الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ (Re: Masoud)
|
الأستاذ أبو أسيل لك التحية نسألك هل الشعب السودانى موحد قومياً حتى نستطيع الحديث عن وحدة ثقافية حداثية؟ هل حقيقة لدينا مشاعر وطنية قومية موحدة يتطور من خلالها مشروع الحداثة الذى تتحدث عنه؟ هل لدينا تأريخ موحد حتى نكون وحدة قومية متجانسة تساعد في تقديم مشروع الحداثة؟ تلك كلها أسئلة مشروعة. السودان علي مر تأريخه القديم لم يكن دولة موحدة أصلاً، بل دويلات أو (ممالك) متفرقة، تتقاطع وتتداخل مصالحها مع بعضها البعض، وأسم بلاد السودان، الذى أطلقة الجغرافيون المسلمين في العصور الوسطى ليشمل كل الحزام جنوب الصحراء الكبرى، بدأ يتقلص تدريجياً لأختلاف قومياته وثقافاته وأثنياته حتى أنحصر في مفهومة الضيق الذى يمثل سوداننا اليوم والذى بدأ يتشكل كدولة موحدة منذ الأحتلال البريطانى في عام 1821م وظهرت معظم ملامح الدولة السودانية القومية من خلال الثورة المهدية وقد أكتمل (تقلص) إلي حدوده الحاليه أبان الأحتلال المصرى –البريطانى بين 1899م -1955م. وقد ضمت تلك الدولة الناشئة شعوب لم تكن موحدة سواء كان ثقافياً أو جغرافياً، فالنوبة في الشمال كانوا أقرب إلي الشعوب النوبية في جنوب مصر منها إلي شعب الفونج إلي الجنوب أو البجه إلي الشرق منهم. شعب البجه الذى وصفه المسلمون في العصور الأولى بأنه شعب متميز في خصائصه وملامحه فهم ليس بسود، أو نوبا أو عرب ويرتبط أكثر بشعوب القرن الأفريقى والجزيرة العربية أكثر من أرتباطه بالشعوب التى توجد إلي داخل بلاد السودان. الشعوب الجنوبية التى تبربط بالقبائل النيلية وشعوب البانتو في أراضى البحيرات العظمى أكثر من أرتباطها بالشمال المستعرب. شعوب سلطنة دار مساليت ودار زغاوة يرتبطون بشعوب وسط وغرب أفريقيا أكثر من أرتباطهم بالشعوب الكردفانية، أضف إلي ذلك تميز شعب النوبة في الجبال، تميز شعب الفور في دارفور، تميز المجموعات الرعوية من البقارة أو الأبالة. أقليم كردفان الذى يعتبر قلب السودان اليوم يعتبر حتى عام 1823م يسمى كردفان ولم تشمله كلمة السودان، فقد كان الحاكم العام الدفتردار محمد بيه خوسرو يسمى حاكم عام السودان وكردفان، ثم تم إعادة التسمية في عام 1841م بعد أن تسلم الدفتردار علي خورشيد باشا مقاليد الحكم حيث لقب بحاكم عام السودان، وحينها لم تكن دارفور ضمت بعد، وقد تم ضمها عام 1916م وظلت الحدود بين تشاد والسودان غير مرسومة حتى تنازع عليها البريطانيون والفرنسيون وتم ترسيمها عام 1922م حيث ضم أغلب دار سلطنة مساليت إلي السودان بينما صار جزء منها يتبع تشاد الفرنسية.
تلك الخلفية التأريخية تؤكد إننا ثقافياً لم نكن شعب موحد، بل شعوب أشتات قهرتها الأرادة الأستعمارية قهراً لتحقيق مصالحها الأستعمارية من جمع للثروات والرجال. ولم تكن الثورات السودانية قبل المهدية التى قامت ضد المستعمر كانت موحدة تحت راية نضالية واحدة، بل كانت منفردة في أصقاع البلاد. إن اللغة العربية التى أتت مع الأسلام في منتصف القرن السابع الميلادى هى العامل الوحيد الذى بدأ يوحد الشعب السودانى كوسيلة من وسائل التخاطب والتبادل التجارى والتواصل الفكرى. ولم يتوحد السودانيون في مشاعرهم إلا بعد قيام الثورة المهدية (والتى ليس بالضرورة تعنى وحدة ثقافية)، حيث أصبح الدين هو القوة التى جذبت الأشتات ليتوحدوا من أجل الخلاص من العدو المشترك يقودهم رعيل من الشيوخ الأفزاز الذين فهموا التركيبة الثقافية المعقدة للشعب السودانى.
نخلص من تلك القراءة الموجزة أن مشاعر الشعب السودانى كشعب واحد ذو مشاعر سيادية مشتركة بدأت حديثاً أى إنها فقط تجاوزت القرن الواحد، وتلك الفترة ليس كافية عند البعض لتأسيس مشاعر وطنية ترتبط بكل الوطن وليس الجزء، فقد قيل أن شعوباً أوربية كثيرة ومنها الشعب الفرنسى إحتاج إلي 30 جيلاً ليصل إلي وحدة وطنية في مشاعرة القومية. ومع فشل الرعيل الأول للتعدد الثقافى والجهوى نتيجة لنشأته في بيئة جغرافية وثقافية محددة لها مميزاتها الثقافية، الفكرية والأيديولوجية المتميزة وخلفيتهاالأمدرمانية المنصهرة في بوتقية المهدية القومية، أضف إلي ذلك صراعات التحرر وأدبياتها في فترة الأستقلال وأرتباطاتها بالرؤى المصرية العربية لسودان الغد العربى، جعلت من مشروع الحداثة مشروع صفوى منفصل عن جذور الواقع السودانى الريفى العريض وذو هموم معاشية وتطلعات ثقافية مغايرة لما هو موجود داخل حظيرة الوطن المتسعة والمتعددة والمتنوعة، فاصبح ذلك المشروع الصفوى كجسم غريب وثقيل علي أبناء الريف السودانى (أبناء الهامش اليوم) والذين بدأوا مسيرة البحث عن الذات في الأطار الجهوى والأقليمى والتنقيب عن المخزون الثقافى المحلى كبدليل لمشروع الصفوة النيلية الأمدرمانية التى لا تمت له بصلة قربى. ولعل من الجدير بالملاحظة أن ظهور التيار الجديد والعريض مع الثورة المعلوماتية والذى يحاول إلغاء كل مخزون مجتمع الحداثة الصفوى، أيضاً يحاول أن يلغى محزون المؤسسة الثقافية التى نشأت علي وترعرت في كنف مشروع مجتمع الحداثة الصفوى. ولعلى فقط أتساءل معك ولكن بطريقة أخرى كيف تكون إعادة البناء علي طريقة مجتمع الحداثة أم أن مجتمع الحداثة يصبح رؤية فلسفية أفلاطونية بعيدة المنال .. تحياتى بريمة
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | صلاح شعيب | 12-02-05, 10:06 AM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | سفيان بشير نابرى | 12-02-05, 12:27 PM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | صلاح شعيب | 12-02-05, 04:17 PM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | سفيان بشير نابرى | 12-06-05, 00:31 AM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | أبكر آدم إسماعيل | 12-26-05, 09:18 PM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | منتصر عبد الماجد | 12-27-05, 00:12 AM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | Masoud | 12-27-05, 00:37 AM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | Biraima M Adam | 12-27-05, 01:36 AM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | صلاح شعيب | 12-28-05, 12:07 PM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | altahir_2 | 12-28-05, 08:04 PM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | سفيان بشير نابرى | 12-30-05, 04:16 AM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | صلاح شعيب | 01-06-06, 10:53 PM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | Bashasha | 01-07-06, 00:38 AM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | Haydar Badawi Sadig | 01-07-06, 03:01 AM |
Re: علي ضوء السائد: هل مات المشروع القومي للحداثة في السودان..؟ | Haydar Badawi Sadig | 01-07-06, 03:14 AM |
|
|
|