|
Re: اسبوع المرأة بجامعة الاحفاد للبنات 5-8 مارس 2010 (Re: بكري الخير)
|
مفهوم تمكين المرأة ومجالاته بروف. بلقيس بدري المعهد الاقليمي للجندر والتنوع والسلام وحقوق الانسان - جامعة الاحفاد للبنات
للمرأة قضايا تتمثل أولاً في إشكالية وجودها كانثي قد تمت هزيمة كينونتها كانسان كامل الاهلية والمكانة والقيمة فقط لكونها ولدت انثي. ومنذ هذه البداية بدأت تتراكم وتتعدد اشكالياتها التي استنهضت عدداً مقدراً من النساء والرجال علي حد السواء للتصدي لها، ومن قبل ذلك نزل الوحي المقدس علي محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم ليثير التساؤل "واذا المولودة سئلت بأي ذنب قتلت" وحرم وأد البنات تحت التراب جسدياً، وظلت العديد من ملامحه تتواصل في وأد البنات لجعل ذلك الكائن البشري الانثي ضعيفة تتقلص قدراتها يقل عطاوها دونما هو ممكن ومتاح الي خطوط حددها كائن بشري مماثل لها، ليضفي علي تلك الحدود الشرعية المجتمعية والاخلاقية والقانونية، تمت صيغ متعددة من الامثال الشعبية، وبتر لتفسير نصوص الوحي الديني، وشرعت قوانين وضعية، واستخدمت أدلة وضعها علماء ذكور ذات دلالات من علم النفس والبيلوجيا لتؤكد علي طبيعة وحتمية وضع المرأة المتدني مقارنة بفزيولوجيا وبيولوجيا الرجال المستخدمة، لتدل علي تفوق في الذكاء والقدرات النفسية، كل ذلك تم وضعه بعناية للتأكيد عليه للوصول للقناعة حتي تصبح الانثي تلك "الانا" مواطنة من الدرجة الثانية وانسانة في الدرجة الثانية في سلم البشرية. ولذا تعددت اثار ذلك الطرح للهيمنة الذكورية علي المرأة بتدني نسبة تعليمها وتقلص عملها في المجال العام والانتاجي والسياسي والمجتمعي وفي الجانب الاخر ارتفعت نسبة فقرها ومعدلات مرضها ونسبة وفياتها لاسباب الحمل والولادة فاصبح يعرف ما يطلق عليه بظاهرة تانيث الفقر والمرض والاعالة والامية فارتبطت تدني كل مؤشرات التنمية البشرية بالمرأة بدرجة اكبر من الرجل وبالدول الفقيرة اكثر منها بالدول الصناعية. وهذا يقودنا إلى الحديث بأن النساء وأن اشتركن في منظومة "الانثي" الا انهن نساء متعددات الهويات والطبقات والجهويات. فالمرأة التي ولدت وعاشت في أحضان دولة صناعية، واسرة متوسطة الدخل، أو في وطن واحد وهو السودان، ولكن من اسرة مرتفعة الدخل قد لا تعاني أي قدر من الحرمان من فرص التعليم او العمل او الترقية، وكل ما يتعلق بالجوانب المادية التي تجعل الحياة سهلة دون عناء لجلب ماء او حطب من مسافات بعيدة او تلقي العلم دون السير علي الاقدام لاميال. إذن فالمرأة مجموعة متعددة ليست فقط لاختلاف البيئة ولكن حتي اللائي يعشن في أحضان دولة واحدة وبيئة واحدة وطبقة واحدة، هنالك اختلاف بينهن في ملامح وتفاصيل الحياة يحددها ظرف أسري يؤثر فيه الأب والزوج الذي نتعامل معه، فهناك رجال احترموا كينونة المرأة وحقها في أن تعبر عن نفسها وتجد ذاتها وتصوغ خياراتها وتحدد ملامح حاضرها ومستقبلها. واخريات حرمن من تلك الحقوق فتكبلن في ظل عقلية ذكورية فرضت عليهن من المجتمع الكبير والاسرة التي لم تر في تلك القيود غير الشرعية الا الجمال والحقيقة، حتي ترضاها المرأة نفسها وترعاها. هي قيود باقية لا تتغير بالرغم من رياح الحداثة ومؤثراتها الماثلة في ايقاع الحياة المتغير من تعليم وعمل، ان عصر الحداثة لا يسمح الا للمتفوقين والقادرين علي مواصلة المنافسة والتجويد، وتحقيق النجاح الذي صاغته الحداثة في أشكال من الحصول علي الماديات، ومواقع السلطة والنفوذ، غير أن العديد من النساء يواجهن التحدي الناجم عن العديد من المتاريس أمام مسيرتهن للحصول علي ثروة جمعتها او السلطة والنفوذ خارج اطار الاسرة او حتي داخلها، فهن يلبسن ويتحركن ويأكلن ويتحدثن كيفما شاء وأراد رجل البيت، والملاحظ أن العدد الاكبر من النساء لا يسعين الي التعليم وتنمية القدرات والتطور في كل المجالات وجانب اخر لا يعلم أن له الحق في ان يكون مماثلا في الحقوق الانسانية والبشرية لتعمل وتتعلم الي اعلي قدراتها لتتطور وتسمو في كل المجالات. هذه القدرة الكامنة وهذا الحق غير المعلوم هو ما ناضلت المرأة في العالم والمرأة السودانية ومعها ومن قبلها رجال كثر لنيله، وهو ما أصبح اليوم يعرف بتمكين المرأة وادماجها في التنمية. ويمكن تعريف التمكين بأنه الحصول علي الموارد وتوسيع الفرص والخيارات للنساء بصفة متساوية مع الرجل ومجالات التمكين متعددة فهناك التمكين: التعليمي و المعلوماتي، الاقتصادي، القانوني/الحقوقي، السياسي الاجتماعي وفي مجالات الصحة الإنجابية والجنسية. كما يعني التمكين إزالة العوائق بمختلف أشكالها التي تعترض تمتع المرأة بالفرص والموارد ومساهمتها بصفة متساوية مع الرجل فى التنمية بمعناها الشامل. كما يشير التمكين لرفع إحساس المرأة بقيمتها و قدرتها على إحداث التغير لصالحها. ويعنى تضيق الفجوة بين الرجال والنساء بالنسبة لاحتياجاتهم العملية والإستراتيجية والوصول إلى المساواة بين المرأة والرجل في المشاركة واتخاذ القرارات الخاصة بالحياة الفردية والحياة العامة.
ويبدأ التمكين عادة برفع وعي المرأة وادراكها بأن لها قدرة ولها حق مماثل لشقيقها في البشرية الرجل. وتبدأ عمليات التمكين بالتبصير بهذه القدرات الكامنة ولتتفجر امكاناتها وفرصها، لتأخذ من حولها ما تريد، ولتسعي لأخذ المزيد مما دني وبعد لتكون لنفسها من الماديات والمكانة المجتمعية ومن النفوذ ما يجعلها امنة لحاضرها ومستقبلها، سعيدة بحياة هي من صنعت ملامحها وحددت مساراتها ومجالاتها.
| |
|
|
|
|