امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــبًّا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-21-2024, 07:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-23-2010, 06:30 AM

عزالدين عباس الفحل
<aعزالدين عباس الفحل
تاريخ التسجيل: 09-26-2009
مجموع المشاركات: 9030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب (Re: عزالدين عباس الفحل)

    يحدثنا الشيخ محمد الغزالي حول سورة يوسف

    محمد الغزالي

    سُورَة يُوسُف

    ربما أحس يوسف الصديق وهو صبي أن له شأناً عند الله! من يدري؟ قد يكون من المصطفين الأخيار الذين يقودون الناس في ميدان الشرف والحق! إنه أصغر إخوته، ولكن سيرة إخوته الكبار لا تومئ إلى فضل ولا تنضح بخير... وهو أقرب إلى أبيه منهم وأحبّ!.
    مَنْ يدري؟ لعل ميراث النبوة يكون من نصيبه؟ إن يعقوب أباه ورث إسحاق، وإسحاق ورث إبراهيم، فهل يكون حلقة في هذه السلسلة؟ وشاء الله أن يسوق إليه البشرى في رؤيا صالحة "إذ قال يوسف لأبيه: يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين..." (4).
    وشام يعقوب من الرؤيا مستقبل ابنه الصغير، وخشى عليه من إخوته!
    "قال: يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا، إن الشيطان للإنسان عدو مبين. وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب..." (5-6).
    لكن أحقاد الإخوة الكبار لاحقت الشابّ المختار، فإذا هو مطارد مقبوض عليه مرمىٌّ في قعر بئر بين الهلاك والنجاة...
    ويشاء الله أن يقذف في روعه بالأمل العريض، إن هؤلاء الإخوة الأقوياء المتآمرين عليه سوف يقفون بين يديه يوماً ليوبِّخهم على ما صنعوا! إنه الآن صغير مغلوب على أمره أمامهم، وغداً سوف يسائلهم على ما يفعلون!.
    لقد تركوه وحده ظانين أنهم انتهوا منه، وهيهات!! فالله غالب على أمره
    "فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجبّ وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون" (15).إن يوسف ـ وهم يولّون ـ رمقهم كما يرمق القاضي المتَّهمين! وانفسح أمامه المستقبل، فأدرك أنه الرابح وهم الخاسرون..
    ويشاء الله ـ بعد عشرات السنين ـ أن تتحقق هذه النبوة، وأن يجئ أولئك الإخوة إلى يوسف أذلة يطلبون الصدقة بعد أن صار عزيز مصر، وهم لا يعلمون: "فلما دخلوا عليه قالوا:-
    يا أيها العزيز مسّنا وأهلنا الضرّ وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا أن الله يجزي المتصدقين. قال: هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون"؟ (88-89).إن ساعة العسرة في قعر الجبّ كانت الطريق إلى القمة في هذه الدنيا، فما أعجب أقدار الله!!
    والواقع أن اليقين المتألق بالرجاء في طلب يوسف، أنحدر إليه من يقين أبيه في الله، فعندما رجع الإخوة الكبار بعد تنفيذ مؤامرتهم يقولون لأبيهم "..
    إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين" (17)، قال: "بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله على ما تصفون" (18)
    إن الصبر الجميل أعقب الخير الجزيل، وحقق ليوسف وأبيه ما كانا يؤملان...
    إن التاريخ المسطور هو نسق تظهر فيه سنن الله في الناس، وتملى الحقائق نفسها على من يحسن الإفادة والاعتبار، ولذلك يقول الله لنبيه:-
    "نحن نقصّ عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن، وإن كنت من قبله لمن الغافلين" (3)
    وليس لمحمد دخل فيما أوحى الله إليه، إنه يتلقى ما يجيئه وَحَسْبُ!!
    "ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون" (102).
    وقد ختمت السورة بآية يصح أن يوصف بها كل ما ساق الإسلام من قصص
    "لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون" (111).وقصة يوسف في الدعوة إلى الله والدأب على البلاغ ـ مهما كثرت العوائق مثلٌ يُحتذى، ويظهر أن نبوته بدأت مع بلوغه الرشد، قال تعالى:-
    "ولما بلغ أشده آتيناه حكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنين" (22).
