|
Re: مسارب الضي ........الحاج وراق ( الشيخ أزرق طيبة شيوعيآ!!!) (Re: HAYDER GASIM)
|
إخوتي الكرام ... تعصرني عليكم موجبات الحوار ... ومنه تقتات عقولنا
فإلى ما وعدتكم ... أستظهر ما أسع ... بينما أقصد ما يحتضنه ذكائكم ... وأظنه الانفع .
نعم ... عزيزتي الماركسية , أعجبت بك ولما كنت شابا تصدع مآذن جوفه الفكري بالتوق للحقيقة , وإن كانت مطلقة , وبالعدالة وإن أخمدت كل ما عداها , فكنت إختياري البار الميمون , سعدت بك لردح من زماني , وإذنتك كل نفسي , وتقلدتك كل فكري , ووهبتك كل تضحياتي , حصدتك شأنا رفيعا بين أمواتي , وتجاسرت على موضوعي , فوهبتك كل ذاتي . أظن هذا كافيا لنقيم للقسط ميزانا , أنا هنا وأنت هناك , والعكس يصح ... لا يهم .
قراءة أولية فى دفتر أحوالك الفكرية المادية ...
قبل أن أشرع فى هذا , أستحسن أن أحيطك علما بجوهر التغيير الذي إعتراني , وإستدعاني من تم للجلوس على كرسي مواجهتك , وكما أنا فاعل الآن . فكل الامر فقد كنت من قبل , أنظر إلى أن الفكر هو الذي يصنع الانسان ويقوده , ويحدد مرامي حياته وأساليب إدارتها , بل يحدد مرجعياته القيمية , ومكونات بنيته الفوقية كما يحلو لك أن تزعمي , وبهذا المعنى يصبح الانسان أسير الفكرة , حتى ولو كانت من صنعه . أما الآن فأظنني عكست الآية , وإستقدمت الانسان على الفكرة , ليكون سيدها , خاصة عندما يستولدها من بنات أفكاره , وليكون قادرا على التحكم فيها , وعلى تعديلها أو تطويرها أو إستبدالها أو ركلها ما خابت أو إستنفدت أغراضها . مع هذا فأرجو ألا يدهشك ما أتيت , وأظنك تذكرين ولما كنت تتجملين بروائع الفكر الإنساني فى شبابك , فقد إستحسنت قانونا إسمة ( التطور ) وأدغمتيه فى جسدك الفكري , وأضفت إليه ما يؤكد على حيويته وأهميته , فتحلق على محوره عدد غير قليل من مقولاتك , كنفي النفي ووحدة وصراع الاضداد وقانون التراكم والتغيرات الكمية والنوعية , فهذه كلها تشي بجزالة إختيارك , ولان التطور هو القانون الابقى والانجع , فهو يطرح فى جانب ويستنهض فى آخر , وفى مسيرة أخالها جبارة لا تستثني حتى الماركسية . لست شامتا , لكنها إرادة الحياة.
قدمت نفسك لي وللعالم , بجرأة وثقة وكمال تحسدين عليه , فمن طولك إستبان عرضك , وحدك السماء , لكنها ( سمائك ) الذي صنعتيه بنولك المادي , يعني مجرد سحب من أوهاب الطبيعة , بينما سمائي الراهن يتربع فيها كرسيه الجليل , فأنت تدعين الناس إلى الاطاحة بالسماء , حتى تصح الارض , توفرت لهذه الفكرة بصدق , وأقمت لها نهجا وسراطا , فمشيت علىهذا الدرب قسطا , فما أصبت ما أرجوه من يقين , وما أسعفتني صرامتك الفكرية فى حل كل الامر , فكان إلحادي مكابرة تتهيب الجوهر الرابض خلف هذا الكون , بل أدركت فى نهاية المطاف أن للشيوعية إله , إسمه الطبيعة , بكامل جبروتها وقاهر إرادتها , إذن فلم تفعلى غير أستبدالك إلهي السماوي بإلهك الارضي , فخسرت قيم السماء ومن نعمت فى الارض . هنا فاصلة جوهرية بيني وبينك الآن , أعيد ترتيب أمري لأختار مجددا السماء , ولا أفرض إختياري هذا على غيري , فلكم دينكم ولي دين .
هذا فيما يتعلق بماديتك الجدلية , إختزلتها فى مفاهيمك حول الروح والمادة , لأنها جوهر رسالتك الفلسفية , ولأنها ذات صلة مباشرة بموضوع حوارنا الراهن , ولاني أراها قضية هامة فى مجتمعي وقد إرتبط مسبقا بالسماء , ولأنه يهمني مصير الفرد والمجتمع , فى حياتهم ومن بعدها , طالما وطنوا إعتقادهم على نظم يربط دنياهم بآخرتهم . فهنا قضية جوهرية , تتخطى عالم المنظور والسياسة , إلى علاقة الفرد بربه , أن تكون أو لا تكون .
ولما قضيت على جذر إلالحاد , عكس ما ترين , فلم أعد بالمقابل ماديا , وهذا تعبير مهم , لأننى أتهيأ لفحص جديد فيما تبقى من جدليتك هذه . خاصة المكون الهيغيلي منها , لظني بأن الرجل حري بإعادة الاكتشاف , ولما طمره كارل ماركس بعد أن إستوفى جل نظريته , فربما أجد هناك ما يرضي تطلعاتي الفكرية , لكن هذه المرة بدون إطلاقية ولا كلية ولا قداسة , فنسقي الليبرالي الجديد لا يأذن لي بالإقصاء الكلي والشامل لفكرة ما , وإلا فسوف أعيد إنتاج نفسي ماركسيا فى ثوب جديد , وهذا ما لا أرغب فيه البتة .
سلامي ...موصول لجميعكم
لا أظن ان المطلوب مني من بعد , هو مزيد من الادلة التي تثبت إلحاد الماركسية , بقدرما المطلوب من ( الناكر ) أن يثبت العكس , وحكم وراق على إلحاد الشيوعية صحيح , ليس لعبقريته , فقط لان هذا من أبجديات الماركسية , وفقط لأن الامر كذلك , مسألة فى منتهى البساطة , ومعلومة من شيوعها إعتلت مصاف المسلمات, فمن يعرف عن الماركسية كلمة واحدة هي الالحاد , وتشترك على هذا الحكم أنماط من البشر فى كل رقاع الدنيا , وليس بالضرورة أن يكون حامل هذا الحكم معاديا للشيوعية , وإنما هي ( ثقافة ) عامة , إستولدها الفكر الماركسي عنوة وإقتدارا , قيدتها دفاتر التاريخ , أثبتتها التجربة , فأخذت سبيلها إلى مجرى الاحكام العامة . فمن ينكر إلحاد الماركسية , كمن ينكر الصلاة فى الاسلام , وأمجاد بنو إسرائيل فى التوراة , وإقتصاديات السوق فى الرأسمالية , وهكذا تتجبر الثوابت .
فهذا حال الماركسية فى ناحية علاقتها بالالحاد , فهل من شيوعي ينكر هذا ؟ وليتني أسمع من المتداخلين منهم فى هذا البوست قبل سواهم , أقبل الاجابة وإن كانت بنعم أو لا , لكن تجاهلها يوحيني إحساسا غير حميد , على كل لا أود أن أستبق الاحوال , لكني أرقبها ولكل مقام مقال .
أما عدم إلحاد الافراد , بينما هم ينتمون للماركسية , فقد قلت رأي فى هذا من قبل ولا أود تكراره , فهو موجود فى هذا الخيط , لكن علها مناسبة لإلقاء الضوء على هذا التناقض .
فأوله الضرورة الموضوعية للعضو غير الملحد للدفاع عن إلحاد الماركسية , بإعتبار أن رأيه الخاص لا يلغي فصلا ماركسيا بحاله , وإلا فسوف يبدو كليهما ( العضو وماركسيته ) أصغر من رغبة السائل فى إجابة ناجزة , ولهذا بالطبع إنعكاساته فى تقييم الفكرة وحواملها البشرية ومقاصدها السياسية على نحو عام .
وثانيه تخثر مجرى الدم فى الفكر الشيوعي , وتماما كما الجسد الآدمي , فمثل هذا الإنكار أو بديله ( التناقض ) يمثلان مواضعا لتراكم ( الكوليسترول ) الفكري , فإن كانت هذه واحدة , فإنكار ديكتاتورية الشيوعية وحزبها الواحد أخرى , وزعمها الديمقراطي على أكتاف الصراع الطبقي ثالثة , وتواددها الراهن مع إقتصاديات السوق رابعة , وإستجمامها فى رقاع الهامش والاقليم والقومية خصما على العمومية و الاممية خامسة , فإن كانت هذه مجرد أمثلة , وأخالها صحيحية , فما الذي تبقى من الماركسية , حتى تجري بهذه الكثافة على ألسنتهم ؟ وأي شيوعية يودون الدفاع عنها وأينما ( تهبشهم ) ينبطحون , أو قل ينكرون أو يحتمون بفكرة ( ليبرالية ) الطعم والرفد ومن قبل المنشأ . فمثل هذه المكابرة هي التي عجلت بإنهيار الشيوعية , أعتقد أنهم يعانون من إنخفاض ملحوظ فى الحساسية تجاه الحدث والخطأ والمتغير , وأعزيه لأساليب التربية الماركسية نفسها .
وثالثه هناك ما هو أخطر من الالحاد , إستبطانه , وحيث يستلقي على طوى الضمير , ولا أحد يرفع عنه الحجاب غير المعني ورب العالمين , ومستبطن الالحاد يمكن أن يتقمصه فى مسارات حياته الخاصة , لكن يمكنه كذلك إعادة إخراجه فى شكل تأوهات ضد العسف والارهاب الديني , كما يمكنه أيضا حبس الالحاد فى جرة فى قرارة النفس , ليفسح المجال لإضفاء لمسات إجتماعية / دينية ترفع عنه حيوف الاتهام , وتبسط هيئته بين الناس وعلى نحو يوفر له ( القبول ) , حتى يؤدي رسالته ( السياسية ) بين الناس دون شطط , وأظن التيار الاعظم من شيوعيي السودان يرابض ها هنا .
حري بي , والامر يتصل بسابقه , أن أقدر الظروف السياسية فى قيدها السوداني , ولما يشهر الفرد أو الحزب إلحاده , وهي ولاشك قاسية , من قبل المجتمع وليس بالضرورة المتطرفين , ومن قبل الناخب وليس بالضرورة السلطة , ناهيك عن تفاعلات السماء , وبالطبع فإن هذا الظرف يفرض من تلقاء ذاته , سؤالا جوهريا على الحزب الشيوعي السوداني وعلى أعضائه كذلك , ولا أظنهم سألوه لأنفسهم من قبل , فما المهم فى رسالتهم حيال السودان ؟ ولما قلصتها الظروف الموضوعية إلى خيارين حاسمين , تعميم الالحاد أم نهضة الشعب ؟ فيما أعتبره إختيار التاريخ والواقع قبل أن يكون إجتهادي , ولا أظنهما يلتقيان , فإن كان خيارهم الالحاد , ففي هذه الحالة فليستبطنوه , إلى حين إشعار ( ديمقراطي ) كامل , فهذا ما أصبو إليه كذلك , أما إن كان إختيارهم نهضة الشعب , وغض النظر عن دينه أو إلحاده , فالدعوة للإلحاد أو تقلده فى مرجعيتهم الفكرية , أو إعادة إخراجه كما أنف , لهو أمر ينتقص من صدقية ورحابة النهضة المزعومة , ولا سبيل هنا غير التخلص الكامل من كل مشروع الالحاد فى منطلقاته النظرية وفى دواعية وتداعياته ذات الصلة .
أما إن كان مشروع نهضة الشعب السوداني يقتضي تخليلا إلحاديا , فالامر هنا يمس الذمة الفكرية للشيوعيين السودانيين , بإعتبار إلزامية الفكر الماركسي كما عهدهم بها , ليبدو الامر وكأنه مسألة أولويات , فإن إختنقت فكرة أو لم يحن أوانها , فلم لا يتقاضوا عنها أو يخفضوا عزمها مرحليا , ليرموا بأثقال أعظم على الساحة الاكثر رواجا , وهي دوما السياسة فى مفاعلاتها المستمرة , وفي هذا مناصرة بائنة لمشروع الاستبطان لتعلو راياته من جديد .
أظن أن الحزب الشيوعي السوداني , إدعى لنفسه ذكاء جعله يفترض جهل الآخرين , وهذا عجيب , فالمسألة الشيوعية قيد تاريخ حديث جدا , وأظن كل أو جل الإرث الشيوعي النظري مكتوب ومحفوظ , وقد كنا نقتني الكتب الماركسية من مفروشات سور الجامع الكبير بالخرطوم , وإن كان هذا غابرا ومتخلفا , ( فصنائع ) الرأسمالية لعالم اليوم وفرت لمعيتنا وبأسهل الاساليب سيلا غير محاط من المعلومات , لم نعد ننتظر مطبوعات دار التقدم , ولا التأخر , ولم يعد البيان الحزبي هو موضع إنتظارنا لمتابعة أمر من إمورنا السياسية , لاحظت خلال الشبكات الالكترونية التى تعنى بالشأن السوداني , وعلى رأسها هذا المنبر الذي نتحاور من خلاله , أن مبادرات الافراد فى تغطية حدث ما , بل ( والاندلاق ) فى تحليله , تسبق أنشط الكيانات السياسية , ولما يوافونا بآرائهم ( الجمعية ) , يكون الموضوع وقد خمدت ألسنته , وتوارى كثيرا من بريقه . على كل المعلومات حول الشيوعية , تاريخا وفكرا , تجربة وإنهيارا لم تعد وقفا على مجرتكم الحزبية , وإنما على خفض إصبع على أيقونة . وهذا تسريب أشك فى مقدرة المؤسسة الشيوعية التقليدية على مجاراته ... أو قل على إحتماله . علاقة هذه النقطة بصدر الموضوع , هو توفر إمكانية أرحب للقارئ لإستكناه ما خبي عن ذهنه من أمر الشيوعية , حتى لا يقف على إفادات ذاتية وجلة , فى معرض التحريض الشيوعي ولما أفل زمانه وإنطرح مكانه .
وإن عدت أدراجي , فأرى أن إستبطان الإلحاد لا يتوقف عل الافراد الشيوعيين وحسب , وإنما يشمل مؤسستهم السياسية كذلك , فالحزب الشيوعي السوداني وهو يحاول أن يزدرد لقمة الالحاد , وإن كانت أكبر من سعة حلقه , فقد إكتسب من خلال هذه التجربة الصعبة , قدرة على التعايش مع المتناقضات بشكل عام , وقد صار هذا فى نهاية المطاف ديدنه , فإستبطان الالحاد فى مجرته الفكرية يفسر تحالف الحزب مع نقائضه فى الساحة السياسية , بل وينخفض إلى ما هو أدنى من ذلك , ليصبح ( زرع ) العناصر الحزبية فى أجهزة الامن أو فى الاحزاب الاخرى مهمة شيوعية جليلة ( وحيث التعايش مع التناقض والقدرة على الاستبطان هنا هي الاصل ) ... ويا سبحان الله .
لدي عن الشيوعية أكثر مما يسع هذا المقام , لكني أتوقف ها هنا . قدمت ما ألحت به الذاكرة وما إستدعته بعض المداخلات ذات الصلة , وعلى الرصيف أنتظر .
دمتم ... أحباء
|
|
|
|
|
|