بيان العلماء مهم..مهم..و"الإنفصال" عواقبه خطيرة على سوداننا..وأوافق "المهدي" في صعوبته

Quote: من سيحكم الجنوب.. أو بالأحرى الدولة المستقبلية الجنوبية المستقلة إذا افترضنا أن نتيجة الاستفتاء العام في السنة المقبلة ستكون لصالح خيار الانفصال وفقا للمؤشرات والتوقعات الراهنة ؟ سيقابل كثير من السودانيين هذا التساؤل (إذا طرح عليهم) بالاستغراب لأن الإجابة عنه «مسألة بديهية». والبديهية المفترضة هي أن «الحركة الشعبية» الجنوبية بقيادة الجنرال سالفاكير ميارديت التي تحتكر حاليا جهاز الحكم الذاتي الإقليمي في الجنوب هي التي سيؤول إليها «بالطبع» أمر حكم الدولة المستقلة الوليدة. لكن القضية ليست بهذه البساطة إذا أخذنا في الاعتبار الطبيعة القبلية لساحة الصراع السياسي في الإقليم الجنوبي. في الجنوب الآن تدور حرب جنوبية - جنوبية حول السلطة. وخلال العام المنصرم وحده بلغ عدد قتلى هذه الحرب نحو 2500 شخص. ولن نفهم مغزى هذا الاقتتال إلا إذا أدركنا أن طابعه قبلي صرف. «الحركة الشعبية» المستأثرة بالسلطة حاليا على نحو احتكاري وتريد الاحتفاظ بها في حالة تحول الإقليم الجنوبي إلى دولة مستقلة لا تمثل سوى قبيلة واحدة - الأمر الذي استفز ويستفز القيادات السياسية لقبائل أخرى مما حفز هذه القيادات إلى تشكيل ميليشيات مسلحة تقاتل جيش «الحركة». قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها قادة الحركة وكوادرها وجيشها تعتبر لوحدها من حيث العدد أكبر قبيلة في الجنوب. لكن القبائل المناوئة لها وأبرزها النوير والشلك تمثل مجتمعة الأغلبية الساحقة من سكان الإقليم. هذا الوضع يدعو إلى تساؤلات بشأن الاستفتاء والانتخابات. من هذه التساؤلات ما يلي : هل يسمح الاقتتال - إذا توسع نطاقه وتصاعدت شراسته - بإجراء عملية الاستفتاء أصلا ؟ وقبل ذلك هل يسمح بإجراء الانتخابات المقرر لها ابريل المقبل ؟ على المستوى الانتخابي الأعلى ستدور المنافسة بين سالفاكير مرشح «الحركة» ود. لام أكول ممثل مجموعة القبائل المناوئة على منصب رئيس حكومة الجنوب. وفي هذه الحالة فإن الأرجح أن يكون لام أكول هو الفائز استنادا إلى الأغلبية العددية التي تدعمه. فهل تقبل قيادة «الحركة» بالنتيجة أم تعمد إلى تصعيد الحرب القبلية من أجل الاستمساك القسري بالسلطة؟ من الواضح أن مجموعة القبائل المناوئة التي يقودها أكول سياسيا لا تفضل خيار الانفصال. فماذا سيكون موقف «الحركة الشعبية» التي تتبنى شعار الفصل إذا أسفر الاستفتاء عن فوز خيار الوحدة بالأغلبية العددية المتوافرة لدى القبائل المناوئة؟ اتفاق نيفاشا للسلام وضع نهاية للحرب الشمالية - الجنوبية لكنه أفرز اشتعال حرب جنوبية - جنوبية.المصدر: الوطن القطرية