اكلت الغنماية الفصل / من بلادنا بلاد المهمشين /النهود

Quote: تحول المناخ السياسي في العاصمة والولايات إلى مناخ انتخابي، بدرجة كبيرة. وبدا أن صوت الحملات الانتخابية، هو الصوت الأعلى، للقوى السياسية "الأحزاب"، حيث انخرطت في لقاءات عديدة في العاصمة والولايات لتدشن حملاتها الانتخابية، وسط أنصارها في مرحلة "جس النبض الجماهيري". ووسط هذه الاجواء اطلق حزب المؤتمر السودانى حملته بولاية شمال كردفان واختار مدينة النهود التي يخوض فيها رئيس الحزب ابراهيم الشيخ انتخابات الدائرة القومية، وهو يعتبر حالياً من رجال المال والاعمال البارزين ويعد ابرز ادوراه التاريخية مساهمته في انتفاضة مارس/ابريل 1985م ابان رئاسته للمجلس الاربعيني لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم والتي انهت حكم الرئيس السابق جعفر نميري. عشان بير موية.. وتعتبر مدينة النهود من المدن العريقة بولاية شمال كردفان وباتت تشتكي حالياً من التهميش الذي طالها طوال الحقب المتلاحقة من عمر الدولة السودانية والتربة في المنطقة رملية بصفة عامة تتخللها التلال الرملية المعروفة بالقيزان ومن اشــهرها قوز جمل، بالاضافة لوجود القليل من الجبال المتفرقة اشهرها جبل حيدوب وجبال النهيدات التى اكتسبت المنطقة اسمها منها. ويذكر الجميع الواقعة التي اوردها ابراهيم الشيخ خلال مخاطبته للجلسة الافتتاحية للمؤتمر الرابع لحزبه الشهر الماضي حينما ذكر قصة معلم بمنطقة النهود طلب من احد التلاميذ ادخال (الغنماية) في جملة تكون فاعل فاجاب التلميذ (اكلت الغنماية الفصل) واردف يومها الشيخ: "لعل بعضكم سيستغرب لغرابة تركيب هذه الجملة وكيف ستأكل هذه الغنماية الفصل، لكن لا تستغربوا فالفصول تبنى هناك بالقش، ونحمد لجولتنا داخل المدينة أن اتاحت لنا فرصة مشاهدة بعض الاغنام وهي تلتهم اسوار وفصول احدى مدارسيها المبية من القش. وحينما سألنا بعض مواطني المدينة عن ابرز احلامهم قال بعضهم "عشان الغنماية ما تأكل المدرسة" و"عشان بير موية في الحلة"، المدهش أن مثل تلك الشعارات هي لمدينة تعد من كبريات واعرق المدن بولاية شمال كردفان والذي يعكس ويوضح شكل التردي الخدمي في تلك المناطق. واورد لنا احد العاملين بحملة الشيخ الانتخابية -وهو من منسوبي حزب المؤتمر السوداني- انه اجهش بالبكاء حينما سمع من شيخ احدى القرى تطلعات وآمال منطقته التي تتلخص في بئر ماء يكفيهم شر السفر لمسافة عدة كيلومترات لجلب الماء حيث يباع برميل الماء لهم بـ5 جنيهات وقال محدثي:"هذا الرجل لم يتحدث عن المدارس أو الكهرباء وغيرها مما يعد من الاحلام غير القابلة للتحقق". لكن تبقى اكبر المشاهد اثارة للقلق هو قلة الزراعة فى المنطقة نسبة لقلة الخريف فى العام الماضى وربما يؤدى لفجوة غذائية كبيرة فى المنطقة كما جاء فى رواية اهالى المنطقة، ولنا ان نضع صورة مخيلية لحال الارياف إذا كانت المدن يعاني سكانها ومواطنوها للبحث عن الماء والكهرباء والخدمات. المنافس الوحيد.. هتافات وأكتوبريات ترددها مكبرات الصوت فى كل أرجاء المدينة والقرى التى تتبع للدائرة وملصقات ولافتات تغطي جدران الشوارع، وحشود من كل الاتجاهات