|
شجرتها المحرمة
|
عزيزتي أُمْنِية
أعرف سلفاً بأنني أكتب في الوقت الضائع. فات أوان الأسف و التأسُّف. أعلم علم اليقين بأن قواربك قد أبْحرتْ بعيداً. و أن اللجة بيني و بينك أعمق من أن أخوضها للحاق بأسطولك المبحر بعيدا .. بعيدا عن شواطئي. أو بمعنى آخر ... أكتب لك بعد فوات الأوان ... أو كما قال لي صديقي مغتاظاً ( ... لقد طارت الطيور بأرزاقها .. ) و لكن لا بد لي من أن أكتب ، على الأقل لكى أزيح عن كاهلي عبء هذا الوِزْر الذي أرتكبْتُه في حق نفسي بالمقام الأول. و قبل كل شيء ..
يهمني جداً أت تعرفي ( في أية حالة أنا الآن بعد كل هذا و ذاك ) أعرف أنك ستشفقين على حالتي التي فتَلْتُ حبالها بأصابعي .. ثم أوقدْتُ فيها النيران .. و لكنني لا أحتاج إلى الشفقة الآن ... فالشفقة تزيد من وتيرة توتري و شعوري بالإحباط. هل أصْدِقك القول ؟ في لحظة معينة .. إحتجْت لمن يقول لي : أحمد ربك على ما حدث لك ... بمعنى أنه يكفيني أنك أحببتِ شخصي المسكين الآتي من رحم المجهول. رغم أنني أعرف أن عكس ما حدث لي هو النعمة في كامل هندامها ... و أن ما حدث لي هو عقاب ربّاني لا أعرف الجُرْم الذي أقترفْته حتى أستحقه ... و لكن لله في خلقه شئون. عزيزتي ... ( رغم أن الكلمة صارت كأغنية قديمة فقدتُ لحنها و بقيتْ كلماتها ) ..
منذ أن قابلْتك .. في ذاك اليوم ... و إلى يومنا هذا ... يلفني إحساس بأنه أضغاث أحلام ... بالطبع لا أحتاج أن أقول لك بأن جمالك تحفة إلهية .. فهذه جملة سمعتيها و تسمعينها طالما أنك بين الناس .. نساءا و رجالا. مكانة أسرتك التي تناطح السحاب ، و ثراؤها الفاحش .. هي حقائق تقف أمامي و تصفعني و كأن عيونا تحدق فيني من أخمص قدمي إلى رأسي بإحتقار. و لكن ... أن تختارينني من دون مجموعتنا .. فذاك الذي زلزل الأرض من تحتي ... و أدْخلني في دوامة لا أعرف كنهها. قلتُ يومها لا بد أنها تتسلّى. ثم عدتُ و قلتُ ربما هي شفقة إمرأة في برجٍ عالٍ لشخص يقبع تحت أسفل بلكونتها .. و أحياناً كنتُ أتخيل نفسي في حلم لا أريد الإستيقاظ من نومته ... لم يصل تفكيري المحبِط إلى حقيقة صدقك. عذّبني هذا الإحساس المُضْني المرهق. أقْرب أصدقائي كان في تقريع مستمر لي .. فهو الوحيد الذي فهِم المعادلة .. معادلة الحب التي لا تفرق بين أرقام و أعداد ... و بين الزوايا و أضلاعها. أرْبَكني حبك. جعلني أحلق دونما أجنحة. أبني قصوراً .. سُرْعان ما تتهدم جدرانها على صخرة البوْن الشاسع بيني و بينك. أركض نحوك على صهوة جواد أبيض .. و ما أن أنحني لتأخذي مكانك معي .. حتى أجد نفسي ممسكاً بلجامٍ لا يلجم غير روحي التي يعتريها الخواء و صفير رياح وحدتي التي نسجْتُ خيوطها من شعوري بالدونية. و يالغبائي. عشرات الصفحات من تبريراتي لن تكفي كى تعيد الضوء للعتْمة التي سبّبْتها لك .. لقد إقتحمْتِ كهوفي من عدة ثغرات .. كهوفي الباردة برود الليالي التي أعيشها الآن. من ثغراتٍ لم أحسب حسابها ... فتارة كان بهاؤك يقنعني بأن هناك كثيرون ترْجح كفتهم عن كفّتي ... و تارة مكانتك تجعلني أرجع القهقرى أمام صفوف المعجبين من نفس طبقتك و معدنك. و تارة أخرى أفتح من دواخلي ثغرة لتنفذ منها إنكفاءتي و عدم ثقتي بنفسي. لم أدرك أن الحب يمكن أن يتخطى كل هذه الحواجز. ليتك تعلمين كم أحبك. خشيتُ عليك مني ... وقفتْ حالتي خندقا بيني و بينك مليئاً بالأشواك ... خشيت أن أجرجرك معي إلى قيعان بحيرتي الساكنة فتستكيني معي إلى الأبد بنفس وتيرة حياتي الخائبة. أدري أنه فات الأوان ... و أنني الخاسر الوحيد. و لكن ... رغم أن كبريائك يمنعك من مجرد إلقاء تحية عابرة ... يجعلني حبك الذي عرفته متأخراً ، مؤملاً في العيش بقية عمري مفاخراً به. أحمد الله أنني عشتُ في زمنك .. و دخلتُ قلبك ... فهذا كفيل بأن يعيد بعض الثقة بنفسي. تلك الثقة التي تخلّتْ عني وقت الحاجة إليها. و ألعن قصور مشاعري عن معرفة مغزى شعورك ... بل ألعن عدم تعلقي بحبالك الممدودة نحوي لتنتشلني من وهْدة ضعفي و تخاذلي. لا أدري كيف يتسنى لي اللحاق و لو بآخر عربة في قطارك الذي توقف كثيراً في محطاتي دونما محاولة مني حتى بالتحديق فيه و لو لمرة. سأعيش روحاً متروسة بإخلاصك الذي كان ... و سأحيا قلباً مغلفاً بحبك .. رمزاً أبدياً لفشلي و ضآلتي ... و سيظل خيالك يلاحق حقيقتي .. و ستظل حقيقتك خيالاً لصيقاً في مسيرة أيامي التي يعلم الله وحده كيف ستكون و كيف ستكون وقْع خطواتها... سامحيني ... فأنا لن أسامح نفسي ( و ما أقسى هذا )
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: شجرتها المحرمة (Re: ابو جهينة)
|
قمة الابداع قريتها 4 مرات ،وعشتها لحظياً، وجسدتها واقعياً
لك الود التحية مع بزوغ فجر الجمعة المباركة واصل ابداعك يا ابا جهينة واصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شجرتها المحرمة (Re: الشفيع وراق عبد الرحمن)
|
أخي جلال سلامٌ على روحك الطيبة بعد عزوفي عن المداخلات إذ كنتُ قد قررت أن أدخل جحري في بياتٍ شتوي فإذا بك تستثيرني و تنبشني فأرى أنه لا بد من الذي منه بدٌ.. هكذا أسقط في يدي فأنا الذي كنت أعتقد أن معاناة الدنيا كلها لم تختر دوني ولم تختزل إلا في إياي لتتوجني ملك عليها؛ فإذا بك تداهمني بعكس ما كنت أعتقد؛ فلعمري رأيت ملك على ملك ، رأيت المعاناة وكأنها مخلوقات أصيلة ومهجنة ؛ لم أقرأ في حياتي معاناة تأتي بهذا الجمال فهل حقاً تأتي كل معاناة بالجمال؟ ضدٌ من ضد؟!.. فيجتمع فيها وحولها هذا الإمتزاج العجيب .. وبعد أن كنت عازفٌ عن التداخل وجدتني أنطلق دون توقف ؛ قلت في نفسي إني أرى في ملامح المعاناة أرجوزة إنسانية وأسطورة نوبية ربما لعشقي لعالم الميثولوجيا .. ربما يتحدث عن ملكة من وادٍ يزخر بالملكات.. هل هنَ من بلاد ( بُنْط) البعيدة.. أم (بريق شنقول)؟!! أخال وأنك تسرد أني ومجموعة من الفضوليين يجلسون عند حافة النهر يثرثرون بصوتٍ عالٍ إلا أنا فكنت الوحيد الذي كان ينصت لك أيها الحاكي الراوي .. كنت أتطلع إلى تعابير وجهك وأنت تسرد علينا كيف يكون العشق والوفاء .. كيف يكون الطهر والنقاء ...وكيف تكون التعاسة والشقاء .. ولمَ يختار المرء الحزن والأسى وكان متاح له أن يعيش سعيداُ ولكن على أنقاض الآخرين!! .. فقلت أنك إمتزاج لحضارات وتوليفة لأهازيج عشق نادر .. تارة كنت أراك تحملني كما - تخيلت نفسي - إلى دنيا من العشق والفرح وكأنك قد عشقت رائعة جميلة من الأسرة العاشرة تناجيها في ليلة قمرية وكورال وكورس يعزفن الموسيقى من بعيد فيأتي الصدى مبشراً بالآمال والأفراح - ولا أعرف تحديداً - أهو من خلف زمنٍ مضى أو زمنٍ آتٍ ؟! وتارة مسحة حزن عميق تسكن مآقيك لا يسبر غورها غير زمنٍ لم يأتِ بعد.!! لا عليك - إن أردت أن تعتب - فإني سطرت لك بعض من إحساس يحفه الصدق والود والتقدير فمثلك لا يُراءى ولا يُمالى ولست أنا في حاجة لذلك وأنت أيضاً فليس بيننا ما يوجب المنافع .. إذ حين أني قرأت بوحك فكأنما كنت أقرأ في سفر العشق القديم ونشيد الإنشاد وكأني شاهد حالٍ عن كيفية تخليد الحب عند قدماء النوبيين.. هل أنت من الذين كلما طال البعاد بك أحسست بقرب المسافة عن من تحب؟! هل أنت من الذين حين يفارقون يحسون أكثر بقرب وجود من يحبون؟! عندما أقف في شُرفة بوحك أرى ما دونها هباءً فنحن نسبح في كون فيه مائة مليار كوكب وكثيراً ما تجذبنا الحقائق التي ننساها.!! شكراً فقد أخرجتني من قمقم النسيان .. مودتي وتقديري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شجرتها المحرمة (Re: محمد الجيلى)
|
عزيزي و الصديق الصدوق أبوبكر
سلام ممزوج بالتقدير
مشكور على هذه المداخلة التي وقفتْ جدارا يسند ما كتبتُ و إطارا للصورة.
Quote: كيف يكون الطهر والنقاء ...وكيف تكون التعاسة والشقاء .. ولمَ يختار المرء الحزن والأسى وكان متاح له أن يعيش سعيداُ ولكن على أنقاض الآخرين!! |
هنا أجْملْتَ يا أبا يوسف كل الذي كان و المآلات ... لله درك. تكون السعادة أحياناً قاب قوسين أو أدنى من تناولها بين أناملك .. و لكن شيء ما يبتلع عزيمتك و يحبط إنطلاقتك ... ربما القدر يقول كلمته ... و ربما و ربما
أكرر شكري لك فمرورك يضيء عتمات تكتنف بعض مسالك النص. دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شجرتها المحرمة (Re: ابو جهينة)
|
العزيز أبو جهينة
في ظني أنه يقضى لياليه بمفرده ويمرر لذاكرته آخر ما تبقى من عبير روحها..
ويأمل أن يعبئ الأيام منه بعد أن تغلفت روحه بصمت الجليد..
وفي نفس الوقت يبحث عن عطر جديد يناسبه عله يجده
مودتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شجرتها المحرمة (Re: اميمة مصطفى سند)
|
الأستاذة أميمة
سلام مربع
أما بعد
في ظني أنه يقضى لياليه بمفرده ويمرر لذاكرته آخر ما تبقى من عبير روحها..
لقد كان عبير روحها يحيط به إحاطة الخلخال بالساق .. و لكنه إسْتكْثر هذا العبق على روحه ... و لو راجع نفسه لعرف أن العبق يختار الروح التي تناسبه و لا يعرف حدودا أو يعترف بفوارق. ويأمل أن يعبئ الأيام منه بعد أن تغلفت روحه بصمت الجليد..
الجليد من صُنْع أوهامه ... تراكم عليه بفعل تردده و تخاذله .. لا يلومنّ إلا نفسه .. و لات حين ندم.
وفي نفس الوقت يبحث عن عطر جديد يناسبه عله يجده
حتى لو وجد عطرا يناسبه .. سيظل ذلك الأريج يقلق منامه و يتمترس أمام أنفه
مشكورة على المرور الباذخ تحياتي للأسرة دمت
| |
|
|
|
|
|
|
|