بالنسبة لطرح العلمانيين، أو أدعياء العلمانية، فإنني أقول أن العلمانية لا يمكن أن تقوم على وجود التعدّد الديني أو عدم وجوده، لأن الدين، داخل الفكر العلماني، ليس سؤالاً سياسيّاً أصلاً. طريقة التفكير هذه خاطئة؛ وهي مجرّد محاولات تلفيقيّة. العلمانية لا تتعامل مع درس الدين كجزء من السياسة، بمعنى أنه ليس من مقررات السياسة وإنما ضمن مقررات الحياة؛ فصل ما هو زمني عن ما هو مقدّس. العلمانيّة، من حيث المبدأ، تفصل المقدّس، والآن هم يناقشون العلمانية من مبدأ مقدّس، الأمر يشبه محاولة إقناع شخصٍ بصحّة حديثٍ ديني بينما هو لا يؤمن بالله. إن الذي يحدث الآن، في الخطابات السياسيّة الانتخابيّة، هو لعبٌ خارج الميس تماماً. لماذا يحدث ذلك؟. يحدث ذلك لأن الأمر، بكليّاته، محاولة للكسب السياسيّ، الأمر الذي يضع العلمانيين في موقف المُدافع، وما يقدّمونه من دفوعات وتبريرات لا يخدم العلمانيّة بشيء، وإنما يخدم السياسة المؤقّتة؛ الحملة الانتخابية ومحاولة استقطاب الأصوات.
أما بالنسبة إلى الخطاب المضاد، الإسلامي، فهم، ببساطة، يحاولون تشويه العلمانية لأن مكسبهم الحقيقي في غيرها؛ أن يكون الخطاب الديني هو السائد لمصلحتهم الخاصّة، كذلك، وبذات القدر، فإن الدين هنا ليس هو الرابح، إنها محاولة لتسييس الدين، وفي نهاية الأمر فإن الطرفان لم يختلفا عن بعضهما جوهريّاً.
إن للصراع السياسي الانتخابي أدوات مؤقتة جداً مرتبطة بالراهن السياسي نفسه، فمن هو العلماني مثلاً، نقد؟ لقد صرّح نقد في إحدى ندواته الانتخابيّة قائلاً: (كل من يذهب إلى الحج عليه أن يدعوا الله لينزع عنّا هذا البلاء) يعني المؤتمر الوطني. وهو، بذلك، لم يستفد من الفلسفة العلمانية التي تدعو للابتعاد عن هذه الخطابات.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة