|
Re: مسارب الضي ........الحاج وراق ( الشيخ أزرق طيبة شيوعيآ!!!) (Re: HAYDER GASIM)
|
الله ... الله يا بدوي
سحبتني قليلا مما كنت أعتزمه ...لكنك حري بالتواصل ... ومن شأنك أن تهزم ميكانيكا السياسة لما تستبد ... والفكر لما يعتزل ... واللحظة لما ترهقها أفلاك التطواف . كثيرة هي الشجون ... تستعصي على مهدها ... أو قل تقاوم الانشراح ... على صدر يوبقه الانقباض . أو قل ما تشاء ... فهنا كل المطمح .
تيقن عزيزي ... ليس بينى وكمال ... غير توقيع الناي ... لكن على ضفة نهر لا يحتمل الانتظار ... لسنا أجرى من النهر ... لكن أوفى إنسانية ... فعسانا نلتفي يوما ما .... ويضحي كل الامر ... ذكرى .
الحاج وراق شخصية عامة متميزة ولاشك , إجترحنا التنوير والعلمانية المتواضعة وهيئة التحكيم فى منظوميتنا الحزبية , والامن الاجتماعي كمدخل أساسي للعدالة الاجتماعية , وشروط السوق الاجتماعية كبديل نظري للتحلقات الفكرية , ومشروع ما بعد الحداثة كجسر للإتصال بالعصر , وإشتراع أولي آثر لمشروع الحركة الديمقراطية الاجتماعية كبديل سياسي , وإستفاضات آلقة ليكون السلام فى بعديه الاهلي والقومي ... وتطول قائمة مناولاته المائزة .
لكن بالمقابل أسقط فى الجب التقليدي من النقاط ما لا يستحقها , وأضفى على الخطاب التقليدي الامي ( منسوب إلى حزب الامة ) من الطلاوة ما لا ينسجم ووقائع الاحوال , وإستعظم ( الإمام ) المنتظر على نحو يستصغر البديل الحداثي نفسه ولما كان حادي ركبه , لكن , إن كان آخر هذا الامر يستظهر تناقضا فأوله يتحرى الصدق , وهذا حسن يستقر فى الخاطر ما طاب وما إتزن . على كل أرى للرجل إسهاماته المقدرة والجريئة وكذا هناته الملحوظة , وهذا كله فى إطار قياساتي ومقارباتي النسبية , فما أراه متميزا فقد يراه آخر عاديا , وما أراه هنة فقد يراه ثالث مأثرة , وهكذا الدنيا .
إختار وراق لنفسه أن يكون كتابا مفتوحا ومنسجما مع فطرته وقلائد طبعه , وهذا فى حد ذاته كشف مهم فى عالم السياسة السودانية , والتي يكتنفها عبر ا لتاريخ التخنس والغموض والتعايش المزمن مع التناقضات , وأخال تناقضات الوراق وهي مستحدثة عابرة يصطبغها نظمه الفردي , لهي أشرف وأرفع من التناقضات الجمعية المستفحلة وكما دونتها صحائف التاريخ , فكم من حزب إدعى التقدمية بينما أرخى برحاله السياسية على رقاع الرجعية , تحالفا وتآلفا وآستظهار لود زائف , يطمره المستبطن من العداء ومن التباين المرجعي , وكم من حزب إستوثق عرى التموثق مع ( الامام ) يوما , بينما يستردحه فى الآخر , وكم من أقوام ضالعين فى مأمر السياسة توحدوا فى حلقة وتشظوا فى الاخرى , فإن كانت هذه الخلفية التي أنجبت الوراق فكيف ينجو من فاحل تناقضاتها ؟
ليس الوراق بنبي ولاتقيده عن الخطأ عصمة , كما وليس بغريب أن يتناولونه بوحشاء فاظعة , من يدعون العصمة الفكرية , ويردون أمرهم من غياهب الاطلاقية , لكنها المخاتلة , تعصف بالفكر العصيم إلى سوق التجزئة و النخاسة السياسية , وتستلب أعضاءه المقدسة لتبيعها بالمفرق , كما وأنها ( الغبائن ) , تلخص كل الازمة فى شخص وتستهدفه برعونة مفضوحة .
من حق وراق أن يقول ما يشاء , وأن يتبنى من المشروعات ما يروقه , وأن يؤآلف من الدواعي ما يستطعمه , وأن يجترح من الافكار ما تتسع مخيلته , فإن تمخضت رؤاه عن ديكتاتورية ( مجازا ) فما هو من الاولين , إذ سبقه إليها وعلى أقل تقدير , منتاشوه من الطوابي الشيوعية الراهنة , وإن توالى مع الديمقراطية فلن يكون بالطبع الأخير , وإن أسفر إجتهاده عن مساوقة القيم الرمزية لمجتمعنا السوداني بقيم العصر ( وأظن هذه بؤرة إجتهاده ) فهو فلاح ننشده جميعا .
لا غباشة لدي تواري العسف الشيوعي السوداني تجاه وراق , أتعاطى مع وراق بمقدار ما يصيب فى شأن الوطن وما يجتهد فى نقبه الفكري , لكن آسف للأحوال الشيوعية , ولما لم تستبن قرائنها على مفرق أحوالها , كنت وما أزال أرشح الشيوعيين السودانيين لإندغام إنسيابي فى مجرى السياسة السودانية , أسوة بما حدث لنظرائهم فى المعسكر الاشتراكي ( سابقا ) , فمع إن الاخيرين كانوا المعتدين والغاصبين لحقوق الناس وعبر تاريخ مشهود وتضحيات منظورة , إلا أن سماحة الخلق الديمقراطي وهو يفاعل مجريات الثورة الليبرالية , لم يكن ليأذن بشطط ولا إنتقام , أخالهم وعووا الدرس وإستطابوا مقامهم الجديد فى كنف الديمقراطية وعلى تعدد أواصرها ومشاربها .
كنت وما أزال أعتقد , أن أولى عبر إنهيار التجربة الاشتراكية , هي تواضع المرء تجاه الفكرة والنفس والخصم والدعوة أيا كانت , كنت أعتقد أن معايير الصحة الابدية وقواعد الدهم الإطلاقي قد أزفت بحضور ذاك الميقات , ولا أظنه وقت لرجم الشيطان كما تتواخاه المخيلة الدينية , وإنما لرجم الاستبداد وأيا كان . لكنها الرياح تأتينا بما لا يشتهي السفن . تعلمت وعلى المستوى الشخصي إثر هذا الانهيار الكبير , ولما أصابني وقعه , أن أكون متواضعا تجاه تغير الآخرين , فإن ألجمت الاقدار لساني وقد كنت داعية شيوعي , وإن تغيرت إثر زخات توالت على منظومتي الفكرية وعلى بناءآتها العملية , فإنفرض على التغيير , فهل بالضرورة هي اللحظة الوحيدة ليتغير كل الناس كذلك , لاحظ هذا بإعتبار أنني أضحيت أنشد تغييرا قبالة الديمقراطية والتفتح والتسامح , فما بالهم يتوخون تغييرا حاسما قبالة ( أخريات الماركسية ) ... حاجة عجيبة . سيلج الناس آفاق التغيير , لا محالة , بمفعول الزمن وعبر دواعي ومنطق العصر , وأظن كليهما يتناصر والايلولة للإستحداث , لكن وبأية حال ليست هناك لحظة حاسمة ونهائية فى خضم هذا المجرى , فالمحتار هو الذي يوهم نفسه بحصافة مثل هذا الاختيار .
طيب ... وعساي أنقل الحوار لما هو أوسع من هذه الرقعة المضلهمة , لتتصل بوراق من زاوية , وتلتئم بجليل الوطن من أخرى , فثمة دعاة ( تاريخيون ) إستوردوا الحكمة فى ظنهم للمجتمع السوداني , من شيوعيين وقوميين عروبيين ومن يلتحق بالإطار شكلا , أو بالاستدعاء النهجوي مضمونا , بل إرتخى وعلى ظلالهم هامشا إستظلت فيه العلمانية وكذا العلمانيون , فإنصبوا جميعا وعلى منبر واحد , حينما لم يجد شيوخ اليسار من وسيط لوصلهم بالمجتمع السوداني غير العلمانيين , ولما لم يجد العلمانيون بديلا لمجتمعهم غير اليسار , فإن لم تصح كل هذه السيرة , وهذا وارد , فأخال المجتمع المشرقي عموما يتآلف على هذه الرواية فى براحها التاريخي , لكنها رواية لا تشي بمستقبل لا لليسار ولا للعلمانية على حد سواء , وآخرها الانتخابات البرلمانية المصرية على سبيل المثال , وميزة هذه فى كونها تأتت على محمل ديمقراطي , فيما أعتبره خيارا يصطف لأجله جلنا , لكنها النتيجة التي ترسم النجاح والفشل وتوقعه على دفتر التاريخ وبالارقام .
فتجربة اليسار ملتحقا بالعلمانية , هي تجربة قوم تناصروا على التجريد الفكري كلبنة أساسية لتوقيع أحوالهم السياسية , فيما يعني إصلاح المجتمع السوداني بأدفاع فكرية لا تنتمي إليه نسقا ولا تاريخا , ومحاولة لأقلمتها على واقع هو غير واقعها , فكانت هكذا النتيجة ولا أظنها توحي بالسرور , لكن من المهم إعتبارها لمجمل مؤثراتها وإن تربعت على مغزى تاريخي فى نهاية المطاف , مؤداه الفكرة أولا والمجتمع ثانيا .
وراق ينشط فى الاتجاه المعاكس , بتأكيد الانتماء الجوهري للمجتمع أولا , ترابا وفضاء , دينا وثقافة , مجتمعا وقيما , وبالطبع مورد فكر ومستنطق حكمة . أعتقد أن من يستلبي هذه الفرضية بكامل الاصالة , فربما يفلح فى إستقطاف الثانية , وهي الفكرة , فى متنها الانساني وفى تعلقاتها الموضوعية بالارتقاء وبالتقدم , خاصة وقد توفر وراق بنفسه لمثل هذه التجربة عبر الشيوعية آنفا , ومن خلال إهتمامه حاليا , فهذا ما أراه إختراقا مستلزما للإعتبار , وطريق ثالث بين تخلفنا وإمتيازات العصر , فهذا موقع الاجتهاد الحيقيقى ... وفى هذا فليتنافس المتنافسون .
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|