|
ماذا بعد المقاطعة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
|
ماذا بعد المقاطعة؟؟؟
(لئن بسطت يدك إلى لتقتلني.. ما أنا بباسط يدي إليك لأقرئك السلام) – منعم عمر بل أبسطها لأقتص منك..
أبسطها لأحقق مشيئة السماء التي التحفها أدعياء الدين غطاءا لعقدين ونيف من الزمان..
عبر بطاقات إنتخابية صغيرة تمت طباعتها بعيدا عن الرقابة المحلية أو الدولية، يتم ملئها عبر ستة عشر مليون ناخب مسجل (حوالي 14 مليون منهم في دارفور و الجنوب) في ظرف أيام ثلاثة فقط، وعبر عملية إقتراع لم تشهد الديمقراطية على مر تاريخها مثيلا لها في الصعوبة والتعقيد، يتحدد مصير الشعب السوداني الذي نسي أنه كان يوما مفجر الثورات وملهم التاريخ. فأضطر للإحتكام للبطاقات الإنتخابية ويحتكم إلى المجهول لإزالة نظام حكم إتي للسلطة عن طريق السرقة والقوة فعل في الشعب ما فعل من طمس للهوية قبل أي جريمة أخرى..
بين احتمالات تأجيل (مطلوب ومنطقي) يرفضها كل من المؤتمر الوطني ودعيّه (الشعبي)، وعبر قراءات تتكهن (التخبط) لكل الآخرين في محاولة استقراء (كيف) تكون النتائج، يمتلئ الجو العام بحالة إحباط (مبررة) من نتيجة يتوقع الكثيرون أن تكون مخيبة للآمال.
المبرر الوحيد الذي يجعلنا نتجاوز ما قام به المؤتمر الوطني حتي اللحظة من تجاوزات تكفي تماما لوصفها بأنها (فاسدة)، هو أنه رمي بكل أوراقه في الفترة من 2005 وحتى الآن. في التعداد السكاني وترسيم الدوائر الجغرافية ومن ثم السجل الإنتخابي مرورا بسوء أستغلال السلطة والثروة والإعلام، وقبل هذا كله كانت ورقة إسقاط الطائرة وبقية تجاوزات تفوق الحصر.. إستبق الوؤتمر الوطني الفعل ليتجاوز عدم مقدرته على التكهن بكيفية ولا بمدى صرامة الرقابة إذ كرس الإعلام العالمي كل ما لديه ليوضح مدى تشددها وحرصها على أن تكون الإنتخابات (حرة و نزيهة).. فتوقع أن تستحيل عليه ممارسة العادة السرية بالتزوير، إلا أن الفرصة الأكبر دائما تكون لصاحب الورقة الأخيرة في اللعبة..
لم يكن هذا (وهو الدخول لمسرحية الإتخابات) يعفي من التحوط وتوقع الأسوأ دائما على غرار ما كان يحدث طوال عهد الإنقاذ في إنتخابات المنابر الطلابية بالجامعات، والتي تكون حساباتها المنطقية دائما وحتى لحظة ما قبل إعلان النتيجة مباشرة في صالح القوائم المتعاضدة والمتحالفة ، لتكون المفاجئة والمخيبة للآمال هي فوز المؤتمر الوطني دون أن يعلم أحد (غيرهم) كيف تم التزوير..
تظل حقيقة واحدة ماثلة للعيان في زخم إشكالات غياب دارفور عن المعركة وسكوت العالم والدول الراعية لنيفاشا عن تعقيد الإنتخابات وترشح البشير للرئاسة وكل ما يمكن أن يطرأ على ذهن أي مراقب ومتابع... حقيقة يُسأل عنها كل تنظيم سياسي وكل مرشح للرئاسة (ليس لعدم أهمية البرلمان والمجالس التشريعية والولاه) وإنما لأن قطع رأس الحية يلغى أهمية بقية جسمها.. الحقيقة الوحيدة هي حقيقة أن فوز المؤتمر الوطني مستحيل بكل المقاييس المنطقية وغير المنطقية إذا إتفقت التنظيمات على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية (على غرار تجربة الدائرة 27 الصحافة) لا يهم من (يكون) المرشح، وإنما يهم من (لا يكون) وهو المؤتمر الوطني.. وطالما أن هذا (دائما) متعذر على ساسة السودان، فإن المقاطعة تصبح الخيار الأقل سوءا من إعطاء فرصة للفوز (المغشوش)..
يفوز المؤتمر الوطني في حالة واحدة فقط.. ليست تزوير النتائج وإنما عدم توحد القوى السياسية على مرشح واحد.. وأعلن منذ الآن أن في حال نزول المرشحين للرئاسة (كل على حدة) إلى ساحة الإنتخاب، فلن يغفر لهم الشعب السوداني هذه الخطيئة أبدا إذ لا سبيل لمعالجتها ولا توقع التبعات المترتبة عليها وإن شط الخيال والتوقع، أفضلها هو العودة لمربع الحرب.
إن الشرعية التي ظل المؤتمر الوطني يبحث خلال الإنتخابات الصورية عنها قد يجدها في حال فوزه الذي سيكون قاصمة ظهر للتحول الديقراطي المرتقب، وحينها لن يأتي من يتحدث عن التعقل وإنما سترجع الأمور إلى خانة أخرى، من الأفضل ألا نغوص في التكهن بمآلاتها.. لقد تم إعلان مقاطعة الإنتخابات.. وفي هذا زاويتين كلاهما أهم وأخطر من الأخري:
أولا: وضع المؤتمر الوطني في جزيرة معزولة لوحده مقابل الكل (مع تجاوز الشعبي)، مما يجعله أمام قبول التأجيل كأمر واقع وخيار وحيد وإلزامي عليه، أو:
ثانيا: رفض الإنصياع وفقدان الفرصة من ثم للحصول على بطاقة الشرعية التي أعد عدته للحصول عليها بـ (ترتيب ما) لا يحتمل أن تكون الإنتخابات في نوفمبر. ترتيب يتضمن دخول دارفور إلى الحلبة وقلب الموازين ويحتمل كذلك قيام المراقبين بفحص أدق (لإجراءات التصويت والفرز وإعلان النتائج) يمنعهم (أي المؤتمر الوطني) من القيام بتزوير (حريف) في النتائج.
لم تكون المقاطعة هي الخيار الأفضل ولكن كيف هو التأجيل مقابل إعطاء المؤتمر الوطني شرعية (مزيفة) يبحث عنها منذ 22 عاماً؟؟؟؟؟؟
لنكن واقعيين ونتجاوز الإنفعال الناتج عن قوة الأمل في التغيير والذي ربما يقود إلى نتيجة إيجاد وضع أسوأ مما نحن فيه اليوم..
|
|
|
|
|
|