|
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... (Re: عبدالغني كرم الله)
|
...
في الطريق إلى كسلا..
قرى النيل الازرق! (الباقير/المسعودية، الشقلة/ المسيد/النوبة، ألخ)..
ماهذا؟ ما المناسبة؟؟.
صفوف من البشر، في غبشة الفجر، تصطف على جانبي الطريق، نعاس يشغى بعض المستضفين، تعجبت، ونحن نجري "بسرعة البص، ونحن جلوس "، والفجر يفتح غبشته، من جمهور غفير من هذه القرى، يصطف على أمتداد الطريق، يمينه، ويساره، أهناك مناسبة، أو زائر سيمر بالطريق، فالطريق مزدحم في هذا الصباح المبكر، على امتداد رصيفه اليمين والشمال، يصطف عدد عظيم من الرجال والنساء والبنات والاطفال، والطلاب، والعمال، هل نحن المقصودين بهذا الاحتفال..
تلك مأساة بلدي..
أنهم العمال والموظفين والطلاب، وأصحاب الحاجات في طريقهم للخرطوم والمدن الكبير، تصور؟ أهل الريف، لا عمل لهم، الحقول جرداء، لا مصانع، والتجارة كاسدة، والعمل صار في المدن، ولو مررت بهذه القرى منتصف النهار، فإنها مهجورة، سوى من القطط، ونقاط الزير، والدجاج، وكبار السنة.. وتلكم هي مأساة بلدي الاقتصادية، والاجتماعية، بل والفكرية.
قرى، النيل الأزرق.. الباقير. الشقلة عوج الدرب المسعودية ألتي النوبة المسيد، البشاقرة.. ألخ.. ألخ...
قرى تحكي، وتحكي، تحكي الكثير، وهي محصورة بين الطريق والنهر الصاخب، والذي ينسجها، مع قرى أخرى، في شرق افريقيا، بلاد الحبشة، فيسقي النهر أصحاب موسى ويسوع، ومحمد، ولا يسأل أحد عن هويته، بل يبل عروقه، ويذهب عطشه، برفق، وحكمة، ليت الأمم الافريقية، تستلهمها، فتجده في أعالى اثويبا، حيث تزمجر أمواجة الصاخبة، وهو يندفق، وينزلق بين الصخور، تسبح فيه يهوديات، مشومات بسفر التكوين، وبعد حين يمر بقرية بسيطة، يعمد الناس فيه الخطا، ويغسل الكهنة جبتهم، ثم يمر بسنار، وله من التجربة "ألون حديقة"، فيتوضأ فيه موسى ابو قصى، ويغسل لوحه، ويسقي حيرانه. ..
وصلنا إليها، مع تفتح غبشة الفجر، بعضهم لا يزال في الأسرة والعناقريب بعض الراقدين، علو الباص، كأننا نركب "ناقة جدي سعد" وهي تخب بإطاراتها في الدرب الأسود، الأملس، نحو كسلا...
قرى، أشبه بأحياء للعاصمة، مأكلهم، ومشربهم، وملبسهن، منها، وذلهم، وهمهم، منها، بنات وأطفال وعمال، في طريقهم للخرطوم، الشارع مزدحم كل الصباحات، كأنهم في استقبال مسئول كبير، أو فريق كرة قدم في طريقه لمدني، أو الحصاحيصا..
أهذه قرى (ياحكام ما بعد الاستقلال الأماجد، كلهم أجمعين)، كل أهلها يعملون بالخرطوم، ويدرسون بالخرطوم، ويسرقون بالخرطوم، حتى صارت القرى على ضفاف النيل الازرق (بل والابيض حتى الكوة، ونهر النيل حتى السقاي)، مجرد أحياء طينية، تحيط بالخرطوم الكاذبة، (ولكن من منازلهم،).. أين التوطين، والترييف، أين تنمية الريف؟ سادتي المهندمين في البرلمان (المختار)، أين توطين الوظائف، التعليم، لا أحد بالحقول في هذه القرى، تراها من نافذة الحافلة جرداء، لا كلا ولا ماء، ويظهر النهر واضحا لعينينك، ولا أثر لإشجار، وحقول، وزهور،.. يجري صاخبا، ساخرا، من النعمة التي أهدرت، وفوات اوانه، ومائه، نحو الشمال البعيد (بل هم أحرص على استغلاله،)، بل أقاصي الشمال، من يملك حقلا صغيرا، يسمى (باشا، وبك)، وصاحب اطيان، ونحن دورنا، بل الحيشان، هي مزراع ومصدرك لتربية الدواجن، والطيور..
خطل استراتيجي، في إشكالية التنمية بالبلاد، ولن تجدي معها الاستطبابات والعلاجات والمسكنات الموضعية، على الإطلاق، بل ثورة، وفلسفة، ومناهج متكاملة، تعنى بالحياة الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية، تعجل من البلد واحدة، وفردوس، ومن النيل، نهرا في الجنة، كما راه المعصوم في المعراج..
وإلا ستظل الشوارع والطرق تهجم على الخرطوم، بالصباح، وتهرب منها عصرا، ومساء.. مررنا بالمسيد، الشقلة، المسعودية، لم ارى احد على ضفة النهر؟؟؟؟ كما لا أثر لتركترات تقف بالحيشان، أو امام الأبواب، مجرد عربات عادية، أو فارهة، تقف أمام الأبواب، أو داخل الحيشان الكبيرة، قلبت طرفي عسى أن اعثر عى محراث، دقاقة، شئ يشئ بالنيل، هبة الحياة، النيل واهب الحياة، فلم أرى آله، لها علاقة بالزراعة، في هذه القرى، على الإطلاق.. وهي على ضفاف النيل الكريم، لمن يطلبه، ويتوخاه، ويحبه،.
وكم تحسرت، وأنا أرى ملابس تركية، وانجلزية، أين الملابس القروية الساحرة، سحرية الزي القروي، العظيم، التراث في الخرز، وفساتين في وحدة ضعوية، لم يشقها (البلوزة، والتنورة،ا لضيقة)، أين وأين؟ لم ؟..
هنااااك، أنظر معي، بيت من طابقين في احدى القرى؟.. كأنه يتصور أن البناء الفوقي غاية، أنه ضيق المدن القديمة، فإضطرت للتعالي، ألا ترى في اووبا والخليج، تتطاول، وتلاصق العمارات، حتى طالت السحاب، حتى لا يرى ساكنة، من زحمة التلاصق والتعالي، أليل هو في نهار.. لا غروب يرى، أو شروق، مع ان بلاد السودان، أوسع بلاد العرب والزنج)، عمارة في قرية، شوهت المشهد، ولكن لو دخلوا جحر ضب خرب، لدخلتموه..
عجبى ياضفاف النيل الازرق، كل عواصم البلاد عشقت ضفافك، سوبا شرق حاضرة علوة، أو سنار حاضرة السلطنة الزرقاء، أو مدني، والخرطوم عاصمة العصر التركي، حتى ام در، بقعة المهدي، فيها نصيب من قطرات الغبشاء الثائرة، عند إلتحام ومقرن النلين، للتو، عند ضفافك الشرقية، ولم يذوبا معا، إلا في السقاي، والكدور، وما بعدها..
لم تكون الخرطوم خالية بالليل.. لم تصير بسيطة في الأعياد.. أي فشل أعظم من هذا..
من ألتي، وحتى جبل اوليا، بل الكوة، وحتى شمال الجيلي، هذه القرى تحج للخرطوم، في لا مبالاة ساذجة لحكام لا يعرفون الوطن، (زحمتهم الخرطوم فلم يروا افقا آخر)، فصارت العاصمة (كذبا)، ومجازا، سوق مولد، سلة اوساخ، ضوضاء وعشوائية، خدماتها "على فقرها"، لا تكف 5% من سكانها، فصارت قيادة السيارات نقمة، والتسكع نقمة، وعبور الشارع نقمة، والسكن فيها نقمة، واختلط الحابل بالنابل، وصارت قنبلة، قابلة للاشتعال، في أي وقت..