    وقد بيع يوسف سليل الأنبياء عبداً رقيقاً! وكان الذين باعوه زاهدين في استبقائه كأنه حمل ثقيل!.
    ما أعجب تصاريف الليالي! مَلَك كريم يباع على أنه سلعة كريهة!!
    "وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا..." (21).
    لقد كان في هذه الفترة الباكرة من شبابه حسن المعرفة لربه، صاحب تقوى يتفرَّد بها، وشقّ لنفسه طريقه الخاص
    "وكذلك مكنا ليوسف في الأرض، ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون" (21).
    كان يوسف يقدر البيت الذي آواه، ويصون محارمه، وكانت لرب البيت مكانة خاصة عنده فهو لم يكن فرعوناً من الفراعنة المستعلين في الأرض، بل كان رجلاً دميث الأخلاق، ظاهر الشرف.
    وقد أحبه يوسف وعرف له حقوقه. ثم إن الأيام لم تنس يوسف أصله العريق ودينه الموروث، لقد كان آباؤه دعاة إلى الله، فليبق على نهجهم في عبادة الله الواحد، وفعل الخير، وترك الآثام.
    إن هذا البيت تبنّاه، لكن التبنّي لا ينشئ علاقة طبيعية، وإذا كان عزيز مصر قد أحب يوسف لشمائله النبيلة، فإن امرأة العزيز أكنَّتْ نحوه عاطفة أخرى!!.
    كان يوسف رجلاً رائع الجمال، أوتى نصف الحسن الموجود في العالم كله.
    ونظرت الأم المزعومة إلى رجل قريب يعيش في كنفها وسلطانها فطمعت فيه، ويوسف فوق هذه المنزلة الموهومة، فقد صقل الإيمان طبعه، وزكّى نفسه، وقوّى بالله صلته، فلم يخطر بباله أن يلم بدنيّة!!.
    فلما تعرضت له المرأة ثار يقينه في أعصابه، وذكر مواثيق الشرف التي ورثها عن آبائه، وذكر معها حرمة رب البيت الذي آواه وكرمه، كيف يطعنه في عرضه؟
    "وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت: هيت لك! قال: معاذ الله، إنه ربّى أحسن مثواى إنه لا يفلح الظالمون" (23).وقد رفض المعصية يقينا، صرحت بذلك امرأة العزيز وهي تقول:-
    "... ولقد راودته عن نفسه فاستعصم" (32).وقد كان يوسف شاباً مكتمل الرجولة، ناضج الغريزة، وكانت نفسه تهوى، ولكن دون ذلك الموت، فما يمكن أن يتدلّى إلى هذا الدرك، كانت نوازع الشرف والدين والتقوى تكبت كل نداء.
    ولو كان شاباً بارد الطبع لا شهوة له فمن أين له فضل؟
    "ولقد همت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء، إنه من عبادنا المخلصين" (24)!!.لقد انتصرت المقاومة المؤمنة على المراودة الخاطئة، وبقى يوسف ذاكراً لربه وقافا عند حدوده..!!
    وأقبل العزيز، وامرأته تشدّ قميص يوسف، وهو يفرُّ منها! كانت المعركة قد بلغت نهايتها، وعندما شعرت الزوجة السفيهة بحرج موقفها اتجهت على عجل تقول له:-
    "ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً إلا أن يسجن أو عذاب أليم" (25)!!وصاح يوسف ـ والشواهد على صدقه متكاثرة ـ
    "قال: هي راودتني عن نفسي..." (26). اللهجة العفيفة، والجبين المتألق بالشرف! يشهدان له، ولم يكن هناك تسجيل للصوت أو للصورة يحكم في القضية، فبقيت القرائن العقلية.
    المرأة الولهى شدَّت الشاب الفارّ من خلفه فمزقت ثوبه، وإلا فالشاب هو المتهم، هكذا يقول القضاء:
    "وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قُدَّ من قُبُل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قُدَّ من دبر فكذبت وهو من الصادقين. فلما رأى قميصه قُدَّ من دبر قال: إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم" (26-28).بيد أن امرأة العزيز قاومت القرائن التي توفرت ضَدها، بل جمحت بها مشاعرها السائبة جماحا بعيداً، فلما تناثرت الشائعات حولها تركت الإنكار وعالنت بعاطفتها وعذرها معا.
