|
Re: مسارب الضي ........الحاج وراق ( الشيخ أزرق طيبة شيوعيآ!!!) (Re: HAYDER GASIM)
|
الاخ كمال ... كل عام وأنت بخير
آمل فى أيام يسعدن أهلنا ... ويصبن فى حياتهم فخار
أطلت العلمانية لهذا العالم من نافذة المجتمع الاوربي , كتعبير صارم عن مخاضات الثورة الصناعية , وكفاصلة لمرحلة جديدة على أنقاض السطوة الكنسية , كان فى العلمانية إستهلال رحب لمعطيات عصرنا الراهن , ومع أنها كشف إنساني فى المقام الاول , وقد توفرت لها من أسباب الاستطراد , ما جعلها تبحر فى كل الرقاع البشرية , لكن أن تكون أوربية المنشأ , فهذا أول منقصاتها فى ذهن شرقي , لم تشارك مجتمعاتنا الشرقية فى صياغة هذا المشروع , وفى نفس الوقت فهي تتمتع بخاصية الاستغراق في تاريخها , ولدرجة أقرب للتشبع , فحتى مشروعاتها للمستقبل , فهي تستحضرها من تاريخها , ومن ثم فهي زاهدة فى التغيير , وهي ( تشك ) فى ضرورته , خاصة الوافد منه من الملل الاخرى . تغزي هذه الذهنية فى ميلها التاريخي للركوض , قيم تعويضية تدخل فى بناء الشخصية المشرقية , من باب العزة والأنفة والكرامة والاعتداد بالنفس وبمكوناتها التاريخية , والاخيرة سلة تضم الثقافة والدين وأنماط إدارة الحياة وقيمها الرمزية .
يمت مجتمعنا السوداني بسبب للأوضاع المشرقية آنفة الاشارة , على الاقل من زاوية التاريخ , والمكونات الجينو/ ثقافية , فنابنا منهم طرائق التفكير والغزل الثقافى على نول الحياة , وقد ضربت هذه العوامل بأثرها على مجتمعنا وأسهمت بشكل ناجز فى تصميم هيئته الثقافية , وفى صياغة وجدانه كذلك .
لقد فرضت وقائع الحياة , وهي تمتطي تيار المتغير الجارف , ظروفا تحاصر المشيئة التاريخية للمجتمعات المشرقية , خاصة على ظلال ( الانزال ) الامريكى الداهم عليهم , مستقصدا هتك عراهم الثقافية وتدمير منابعها ومجاريها , فأضاف هذا الفعل ظلالا على الشكوك ( التاريخية ) المستأصلة فى العقل المشرقي , حول نوايا الاخر ومشروعاته , فكانت ردة الفعل المقابلة وكما نشهد وقائعها الآن , وعلى نحو أقرب للدراما من أنساق الحياة البشرية الطبيعية , فإن إستدعى الامريكى غروره السياسي وآلته العسكرية , فقد إستدعى المشرقي دينه وربه وإستطعم الموت عبورا آلقا لعالم الشهادة والخلود , تدافع المجتمع مجددا لملازاته المترعة بثقافة تبخيس الدنيا وإسترخاصها , بالمقابل أيضا نشطت تيارات الاسلام السياسي , لتعيد إصطفاف المجتمع على هدي إطروحاتها وشعاراتها الدين/ سياسية , وسواء كان ذلك بالقهر وإدعاء الحاكمية الالهية , أو بالديمقراطية ما تيسر .
على هذه الخلفية أحبذ مناقشة موضوع العلمانية , فثمة تاريخ يتشكك فى الفكرة وفى مؤداها , وثمة نوازع تاريخية تكرس الاكتفاء الذاتي من منتوجات المخيلة الثقافية للعقل المشرقي , ثمة هجمة إمبريالية تخض إحتمال التوافق مع قيم العصر وسماته .
أحبذ أيضا أن نضيف للخلفية آنفه , وطالما ظل جوهر العلمانية فصل الدين عن الدول , أن ننتبه إلى أن الدين الإسلامي , كما أعلمه , أكثر إستغراقا فى حياة الفرد والمجتمع من غيره , فهو يرافق معتنقه فى رحلة من ما قبل خلقه إلى ما بعد مماته , وأخال دينا يسترشدك أبسط معاملاتك الدنيوية , كقضاء الحاجة مثلا , لهو يطبق عليك لا محالة , فمن الصعوبة أن يكون الفصل هنا ميكانيكيا , أو وفق نظم أكاديمي , أو إقتفاء لنموذج آخر , أو بموجب تحميل سياسي , أو إستشهادا بسمة العصر , أو نزولا لرغائب من يمتلك القوة والسطوة , أو حتى ضيقا بالأصولية الاسلامية . كذلك من المهم أن نفهم أننا نخاطب إنسانا , يعتقد فى كمال رسالته الدينية , وفى شمول المنظور الاسلامي لكافة أوجه الحياة.
ربما يجيبني البعض أنهم ليسوا بصدد ( بتر ) الدين وإلغائه من حيز الوجود , وإنما فقط يتطلعون لفصله عن السياسة , هذا ربما يبدو حميدا , لأن السياسة زلقة متحولة , والدين ثابت مطلق , ومن الممكن أن يكون فى هذا صونا للدين أكثر من توغله فى مخاضات السياسة , أوافق على هذا من حيث المبدأ , لكن الدين الاسلامي يلهم معتنقه كل الزاد لمواجهة كل إمور الحياة , وفى قلبها السياسة بالطبع , فكيف نوقع هذا الامر ؟ ولما بدى مترابطا محكم الوثق ... سأتوفر للإجابة فى الحلقة القادمة ... إن شاء الله .
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|