تنتظر منذ الصباح بالرغم من بعد بعض القرى عن مدينة النهود في انتظار انطلاقة تدشين حملة المؤتمر السودانى الانتخابية بقيادة ابن المنطقة ابراهيم الشيخ، مع ملاحظة اختفاء أي مظاهر لمنافسيه الثلاثة سيما مرشح المؤتمر الوطني سلمان الصافي رغم وجود ملصقات وجداريات لمرشحي تلك الاحزاب بالمستويات الولائية تتوزع بأرجاء المدينة بجوارها رموز المرشحين المستقلين لنفس المستوى مما يجعلك تتخيل ان المنافس الوحيد فى المنطقة رئيس حزب المؤتمر السودانى ابراهيم الشيخ. ووعد رئيس حزب المؤتمر السودانى ومرشح الحزب في انتخابات الدائرة 33 القومية ابراهيم الشيخ لدى تدشين حملته الانتخابية مواطنى مدينة النهود بولاية شمال كردفان بتشييد طريق مسفلت من الطريق الرئيسى الى داخل المدينة وحفر عشرين دونكى فى الريف المجاور. وقال ان برنامجه الانتخابى يقوم على التغيير واشار لوجود خلط وظلم كبير فى التعداد السكانى وترسيم الحدود والدوائر الجغرافية، مشيرا الى ان الريف مهمش فى توزيع السلطة والثروة والتعليم والصحة، مشدداً على ضرورة تغيير المسار والاتجاه بهجرة عكسية من المدن للارياف وقال:"وهذا لا يأتي بالاحلام ولكن بالدراسات التي تغير من نمط الاقتصاد"، وحذر من تعرض مناطق كردفان لموجة كبيرة جداً من الجفاف جراء قلة الامطار في خريف العام الماضي وطالب بتنفيذ حلول عاجلة حتى لا تتعرض المنطقة للمجاعة. واعتبر الشيخ انه ليس مقبولا بعد 54 عاماً من استقلال البلاد أن تقضي امراة جل وقتها في رحلة للبحث عن الماء، واتهم الحكومة بعدم النظر او الاحساس بالمواطنين أو معاناتهم في وقت تهدر فيه الاموال الطائلة في اعمال انصرافية وبذخية لا تهم الشعب في شيء، مبيناً أن المصانع بالمنطقة توقفت نسبة لزيادة الاستيراد بعد انخفاض انتاجية المواشي والمراعي، معتبراً الاوضاع الحالية في المنطقة وترديها هو شأن وقضية تهمان كل السودان. كلهم مجربون.. وكانت ممثلة اللجنة المركزية للانتخابات بحزب المؤتمر السوداني نهال محمد بن ادريس قد اعتبرت خلال مخاطبتها للاحتفال كل مناطق السودان بالمهمشة، واعتبرت أن كل السودان يتشابه فى المعاناة حيث يسجل اعلى نسبة فى وفيات الامهات لضعف الرعاية الصحية، مشيرة الى انه في كل دول العالم فالرعاية الصحية مجانية الا فى السودان، ودعت لتجنب العنف الانتخابى والصبر لان التغيير لايأتي الا بالانتخابات. أما د. محمد جلال هاشم والذي تم تقديمه من قبل مقدم البرنامج باعتباره من مؤسسي مؤتمر الطلاب المستقلين بالجامعات – والذي بات رسمياً عقب المؤتمر الثالث لحزب المؤتمر السوداني الرافد الطلابي للحزب- ان كل الذين يقفون ضد ابراهيم الشيخ مجربون وقال:"نحن لا نريد ان نعطي المجرب فكلنا احد ضحايا الطائفية، وشرور المؤتمر الوطني ظاهرة للعيان"، موضحاً أن الجميع يعلمون قصة طريق الانقاذ الغربي وقال:"هم كالذين يريدون تغطية الفيل بكيس مخدة"، مؤكداً أن لديهم قضية وسيحاربون لأجلها لان كل السودان يعاني من التهميش واردف:" سنظل نحارب التهميش كما يحارب الغول وسنقتل هذا الغول حتي نقتل التهميش نهائياً في المناطق التي تنتج وتهمش". تقرير: قسم ودالحاج صحيفة السوداني