|
داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!!
|
داهشين ! أخت داهلين الصغرى .... فى ربيعها الخامس ! غضه , بضه , لدنه , وناعمه كماالحرير ! تشبه العصافير . وحينما تطل عليك , فكأنها فجر يوم العيد ! وكالصباح الجديد. قمحيه.. وبها لمحه زيتونيه ممزوجه من لون البلح , وسمرة الأصيل !....... فيا لكلامها الشجى , ويالصوتها الملائكى , الذى إن شدا , فسرعان ما يُشجيك كما يُشجى الكمان , ويغمرك بالحنان والأمان . ويغمسك فى مشتل من الفرح العريض !... كزهره أو ورده إنفلقت من قوس قزح خريف الجنه !!!... خرجت ذات مساء , فغار من بريق وجهها القمر !! وتوارت النجوم خجلاً من وهج عينيها البريئتين ! خرجت ولكنها لم تعد !!! وجاء إخوتها, ولكن !!! بدمٍ غير كذِب !!!............... إذ أن أبشع الذئاب فتكاً فى الأرض , كانوا قد أكلوها وفرغوا !! نهشوا نضارتها ! وهتكوا عِرض السماوات والأرض !!! قتلوها ! فقتلونا وقتلوا الصباحات المشرقه شر قتله !!! داهشين !( ما كان أبوها إمرَأَ سَوءٍ ),( وماكانت أُمها بغيّا ).. لكنها كانت أضحيةً قدريه, وقرباناً لمدينه أصبحت شائهه ومُنحرفه وغجريه !!!
مامون أحمد إبراهيم
(عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-04-2006, 01:13 AM) (عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-04-2006, 01:23 AM) (عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-04-2006, 01:31 AM) (عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-04-2006, 01:40 AM) (عدل بواسطة Abu Eltayeb on 01-13-2007, 04:34 PM)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
عزيزي مامون... أجيال لم تتعرض للتربية، وللتعليم، أجيال نشأت تحت ازيز الدبابات والصواريخ الموجهة للبسطاء والفقراء، موجهة نحو قلب الوطن، وها نحن، نجني سوء المنظر، وسوء المنلقب..
سوء منظر، وسؤء منقلب، وكيف نجني من الشوك العنب!!
احداث ووقائع كان ثوب السودان منها ابيض، ونقي، أحداث مربوطة بجنون وفقر واقتصاد وهوس عظيم... لمن تقرع الاجراس، لمن تدق الاجراس..
شناعة... وتحجر، وليدة سنوات عجاف، كالحة، مريرة، سوداء، مقززة.... نافرة، لا تشبه فطرتنا القديمة والمقبلة..
كم حز في نفسي، وقلبي...
اللهم احفظ بلدي، يحافظ ياحفيظ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
ذات ليلة بارده, ودفيئه فى ذات الوقت, ومستلقيه فى حضن ذلك الشتاء. نطفه حاره وُضعت فى كون أحشاء " دالين ".تلك الحسناء المنتشيه بغمرة حبها الكبير وجذوتها المتدفقه. مرت أيام. وعند ذلك الصباح الباهى , وفجأةً , شىءٌ ما تحرك فى جوف " دالين ".فأرتعدت فى غبطه عامره إستحوذت على كل كيانها المبتهج . كونى .. فكانت " داهشين " المدهشه, بشحمها ولحمها وطلعتها البهيه, وكينونتهاالفاتنه المتفرده ....... ونواصل . مامون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
ومن هول المفاجأه , صرخت داهشين صرختهاالأولى !وهى تستقبل المجهول والمصير المحتوم, وتستحضر ذلك المستقبل الماضى الذى إنفلقت منه ! وتجهل تماماً معنى تلك الصرخه الفزعه . أهى مرارة الإنفتاق وحدته؟! أم الفراق ؟! أم الخوف من القادم المبهم ؟!!!.. وعلى الرغم من فظاعةالصراخ ,إلا أن " دالين " كانت قد سرت عليها غبطة عارمه,طغت على كل أوصالها المنتشيه, التى أزاحت عنها كل عذابات المخاض . كما إبتهج علي إثرها النساء والرجال وعلت أصوات الأهازيج وأنغام الزغاريد المفرحه ! ...... مامون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
سلامات وعوافي قال صاحب البصيرة
Quote: عزيزي مامون... أجيال لم تتعرض للتربية، وللتعليم، أجيال نشأت تحت ازيز الدبابات والصواريخ الموجهة للبسطاء والفقراء، موجهة نحو قلب الوطن، وها نحن، نجني سوء المنظر، وسوء المنلقب.. سوء منظر، وسؤء منقلب، وكيف نجني من الشوك العنب!! احداث ووقائع كان ثوب السودان منها ابيض، ونقي، أحداث مربوطة بجنون وفقر واقتصاد وهوس عظيم... لمن تقرع الاجراس، لمن تدق الاجراس.. شناعة... وتحجر، وليدة سنوات عجاف، كالحة، مريرة، سوداء، مقززة.... نافرة، لا تشبه فطرتنا القديمة والمقبلة.. كم حز في نفسي، وقلبي... اللهم احفظ بلدي، يحافظ ياحفيظ... |
لك المودة يامامون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
طفله عمرها ساعات, ولكنها رسوله بأشواق عظيمه, لأسفار قديمه من خلف التاريخ . وإلا فما سر تلك العذوبه , وهاتيك البراءه والروائح الذكيه,التى زكمت بها الأنوف ! وإقتحمت بها القلوب.إنها الطفوله الساحره ! وحقاًإنها الجنه ! جنة الطفوله ! وتلك العوالم الزاهيه الزاخره المزدهره فى ذلك الكون الجديد الفريد !!!..... ونواصل ..
مامون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
المأمون، ياله من حكي، ياله من حفر، ياله دواء، ياله من انين..
المامون كتب:
Quote: خرجت داهلين من عالمها وهى تقطر ندىً رقيقاً وماءً غير آسن.بعدأن كانت معطونة فى نهرٍ من أنهار تلك الجنه. أولعلها كانت مغموسة فى بحرٍ من ذلك الضياء الكبير , ومحفوفة بتلك العذوبه الممزوجه بذلك العطر الفريد المهيمن !!!! وهى تضوع بفوحان تلك الروائح الذكيه التى تنبعث من خبايا طفولتها الخرافيه .......... فيا لها من فاتنه تلك الطفله النديه التى سرعان ما إستحوذت على ذلك المكان , وغمرته وسحرت قلوب من فيه. وأحالتهم إلى كائنات رقيقه لطيفه ومنتشيه, ترتع فى ذلك السهل الفسيح المحتفل بأضواء جديده ومدهشه,من ذاك الصفاء والنقاء والجمال !... وياله من عالم ! يكمن فى فجر تلك الطفوله! كأنه ضاحيه من ضواحى تلك الجنان المفقوده !!! ...... على أمل المواصله |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: مهيرة)
|
Quote: داهشين ! أخت داهلين الصغرى .... وهى فى ربيعها الخامس ! غضه , بضه , لدنه , وناعمه كماالحرير ! تشبه العصافير . وحينما تطل عليك , فكأنها فجر يوم العيد ! وكالصباح الجديد. قمحيه.. وبها لمحه زيتونيه ممزوجه من لون البلح , وسمرة الأصيل !....... فيا لكلامها الشجى , ويالصوتها الملائكى , الذى إن شدا , فسرعان ما يُشجيك كما يُشجى الكمان , ويغمرك بالحنان والأمان . ويغمسك فى مشتل من الفرح العريض !... كزهره أو ورده إنفلقت من قوس قزح خريف الجنه !!!... خرجت ذات مساء , فغار من بريق وجهها القمر !! وتوارت النجوم خجلاً من وهج عينيها البريئتين ! خرجت ولكنها لم تعد !!! وجاء إخوتها, ولكن !!! بدمٍ غير كذِب !!!............... إذ أن أبشع الذئاب فتكاً فى الأرض , كانوا قد أكلوها وفرغوا !! نهشوا نضارتها ! وهتكوا عِرض السماوات والأرض !!! قتلوها ! فقتلونا وقتلوا الصباحات المشرقه شر قتله !!! داهشين !( ما كان أبوها إمرَأَ سَوءٍ ),( وماكانت أُمها بغيّا ).. لكنها كانت أضحيةً قدريه, وقرباناً لمدينه أصبحت شائهه ومُنحرفه وغجريه !!! |
تبا لنا.
لقد شاركنا فى قتل داهشين...يوم سمحنا لمغتصب داهلين بالهرب وساعدناه بسكوتنافى الاختباء من
العدالة، فخرج اكثر اجراما وأشد توحشا...لا بل دعى اصدقاءه من الذئاب لتذوق اللحم البرىء
لقد شاركنا فى ذبح داهشين...يوم تركنا داهلين وحيدة ولم نحتضنها ونطبب جرحها...فهامت على وجهها
تبحث عن الجانى الأول فتنقض عليه انياب رهطه من بقية الذئاب...
تبا لنا ولفلسفاتنا وانانيتنا وبلادتنا وكلماتنا الغبية التى لن تحمى بنات دالين المرهفات
وستغرى بهن بقية قطيع الذئاب المتربصة...تبا لنا
تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
Quote: تبا لنا.
لقد شاركنا فى قتل داهشين...يوم سمحنا لمغتصب داهلين بالهرب وساعدناه بسكوتنافى الاختباء من
العدالة، فخرج اكثر اجراما وأشد توحشا...لا بل دعى اصدقاءه من الذئاب لتذوق اللحم البرىء
|
عزيزتى وأختى الغاليه مهيره .. رجل داهلين لم يك مغتصباً بالمفهوم العادى ,أو لعله كان مغتصباً لمشاعرها وأحاسيسها... ومستحوذاً على أفكارها, بقدرته الفائقه على المكر والخداع ! لا تسريب اليوم من أحد على أحد ... ولكن تباً لمجتمعات لم تتربى على الصدق وعلى مشاعر المحبه والموده المجرده . ولم ترو ظما بنوها وبناتها وتسد رمقهم من لبن الإخاء الصافى والوشائج النبيله ...... مهيره لك خالص معزتى ولى عوده .. مامون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
Quote: تبا لنا ولفلسفاتنا وانانيتنا وبلادتنا وكلماتنا الغبية التى لن تحمى بنات دالين المرهفات
وستغرى بهن بقية قطيع الذئاب المتربصة...تبا لنا
|
ولكن عزاءنا دائماً أن الفجر آت لا محاله , حينما يسود ذلك العالم الجميل المتوج بالصفاء والنقاء والسلام .. فلا عليك , أختى مهيره .. كونى بخير .
مامون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
داهشين .. تلك الثريه الصغيره ! نامت وهى مستلقيه عل كونها الجميل , ومطله علىآفاق واسعه , وأشواق شجيه , فى كون فريد وحالم ومبتهج ! فكم هى مدهشه وهى ترفل فى ذلك الهدؤ , وتلك الطمأنينه المريحه التى تكسو وجهها الصبوح .. ترتسم عليها تلك الإبتسامه الرشيقه المتكرره ! التى سرعان ما تشع , فيخطف سنا برقها الأبصار, ويضفى بريقاً وضيئاً , وروعة وإنسجاماً .. فعلى الرغم من إستغراقها فى نومها العميق , إلا أنها صاحيه ومشرقه وزاهيه , ومتفتحه كوردةٍ جديده إنفلقت فى عز الصباح !! نائمه ولكنها المستيقظه الوحيده , والناس نيام !! هى الوحيده المنتبهه بكل حواسها ومشاعرها الرقيقه المرهفه , لتسترق السمع , وتتلصص على تلكم المرافىء والشطآن الأخر ,وهاتيك المشاهد العلويه الخلابه !!! هاهى منتشيه ومبتهجه بقرب عهدها من مواطن الجمال الحقيقى والزمن البهيج ! وإلا فما التفسير لتلك الإبتسامه المفرحه العذبه لطفله وليده لا يتجاوز عمرها أياماٍ معدودات ..... ولا توجد على مخيلتها أى آثار , وما حُفرت على ذاكرتها الناصعه النظيفه , أى أطياف من ذكرى أطلال من نواحى هذه الدنيا الجديده !!! ..... هى حتماً أطياف أخر قابعه من وراء ذلك العالم الخفى , ومختبئه خلف ضباب الأزمنه , والرؤى المعتمه ...................... على أمل الواصله .
