|
عندما كان الكريسماس مناسبة قومية...
|
مر علينا عيد ميلاد السيد / المسيح هذا العام مرورا جليلا، ووجب علينا ان نهنيء انفسنا وجميع الخلائق بهذا الميلاد المجيد، واتمني ان يعود العام المقبل والسلام والوئام والمودة قد غمرت الدنيا من اطرافها واقاصيها، فما احوجنا اليوم الي السلام مع النفس اولا، والاسرة ثانيا، والمجتمع من حولنا ثالثا، والعالم اجمع...
سادتي.. هناك ذكريات جميلة تعود بنا الي ما قبل 1983 العام الذي اقر فيه المشير نميري، قوانين سبتمبر البائسة، وقبل تقسيم المجتمع الي مسلم وكافر، ومن ثم اخو مسلم ثم مسلم ثم اهل ذمة، ومن ثم ما ملكت ايمانكم، اذكر قبل ذلك العام المشئوم كنا في مدينة عطبرة الجميلة، التي كانت يوما من الايام مضرب الامثال في انصهار الشعب السوداني كله في بوتقة واحدة، وبرغم ان الطابع المسيحي الغالب للمدينة كان من الاقباط الارثوذكس، والذين يحتفلون بميلاد السيد المسيح، في اليوم السابع من شهر يناير، الا ان نادي المكتبة القبطية كان الحاضن الرئيسي لأحتفالات المسلمين والمسيحين الغربيين في ليل اليوم الرابع والعشرون من ديسمبر، وهو عيد الميلاد حسب قواعد الكنيسة الغربية.. كانت الاسر تعد في هذا اليوم الكعك والبسكويت، والشاي، والزلابية استعدادا للأحتفال الذي كان يستمر حتي السابع من يناير مرورا برأس السنة الميلادية والذي كان يعتبر يوم ختان السيد المسيح حسب التقويم الجريجوري، كنا نلبس جمل ما عندنا برغم ان البعض كان لا ملك الا بنطالا واحدا، وقميص (عامر) والتسابق علي اشده لحجز مقعدا لك في النادي، وان كانت الاغلبية الغالبة من الشباب، تقف خارج السور لأن المقاعد يكون قد تم حجزها من الاسر العريقة، فقد كان الحجز يتم بنفس اسلوب الحجز علي قطار العمال المتجه الي الخرطوم، في ذلك اليوم لا يمكنك ان تفرق بين زيد وعمر، وجرجس وجون، الكل بالحب معجون، حيث لم يكن بيننا كافر قط ولا زنديق، فالشيوعيون كانو من اهل المبادرة، وكذلك الائمة، وبيننا كيزان لم ينفصلوا عن حياتنا ومعاشنا الا في العام 1989 قبلها كان جعفر كرار والعاقب دراج اخوة، وامير الكوكب وعادل حلمي والشايقي والجعلي والبقاري، والزغاوي، وادروب والشكري ، والعتمن ، والحلاوي، والشلكاوي، والبطحاني والدينكاوي، والحلفاوي، والبني عامر والحساني، والدنقلاوي، والكابي والفونج والمناصير اخوة، يجمعهم الحب وكان علي الارض السلام.. ان الله مد في الاعمار فحديث الذكريات سيمتد الي يوم القيامة (شم النسيم)..
مودتي..
|
|
|
|
|
|