منذ إستقلال السودان عام 1956م مرت عشرات السنوات كان أغلبها عبارة عن مآسي وفظائع بكل ما تحمله الكلمتين من معاني ودلائل...من مجاعات لم تتصدى لها الحكومات السودانية المتعاقبة-حفظاً لكرامة الزعيم- الى الحروب الطاحنة التي اهلكت الحرث والنسل والحالة الاقتصادية المريعة التي جعلت الغربة الملاذ الآمن للنخب السودانية المتعلمة... والتي يُفترض أنها من ستقوم بالنهضة في السودان خلال الستينيات والسبعينيات...فكان الخليج هو مستقبلهم على سبيل المثال ليسهموا في تحويله من صحاري قاحلة...تحكمها قبائل صغيرة...إلى ما نراه اليوم والمستقبل ملئ بالمفاجئات أكثر...
ونسبة لعدم إنشغال النخب السودانية سابقا -إلى حد كبير- بتشكيل هوية وطنية سودانية جامعة...أكتفى الكثيرون بعدم الإكتراث لما يجري في أجزاء أخرى في السودان...مثل المجاعة التي ضربت أجزء كبيرة من دارفور في الثمانينات وما يزال الناس يذكرون تلك الأيام ، والأغنية الشهيرة We are the World! We are the Children!
لم يهتم السودانيون في المجمل كذلك بما كان يدور من حرب ضروس في جنوب السودان بالتوازي مع كثير من المصائب العرضية -التي كان كل منها فرصة ذهبية لتشكيل وجدان وطني موحد- وفضّل الكثيرون أن يستفيدوا من القضية بالهرب عبر بوابة اللجوء السياسي إلى حيوات -جمع حياة- أفضل في أماكن أخرى من العوالم المتقدمة
ثم جاءت نكسة دارفور مجددا عام 2003...ومرة أخرى...لم يكن الحال بأفضل من سابقه في جنوب السودان، باستثناء عوامل خارجية جعلت من القضية محل انظار العالم كله... حتى الآن لا أرى بوادر وحدة وطنية حيال قضية دارفور ، بل يلوك البعض كلام أحد الجانبين المتصارعين... بينما يلوذ الملايين بصمت مهيب!
خلال هذه المصائب الداخلية المزمنة...تأتي الاخبار عن السودانيين الهاربين من ذلك الجحيم تترى...فقد تم إنهاء عمل آلالاف السودانيين في الخليج لموقف حكومتهم تجاه غزو العراق للكويت...وقد تم ترحيل سودانيين من ليبيا بملابسهم الداخلية إلى السودان...وقد تم ضرب وقتل عشرات السودانيين في ميدان مصطفى محمود في القاهرة ، مصر...وتشتت جمعهم ...والخ والخ...
كل هذا قد حصل... ولم تكن هناك صحوة تتناسب وهول الأحداث كما يحدث الآن..في لبنان وغيرها...
أعتقد ان الكثيرين الآن قد بدأوا يدركوا أننا دولة السودان...دولة فقيرة...نعم دولة فقيرة ومليئة بالكوارث التي يتسبب بها أبناء السودان...ولهذا يلجئوا ويهربوا إلى خارج السودان بسبب الظروف الإقتصادية...
قد لا يتفق معي البعض حول هذا...وأغلب ظني أنهم لم يتفقوا معي بتاتا حول وجود مشاكل -وعلينا حلها- في السودان...لأنهم غير متأثرين بما يجري هنا وهناك
وما يحدث في الخارج يأتي بانعكاساته علينا وعلى الداخل ككل... فمن كان يهتم سابقا بما يجري للسودانيين في الواغ الواغ؟
لهذا أقول: لم نصبح ملطشة كما يقول البعض...أصبحنا نهتم في تقديري...ظاهرة صحية
كل هذا والأمل موجود بأن نكون أمة واحدة...اذا أشتكى منها عضو...تداعى له سائر الجسد..بالحمى والسهر
الحبيب أشرف السر... كامل مودتي وتقديري وأرجو أن تتواصل الصحوة من أجل مستقبل أفضل لنا جميعا
كما أرجو أن لا يبالغ الناس في تحميل العوامل الخارجية أكثر مما تحتمل بالالقاء اللوم على الآخر الذي في أغلب الأحيان لم ولن يقرأ ما يمليه الضمير الحيّ تجاه من اضطرتهم الظروف ليكونوا مواطنين من درجة عاشرة في أماكن أخرى بعيدا عن الوطن!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
AnwarKing
اشرف السر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست