الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
عبد الوهاب الأفندي: ماذا بقي من إسلام "الإسلاميين" وإسلاميتهم؟
|
نشرت صحيفة التيار أمس مقالا للدكتور عبد الوهاب الأفندي بالعنوان أعلاه كما يلي: خلال الأسبوع الماضي وجدتني دون قصد وتعمُّد مني في قلب جدال محتدم عن حاضر الحركة الإسلامية المضطرب ومستقبلها المحاط بالغموض. حدث هذا حينما كررت مقولتي المعروفة بأنّ الحركة الإسلامية السودانية تعيش أزمة تكاد تكون أزمة وجود، وأنّ أيٍّ من المطالبين بوراثة هذه الحركة المأسوف على شبابها وشيخوختها (بما في ذلك المؤتمر الوطني وحركته "الإسلامية"، وغرمائه في المؤتمر الشعبي) لم يقدم إجابة شافية على المعضلات التي واجهتها. وقد اعترف بعض الحضور، وعلى رأسهم الشيخ الجليل ياسين عمر الإمام والأستاذ عبدالله حسن أحمد، بوجود هذه الأزمة، وبالحاجة إلى معالجتها بنقد ذاتي هادف. وكرر ياسين ما رُوي عنه من قبل من أنه أصبح يخجل من أن يدعو أي شخص للانضمام للحركة الإسلامية، بما في ذلك أحفاده وأهل قرابته. من جهتهم فإنّ عدداً من المشاركين في هذا الحوار (وجلهم من منتسبي المؤتمر الشعبي) سعوا إلى تبرئة تنظيم من وزر ما آلت إليه الحركة الإسلامية، بل أضاف بعضهم أنه لا توجد الآن حركة شعبية خارج المؤتمر الشعبي، وأنّ البقية خارجون تجب عليهم التوبة والندامة. تذكرت أثناء هذا الحوار نص "رسالة مفتوحة" وجهها لي أحد كرام الإخوة من منتسبي الحركة الإسلامية - عليها رحمة الله- كنت اطلعت عليها مصادفة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأنا أتصفح الانترنيت بحثاً عن شيء آخر، رغم أنها سُطرت ونُشرت قبل أكثر من عام. صاحب هذه الرسالة كان الأخ هاشم أبوبكر الجعلي المحامي، وقد عرفناه منذ أيام الدراسة السنوية أخاً كريماً كنا نراه من أهل الصدق والمجاهدة، والله حسيبه. وفي رسالته تلك (نُشرت في الرأي العام في أغسطس من عام 2008) عبّر الأخ هاشم عن الكثير من الغضب والألم لانتقادات وجهتها في برنامج "ما وراء الخبر" في قناة الجزيرة لما سمي بالحركة الإسلامية في السودان أثناء انعقاد مؤتمرها العام في ذلك الشهر. ما أحفظ الأخ هاشم كان (بين أشياء أخرى) تقريري بأن ما يسمى بالحركة الإسلامية السودانية ليست بحركة ولا هي بإسلامية، وانتقادي لتصرفات أعضائها وتحولهم إلى مجموعة من الهتافين. وقد رأى هاشم بأنني أكرر في حق الحركة ما وصفه بـ "اتهامات منظمات النظام العالمي الجديد" للحركة، ووصف شيوخها الأجلاء بالهتافة مع إنكار فضلهم. وقال عما أوردته عن انتخابات أمانة الحركة الإسلامية واستخدام الضغوط، ومنها فرض التصويت بالبطاقة مع نصب الكاميرات أمام صندوق الاقتراع، بأنه نبأ "نُقل من فاسق" (يقصد عن فاسق). وأنشأ أخونا المحامي هاشم يقول: " إنّ الحركة الإسلامية ليست من قبيل التجمعات الفارغة التي يمكن أن يوصف رجالها بـ «الهتافة»، فمن بين صفوفها خرج الآلاف في مسيرة الجهاد والاستشهاد ولم تنعم الحركة الإسلامية بالحكم لأغراض الدنيا، بل تصدى رجالها وشبابها ونساؤها لكل أنواع التعدي والظلم من القريب والغريب، وصبروا وصابروا ورابطوا، ولكن ظل بعض بني جلدتهم من أمثال الأخ عبد الوهاب يرمونهم من خلف أسوار النظام العالمي الجديد بهجر القول وبئيسه. أنكر الدكتور عبد الوهاب على الحركة الإسلامية كسبها وحظها من العلم والجهاد، وحاول أن يصورها مجردة عن الدثار الأخلاقي فنسب إليها ارتكاب جرائم الإبادة والاغتصاب وما شابه ذلك، مستنداً إلى إتهامات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، مصدقاً ومؤيداً لها ومبشراً بها. ولي أن أسأل الأخ د. عبد الوهاب إن كان يريد أن يلقى الله وهو يزعم أنّ الحركة الإسلامية وقياداتها في السودان تنظم حملات الإبادة الجماعية وتبارك عمليات الاغتصاب الجماعي للنساء في دارفور؟ أو يلقاه وهو عود في نار الفتنة؟!". ما قرأته من دفاع هاشم عن الحركة الإسلامية المزعومة، وما سمعته من دفاع عن المؤتمر الشعبي وإنكار أي دور لعضويته وقياداته في ما أصاب الحركة والبلاد والعباد من بلاء، هو أبلغ دليل على عمق الأزمة، وواحد من أهم مظاهرها. فهناك إغراق مدهش في خداع الذات، ومغالطات في أبسط الحقائق. ولعل إحدى أهم الآليات التي تستخدم لتحقيق هذا التغييب للوعي بالذات، استخدام المصطلحات الملتبسة. فالحديث عن "مجاهدات الحركة الإسلامية" يتعمد استخدام المصطلح بمعاني متعددة يلغي بعضها بعضاً. فهذه المجاهدات (إذا سلمنا بها)، تشمل فيما تشمل "مجاهدات" محمد صالح عمر وجعفر شيخ إدريس والرشيد الطاهر والحبر يوسف نورالدائم وصادق عبدالله عبدالماجد وداوود يحيى بولاد وخليل إبراهيم وبارود صندل، وبالطبع الشيخ حسن الترابي. وكل هؤلاء تحولوا فيما نعلم في وقت ما إلى مواقف ناقدة لأوضاع من ادعوا الحديث باسم الحركة. فكيف يفتخر البعض اليوم بمجاهدات مَنْ يعتبرونهم خصوماً؟ بنفس القدر فإنّ القول بأن الاتهامات المتعلقة بدارفور هي اتهامات "منظمات النظام العالمي الجديد" فيها نظر، لأنّ مصدر الاتهامات الأصلي هو طائفة من أهل دارفور المسلمين، إذ هم من ادعى ويدعي أنّ الحيف وقع عليهم. وقد صدقهم في ذلك بعض "مجاهدي الحركة الإسلامية" ممن انضموا إلى صفوفهم أو استمروا يؤازرونهم، وأعلنوا تصديقهم لاتهاماتهم. أما تعبير "النظام العالمي الجديد"، وهو تعبير ابتكره وبشّر به جورج بوش الأب بُعيد انهيار النظام الشيوعي، كهدف وأمنية. ولكن البعض "يشم رائحة الأماني" كما قال جحا، ويصور ما لم يزد على مجرد الأماني حقيقة واقعة، لها سلطانها و"منظماتها". ولسنا هنا بصدد تقييم هذه الدعاوى، ولكن الأخ هاشم باعتباره محامياً (ولندع هنا جانباً كونه يدعي الانتماء الإسلامي)، من المفترض فيه أن يطالب بالتحقيق في أي تُهم من هذا النوع (أو أي نوع آخر) لا أن يتحدث بعمومية عن كونها افتراءات لا صحة لها. وبالعكس فإنّ هذا الموقف الدفاعي بدون التأمل في التُهم ومصدرها هو إدانة لا شعورية للذات. فكان الأحرى بكل مَنْ سمع بتهم كهذه ألا يبادر بالإنكار إن لم تكن له صلة بالجناة، فلعل مرتكب هذه الكبائر هو "منظمات النظام العالمي الجديد" أو العصابات الصهيونية، أو حركات التمرد التي قصدت من ذلك تشويه صورة الحكومة. أما من يسرع بالإنكار قبل التأكد، فهو المريب الذي يقول خذوني. ليس هذا مبحثنا على كل حال، لكن المسألة تتعلق بالإنكار المدهش للحقائق والوقائع. فالقول بأنّ ما يسمى بالحركة الإسلامية لا هي حركة ولا هي إسلامية ليس تهمة، بل تقرير لواقع. فمعروف أنّ "الحركة الإسلامية" تم تشكيلها بقرار من تنظيم آخر، هو حزب المؤتمر الوطني لتكون ذراعه "الإسلامية"، تماماً كما تُنشئ بعض المصارف الربوية "نوافذ إسلامية"، ولنفس الغرض: توفير الغطاء والمعذرة لمن أراد أن يتعامل مع هذه المصارف دون أن يتورط في الربا المحرّم. أما المؤتمر الوطني فهو بدوره تنظيم أنشأته السلطة، ويخضع خضوعاً تاماً للنظام التنفيذي. وكما أظهرت أحداث رمضان/ديسمبر 1999، فإنّ أي محاولة لهذا التنظيم للخروج على سلطان الدولة، تمّ ويتمُّ قمعها بشدة وحزم. إذن فما يسمى بالحركة ليست تنظيماً، حتى يكون إسلامياً أو غير ذلك، بل هو مؤسسة بيروقراطية من مؤسسات الدولة تُدار من علٍ ومن خارجها. وقد أكدت واقعة انتخابات قيادة الحركة ذلك. وإذا كان الأخ هاشم قد زعم أنّ ما أوردناه هو من نقل أهل الفسق، فهو إدانة أخرى للذات، حيث أنّ الاتهام هنا نقل عمن شهدوا من أعضاء هذه الحركة، فإنْ كانوا فُسَّاقاً فحسبنا الله ونعم الوكيل. ونزيد أخانا هاشم من الخير، حيث نؤكد له أننا علمنا من مصادر الحركة أنّ عدداً من أنصار مرشح الدولة أخذوا يطوفون على الأعضاء بمقولة مفادها، أنّ فلاناً هو "خيار الحركة الإسلامية" للقيادة، تماماً كما دأبت كوادر الأحزاب أن تفعل بين يدي أي انتخابات نقابية أو غيرها، لتقول إنّ فلاناً هو مرشح الحزب. ولكن مثل هذا القول يصبح تناقضاً مع النفس لو جاء في انتخابات الحزب نفسه. فإذا كانت الحركة المزعومة موجودة وحاضرة عبر مؤسساتها التي كانت تباشر حقها ومسؤوليتها في انتخاب قيادتها، فمن أين جاءت تلك الحركة الإسلامية الأخرى التي اجتمعت لتقرر في غياب مؤسسات الحركة، أنّ فلاناً أو غيره هو مرشحها المفضل؟ إنّ البداية يجب أن تنطلق من الاعتراف بالحقائق الأولية. فدعوى الحركة الإسلامية الملحقة بالمؤتمر الوطني بأنها الصوت الإسلامي الأبرز والغالب في السودان لا تنسجم مع واقع كونها كياناً خُلق ليؤدي دوراً مرسوماً من قبل جهات أخرى. فهو لا يتحدث باسم الإسلام، وإنما باسم من صنعوه. وهي لا تتظاهر مجرد تظاهر بالخروج عن النص، حتى على طريقة حزب البعث العراقي الذي كان يصطنع وجود تنظيم قومي وآخر "قطري"، ويحلل للأول انتقاد أنظمة "صديقة" ويتبرأ من المسؤولية عن ذلك. ولكننا لم نسمع مثلاً عن الحركة الإسلامية إياها إدانة لقمع المسلمين في الصين، ولا براءة من تأييد الحكومة لذلك القمع في تصريحات علنية جعلها متواطئة في قمع أبرياء حتى لو كانوا غير مسلمين. ومثل ذلك كثير. بنفس القدر، فإنّ دعوى منتسبي المؤتمر الشعبي بأنّ انحرافات وأخطاء الحركة الإسلامية لم تبدأ سوى صباح الرابع من رمضان، قد تصلح كدعاية حزبية، ولكنها أصبحت أهم عائق أمام الإصلاح الحقيقي عبر نقد الذات ومعالجة ما كان من أخطاء. وفي الحالين تكون إسلامية الحركة المعنية موضع تساؤل، إن لم يكن إسلامها كذلك. فالحركات التي تسمي نفسها إسلامية تبرر دعواها بأنها تدافع عن قيّم الإسلام بعد أن أهملها غيرهم أو نسيها أو تنكر لها أو عاداها. فهي تذكر وتعظ وتدعو وتجاهد بكل الوسائل لإعلاء تعاليم الدين في وجه غفلة أو عداء الآخرين. وقد زاد بعض قيادات الحركة من أمثال المودودي وسيد قطب، فزعموا أنّ رسالة هذه الحركات ليست إصلاح الدين وإحيائه، بل إرساء قواعده ابتداءً، كما فعل الجيل الأول من المسلمين حين نقل الناس من الجاهلية إلى الإسلام، فلا إسلام اليوم خارج إسلام الحركة الإسلامية، وإنما جاهلية عمياء. ولكن غالبية الحركات ترى رسالتها الإحياء والإصلاح، لأنّ إسلام الآخرين ناقص وقاصر. من هنا فإنّ أضعف الإيمان لكي تنسجم هذه الحركات مع دعاواها هو أن تتوقف عند حدود الله، وتتعظ لوعظ من يعظها بمواعظ الدين، ولا تكون ممن يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، أو تتبع سنة عبدالمك بن مروان الذي قال في خطبة مشهورة: "والله لا أسمع بعد اليوم رجلاً يقول لي اتقِ الله إلا ضربتُ عنقه". ومن ذلك ألا تكون حجة عضويتها أمام الله والناس "إننا أطعنا سادتنا وكبراءنا"، أو كنا ننفذ تعليمات التنظيم. وقد اعتبر أخونا هاشم في نقده أنني كنت منذ وقت مبكر ممن "لا يطيقون أسْر القوالب التنظيمية ولا يتحملون ضوابطها". وهذه تُهمة صحيحة مائة بالمائة، خاصة حين لا تكون التنظيمات ديمقراطية في هياكلها ووسائلها. فنحن لا نعطّل عقولنا ولا ضمائرنا ونتبع أوامر التنظيم حتى لو كانت منكراً بيناً وخروجاً عما أمر به الله ورسوله. وإذا صدقنا هاشم (وهو صادق)، فإنّ الانضباط التنظيمي في حالة "الحركة الإسلامية" يكون التزاماً بما يفرضه المؤتمر الوطني وهو حزب غير إسلامي باعترافه، لأنّ حوالي ربع عضويته هي من غير المسلمين، ومن وراء ذلك التنظيم السري الذي يملي بدوره على المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية معاً، كما حدث حين صدر "توجيه" بتحديد نتيجة الانتخابات لصالح من تم اختياره سلفاً (وهي توجيهات تترى كما رشح هذه الأيام فيما يتعلق باختيار مرشحي المؤتمر الوطني للدوائر والمناصب). فماذا بقي من إسلامية الحركة الإسلامية إياها، بل من إسلامها، إذا كان الانضباط التنظيمي الذي يبشر به هاشم وإخوته هو هذه الطاعة العمياء لجهة لا يعرفها الكثيرون؟ وأين هي تلك الحركة الإسلامية التي يزعم الأخ هاشم أننا خرجنا عليها؟ دلونا يرحمكم الله. ولأنّ هذا الموضوع شائك ومعقد، فإنّ لنا إليه إنّ شاء الله عودة.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الوهاب الأفندي: ماذا بقي من إسلام "الإسلاميين" وإسلاميتهم؟ (Re: أحمد أمين)
|
لاحظت ان كل من تعاكست خطاه مع خطي بقية المجموعة في هذه الحركة او الجماعة سواء اكان الافندي او التجاني عبدالقادر او علي الحاج او محجوب عروة اويسن و اسماء كثيرة ممن كانو نسيجا اعتبروه متماسكا مغزولا بيد شيخهم الترابي وشيخ او شيوخ شيخهم السابقون بانهم جميعا وبما فيهم شيخهم يروون في تعاكس خطاهم انه لم يبقي شيئ من اسلام عند الاخراو تشويها كبيرا اه ؟؟ في البدء لماذا اصلا هم او شيخهم وشيخ شيخهم وشيوخهم اصطفو انفسهم نخبة كحاملة للاسلام دينا وعقيدة وتصرفا وحكما وسلطة ومنفعة دون غيرهم في بلاد الدين الاسلامي فيها الغالب دون نخبوية او صفوية ؟؟؟ هل لو لم تتعاكس خطاهم كانو سيكونون كالاخريين الذين يرونهم اليوم بانه لم يبقي عندهم شئ من اسلاميتهم واسلامهم ؟؟؟ من اولاهم بان يكونو هم-بشقيهما- "الاسلام" وغيرهم "لا " ؟؟؟ ولماذا "اسلامهم" هو "الاسلام " وليس اسلام الغالب الاعم من اتنين بليون مسلم ؟؟؟ لماذا ان اختلفو هم يصرون علي ان الاسلام في خطر ؟؟ اليس هم الخطر بشقيهم علي الاسلام والمسلمين حيث انهم جعلوه حكرا علي نخبتهم وان انشقو اصاب الشق الواحد الاخر بانه قد خرج من النخبوية الي عوام الناس ؟؟؟ الاسلام موجود عند عوام المسلمين وليس عند نخبة تراه مصعدا لطموحاتهم الدنيوية تقصي بها عموم المسلميين .. ؟؟ فليبحثو عن الخلل في انفسهم ؟؟؟وللدين رب يحفظه ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الوهاب الأفندي: ماذا بقي من إسلام "الإسلاميين" وإسلاميتهم؟ (Re: abubakr)
|
علي .. سلام،
Quote: وقد اعترف بعض الحضور، وعلى رأسهم الشيخ الجليل ياسين عمر الإمام والأستاذ عبدالله حسن أحمد، بوجود هذه الأزمة، وبالحاجة إلى معالجتها بنقد ذاتي هادف. وكرر ياسين ما رُوي عنه من قبل من أنه أصبح يخجل من أن يدعو أي شخص للانضمام للحركة الإسلامية، بما في ذلك أحفاده وأهل قرابته. من جهتهم فإنّ عدداً من المشاركين في هذا الحوار (وجلهم من منتسبي المؤتمر الشعبي) سعوا إلى تبرئة تنظيم من وزر ما آلت إليه الحركة الإسلامية، بل أضاف بعضهم أنه لا توجد الآن حركة شعبية خارج المؤتمر الشعبي، وأنّ البقية خارجون تجب عليهم التوبة والندامة. |
Quote: صاحب هذه الرسالة كان الأخ هاشم أبوبكر الجعلي المحامي، وقد عرفناه منذ أيام الدراسة السنوية أخاً كريماً كنا نراه من أهل الصدق والمجاهدة، والله حسيبه. وفي رسالته تلك (نُشرت في الرأي العام في أغسطس من عام 2008) عبّر الأخ هاشم عن الكثير من الغضب والألم لانتقادات وجهتها في برنامج "ما وراء الخبر" في قناة الجزيرة لما سمي بالحركة الإسلامية في السودان أثناء انعقاد مؤتمرها العام في ذلك الشهر. ما أحفظ الأخ هاشم كان (بين أشياء أخرى) تقريري بأن ما يسمى بالحركة الإسلامية السودانية ليست بحركة ولا هي بإسلامية، وانتقادي لتصرفات أعضائها وتحولهم إلى مجموعة من الهتافين |