    وكأنها تقول لمن يتحدث عنها: لو كنت مكاني لسلكت مسلكي!! من الذي لا يعشق البدر؟!
    "وقال نسوة في المدينة: امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا، إنا لنراها في ضلال مبين" (30)!.وجمعت المرأة النسوة اللائمات وأمرت يوسف أن يخرج عليهن في حفل أعدته يأكلن فيه الفواكه، وغيرها، فلما طلع عليهن يوسف شُدِهْنَ، وحارت الألباب وجرحن أيديهن بما فيها من سكاكين..
    وقلن: "ما هذا بشرا، إن هذا إلا ملك كريم" (31).
    وهنا كانت العاطفة المشبوبة قد بلغت ذروتها بامرأة العزيز، فجن جنونها
    وقالت: "ولقد راودته عن نفسه فاستعصم، ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين" (32).
    وكان يوسف يجسّد الشرف والرجولة، وأدب النفس، وإرضاء الله عندما
    قال: "ربِّ السجن أحبُّ إليَّ مما يدعونني إليه، وإلا تصرف عني كيدهن أصبُ إليهن وأكن من الجاهلين. فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم" (33-34).
    كيف نجا من هذا الكيد؟ ترك القصر لصاحبته، فأخرج منه وهو الأمين عليه، الحافظ لحقه، وأودع السجن حتى تختفي القصة كلها وراء أسواره
    "ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين" (35).
    في سورة يوسف ثلاث رؤى جاءت كوضح النهار.
    أولاها: ما قصّه على أبيه أول السورة من سجود الشمس والقمر والأحد عشر كوكبا، وسنعرف ـ بعدُ ـ تأويل هذه الرؤيا.
    أما الثانية فقد وقعت مع مبادئ عهده بالسجن:
    "ودخل معه السجن فتيان، قال أحدهما: إني أراني أعصر خمراً وقال الآخر: إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين" (36)!
    والرؤى ضرب من الغيوب يتصل بالجانب الروحي من الإنسان، وهي ـ مع صدقها ـ ليست دلالة خير ولا شر، إنها دلالة قوة خارقة في الكيان البشري يستشرف بها على ما يُعجز غيره من الناس!.
    لقد سمع رؤى صاحبيه ثم تحدث عن نفسه:
    "قال: لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما، ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون. واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء..." (37-38).
    إن يوسف معتز بعقيدة التوحيد التي ورثها عن آبائه، والتي صاحبته وهو يعبُر مؤامرات القصور المترفة، والتي تصحبه الآن وهو داخل السجن!.
    وقد أبى إلا أن يتحدث عنها في سجنه داعيا رفاقه إلى الإيمان:-
    "يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار؟" (39)
    إن ما عدا الله وَهْمٌ لا حقيقة له، واسم لا مُسمَّى له، فكيف نتعلق بالأوهام؟ ونظن الأصفار شيئاً؟.
    وفسّر يوسف الرؤيا الثانية: -
    "يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقى ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه.."(41) مصيران متناقضان، هذا ما دلت عليه الرؤيا!! "وقال للذي ظن أنه ناج منهما: اذكرني عند ربك، فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين" (42).
    إن ساقي الملك غمرته أضواء القصر فنسى السجن وأيامه ورفاقه، ونسى الرجل المحسن البرئ المحبوس ظلما!.
    ولكن جدَّ ما ذكَّر بيوسف بعد عهد طويل، فقد رأى الملك في منامه ما أفزعه، وعجز من حوله عن تعبير رؤياه، فقال الساقي: أرسلوني إلى السجن آتكم بالخبر اليقين!! "يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون" (46).
    وفسر يوسف الرؤيا، وأخبر الملك بالتفسير المهم وهذه هي الرؤيا الثالثة، فقال: إيتونى بيوسف!! وأبى يوسف المجئ حتى تتحقق براءته وتمحى تهمته.