أكثر من 50 حافلة، تذهب من رفاعة للخرطوم يوميا، وتعود مساء، لم؟ ذهاب وإياب، سعر تذاكر، وإهدار وقت في الطريق اليومي.. ويعود السؤال، أين اللامركزية، ليس في الإدارة، بل التنمية بكل تجلياتها، وأين العدالة الاجتماعية.. تذكرت مقولة الاداري الانجليزي، وهو يكتب في مذكراته عن عملية السودنة (السودنة تمت قبل موعدها، وعلى استعجال)، توقفت السكة حديد، ومشروع الجزيرة، والموانئ البحرية، والنهرية، والمصانع، والسينماء، والمسرح، وداخليات الطلاب والطلابات، والخدمات التعليمية، والكتاب.. والإزدحام، أيا كان، برهان على فشل توظيف واكتشاف هذه الذوات الخلاقة، حين تجد فلسفة، وتربية، ومساواة، وتنمية متوازنة..
يسرح الخاطر، وهو يشاهد الحزن، والفوضى، تسكن سهول ونجوع، وجبال البلاد..
ملحوظة: الصورة اعلاة، مقصودة، انه ريف انجليزي، رسم البعقري فان جوخ، رأى فيه الحياة، بكل شكولها.. وريفنا، أجمل، وأعظم، لو كانوا يعلمون..
هناك قرى اندثرت في البلاد، لم تعد؟..
يتبع..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-09-10, 09:37 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبداللطيف خليل محمد على | 02-09-10, 09:43 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-10-10, 05:35 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | ندى عثمان حسن | 02-10-10, 05:38 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed E. Seliaman | 02-10-10, 06:33 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Sidig Rahama Elnour | 02-10-10, 09:04 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-10-10, 09:38 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-23-10, 09:57 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | جعفر محي الدين | 02-10-10, 10:36 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | الملك | 02-10-10, 12:15 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-11-10, 09:59 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-12-10, 06:41 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-11-10, 11:36 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-12-10, 08:51 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | الوليد كرار | 02-11-10, 09:29 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عمر عبد الله فضل المولى | 02-11-10, 04:23 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-12-10, 09:11 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | بريمة محمد | 02-13-10, 07:25 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-14-10, 05:44 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-14-10, 10:32 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-14-10, 11:58 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-14-10, 01:03 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-15-10, 05:39 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-15-10, 06:44 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-15-10, 10:19 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | ذواليد سليمان مصطفى | 02-15-10, 04:22 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Osman Musa | 02-15-10, 06:35 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-16-10, 07:56 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | طيبان | 02-16-10, 08:36 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-24-10, 11:40 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-16-10, 09:10 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عفاف علي ميرغني | 02-16-10, 10:03 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-17-10, 08:21 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-18-10, 07:39 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-18-10, 08:46 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عماد الشبلي | 02-18-10, 02:31 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-21-10, 08:31 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | نورالدين الفحل | 02-21-10, 02:15 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-22-10, 12:44 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | مامون أحمد إبراهيم | 02-22-10, 08:03 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-23-10, 05:49 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | نجاة محمد بابكر | 02-23-10, 10:12 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-25-10, 11:37 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 02-26-10, 04:59 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 02-28-10, 12:04 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | المكاشفي الخضر الطاهر | 02-28-10, 06:36 PM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 03-01-10, 06:42 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 03-01-10, 07:26 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | عبدالغني كرم الله | 03-03-10, 05:23 AM |
Re: في الطريق إلى "كسلا"..!!... | Mohamed Abdelgaleel | 03-04-10, 09:47 AM |
|
|
|