردت بتقرير مصير البلاد عبر السلطة التي أقامتها بانقلاب يونيو 1989م. والمؤتمر الوطني ورث منها ذات الإنفراد باتخاذ القرارات المصيرية ويصر عليها ويماحك ويغالط ثم تجبره الظروف على التراجع حدث هذا مرات:



    · عندما رفض التعددية السياسية وخونها.



    · عندما رفض تقرير المصير للجنوب وكفره.



    · عندما رفض التوقيع على إعلان مبادئ الإيقاد في 1994م وأدانه.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de