    ودبَّت الحياة في القضية الهامدة، وأحضرت النسوة العارفات بما حدث "قال ما خطبكن إذْ راودتن يوسف عن نفسه؟ قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين" (51).
    وقال يوسف ـ بعد هذا الاعتراف ـ قاصداً إفهام الملك ما كان: "ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب، وأن الله لا يهدي كيد الخائنين" (52)!!.
    وشعر الملك أن يوسف أحق الناس بولاية الأمر في أثناء السنوات التي تتحقق فيها الرؤيا، إنه مستقبل شعب كبير، وأحق الناس برعايته من تنبأ به "وقال الملك: ائتوني به أستخلصه لنفسي، فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين" (54)!!
    واختار يوسف لنفسه أن يكون وزيرا للمال مسئولا عن تموين الناس: -
    "قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم. وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين" (55-56).
    ونلحظ أن يوسف عرض الخصائص النفسية والعلمية التي ترشحه للمنصب، فهو ليس عابدا عفيفا فقط، بل صاحب خبرة في شئون المال، يعرف كيف يحصّله وكيف يوزعه.
    وقد أباح لنفسه طلب المنصب لأنه ليس هناك من هو أحقّ به منه، ومن المصلحة العامة أن توضع الأمور في يد القوى الأمين بدل أن توضع في يد عاجز قليل الخبرة..!
    قَدِمَتِ السنوات العجاف حسب رؤيا الملك وتفسير يوسف، ويظهر أن جدبها تجاوز وادي النيل إلى بادية الشام، فهرع أهلها يطلبون القوت من مصر التي استعدت لاستقبال الكارثة.
    وكان إخوة يوسف بين أولئك القادمين!
    "وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون" (58).
    فأحسن وفادتهم، وتعرّف على أحوالهم، وبعد تلطف مقصود طلب منهم أن يأتوا معهم بأخيه الشقيق في المرة التالية
    "قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون" (61) وفزع الأب لهذا الطلب وقال لبنيه: "هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين" (64).
    ولكن إلحاح الحاجة مع إلحاح الإخوة جعله يستجيب، ولما أرسله معهم ـ وهم ذاهبون للمرة الثانية ـ
    "وقال: يا بنىَّ لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغنى عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون" (67).ويظهر أن يعقوب خاف عليهم أن يتهموا بأنهم جواسيس دولة أجنبية، لأن منظرهم ـ وكانوا فوق العشرة ـ وامتداد قاماتهم، وفراهة هيئتهم، يجعلهم نهب الظنون!!.
    والتقى الكل عند يوسف الذي استقبل أخاه الشقيق استقبالاً خاصاً
    "ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون" (69)!!
    ولابد أن يوسف علم من أحوال أخيه ما جعله بهذه الكلمة يواسيه!.
    ثم مكر يوسف مكراً حسنا بإخوته، واستطاع بالحيلة أن يحجز أخاه، وأن يفرض عليهم العودة إلى أبيهم بدونه، لقد خبأ المكيال في متاع أخيه، فلما عثرت الشرطة عليه آخذتهم بالجريمة وطردتهم.. وعلم يعقوب بأن شقيق يوسف قد فقد هو الآخر فصاح:-
    "عسى الله أن يأتيني بهم جمعا إنه هو العليم الحكيم" (83)!!.والحق أن مصاب يعقوب جلل، فقد كان يحسّ في أعماق قلبه أن يوسف حيٌّ، وأنه عائد إليه حتماً، فإذا هو يفقد ابنه الآخر، وتتضاعف عليه الآلام، فهو لا يرى هذا ولا ذاك...
    "وتولَّى عنهم وقال: يا أسفا على يوسف، وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم" (84).وفي ضراعة أخيرة ورجاء باقٍ في الله قال:-
    "يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرين" (87).وخرج إخوة يوسف للمرة الثالثة إلى مصر، كانت قلوبهم منكسرة، وأحوالهم كئيبة، وذلّتهم بادية
    "فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين" (88)!!وأماط يوسف اللثام عن شخصيته بعدما لمس من إخوته هذا الهوان، وقال لهم في نبرة هزت قلوبهم، وأحيت الخامد من مشاعرهم:
    "هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون"؟ (89) "قالوا أإنك لأنت يوسف؟ قال: أنا يوسف وهذا أخي قد منَّ الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين" (90).
    ذكر يوسف سنة اجتماعية تشبه سنن الله الكونية! التقوى والصبر ينتجان النجاح.
    "قالوا: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين. قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين" (91-92).
    إن الكبير لا يحقد، وهو بعد انتصاره يزداد سماحة وتواضعا لله، ثم قال يوسف لإخوته:-
    "اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً وأتوني بأهلكم أجمعين" (93).وتحرك الركب من مصر إلى الشام، وفجأة سمع الذين حول يعقوب صيحة استبشار منه لا يعرفون مأتاها!! سمعوه يقول:-
    "إني لأجد ريح يوسف" (94) لولا أن تنسبوني إلى الحمق!.
    إن عالم الروح عجيب! كيف سرت البشرى إلى فؤاد يعقوب؟ كيف أحسّ بما وقع؟
    "فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتدَّ بصيراً قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون" (96).
    وبعد أيام قلائل كان تأويل الرؤيا الأولى يتم كما تم تأويل الثانية والثالثة!!
    "فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين. ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال: يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً، وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي، إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم" (99-100).بعد أن تمت القصة التي سرد القرآن أحداثها قال الله لنبيه محمد:-
    "ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون" (102).نعم إنه ما كان لديهم فيرى، وما كان قارئا حتى يطالع أخبارها، إنه الوحي الأعلى قصَّ عليه ما كان دون تزيّد ولا تحريف، ومع ذلك فكثير من الناس مكذب بنبوة محمد.
    وفي عصرنا هذا طاعنون من الوثنيين والكتابيين لا حصر لهم، ولا ينقطع لهم لغو ليكن"!! فلن يوقفوا سير الرسالة الخاتمة
    "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين" (108).إنهم مغلقون لا تقع عيونهم من الكون على ما يعرفهم بالله، أو يقودهم إلى وحيه
    "وكأين من آية في السموات والأرض يمرّون وهم عنها معرضون" (105).











    عزالدين عباس الفحل
    ابوظبي

                  

العنوان الكاتب Date
امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــبًّا عزالدين عباس الفحل02-16-10, 07:37 AM
  Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-16-10, 07:46 AM
    Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-16-10, 07:57 AM
    Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-17-10, 06:06 AM
      Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-17-10, 06:15 AM
        Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب haroon diyab02-17-10, 06:41 AM
          Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب خالد درق02-17-10, 06:54 AM
            Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-17-10, 11:01 AM
              Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-17-10, 11:13 AM
                Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-16-10, 05:56 AM
              Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عمار عبدالله عبدالرحمن02-17-10, 11:24 AM
                Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-20-10, 07:10 AM
                  Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-20-10, 11:28 AM
                    Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عبداللطيف محجوب02-20-10, 11:33 AM
                      Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عبد اللطيف السيدح02-20-10, 11:47 AM
                        Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-21-10, 06:18 AM
                          Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-22-10, 08:40 AM
                            Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-23-10, 06:30 AM
                              Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-24-10, 06:16 AM
                                Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-25-10, 05:51 AM
                                  Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل02-28-10, 06:10 AM
                                    Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-01-10, 09:20 AM
                                      Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-02-10, 06:04 AM
                                        Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-03-10, 08:36 AM
                                          Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-08-10, 06:19 AM
                                            Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-09-10, 06:00 AM
                                              Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-10-10, 06:37 AM
                                                Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-11-10, 06:42 AM
                                                  Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-14-10, 06:13 AM
                                                    Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-15-10, 06:02 AM
                                                      Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-17-10, 06:02 AM
                                                        Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-18-10, 05:57 AM
                                                          Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-21-10, 06:04 AM
                                                            Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-22-10, 06:06 AM
                                                              Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-23-10, 06:19 AM
                                                                Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-24-10, 06:28 AM
                                                                  Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-25-10, 06:09 AM
                                                                    Re: امْــرَأَةُ الْعَــزِيزِ تُــرَاوِدُ فَـتَاهَا عَــن نَّفْسِـــهِ قَـدْ شَغَــفَـهَا حُـــب عزالدين عباس الفحل03-28-10, 06:09 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de