مامون
(عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-20-2006, 11:30 AM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
ولكنها هذه المره إستيقظت باكيه , بذلك البُكاء الوديع , الذى يستدر عطف الحجر الصلد, ويهدهد الجبل , فيخر متأوهاً من فرط رقته ... وشتان مابين ضحك داهشين وبكائها, كالفرق بين ذلك المستقبل الماضى , وهذا الحاضر الغائب ! وما بين الأفق الظاهر, وما خلف الأفق! هذا البكاء الحنون الذى يشبه الغناء المُفرح الحزين ,كأنه حاله وسطيه بين الحلو والمر وبين القبح والجمال !.. بكت داهشين بكاءً مراً وحلواً , وهرع الجميع نحوها, ولكن دالين كانت الأسرع إلى ضمهاعلى حضن دافىء , ينضح حنواً وحباً, وحرارةً كنار الشتاء !!! مامون
(عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-22-2006, 09:15 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
وعلى أنغام ذلك البُكاء اللذيذ , الذى يدغدغ القلوب , ويشحذ الهمم , تنتفض كل أركان البيت , ويدب نوعاً من الحياه فى كل أوصال الناس والأشياء.. ودالين المنتشيه بغمرة حبها الأزلى الكبير, (تلولى), والحبوبه (تلولى) , والبنات (يلولن) , وداهشين سادره فى نحيبها اللذيذ,وهى مستمتعه بأحضان الجميع الحنونه الدافئه . فكأنها تتعمد مع سبق الإصرار إقامة هذا الإحتفال أو الكرنفال اليومى , إحتفاءً بشخصها المهيب وكينونتها المهمه ..................... ولى قدام ..
مامون
(عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-20-2006, 10:51 AM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: صالح عبده)
|
Quote: ايضا اهنئك على هذا السرد الجميل |
عزيزى صالح عبده , هذا السرد أنت الذى بدأته فى ذلك البوست المأساة , بفضل تسليطك الضؤ على هذا الداء العضال , الدخيل على حياتنا السودانيه السمحه .. وعلى نسق المبدع عبدالرحيم ودرمليه وحكايته داهلين, كانت داهشين تجسيداً لمأساة سودانيه أخرى .. كن بألف خير , أخى صالح . مامون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
Quote: وشتان مابين ضحك داهشين وبكائها, كالفرق بين ذلك المستقبل الماضى , وهذا الحاضر الغائب ! وما بين الأفق الظاهر, وما خلف الأفق! هذا البكاء الحنون الذى يشبه الغناء المُفرح الحزين ,كأنه حاله وسطيه بين الحلو والمر وبين القبح والجمال !.. |
ولكنها هذه المره بكت بحرقه شديده ! بكاءً أشفقت منه دالين, وخافت خوفاً شديداً, وإرتعبت وظنت ظن السؤ! لعلها مريضه أو ممغوصه, أو أنها مرعوبه من شىء ما, أم أنه الجوع ,قاتله الله !.. فلو كان الجوع رجلاً لقتلته ! من قبل أن ينال من طفله رقيقه غضه ورشيقه كداهشين, فهو ذلك اللئيم الذميم الذى مازال يهدد الأطفال ويبيدهم فى كثير من بقاع الدنيا المظلمه !!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
بكت بكاءً مراً ومفزعاً وحاراً , ولكنه هذه المره لا ينبىء بخير,أوأنها مرارة الإحتياج لتلك الحاجات الفقيره الغير مُشبعه! أو أنه جرس إنذار يدق ناقوس الخطر لأحداث متوقعه , تنتظر خلف سراب الأزمنه . ياتُرى ماالذى ينتظر داهشين وأمها المسكينه ؟!!
خمسة أشهر بالتمام والكمال , مرت الآن , من تلك الخمسه سنوات المرتقبه! وبدأت داهشين رحلة تحسس الأشياء وتلمس الطريق بروح شفيفه رقيقه , وبشهيه مفتوحه ورغبه عارمه.فهاهى تُلاعب وتُداعب كل الأشياء , الظلال , أشعة الشمس , إسقاطات الأنوار , وحتى ألسنة اللهب! وتتشبث بأقمشة الستائر والملابس , وبضفائر دالين , وشعر أبيها الكثيف . وبدأت تُقرقر بالضحك , قرقرة تشبه هديل غناء القمرى وهديل الحمام !................. ولى قدام .
