ليس الموت نهاية المطاف ، فأفق الإبداع يتعدى الأسقف التي تنتهي عندها الأجساد . نحن في سباق مع الموت ، والطيب صالح كان يعاني كثيراً حين يجلس لمكتبه وحيداً يعتصر الذهن ، ويتخير الأحرف والكلمات في النظم الروائي . يقيم سيناريوهات ، ويقدم ويؤخر ، ويبتدع الشخوص من مزارع الذاكرة ، ويعيد رسم فسحة الحركة في الزمان وفي المكان . إن البناء الروائي على قصر كل رواياته كانت عملاً مُضنياً . هدّ من صحته وحرق العُمر لفافة في يد قلم يكتُب . وكما قال الشاعر : عالم عباس محمد نور : لم تكن الحياة بوجود الطيب أو برحيله أرضاً بور ، ولم يكُن خطوه الغليظ على أرض الرواية محواً لغيره من الكتاب ، بل تمهيداً لتصبح الكتابة في فن القص عملاً جاداً ، يتم فيه حساب النفس على كل خاطرة وكل نزوة أن تكون خلية في جسدٍ كبير هو الذي يتم تشكيله بيد القاص ، فيحاور شخوصه ، ويلاطفهم ويشتد في حصارهم ، ويتشاجر معهم ، ويتقي شرهم أحياناً ، ويستأنس صحبتهم ... ولنا عودة إن تيسرت لنا فسحة في الزمان .
الشكر للأكرم : حيدر أن أعاد ساعة الوفاء لموضعها في باحة المجلس .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة