|
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) (Re: عبد القادر محمد)
|
عُذبت وأنا كهل تجاوز الستين
علي حبيب الله
لقد أصبح الاعتقال والتعذيب شيئاً عادياً في حياة المناضلين من أبناء شعبنا منذ أن اغتصبت عصابة الإنقاذ السلطة في بلادنا عقب انقلابها العسكري في 30 يونيو 1989، وفتحت بيوت الأشباح سيئة السمعة، ومارست أبشع صور التعذيب والانتهاكات لحقوق الإنسان، مات تحت تعذيبها الطبيب الإنسان علي فضل الذي كان قائداً بارزاً في نقابة الأطباء.. لقد اغتالوه بدم بارد تحت أبشع ممارسات التعذيب. في بيوت الأشباح حدثت الكثير من المآسي التي واجهها النقابيون والمثقفون الوطنيون ببطولة، ولقد تم اعتقالي في يونيو 1996 في نفس اليوم الذي تم فيه اعتقال زميلين آخرين وعدد من الطلاب حيث وصلنا عمارة الجاز ببحري في وقت واحد تقريباً في مساء ذلك اليوم وبدأ التحري معي أولاً في الطابق الأرضي والذي بدأ كالعادة بالاستفزاز وأقذع الشتائم الحاقدة. بعدها تم نقلي لمكتب آخر أعلى العمارة حيث وجدت شاباً في عقده الثالث أو الرابع، دخلت عليه بالسلام وطبعاً لم يرد التحية فجلست على الكرسي الذي بجانبه مما استفزه وبدأ ينهال على بالشتائم رغم إني في سن والده، وبعد ذلك بدأت أجيب على أسئلته التي بدأ يوجهها لي بكل تماسك وعدم استجابة لاستفزازاته مما زاده حنقاً وحقداً في محاولة منه كي أجيب على أسئلته كما يريد هو وليس كما أجيبه أنا، وكثيراً ما تمس هذه الاستفزازات شرف الإنسان ووالديه، وكلما تمادى في الشتم والاستفزاز والإساءات كنت لا استجيب إليه، وأخيراً قلت: أنت قليل أدب وغير مهذب، فجن جنونه وخرج من المكتب وأتاني بعد لحظات بمجموعة من زملائه وبدأوا جميعاً في صفعي وضربي “بالشلاليت” في كل جسمي، واستمروا في ضربي حتى وقعت أرضاً، وصاح فيهم: أحضروا السياط، فذهبوا وأحضروا الخرطوش الأسود لتبدأ معركة الضرب مرة أخرى وانكسرت نضارتي وتمزق جلبابي الجديد الذي كنت ارتديه.. وتورم وجهي من شدة الضرب وصرت لا أرى.. فسقطت فاقداً للوعي. حينما أفقت وجدت أنه قد تم نقلي إلى الطابق الأرضي وطرحت بجانب زملائي من المعتقلين والذين يقفون في مواجهة حائط البرندة رافعين الأيدي إلى الأعلى، وإذا بدرت من أحدهم أيه حركة أو تراخ أوسعه الأمنيون ضرباً وشتماً. واستمر تعذيبهم على هذا الحال حتى الصباح، وأنا بجانبهم طريح الأرض منهوك القوى وأحسست بالخدر بجسمي من الضرب والإرهاق.. وفي صباح اليوم التالي إزداد وجهي تورماً ورغم محاولتي إحضار الثلج لعمل “المكمدات” إلا أن ذلك لم يفد بشيء، ولم تتوقف الشتائم والسباب والضرب. ثم نقل البعض إلى السجن العمومي بينما تم إطلاق سراح بعض الطلاب، ولقد أصبحت بحالتي تلك مشكلة حيث لم يرغبوا في إرسالي بهذه الصورة إلى السجن، كما إنني لم أتوقع أن ينقلونني إلى المستشفى، ولم يفعلوا.. كما أن وجودي في مكان يراني من خلاله الزائرون أمر لا يرغبون فيه فكانوا ينقلونني من واجهة المكاتب إلى مكان آخر.. ومن مكان إلى مكان حتى نهاية اليوم واستمر هذا الوضع خمسة أيام وأنا أعاني من الصداع والألم نتيجة لارتفاع ضغط الدم وقد استخدمت كل الحبوب التي كانت بحوزتي ولم يستجب أحد لطلبي بالذهاب إلى المستشفى أو إحضار أقراص علاج ضغط الدم. وفي اليوم السادس خف الورم ولذلك قرروا إرسالي إلى المستشفى وحضرت العربة لتأخذني بحراسات أخرى من القيادة العامة لأجد بها بعض المنتظرين ونقلت معهم آخر النهار إلى السجن العمومي بكوبر، لكنه ليس هو ذلك السجن الذي غادرته عام 1985 بعد نجاح انتفاضة أبريل وكنت قد قضيت فيه ثلاثة سنوات فقد كانت تشرف عليه إدارة السجون ولكن انتقل إلى الأمن، حيث الإشراف للأمن الانقاذي حيث يتحكمون في حياة المعتقلين خاصة في مسألة العلاج وتوفير الحراسات…الخ، ومنذ وصولي السجن كنت يومياً أبلغ بالمرض لكن لا حياة لمن تنادي، وتدهورت حالتي الصحية بصورة ملحوظة وأصبحت كلما حاولت أن أقف أسقط أرضاً ولا أصل إلى الحمام إلا بمساعدة زملائي من المعتقلين، وبعد أن ساءت حالتي ذهبوا بي إلى مستشفى الشرطة ببري وأعطوني دواء (حبوب) وطلبوا مني أن أحضر صباح الغد، وهذا هو اليوم الوحيد الذي كنت فيه واعياً ولكني في المساء فقدت الوعي تماماً فحولوني إلى السلاح الطبي قسم الباطنية بتاريخ 2/7/1996م، وهذا حسبما وجدته مدوناً بعد ذلك في الأوراق الخاصة بدخولي المستشفى تحت إشراف د. أمنة عبد الوهاب/ وحدة د. عوض مهدي. واصلت العلاج في الأيام الأولى تحت حراسة الأمن وأهلي لا يعرفون عني شيئاً سوى إنني معتقل بسجن كوبر ولا توجد زيارة.. وقد استمرت حالتي الغيبوبة واللاوعي رغم المجهودات العظيمة التي بذلتها المستشفى من فحوصات وصور مقطعية وعلاجات إلا أن الحال لم يتحسن.. فقرر الأمن أن يتركني لمصيري فذهبوا إلى أهلي ليلاً حيث أخطروهم بأنني بمستشفى السلاح الطبي بدون إخطارهم بحالتي، وظن أهلي ربما أصابتني حمى أو خلافه لذا قرروا أن يذهبوا صباح الغد لأن دخول المستشفى العسكري ليس سهلاً في الليل.. ولكنهم فوجئوا بهم بعد قليل يحضرون مرة ثانية ليتأكدوا من ذهابهم، لذلك شك الأهل في الأمر وذهبوا للمستشفى ليجدوني في حالة غيبوبة وقد شلت قواي تماماً ولا حول لي ولا قوة، وأعتقد ناس الأمن إنني ربما مت أو ألفظ أنفاسي الأخيرة بسبب ما فعلوه بي لذلك ذهبوا ولم يحضروا لرؤيتي بالمستشفى حتى خروجي منه. بل حتى الآن!!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | عبد القادر محمد | 05-12-10, 01:38 AM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | عبد القادر محمد | 05-12-10, 01:50 AM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | عبد القادر محمد | 05-12-10, 01:53 AM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | عبد القادر محمد | 05-12-10, 01:26 PM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | wadalzain | 05-12-10, 02:37 PM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | عبد القادر محمد | 05-12-10, 11:42 PM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | نصار | 05-13-10, 02:20 AM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | wadalzain | 05-13-10, 08:46 AM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | مدثر محمد عمر | 05-13-10, 08:49 AM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | عبد القادر محمد | 05-13-10, 11:16 PM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | عبد القادر محمد | 05-13-10, 10:48 PM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | عبد القادر محمد | 05-19-10, 12:06 PM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | عبد القادر محمد | 05-19-10, 12:17 PM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | أيمن الطيب | 05-19-10, 12:51 PM |
Re: الميدان تفتح ملفَّات التعذيب ( إفادات .. شهادات .. وثائق ، وتوثيق) | الفاضل يسن عثمان | 05-19-10, 01:25 PM |
|
|
|