الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: تقرير "التنمية الانسانية 2003 (Re: أحمد أمين)
|
ثقافة الاستبداد وجاء في التقرير ايضا ان البلدان العربية خضعت منذ عهود الاستقلال الى انظمة سياسية "وطنية" لم تستطع ان تتخلى عن نزعات الاستبداد والمتحدرة من عصور التاريخ القديمة والمتأخرة. فظل هامش الحريات محدودا في مواطن، او غائبا تماما في مواطن اخرى، مؤثرا بذلك في "اخلاق" الناس وقيمهم العملية. وساهم القمع والتهميش في قتل الرغبة في الانجاز والسعادة والانتماء، ومن هنا ساد الشعور باللامبالاة والاكتئاب السياسي، ومن ثم ابتعاد المواطنين عن المساهمة في احداث التغيير المنشود في الوطن.
وفي السياق السياسي، تبدو المعوقات السياسية لاكتساب المعرفة اشد وطأة من معوقات البنية الاجتماعية والاقتصادية التي خلص التحليل الى انها كانت، بدورها، ابلغ تعويقا من اي سمات ثقافية. فالسلطة السياسية في البلدان العربية تعمل على تدعيم النمط المعرفي الذي ينسجم مع توجهاتها واهدافها، وهي بالضرورة تحارب الانماط المعرفية المعارضة. ويشكل عدم الاستقرار السياسي واحتدام الصراع والتنافس على المناصب، النابع من الافتقار الى قاعدة ثابتة ومقبولة للتداول السلمي على السلطة، اي للديموقراطية، عائقا اساسيا امام نمو المعرفة وتوطنها النهائي وترسخها في التربة العربية.
ان تقييد الحريات في الوطن العربي، يطال المطبوعات والجمعيات والتجمعات العامة ووسائل الاعلام المسموعة والمرئية. وذاك ما يمنعها من القيام بأدوارها التواصلية والثقافية، واداء مهمتها في نشر المعرفة، وتنوير الرأي العام. وان سوء تطبيق القوانين يحولها في اغلب الاحيان قوانين شكلية لا تشجع الناس على الاحتكام اليها او الى القضاء. والتقييد الاخطر من ذلك هو ما الذي تقوم به السلطات الامنية، متجاوزة المؤسسات الدستورية والقوانين، متذرعة بمقتضيات الامن القومي الذي لا توضح معاييره، لمصادرة مطبوعات او منع اخرى من دخول البلد، ولمنع بيع بعض الكتب خلال المعارض وترويج نوعيات اخرى. ان كبح جماح الحريات بدعوى "المحافظة على الامن"، او عدم الاخلال بـ"النظام العام"، او بـ"الاخلاق" تحول دون الابداع والابتكار في بعض المجالات، ودون نشر ناتج الابداع عندما يبزغ رغم التضييق والقهر.
ويجمع التقرير شمل خيوط تحليله لحال المعرفة ويقدم رؤية استراتيجية لاقامة مجتمع المعرفة في البلدان العربية تنتظم حول اركان خمسة: اطلاق حريات الرأي والتعبير والتنظيم وضمانها بالحكم الصالح، النشر الكامل للتعليم الراقي النوعية مع ايلاء عناية خاصة لطرفي المتصل التعليمي وللتعلم المستمر مدى الحياة، توطين العلم وبناء قدرة ذاتية في البحث والتطوير التقاني في جميع النشاطات المجتمعية، التحول الحثيث نحو نمط انتاج المعرفة في البنية الاجتماعية والاقتصادية العربية، تأسيس نموذج معرفي عربي عام واصيل ومنفتح ومستنير.
وكل ذلك يعتمد على العودة الى صحيح الدين، والنهوض باللغة العربية، واستحضار اضاءة التراث المعرفي العربي، واثراء التنوع الثقافي داخل الامة ودعمه، والانفتاح على الثقافات الانسانية الاخرى من خلال حفز التعريب والترجمة الى اللغات الاخرى.
ويخلص التقرير الى ان "المعرفة تكاد تكون الفريضة الغائبة في امة العرب الآن. ومن اراد العزة لأمة العرب في العصر الآتي، فليساهم مخلصا ومجتهدا، في اقامة مجتمع المعرفة في ربوع الوطن العربي كافة. فالدين والثقافة والتاريخ والفوز في المستقبل تحض على المعرفة. ولا تقوم دون المعرفة حائل الا بنى وضعية من صنع البشر، في الاجتماع والاقتصاد، وقبل كل شيء في السياسة. وخليق بالعرب اليوم ان يصلحوا هذه البنى كي تتبوأ امتهم المكانة التي تستحق في العالم ابان الفية المعرفة".
|
|
|
|
|
|
|
|
|