نعم، أشعر بهذا الرباط الأخويّ يربطني بهذين الشخصين! وهو رباط توشج عبر التفاعل الفكري الذي جرى بيننا في هذا المنبر! وكانا من أشرف الخصوم! وبحسب علميّ فإنّهما لم يتجاوزا بإلحادهما دائرة الاحترام الواجب للمؤمنين في هذا البورد! نعم، وما نُشر لهشام مؤخراً من مقالة فيها إساءة صريحة، فأستطيع أن أعتذر لها: بأنه في الأصل نشرها في "موقع اللادينيين العرب"، والأخ حميدة هو الذي أتى بها إلى هذا المكان فكان ما كان!
ولا أشعر في نفسي بتأثّم ولا حرج من التعبير عن هذا الموقف، وليس عمدتي في ذلك مجرد الشعور ولكن كذلك علمي بحقيقة الإيمان وحقيقة الدّين، وآيات قرآنية صريحة، يوجّه الأنبياء فيها خطابهم الدعويّ إلى أقوامهم عبر قناة الأخوة والشفقة والعطف: ((يا قومي)) ((ويا قومي))!!! وآيات تثبت علاقة الأخوة الرحمية أو الوطنية أو الإنسانية بين النبي وقومه!
Quote: يقول الإمام القرطبي: قوله تعالى : { وإلى عاد أخاهم هودا } أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا، قال ابن عباس : أي ابن أبيهم! وقيل : أخاهم في القبيلة! وقيل : أي بشرا من بني أبيهم آدم القرطبي، ج7 ص210
إنَّ رحمة الله عزّ وجلّ التي وسعت كلّ شيء، لن تضيقَ عن استيعاب كلّ المعاني والقيم الإنسانيّة، الّتي تنشأ بين الناس بغضّ النظر عن أديانهم! بل يجعل الله عزّ وجلّ ذلك سبيلاً إلى الارتقاء إلى درجة عليا من الإنسانيّة، هي: درجة الالتزام بقيم الدّين والإيمان والشريعة ظاهراً وباطناً!
والله في عليائه يسوق لعادل وهشام وغيرهما من الملحدين آياته القرآنية والكونية، من أجل أن يؤوبوا إلى رحمته، ويُنيخوا رحالهم المتعبة عند مورد شرعته!
ويقول الله تعالى: { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) } يقول إمام المفسرين ابن جرير الطبريّ في تفسيره:
Quote: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عُنِي بذلك: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، من جميع أصناف الملل والأديان أن تبرُّوهم وتصلوهم، وتقسطوا إليهم، إن الله عزّ وجلّ عمّ بقوله:(الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ) جميع من كان ذلك صفته، فلم يخصصْ به بعضًا دون بعض، .... وقوله:(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) يقول: إن الله يحبّ المنصفين الذين ينصفون الناس، ويعطونهم الحقَّ والعدل من أنفسهم، فيبرّون من برّهم، ويُحْسنون إلى من أحسن إليهم.))
باختصار: أرى أن عدم وجود رابطة الأخوة الدينية التي هي الرابطة العليا، لا يعني حجب رابطة الأخوة في الإنسانية والوطن! وأن هذه الأخيرة مرقاة لتلك! والله تعالى أعلم!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة