|
الذئب من فصيلة الكلاب
|
ظلت تتناقل أساط الخرطوم الصحفية ومجالسها التنوعة أخبار ظهور ذئاب مفترسة تظهر في مناطق من أنحاء العاصمة الطرفية تتعرض للمواطنين وتروعهم. ولقد ظللت أتابع هذه الأخبار في كل مصادرها وأتابع كذلك ما يصدر من الجهات الحكومية المسئولة. وآخر ما سمعته في هذا الخصوص من مسئولين حكوميين أن هذه الحيوانات ليست ذئاب، وهي كلاب ضالة مثلها مثل كل الكلاب الضالة التي نعرفها منذ قديم الزمان. وقبل بضع أيام تابعت تقريراً في نشرة التلفزيون الرئيسية تنقل إعتداء أحد هذه الحيوانات علي طفل في أطراف محلية كرري بطريقة غريبة، إذ خطفه من حضن أمه الذي كان يرقد فيه آمنا وخرج به من المنزل وذهب به بعيداً واعتدي عليه اعتداء لم نشهده من قبل، فنهش جسده، وأخذ جزءاً كبيراً منه. فخرج متحدث من العاملين في الحكومة يتحدث عن الواقعة، فلم يجرؤ علي تسمية الحيوان بالذئب، واستحي أن يقول أنه كلب ضال، فقال إنه حيوان من فصيلة الكلاب. يبدو أن المتحدث الحكومي قد اختار عبارته بعناية فائقة، فأعطي إشارة ضمنية لأن الحيوان يمكن أن يكون ذئب فالذئب من فصيلة الكلاب، ولكنه حفظ مساحة تراجع دون أن يسميه باسمه. وهذه قد تكون حكمة من الرجل. ولكن السؤال الذي يطل تلقاء، ما هي الحكمة من كل هذا (اللف والدوران) فلو أن هذه الحيوانات ذئاب فلما لاتعلن الحكومة ذلم بجرأة ووضوع حتي يكون المواطنون أكثر حيطة وحذراً. فظهور ذئاب في البلاد لا يقدح في الحكومة ولا يقلل من هيبتها. فالذئاب ليست من قوات المعارضة، وهي لسيت كذلك من الطابور الخامس. والذئاب لادعم الإنفصال، ولا تقدح في المشروع الحضاري. وهي بالطبع ليست مع الإنفصال، ولا تؤثر سلباً علي الإتفاق الذي توصل إليه الجانبان السوداني والتشادي لتطبيع العلاقات بينهما. فالذئاب مجرد حيوانات مفترسة قد تهاجم أية مدينة. وكل المطلوب أن تواجه بحسم وحزم وتكون كل العيون يقظة حتي لا تفتك بالمواطنين كما فعلت مع الطفل البرئ الذي كان يرقد في أحضان أمه. إن طريقة التعاطي الحكومي مع هذه الحيوانات من فصيلة الذئاب تعكس عدم وعي بطبيعة الأشياء، وتكشف الخوف الزائد الذي يكون مردوده سلبياً وتكون أضراره جسيمة. فهناك أشياء ليس للحكومة دخل في وجودها. فأن تكسف الشمس فذلك أمر طبيعي مثله مثل إرتفاع درجة الحرارة أو السيول والفيضانات. ولكن العيب يكون إذا عجزت عجزت الحكومة عن التعاطي مع هذه الظواهر الطبيعية بإيجابية. فإذا جاءت سيول فليس في ذلك عيب ولكن العيب يكون إذا عجزت الأجهزة الحكومية عن مواجهتها وحجزها أو تحويل مسارها عن مساكن المواطنين. وإذا هجمت ذئاب علي المدينة، أو حتي حيوانات مفترسة من فصيلة الكلاب، فليس في ذلك منقصة، ولكن الذي ينتقص من الهيبة هو ترك هذه الحيوانات تفترس المواطنين الآمنين كما فعلت مع طفل كرري. وأول خطوة لمواجهة هذه الحيوانات التي من فصيلة الكلاب أن ننبه المواطنين لوجودها وظهورها وأماكن تواجدها حتي يكونوا علي أهبة الإستعداد لمواجهتها إذا فلتت من الرقابة الأمنية الحكومية التي يجب أن تكثف في كل مظانها. أما أن نسميها بأسماء (الدلع) ثم نترك المواطنين مسترخين حتي تهجم عليهم فتلك كارثة نرجو أن نكون قد استفدنا من تجربتها المريرة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|