Quote: وأنشأ أخونا المحامي هاشم يقول: " إنّ الحركة الإسلامية ليست من قبيل التجمعات الفارغة التي يمكن أن يوصف رجالها بـ «الهتافة»، فمن بين صفوفها خرج الآلاف في مسيرة الجهاد والاستشهاد ولم تنعم الحركة الإسلامية بالحكم لأغراض الدنيا، بل تصدى رجالها وشبابها ونساؤها لكل أنواع التعدي والظلم من القريب والغريب، وصبروا وصابروا ورابطوا، ولكن ظل بعض بني جلدتهم من أمثال الأخ عبد الوهاب يرمونهم من خلف أسوار النظام العالمي الجديد بهجر القول وبئيسه. أنكر الدكتور عبد الوهاب على الحركة الإسلامية كسبها وحظها من العلم والجهاد، وحاول أن يصورها مجردة عن الدثار الأخلاقي فنسب إليها ارتكاب جرائم الإبادة والاغتصاب وما شابه ذلك، مستنداً إلى إتهامات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، مصدقاً ومؤيداً لها ومبشراً بها. ولي أن أسأل الأخ د. عبد الوهاب إن كان يريد أن يلقى الله وهو يزعم أنّ الحركة الإسلامية وقياداتها في السودان تنظم حملات الإبادة الجماعية وتبارك عمليات الاغتصاب الجماعي للنساء في دارفور؟ أو يلقاه وهو عود في نار الفتنة؟!". |
Quote: ما قرأته من دفاع هاشم عن الحركة الإسلامية المزعومة، وما سمعته من دفاع عن المؤتمر الشعبي وإنكار أي دور لعضويته وقياداته في ما أصاب الحركة والبلاد والعباد من بلاء، هو أبلغ دليل على عمق الأزمة، وواحد من أهم مظاهرها. فهناك إغراق مدهش في خداع الذات، ومغالطات في أبسط الحقائق. ولعل إحدى أهم الآليات التي تستخدم لتحقيق هذا التغييب للوعي بالذات، استخدام المصطلحات الملتبسة. فالحديث عن "مجاهدات الحركة الإسلامية" يتعمد استخدام المصطلح بمعاني متعددة يلغي بعضها بعضاً. |
Quote: بنفس القدر فإنّ القول بأن الاتهامات المتعلقة بدارفور هي اتهامات "منظمات النظام العالمي الجديد" فيها نظر، لأنّ مصدر الاتهامات الأصلي هو طائفة من أهل دارفور المسلمين، إذ هم من ادعى ويدعي أنّ الحيف وقع عليهم. وقد صدقهم في ذلك بعض "مجاهدي الحركة الإسلامية" ممن انضموا إلى صفوفهم أو استمروا يؤازرونهم، وأعلنوا تصديقهم لاتهاماتهم. أما تعبير "النظام العالمي الجديد"، وهو تعبير ابتكره وبشّر به جورج بوش الأب بُعيد انهيار النظام الشيوعي، كهدف وأمنية. ولكن البعض "يشم رائحة الأماني" كما قال جحا، |
Quote: ولكن الأخ هاشم باعتباره محامياً (ولندع هنا جانباً كونه يدعي الانتماء الإسلامي)، من المفترض فيه أن يطالب بالتحقيق في أي تُهم من هذا النوع (أو أي نوع آخر) لا أن يتحدث بعمومية عن كونها افتراءات لا صحة لها. وبالعكس فإنّ هذا الموقف الدفاعي بدون التأمل في التُهم ومصدرها هو إدانة لا شعورية للذات. فكان الأحرى بكل مَنْ سمع بتهم كهذه ألا يبادر بالإنكار إن لم تكن له صلة بالجناة، فلعل مرتكب هذه الكبائر هو "منظمات النظام العالمي الجديد" أو العصابات الصهيونية، أو حركات التمرد التي قصدت من ذلك تشويه صورة الحكومة. أما من يسرع بالإنكار قبل التأكد، فهو المريب الذي يقول خذوني. |
Quote: فمعروف أنّ "الحركة الإسلامية" تم تشكيلها بقرار من تنظيم آخر، هو حزب المؤتمر الوطني لتكون ذراعه "الإسلامية"، تماماً كما تُنشئ بعض المصارف الربوية "نوافذ إسلامية"، ولنفس الغرض: توفير الغطاء والمعذرة لمن أراد أن يتعامل مع هذه المصارف دون أن يتورط في الربا المحرّم. أما المؤتمر الوطني فهو بدوره تنظيم أنشأته السلطة، ويخضع خضوعاً تاماً للنظام التنفيذي. وكما أظهرت أحداث رمضان/ديسمبر 1999، فإنّ أي محاولة لهذا التنظيم للخروج على سلطان الدولة، تمّ ويتمُّ قمعها بشدة وحزم. إذن فما يسمى بالحركة ليست تنظيماً، حتى يكون إسلامياً أو غير ذلك، بل هو مؤسسة بيروقراطية من مؤسسات الدولة تُدار من علٍ ومن خارجها |
Quote: وإذا كان الأخ هاشم قد زعم أنّ ما أوردناه هو من نقل أهل الفسق، فهو إدانة أخرى للذات، حيث أنّ الاتهام هنا نقل عمن شهدوا من أعضاء هذه الحركة، فإنْ كانوا فُسَّاقاً فحسبنا الله ونعم الوكيل. ونزيد أخانا هاشم من الخير، حيث نؤكد له أننا علمنا من مصادر الحركة أنّ عدداً من أنصار مرشح الدولة أخذوا يطوفون على الأعضاء بمقولة مفادها، أنّ فلاناً هو "خيار الحركة الإسلامية" للقيادة، تماماً كما دأبت كوادر الأحزاب أن تفعل بين يدي أي انتخابات نقابية أو غيرها، لتقول إنّ فلاناً هو مرشح الحزب. |
Quote: ولكننا لم نسمع مثلاً عن الحركة الإسلامية إياها إدانة لقمع المسلمين في الصين، ولا براءة من تأييد الحكومة لذلك القمع في تصريحات علنية جعلها متواطئة في قمع أبرياء حتى لو كانوا غير مسلمين. ومثل ذلك كثير. |
Quote: وقد اعتبر أخونا هاشم في نقده أنني كنت منذ وقت مبكر ممن "لا يطيقون أسْر القوالب التنظيمية ولا يتحملون ضوابطها". وهذه تُهمة صحيحة مائة بالمائة، خاصة حين لا تكون التنظيمات ديمقراطية في هياكلها ووسائلها. فنحن لا نعطّل عقولنا ولا ضمائرنا ونتبع أوامر التنظيم حتى لو كانت منكراً بيناً وخروجاً عما أمر به الله ورسوله. وإذا صدقنا هاشم (وهو صادق)، فإنّ الانضباط التنظيمي في حالة "الحركة الإسلامية" يكون التزاماً بما يفرضه المؤتمر الوطني وهو حزب غير إسلامي باعترافه، لأنّ حوالي ربع عضويته هي من غير المسلمين، ومن وراء ذلك التنظيم السري الذي يملي بدوره على المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية معاً، |
Quote: كما حدث حين صدر "توجيه" بتحديد نتيجة الانتخابات لصالح من تم اختياره سلفاً (وهي توجيهات تترى كما رشح هذه الأيام فيما يتعلق باختيار مرشحي المؤتمر الوطني للدوائر والمناصب). فماذا بقي من إسلامية الحركة الإسلامية إياها، بل من إسلامها، إذا كان الانضباط التنظيمي الذي يبشر به هاشم وإخوته هو هذه الطاعة العمياء لجهة لا يعرفها الكثيرون؟ وأين هي تلك الحركة الإسلامية التي يزعم الأخ هاشم أننا خرجنا عليها؟ دلونا يرحمكم الله. ولأنّ هذا الموضوع شائك ومعقد، فإنّ لنا إليه إنّ شاء الله عودة.
|
| |
|
|
|
|
|
|
|