مامون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
داهشين , تلك العابده , المُصليه العاشقه , المُلهمه ....إستلقت ذات مرة بمضجعها, فى فناء الدار ... وكان الجو ربيعياً ساحراً , تنتشر فيه غيوم بيضاء متفرقه هنا وهناك , وهى تسبح متهادية من تحت السماء المُبهِر المزدان .... وهى تُضاحك القمر والنجوم , وترقب الأفق فى دهشة منتشيه ومُتسائله! و تتطلع فى إنسجامٍ وحبور ,وتُرجِع البصر , ثم تُرجِع البصر كرتين " وهو حسير " ! ولكنها مسترسله فى تفحُصها للأشياء , دون كللٍ أو مللٍ أو فتور ! ومستقبلةً قبلتها ! فأين ما تولى وجهها" فَثَمّ وجه الله " ! وهى تُراقب كل شىء , وتتأمل كل شىء ! فما من غيمة إلا وعينا داهشين من ورائها .. وما من بعووضة , ولا نحلة, ولا فراشه, إلا وهى لها بالمرصاد, بكاميرا حصيفه وحساسه ومُدركه لأدق المعانى والخفايا ! فيا لها من طفله حساسه نقيه طاهره , وموزونه بميزان مثقال ذره !!! ثم أغمضت عينيها البراقتين , وعادت إلى جنة المنام ! حيث لا جوع ولا بُكاء,ولاهواجس , ولا خوف من ماضى ولا حاضر ولا مُستقبل ! وحيث لا مكان إلا لأنغام السلام !!! .. ثم نامت مُستكينه على أحضان دافئه ومُريحه , على صدر دالين الحالم الجميل ! ......... أأمل المواصله ..
مامون
(عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-24-2006, 10:08 PM) (عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-24-2006, 10:14 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
Quote: ثم أغمضت عينيها البراقتين , وعادت إلى جنة المنام ! حيث لا جوع ولا بُكاء,ولاهواجس , ولا خوف من ماضى ولا حاضر ولا مُستقبل ! وحيث لا مكان إلا لأنغام السلام !!! .. ثم نامت مُستكينه على أحضان دافئه ومُريحه , على صدر دالين الحالم الجميل ! |
ثم لم يوقظها من حلمها الجميل ! إلا ذلك الخيط الأبيض من الفجر , حيث جنة أخرى ماثله على وجه الأرض ! لا يشعر بها ولا يكتنفها إلا قلب داهشين الجميل الوريف ! حينما أشرقت شمس الوجود بنور ربها , وإنبلج الضياء الكبير,على تلك الحقبه الصباحيه الباهره , وصاح الديوك , وغنت العصافير ,وغردت الطيور. وزُج بداهشين فى زمن من نور ! ...................................... ربى أوصلنى وأنت خير الواصلين ..
مامون
(عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-24-2006, 06:28 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
سبعة عشر عاماً قبل الميلاد , وداهشين فى عالم الغيب ! كانت الأغنام والخراف تحتضر على أطراف تلك المدينه القديمه , التى تعد من أعرق ثلاثه مدن , تتمدد حول ذلك النهر العظيم. وعلى الرغم من قِدمها , وعراقتها الضاربه فى جذور بعيده , إلا أنها لا تخلو من بداوه ومن مظاهر مُتخلفه , تجعلك تعتقد جازماً أنها أشباه مدن !!!! هذا إن لم تك هى أصلاً قرى كبيره تتقمص أشكال المدن , وتحاول أن تُقلدها !.. زحف صحراوى عنيف يضرب المنطقه بقوه فتختفى تلك الأبسطه الخضراء التى كانت تُشكل حزاماً دائرياً ! ويقل المرعى ويتناقص الكلأ الذى كان مرتعاً لتلك المدن القرويه , التى كانت هانئه وسعيده ومُطمئنه , من قبل أن يجور عليها الزمان ويطمسها طمساً يجعلها كالمسخ ! فلاهى أصبحت مدنيه! ولاهى عادت قرية هادئه مطمئنه ترتع فيها الخراف والأغنام , ويأكل الناس فيها من فوق أيديهم ومن تحت أرجلهم! ويناموا فيها على الهواء الطلق , وفى العراء !!! ..... وبدأت المدائن القديمه تخرج عن أطوارها !!! وتمددت أطرافهاعلى غير هدى ! وأُحيط بالناس, وأشتد أوار الزحف من جهتين , زحف عشوائى يطفح بالمدينه ! وزحف صحراوى يغمر أسمال الناس , ويأكل الأخضر واليابس !!!
(عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-25-2006, 00:32 AM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
عزيزي مامون..
هاهو نهر السرد يجري لأفاق بكر، فالنهر (يبتكر طريقه، وموجه واسماكه، واسطورته)، بنفسه، كيف نمسك بالبدايات، وهي تتناهي في البعد، وكيف نرى النهايات، وهي مثلها، أكثر بخلا، وكرم...
شدني، حسك بالحروف، بالكلمات، بحلوى المعاني، وتتنبع من أين جاء (نهر الخطيئة)، ألم يقل المعصوم، ذاك الفتى الجميل، والذي مل حياة الجاهلية، ونمطها، وفجاجاتها، فلجأ للجبل، متدبرا، القرية الصغيرة الماثلة تحته، والسماء الكبيرة فوقة، في صمت وهدوء يسمع نبض قلبه، موسيقى قلبه، وهناك رأي الحقيقة، رأى النفس البشرية...
وحين نزل، للقرية الصغيرة، صاغ حياتها، كي تفجر طاقاتها العظام، مسح على رؤوس الايتام، وسقى القلب بالمحبة، والإيثار، وفتح البصائر على الحقيقة المطلقة...وفجر، وبصبر دؤوب معرفة جديدة، في نفسه، ولم يعرف العرب إلا قشرتها، والتي تلاشت، بفعل العقل القديم، كي يقلد الناس قلبه، وعقله، وهيهات..
لم يكن منهم...
لذا.. حين سأل (الأعرابي)، صاحب الناقة المريضة، والتي حاول ابعادها عن اخواتها..
سأئله: لم.. فقال الأعرابي: كيف لا تعدي أخواتها..
فقال: والناقة الأولى، كيف مرضت...
نهر الخطيئة، كيف بدأ، والمرض الأولى ما تاريخه...
وكذا العشق الأولى..
لم يكن منهم، ذلكم الفتى الأغر، الجميل، اليتم، حين صعد للغار، متأملا نفسه، وبيئته، وذاته...
حتى موته (بل رحيله)، كان مؤدبا، حين استاذنه الملاك، في (الموت أو البقاء).. فآثر الموت..
كي يعد المدينة الفاضلة من برزخه (لا فواصل بين الحيوات سوى للعيون المريضة)... ياله من يتيم، مسكين، فقير، عصى الفهم، محب، وحنون، وباسم، وتتجلى في جوارحه جنان العقل الصاف والقلب الحنون، فيكسر اصحابه، واخوانه، لا موت... فالحياة معجزة، تقوم على المعجزة، و لاتكف عن معجزتها إناء الليل واطراف النهار...
ثم نعود لأم درمان..
ام در.. تلكم المدينة، الدولة، في سعه قلبها، وعمق نبضها... يتسع نبضها لسجن النساء، وقبة قريب الله، وصالون الاستاذ، وراوكيب سوق الناقة، ومقابر احمد شرفي.. ولأشجار تموت واقفة، وحكاوي شوقي بدري، وحلق الذكر بحمد النيل، وحنكشة فتيات الاهلية، لأم درمان الف وجه..
داهشين... تحبث عن دفء.. وتبحث عن ذكرى.. وعن حياة آخرى، أكثر أمن، وجمال...
مع: لمنبع الخطيئة، ومصب المحبة...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
Quote:
شدني، حسك بالحروف، بالكلمات، بحلوى المعاني، وتتنبع من أين جاء (نهر الخطيئة)، ألم يقل المعصوم، ذاك الفتى الجميل، والذي مل حياة الجاهلية، ونمطها، وفجاجاتها، فلجأ للجبل، متدبرا، القرية الصغيرة الماثلة تحته، والسماء الكبيرة فوقة، في صمت وهدوء يسمع نبض قلبه، موسيقى قلبه، وهناك رأي الحقيقة، رأى النفس البشرية...
|
ومن منا يلجأ للجبل متدبراً حال قريتنا الماثل ! من يشد الخطا خلف خطوات الفتى الجميل! ومن يُرينا حقيقتنا , ويستنهض قرانا البائسه , أيها الغنى ؟!!
مامون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
Quote: وبدأت المدائن القديمه تخرج عن أطوارها !!! وتمددت أطرافهاعلى غير هدى ! وأُحيط بالناس, وأشتد أوار الزحف من جهتين , زحف عشوائى يطفح بالمدينه ! وزحف صحراوى يغمر أسمال الناس , ويأكل الأخضر واليابس !!! |
سبعة عشر عاما!!! سنوات عجاف ! جف فيها الزرع والضرع , ونضب المعين . فجف ماء الحب , وإنحسرت ينابيع الحنان , وشلالات الموده التى كانت تزخر بها صدور الرجال , والنساء اللواتى تحجرت أضرعتهن من وطأ شظف العيش وضيق ذات اليد , ومن هول المعاناة !!! وعلت الأصوات الغريبه ! فى سماء تلك المدينه القرويه ! ... نفوس خربه , وأصوات جزوعه , ورغبات جزعه هلوعه , لغرائز بهائميه ! وحاجات حياتيه ملّحه .. فبحّت أصوات الماعز والحملان والنوارس حتى أوشكت أن تشابه عواء الذئاب ! وعقرت البهائم , وضلت أسراب الحمام ! وحتى الدواجن فلقد أصابها العقم ! ولم تعد تبيض , دجاجة الحله , ولم تفقس بيضه فى ذلك الوادى العقيم ! .. هى لم تك " سبعه سنوات عجاف " ! ولكنها كانت سبعة عشر أولى ! .. ثم سبعة عشر ثانيه ! كانت مليئه وحافله بالسأم والسقم والغبن !!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
الجانى والضحيه , كلاهما معاً كانا ضحيه , قد توزعت دماؤها على ذمم ورقاب جناة حقيقيين كثر من ذوى القربى ! فما أحلك ولا أمر من ظلم ذوى القربى , وظُلماتهم , وضلالهم الكبير! كان الليل قد إدلهم وأظلمت الدنيا, حينما إشتد زحف سكان المويلح ! لطلب حق اللجؤ إلى ديار أهلهم وأقربائهم بالمدينه المُغفره البائسه !.. حق اللجؤ الحياتى ! حتمى ! وأكثر إلحاحاً من حق اللجؤ السياسى ! وإزدادت حدة النزوح الكبير لأهلناالكرام من تلك البوادى والغفار القاحله ! الصبيه , والفتيات , والنساء,وحتى العجائز والشيوخ لم تسلم أرجلهم الهرِمه من حرارة الشمس ولهيب المسير!وإكتظت المدينه القرويه بسكانها البؤساء القدامى وبالقادمين الجدد , الأكثر بؤساً !!! فيا له من زمن ! إنقلبت فيه الأمور رأساً على عقب ! فأصبحنا لاندرى من يأوى من ؟1 هؤلاء الكرام كانوا يوماً من الأيام,هم الملاذ لهذه المدينه القاحله ! كانوا هم الضرع وكانوا هم الزرع ! كانوا حزام الأمان للمدينه,حيث ترتع فلول من الحملان والخراف , ويستريح الرعاة , ويستجم سكان المدينه !! فيا تُرى من يلجأ لمن؟! ومن ماذا يلجأون ؟!... أين تكون الرمضاء ؟!! وأين تكون النار ؟! ... ولكن ! فى حقيقة الأمر , ليس إلا تلك الحقيقه الكبرى ! أن لا ملجأ لأحد إلا منه وإليه! ذلك الواحد الأحد!!! ربى وحِد رؤاى وأرنى الحقيقه , ولا غير الحقيقه ...... مامون
(عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-27-2006, 00:26 AM) (عدل بواسطة Abu Eltayeb on 12-27-2006, 10:41 AM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: داهشين ! أخت داهلين ... يا طفلةً أكلها الذئب !!! (Re: Abu Eltayeb)
|
Quote: هؤلاء الكرام كانوا يوماً من الأيام,هم الملاذ لهذه المدينه القاحله ! كانوا هم الضرع وكانوا هم الزرع ! كانوا حزام الأمان للمدينه,حيث ترتع فلول من الحملان والخراف , ويستريح الرعاة , ويستجم سكان المدينه !! فيا تُرى من يلجأ لمن؟! ومن ماذا يلجأون ؟!... أين تكون الرمضاء ؟!! وأين تكون النار ؟! ... ولكن ! فى حقيقة الأمر , ليس إلا تلك الحقيقه الكبرى ! أن لا ملجأ لأحد إلا منه وإليه! ذلك الواحد الأحد!!!
|
ولكن ! حيثما يكون الغياب , يكون الغائبون والمغيبون ! فمن يكون المسؤول ؟!! وأولئك المسؤولين , لايُسألون عما يفعلون !!! ... أم أنهم يفتقرون لمن يُسأل عنهم ! ففاقد الشىء لا يعطيه !!! ..... فمن يا تُرى المسؤول ؟! ومن يُسأل عن من ؟!!! والأوصياء أدنى وأقل باعاً من الموصى عليهم !!! ربى أمنحنا عافية المواصله ..... مامون
| |
|
|
|
|
|
|